وسط توقعات بأزمة إنسانية وبعث داعشي جديد .. أوروبا وأميركا تعاقب “إردوغان” !

وسط توقعات بأزمة إنسانية وبعث داعشي جديد .. أوروبا وأميركا تعاقب “إردوغان” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لليوم الخامس على التوالي، تواصل “تركيا” عدوانها على الشمال السوري تحت ستار وهمي وضعه “إردوغان” في محاربة الإرهاب تحت عنوان “نبع السلام”، العملية التي وصفها زعيم القبارصة الأتراك، “مصطفى أقينغي”؛ بـ”نبع الدماء”، إذ رأى أن الخطوة التركية معتدية وغاشمة، الأمر الذي أثار حفيظة “أنقرة”، ويتعدى الموضوع في هذه العملية إلى حد إدعاءات “إردوغان”؛ فيصل بسبب عناده وعنتريته إلى قتل الكثيرين وتشريد الآلاف، بل وسيتسبب في عودة (داعش) مرة أخرى، وهو الأمر الذي أثار حفيظة العالم، خاصة “أوروبا”، خوفًا من أن يؤثر ذلك عليها.

فجر أمس، أكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” استمرار الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين “قوات سوريا الديمقراطية” والقوات التركية والفصائل الموالية لها، في ريفي “الحسكة” و”الرقة”، وسط قصف عنيف بشكل متواصل.

وأشار المرصد، في بيان له؛ أن الاشتباكات تركزت في مدينة “رأس العين”، بريف “الحسكة”، وبلدة “تل أبيض”؛ في ريف “الرقة”، مؤكدًا سقوط مزيد من الخسائر البشرية بين طرفي القتال، فيما تمكنت القوات التركية برفقة الفصائل الموالية لها، وبإسناد ناري مكثف برًا وجوًا، من توسيع رقعة سيطرتها في منطقة “تل أبيض”، حيث ارتفع إلى 31 على الأقل عدد المناطق التي بسطت سيطرتها عليها “شرق الفرات”، منذ بدء عمليتها العسكرية.

هروب عناصر داعشية..

ووسط مخاوف من إتجاه الأمور للأسوأ ولتعقيد أكبر، أعلنت الإدارة الذاتية الكُردية لشمال وشرق “سوريا”، عن هروب 785 من عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي من مخيم “عين عيسى”، حيث كانوا محتجزين، وذلك بعد القصف التركي، موضحة أن المخيم بات بلا حراسة وإدارة، بعد انسحاب عناصر الأمن الداخلي منه بعد أعمال الشغب التي قام بها أفراد عوائل تنظيم (داعش) مستغلين القصف التركي الذي استهدف أطراف المخيم.

وكانت الإدارة الكُردية قد أعلنت، في وقت سابق من الأمس، إنها بدأت بإخلاء مخيم “عين عيسى” إثر القصف التركي، ووجهت رسالة إلى المجتمع الدولي اعتبرت فيها العملية التركية دعمًا لبعث (داعش) من جديد، مطالبة بالتدخل السريع لمنع حدوث كارثة.

نزوح أكثر من 130 ألف شخص..

بالتوازي مع ذلك؛ يزداد الوضع الإنساني تفاقمًا، إذ أعلنت “الأمم المتحدة” أن أكثر من 130 ألف شخص نزحوا من مناطق ريفية في محيط مدينتي “تل أبيض” و”رأس العين” الحدوديتين بشمال شرق “سوريا”، نتيجة أعمال القتال.

وذكر مكتب “الأمم المتحدة” لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان به أن؛ تقديراته هو ووكالات إغاثة أخرى تشير إلى أن ما يصل إلى 400 ألف مدني في منطقة الصراع تلك بـ”سوريا” ربما يحتاجون للمساعدة والحماية في الفترة المقبلة.

مثال لنفاق “إردوغان”..

حول الإنتهاكات التركية في حق الإنسانية والقانون الدولي، رأى الصحافي البريطاني، “كون كوغلين”، أن أحد أكثر الإقتراحات إثارة للسخرية التي برزت خلال الهجوم التركي على السوريين الأكراد، هو أنه في مقابل موافقة “واشنطن”، سيتحمل الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، مسؤولية ما يقارب 90 ألفًا من مقاتلي (داعش) وعائلاتهم المحتجزين في مراكز اعتقال يسيطر عليها الأكراد.

“معهد غيت ستون” الأميركي ذكر أنّ واحدًا من أسوأ الأسرار التي تم الإحتفاظ بها في دوائر الاستخبارات الغربية هو دعم نظام “إردوغان” لعدد من المجموعات ذات الصلة بـ (داعش) و(القاعدة) وتنظيمات إرهابية أخرى خلال فترة طويلة من النزاع الوحشي في “سوريا”.

وبهذا يُعد عرض الرئيس التركي بتحمل مسؤولية مقاتلي (داعش)، المحتجزين في معسكرات مثل “مخيم الهول” شرق “سوريا”، مثالاً لنفاق “إردوغان”، لو كان لهذا أن يحصل حقًا وأن يعاد أسرى (داعش) إلى “تركيا” سيكون الأمر بالنسبة إلى بعضهم مشابهًا أكثر كالعودة إلى منازلهم.

مضيفًا “كوغلين”؛ أنه لحسن الحظ ثمة احتمال بعيد بأن يعود مقاتلو (داعش) إلى “تركيا” في وقت قريب، لأن مراكز الاعتقال موجودة بعيدًا من المنطقة العازلة الممتدة على عمق 30 كيلومترًا.

وأوضح أن المقلق أكثر بكثير هو احتمال أن يتمكن الأسرى من الفرار والعودة إلى صفوف البنية التحتية الإرهابية؛ لأنّه لن يكون بإمكان “قوات سوريا الديمقراطية”، (قسد)، الإحتفاظ بالعدد الكافي أو الرغبة في الاستمرار بإدارة المعسكرات الكثيرة التي يُحتجز فيها مقاتلو (داعش).

تفجير أزمة لاجئين جديدة..

في السياق ذاته؛ كتبت المراسلة الصحافية، “نيكول ناريا”، في تقرير بموقع (فوكس) الأميركي، أن الغزو التركي لشمال شرق “سوريا” سيقود إلى تفجر أزمة لاجئين جديدة؛ وبخاصة مع تشريد قرابة 300 ألف شخص ومنعهم من الوصول إلى الخدمات الإنسانية.

وأوضحت أنه من المستبعد أن تساعد “الولايات المتحدة”، اللاجئين السوريين، على مواجهة الأزمة الوشيكة الناجمة عما أسفرت الحرب الأهلية السورية التي اندلعت، في شهر آذار/مارس 2011، عن فرار قرابة 6,6 مليون لاجيء سوري من البلاد، ولا يزال هناك 6.1 مليون نازح داخليًا.

وبحسب المراسلة؛ سوف يضطر النازحون السوريون إلى النزوح مرة أخرى نتيجة الغزو التركي لشمال شرق “سوريا”.

وأشار التقرير إلى أن الرئيس التركي يدعي أنه يرغب في إنشاء “منطقة آمنة” للاجئين المنتشرين على بُعد حوالي 20 ميلاً في شمال شرق “سوريا”، إلا أن “لجنة الإنقاذ الدولية”، التي تقدم خدمات للاجئين، حذرت، في بيان لها؛ من أن العدوان التركي، حتى إذا كان في صورة مبادرة عسكرية محدودة، قد تسبب بنزوح أكثر من 60 ألف شخص.

وأضاف التقرير؛ أن المدنيين يفرون “بملابسهم فقط على ظهرهم”، ومن المتوقع أن يتجه الكثيرون منهم نحو مدينة “الرقة”، التي أصبحت أنقاض بعد آلاف الغارات الجوية الأميركية التي أطاحت بمقاتلي (داعش)، الذين تمركزوا بالمدينة في عام 2017، وتمتليء جميع المخيمات في المنطقة المحيطة باللاجئين وليس لديها الموارد اللازمة لدعم المزيد من اللاجئين الجدد.

ومن جانبها؛ حذرت “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”، التابعة لـ”الأمم المتحدة”، من أن تزايد الصراع في المنطقة قد يمنع العاملين في المجال الإنساني من تقديم المساعدات إلى المدنيين.

وحذرت لجنة دولية تحقق في إنتهاكات حقوق الإنسان بـ”سوريا” من أن الهجوم التركي سيؤدى إلى عودة تنظيم (داعش) الإرهابي؛ وهو آخر ما يحتاج إليه السوريون في الوقت الراهن.

يستخدم اللاجئين لإبتزاز الدول الأوروبية..

ونوّهت المراسلة إلى أن “إردوغان” يستخدم اللاجئين السوريين في “تركيا”، البالغ عددهم 3.6 مليون نسمة، لإبتزاز الدول الأوروبية وتهديدها، وبالفعل قدم “الاتحاد الأوروبي” مساعدات مالية لـ”أنقرة” لمنع تدفق اللاجئين إلى القارة الأوروبية.

وتوعد “إردوغان”، الغرب، يوم الخميس الماضي، بالتوقف عن التعاون والسماح للاجئين الموجودين في “تركيا” بعبور الحدود إلى “الاتحاد الأوروبي” إذا شجبت الدول الأوروبية هجومه على “سوريا” أو صنفته بأنه “غزو”.

ورقة ضغط من أجل الانسحاب..

فيما قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، “مصطفى أوزغان”، إن “تركيا” غير مسؤولة تمامًا عن هروب الدواعش من السجون في منطقة شمال “سوريا”، وليس من مصلحتها ذلك، لأنه في النهاية ستحدث هذه الجماعات الإرهابية بلبلة لـ”تركيا” هي في غنى عنها.

واتهم “أوزغان”، “حزب العمال الكُردستاني”، ومن يدعمه؛ بترويج مثل هذه الأخبار، للنيل من التوغل التركي في الشمال السوري، وإلصاق التهم بالقوات التركية أنها تساعد على فك أسر هؤلاء الدواعش، لاستعطاف الغرب والعالم ضد هذه العملية العسكرية التركية، حسب قوله.

وأكد “أوزغان” أنه حتى في حالة هروب عدد من الدواعش المسجونين، والذي يقدر عددهم بأكثر من عشرة آلاف داعشي، فإن “تركيا” ستلاحقهم وتحاربهم وتعيدهم إلى معتقلاتهم، لأنها لا يمكنها محاكمتهم.

وألمح “أوزغان” إلى استخدام الغرب لمسألة هروب الدواعش كورقة ضغط على “تركيا” من أجل الانسحاب، كما فعل الرئيس الفرنسي، “ماكرون”.

خطر على دول العالم..

إلا أن الرئيس المشترك لحزب السلام الديمقراطي، “طلال محمد”، يرى أن العملية العسكرية التركية بكل تأكيد مسؤولة عن هروب هؤلاء الدواعش، فيما يمثل خطرًا كبيرًا على دول المنطقة، وكل دول العالم.

ودعا “طلال” إلى ضرورة إجراء الحوار بين الحكومة السورية وبين القوات الكُردية، حتى يتم حل الأزمة السورية سياسيًا، كما طالب بتحمل الحكومة السورية مسؤوليتها في ما يحدث في الشمال السوري.

تجميد صادرات السلاح لأنقرة..

وكرد فعل أوروبي، جمدت كل من “فرنسا” و”ألمانيا” صادرات السلاح إلى “تركيا”، في الوقت الذي أعلنت “بريطانيا” رفضها القاطع للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية شمالي “سوريا”.

واعتبرت “فرنسا”، العمليات العسكرية التركية في “سوريا”، تهديدًا لأمن “أوروبا”.

وأكد بيان مشترك من وزارتي “الدفاع” و”الخارجية” الفرنسيتين؛ التعليق الفوري لكل مبيعات السلاح إلى “تركيا”، والتي يمكن أن تستخدمها في عملياتها العسكرية في “سوريا”.

وأشار البيان إلى أن وزراء خارجية دول “الاتحاد الأوروبي” سينسقون مواقفهم في اجتماع يُعقد، اليوم الإثنين، في “لوكسمبورغ”.

وكان وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، قد أعلن أن بلاده ستوقف تسليم “تركيا” أسلحة بسبب شنها عمليات عسكرية في شمال شرق “سوريا” ضد المقاتلين الأكراد.

وأشار الوزير الألماني إلى أن حكومة بلاده لن تصدر أي ترخيص جديد لبيع معدات عسكرية إلى “أنقرة”، التي تُعتبر أكبر مشترٍ للأسلحة الألمانية من دول “حلف شمال الأطلسي”؛ خوفًا من استخدامها في عملياتها العسكرية على الأراضي السورية.

كما أكد رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”، أنه لا يمكن لـ”بريطانيا” تأييد العملية العسكرية التركية، في الشمال السوري.

وأبلغ “غونسون”، الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن بلاده يساورها قلق عميق تجاه العملية، وحثه على إنهاء الهجوم والدخول في حوار.

وأعرب “غونسون” عن مخاوفه من أن تؤدي العملية إلى تفاقم الوضع الإنساني وتقويض التقدم الذي تحقق ضد (داعش)، وقال إن “بريطانيا” والشركاء الدوليين على أُهبة الاستعداد لدعم مفاوضات تفضي لوقف إطلاق النار.

إدانة عربية..

ويأتي التحرك الأوروبي بعد إدانة وزراء الخارجية العرب، العدوان التركي على “سوريا”، وذلك خلال اجتماع طاريء لوزراء الخارجية العرب بـ”جامعة الدول العربية”، مشيرين إلى أنه: “سيتم النظر في إتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وسياحية فيما يتعلق بالتعاون مع تركيا”، كما دعوا إلى استعادة “سوريا” دورها في المنظومة العربية.

عقوبات قد تصل إلى تدمير الاقتصاد التركي..

وكرد فعل أميركي؛ أكد وزير الخزانة الأميركي، “ستيفن منوشين”، أن “العقوبات الأميركية” ضد “تركيا” يمكن أن تبدأ بشكل محدود، ولكنها عندما تصل الى حدها الأقصى يمكن أن تدمر الاقتصاد التركي.

وحول ما يتردد عن تخلي “واشنطن” عن حلفائها، (في إشارة إلى الأكراد في سوريا)، قال “منوشين”: “إن دور القوات الأميركية في سوريا ليس الدفاع عن الأرض لصالح الأكراد، ولكن دورها يتركز فى إنزال الهزيمة بعناصر تنظيم (داعش) الإرهابي”.

وكشف “منوشين” النقاب عن أن الأمر التنفيذي الذي سيصدر في وقت لاحق بشأن العقوبات ضد “تركيا”؛ قد يصل إلى حد إنهاء جميع المعاملات بالدولار الأميركي مع الحكومة التركية.

تحرك سوري تجاه الشمال..

فيما دعا المتحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية”، “الولايات المتحدة”، لتحمل مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الأكراد.

وأضاف المتحدث، في مؤتمر صحافي؛ أن مسألة معتقلي (داعش)، لم تعد من أولوياتهم، لافتًا إلى أن “تركيا” تدفع السوريين إلى الإقتتال، متعهدًا بمواصلة التصدي للهجمات التركية.

وهو الأمر الذي بدأت على إثره وحدات من القوات التابعة للنظام السوري، أمس، بالتحرك بإتجاه شمال البلاد “لمواجهة العدوان التركي”، وفق ما أفادت به وكالة (سانا) للأنباء، في اليوم الرابع من هجوم “أنقرة” وفصائل سورية موالية لها ضد المقاتلين الأكراد.

فيما لم تورد الوكالة، التابعة للنظام السوري؛ أي تفاصيل إضافية وما إذا كان هذا التحرك يأتي في إطار اتفاق مع الأكراد، في وقت قال فيه مسؤول كُردي لوكالة الصحافة الفرنسية إن هناك “مفاوضات” بين الإدارة الذاتية الكُردية والنظام السوري.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة