ثورة العراق (9): الحراك الشعبي كان قد بدأ فعلاً منذ أكثر من عشر سنوات

ثورة العراق (9): الحراك الشعبي كان قد بدأ فعلاً منذ أكثر من عشر سنوات

خاص: إعداد- سماح عادل

ستظل هذه الانتفاضة العراقية العفوية محفورة في تاريخ نضال الشعوب، كانتفاضة عفوية لم تتبع لأحزاب أو كيانات سياسية، معظم قوامها من شباب صغير يحلم بالحرية ويريد تحقيقها على أرض الواقع، شباب لم تلوثه لعبة المصالح أو أية أهداف انتهازية فردية.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب، ومثقفين عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

ترشيد الاستهلاك الحكومي..

ويقول الكاتب “رحمن خضير عباس”: “اعترف بأنّ الحراك كان أكبر من توقعاتي، فقد ألفنا أن تكون هناك وقفات احتجاجية كل جمعة هنا وهناك وبشكل محدود. ولكنّ هذا الحراك لم يكن كالسابق. فقد تحوّل إلى انتفاضة جماهيرية سلمية. وقد انتشر في بغداد والمناطق الجنوبية من العراق..  الحراك كان نتيجة لعوامل وأسباب كثيرة، ومنها الفساد الذي تفشى في كل مفاصل المجتمع، وساهم في إهدار الثروات، مما جعل البلد يعيش حالة من الفوضى الاقتصادية. ففي الوقت الذي يصل غالبية على حافة الفقر، تتحول الثروة النفطية إلى الطبقة السياسية المترفة. وما دام النظام السياسي بدون إصلاح فسيستمر هذا الحراك حتى تحقق الجماهير أهدافها في حياة كريمة”.

ويؤكد: “مطالب الجماهير يجب أن تتركز على مهمة الإصلاح في بنية الدولة، ومنها استقالة الحكومة الحالية والقائمة على المحاصصة الحزبية، واستبدالها بحكومة كفاءات لا تنتمي إلى الأحزاب المتحكمة في البلد، وحلّ البرلمان بشكله الحالي القائم على المحاصصة، والدعوة إلى انتخابات تحت وصاية ورقابة دولية، تعديل الدستور بحيث يتوافق مع المصالح الكبرى للوطن والمواطن والقائم على روح المساواة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والإثنية والمذهبية. وإلغاء مجالس المحافظات لأنها تشكل عبئا على المجتمع، إلغاء جميع الميليشيات الحزبية ونزع السلاح وتكريسه بيد الدولة فقط، ترشيد الاستهلاك الحكومي الذي يشكل عبئا على المجتمع.

شلع، قلع..

ويقول الكاتب”فتاح خطاب”: “إن الحراك الشعبي كان قد بدأ فعلاً منذ أكثر من عشر سنوات من خلال التظاهرات الدورية المستمرة، في ساحة التحرير والإعلام السمعي والبث المرئي في الداخل والخارج، والمقالات الصحفية النارية، وتوجيه الاتهامات الواضحة لشخصيات وأحزاب وكتل سياسية ورجالات الدين، والدولة التي كانت تقف وراء الأعمال الإجرامية من خطف وتنكيل واغتيالات وخروقات قانونية واقتحامات وسرقات وابتزازات وتزويرات بكل أشكالها.. ولا ننسى يوم اقتحام البرلمان العراقي من قبل المتظاهرين والمطالبة ب (شلع, قلع) الحكومة الطائفية الفاسدة، والمحاصصة المقيتة التي جاءت بأُناس دخيلة وطارئة واستثنائيين, لا علاقة لهم بعالم السياسة وإدارة الدولة بتاتاً.. فكلما اشتدت وتيرة الحراك الشعبي في الشارع العراقي كانت اغتيالات الشخصيات اليسارية والوطنية تزداد وطأة، كاغتيال الباحث والصحفي المرموق (كامل شياع)، والناشط السياسي والإذاعي الفنان المسرحي (هادي المهدي) وآخرين كثيرين”.

ويضيف: “كان حدوث الحراك أمراً طبيعياً وضرورياً وحتمياً, بعدما سقطت كل الأقنعة من على وجوه المزروعين والمندسين والمزكين من قبل المحتليَّن المزدوجين العالمي منهما والإقليمي (أمريكا وإيران) الذين كان شغلهم الشاغل هو التخريب الشامل، وإشاعة الفوضى وتعميم البيروقراطية والكسل والفساد الإداري وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية والصناعية والزراعية والصحية والتعليمية والثقافية بشكل دراماتيكي، والأنكى من ذلك أنهم نصّبوا من كل رجل دين مزيف أو رئيس كتلة مستحدثة أو حزب مصطنع صداماً، ومن مريديهم وذويهم وأقاربهم ألف عدي وقصي ووطبان وعلي كيمياوي أنجس وأكثر شراسة، وتفننوا في إيجاد البدائل لمؤسسات ونقابات ثقافية أو فرق فنية أو منابر أدبية أو مهرجانات دورية، كانت تُقام على مدار السنة, ذلك بإقامة مواكب العاشوراء والحسينيات وعروض اللطم والتزنجل والزحف على البطن في الشوارع العامة.. فكان لابد من الحراك ضد اللامعقوليات والتشويهات والتخريفات والتحريفات، وتجارة المخدرات وتهريب الأموال العامة إلى جهات متآمرة.. أعتقد جازماً بأن الحراك الشعبي يودي حتماً إلى تغيير نوعي شامل لأجل إقامة دولة شبه مدنية يسودها القانون”.

وبخصوص المطالب يواصل: “(شلع, قلع) وإسقاط النظام برمته، وتقديم المجرمين والمتواطئين والجواسيس والمخربين من الطابور الخامس إلى المحكمة المختصة العادلة والمستقلة وغير المسيسة, لينالوا ما يستحقون من جزاء رادع وحاسم واسترجاع الأموال المنهوبة, حسب قانون الطوارئ”.

سرقة أحلام الشعب..

ويقول الملحن والمغني “حازم فارس”: “نعم كنت أتوقع حدوث حراكا شعبيا ضخما في الوقت الحالي، لأن الشعب العراقي ذاق الأمرين نتيجة للقهر والظلم والتهميش المتعمد من الحكومة العراقية التي سرقت أحلام ومقدرات الشعب العراقي بكل أطيافه وبمختلف شرائحه، ولم يعد الشعب يتحمل المزيد من الصمت.. الحراك شعبي وسلمي من الدرجة الأولى وسيأتي بنتائج مبهرة في القريب العاجل.  فعلى الرغم من أن الحكومة العراقية استخدمت كل إمكانياتها العسكرية لفض التظاهرات بقوة ووحشية،  فقتلت  الشعب الأعزل الذي واجه الرصاص بصدور عارية، إلا أنها (أي الحكومة) مرعوبة من تزايد أعداد المتظاهرين يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة، وإصرارهم على تنفيذ جميع مطالبهم”.

وبخصوص المطالب يقول: “بعد أن كشرت الحكومة عن أنيابها، وضربت بكل قيم الإنسانية والديمقراطية وبالدستور العراقي عرض الحائط فلا يجب أن تكون مطالب المتظاهرين غير استقالة الحكومة العراقية بالكامل، وتقديمهم لمحاكمات عادلة لينالوا جزائهم على ما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية.  ثم يتم إعلان تشكيل حكومة إنقاذ وطني من الكفاءات الوطنية العراقية التي عاشت داخل العراق في الفترة ما بين 2003 و 2016 وعانت من كل أوجه الظلم والاستبداد على يد حكومة عميلة تنفذ أجندات خارجية”.

إيران ستدمر العراق..

والشاعر “هشام العزيري” كان رأيه: “كنا نتوقع حدوث انقلاب عسكري من شرفاء الجيش بمساندة الشعب.. توقعاتي أن إيران ستدمر العراق بمساعدة أذنابها الذي يتاجرون باسم الحسين لتخدير الشعب، أما المطالب فهي محاسبة كل من شارك في العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ و تغيير الدستور”. وقد أهدى “كتابات” قصيدته:

صلاة في محراب الوطن..

——————-

بالأمس كان لنا وطنٌ

وكنا له أهل

واليوم لا وطن لنا

وما لنا أهل

غريب زوادتي حروفي

وكلماتي والقوافي

ووطني محطات الصبر

والآم المنافي

كنا وكانت عيناك لنا دفئا

فصيّروك الداءَ والسقما

كنا نلوذ بكِ في كل نازلةٍ

وندوس على جراحنا

ولعينيكِ تهون أوجاعنا ونستعذب الألما

فاستأسدت كلابهم توهماً

وعلى أسوارك تهشّمت أحلامهم حُطما

لو قدرنا لَعُدنا إليك سيدتي

زحفا على الوجه

إذا الهجران شَلّ لنا قدما

أو أعدمونا وقطّعونا اِرباً

سنعود لنصلّي فوق تربتك

صلى الله عليك يا بغداد وسلما.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة