حق التظاهر (السلمي) مكفول عالميا بميثاق ومحليا بفقرة دستورية صريحة ، ولكن اسئلة عدة تدور في الذهن وتخطر على البال : ماحدود “السلمية” في التظاهر ؟ وكيف يكون التظاهر سلميا عندما يكون رد الطرف الآخر “القوات الحكومية” عنيفا !؟ ومتى تنفقدالسيطرة على سلمية المظاهرة حتى وان اراد منظموها الهدوء والسلامة ؟ وماحق الدولة عندما تخرج المظاهرة من سلميتها؟!
لنبدأ الاجابة من الأخير بسؤال مهم واستنكاري ! هل اذا اندس بعض الاشرار بين المتطاهرين اصحاب الحق وخربوا طرقات او احرقوا ممتلكات ، يكون الرد عليهم “قتلا وتنكيلا”!؟ قطعا لا . فمن يخرب رصيفا -غضبا- ليس كمن يقتل نفسا -عمدا-! . مهما تبلغ حدة التظاهرات ومهما يتخللها من تخريب غوغائي او حانق فلا حق لأي كان قانونا وعرفا وخلقا ان ينكل او يقتل من المتظاهرين عمدا ولا خطأًً حتى ، فهذه ارواح ولن تساوي الممتلكات امامها شيئا .وهذه ارواح مواطني البلد ولن يكون ازهاقها عقابا لما خرجت ترفضه اصلا وقد كان قتل بطيء هو الآخر فسادا وبطالة وتخلف وسوء خدمات وسكن عشوائي وشهادات معطلة !
ثم وبعد ان وقع تخريب بعض الطرقات او حرق مبنى لحزب سياسي عرف بالفساد (اتفقنا او اختلفنا ان الذين حرقوه هم المتظاهرون)..فهل يكون المتظاهر السلمي كبش فداء للمتظاهر المندس او المخرب غاضبا ..!
ثم نناقش : هل سيستمر المتظاهر بالسلمية اذا قتل رفيقه وزميله وجاره امامه او حتى نكل به وأهين !؟
والدولة مكلفة بحماية المتظاهرين ايا كان مايبدر منهم طالما لم يرفعوا السلاح (وهذا هو الحد الفاصل الواضح للسلمية) في البلد الديموقراطي . اما البلدان التي تكبت الحريات وتقمع المتظاهرين المحتجين فانها ستبتلى بما هو اكبر من التظاهر واخطر !…الثورة .
فالثورات لاقانون لها ولانظام ، ولاعرف ولاسياق ، ولا تنظم برخصة ولايوقفها حظر تجوال ولا مطالب الا قلع الانظمة المستبدة والفاسدة من جذورها ..وعند ذلك لن تبقى هنالك سلمية ولا حتى مقبولية للدعوات السلمية ، فليحذر من يؤجج المتظاهرين ويستفزهم ويقتلهم ان النتائج ستكون اخطر وابعد عن التوقع .فان كانت جهة تريد توريط الحكومة بدم الشباب بعد ان تورطت بتأخيرهم عن ركب العالم ،فسوف تتورط هي ايضا ولا فائدة ترجى حينذاك ،وان كانت الحكومة نفسها فان هذا خطأ قاتل ومسامير تدق في نعش السياسيين الحاليين ، وان كانت جهة اجنبية لتحقيق غايات ،فو الله ما تحققت غاية بقتل الناس وهدر ارواحهم يوما ، وسيبزغ الفجر قريبا ، وهذه رسالة وتنبيه لكل جهة .
قتل المتظاهرين غيلة وادعاء الجهل بالفاعل لن يزيد الامر الا سوءا .فللدماء حرمة وعلى هدرها وهتكها عقاب شديد ولابد يوما تنكشف الحقائق كما كشفت التي قبلها والتاريخ لايرحم ولاينسى ..والله الحافظ .