ثورة العراق (7): التعامل القاسي مع المتظاهرين لن يخمد الحراك

ثورة العراق (7): التعامل القاسي مع المتظاهرين لن يخمد الحراك


خاص: إعداد- سماح عادل

مازالت الأحداث مشتعلة في العراق الشقيق، وقد تم استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين العزل، وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، هذا بالإضافة إلى المعتقلين،  ورغم عودة الانترنت إلا أن هناك أخبار متداولة انه سينقطع مرة أخرى. كما يستمر تجاهل المجتمع الدولي لما يحدث في العراق وعدم اتخاذ رد فعل يتناسب مع قوة الأحداث.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب، ومثقفين عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

قمع ممنهج..

يقول الكاتب “حميد الربيعي” ل”كتابات”: “نعم كنت أتوقع حراكا جماهيريا واسعا بأي لحظة، ولست مستغرب أو متفاجيء بما جرى، فمنذ عام ٢٠١١ وشوارع المدن العراقية لا تخلو من مظاهرات، بيد أنها هذه المرة الأكثف والأقوى.. هنالك قمع ممنهج ضد المتظاهرين وتقوده السلطة وميليشياتها المسلحة وأغلب الظن أن اشتداد قبضة السلطة والتعامل القاسي مع المتظاهرين لن يخمد الحراك، قد تخف وطأته في هذه المدينة أو تلك لكنه سيندلع فيما بعد بقوة”.

ويؤكد: “في كل المظاهرات السابقة كانت الشعارات بشكل عام هي مطلبية، بخصوص الخدمات وتوفير فرص العمل، لكن ونتيجة التراكمات وانتشار الفساد بشكل قذر في مؤسسات الدولة والأحزاب الحاكمة جعل من هذا الحراك هذه المرة حراكا قادرا على أن يوسع من شعاراته، كأن تعديل مسار العملية السياسية برمتها، ومن ضمنها تعديل الدستور وإقامة حكومة إنقاذ وطني”.

انتخابات حرة..

ويقول: الشاعر “عباس رحيمة”: “نعم أتوقع هذا في كلّ لحظةٍ لأنّ البلدَ، والمواطنين يفتقدون إلى  أبسط مقومات العيش بسلام، ويعانون من انعدام جميع الروافد الخدمية، من التعليم والصحة والبنية التحتية وكذلك انعدام طرقِ المواصلات وعدم إيصال الماء الصالح للشرب. وكذلك انقطاع  الكهرباء، فإذا مرض مواطن عراقي مرضًا بسيطًا، مثل نزلة برد يذهب لدول الجوار لطلب العلاج. الحراك حقٌّ مشروعٌ  لأي شعبٍ يطالب بحياةٍ كريمةٍ وعيشٍ بسلام.. والمطالب هي إسقاط الحكومة وإقامة حكومة طوارئ تحت إشراف الأمم المتحدة، إلى أن يتمّ التغيير في الدستور وإلغاء المحاصصة على أسس طائفية وعرقية، وإجراء انتخابات حرة بإشراف الأمم المتحدة بعد دورات تثقيفية وتعليمة عن ماهية الانتخابات، كي يفهم المواطن ما معنى الاختيار الحرّ،  بعيدًا عن إنه من أقاربي أو إنه سيد من آل البيت أو إنه من العشيرة الفلانية، بل وفق برنامجه ودرجة فهمه ، وطريقة معالجة أمورِ المواطن”.

مسلسل تدمير البلاد..

كما يقول ” د.عدنان إبراهيم الأنصاري”: “الحراك رغم قسوة السلطات إلا أنه مستمر وسينتشر لأن الوضع العام أصبح لا يطاق، أجيال من الشباب بلا مستقبل.. أتوقع أن التظاهرات ستواجه بقسوة لأن هذا مخيف جدا لإيران محتلة العراق، إلا أنه سيستمر وسيصحي ضمائر العراقيين لرفض مسلسل تدمير البلاد وشعبه.. المطالب بالأساس العدالة وتوفير فرص العمل.  الشباب عاطل تماما عن العمل بالمقابل هناك انتشار وسيطرة حيتان الفساد على جميع مرافق الحياة، واعتقد ستتطور المطالب إلى حل الأحزاب السياسية القابضة على نفس ومقدرات البلد، وإرجاع النظام الرئاسي بدل البرلماني”.

لاعبين دوليين كِبار..

ويقول كاتب من داخل العراق: ” * ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل من الشباب.

* زيارة رئيس الوزراء العراقي للصين.

* إحالة قائد قوة مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي إلى أمرة وزارة الدفاع.

* قمع تظاهرة أصحاب الشهادات العليا على مرأى عدد كبير من الناس وإهانتهم.

* تظاهرات عراقية تندد بإسقاط الحكومة وتغيير النظام، لا سيما أن هناك قمع للمتظاهرين يُمارس لأول مرة وذلك ما لم تشهده المظاهرات التي سبقتها.

كل هذه المؤشرات أو المعطيات لو وزعناها على لوح كبير ووضعنا أمام كل واحدة منها علامة استفهام، بحجم الفيل، ومررنا خط من واحدة إلى أخرى، لربما تمكنا من مشاهدة توالي الأحداث بشكل تراتبي يلوح لقراءة يمكن أن تتوضح فيما بعد، مفادها؛ عدم حسن الظن، لأن هناك من يَخيط ويخطط للوصول إلى نتيجة تتأبط مصلحة لاعب يمكن تسميته باللاعب الأكبر في المنطقة. ولربما هناك من ينط من مكانه متهماً إياي ببقائي العتيق على مفهوم المؤامرة الذي أكل عليه الدهر وشرب، لكن يا صديقي النطاط اعلم إني معك ومؤمن بوجوب التظاهر لأنها مسألة قناعة شخصية وأنا من أشد المؤمنين بها، لكن ألا تعتقد أن هنالك لاعبين دوليين كِبار؟”.

ويضيف: “طلب إبداء الرأي في أي موضوع يتطلب قراءة دقيقة للمشهد واستحضار الأسباب المؤدية لمثل هذا الحراك الذي يحيلني لدور المقامر على بقائه والمراهنة عليه وان لم يكن في الوقت، لا سيما أن عدد المعتقلين تجاوز الألف معتقل وأعداد الشهداء فاق الخمسون شهيد، فضلاً عن الألفي جريح، إذ بدت فجاجة استخدام القوة كمؤشر على خوف الحكومة من التغيير الذي يحاول أن تحرزه الجماهير، لا سيما أن القمع بشكل وحشي للمتظاهرين في العراق وصل إلى صالات العمليات في المستشفيات التي استقبلت الجرحى من المتظاهرين، لذا في قادم الأيام سترى نتائج هذا الحراك الذي حاولت الحكومة العراقية اليوم السيطرة عليه وذلك من خلال فتح باب التطوع والتعيين على وزارة الدفاع، فضلاً عن توزيع منح الشباب العاطلين عن العمل الذين كان لهم دور كبير في الحراك الشعبي، لا فقط في بغداد، بل في المحافظات الأخرى في العراق”.

وبالنسبة للمطالب يواصل: “بدا من الواضح لأي فرد من أفراد الشعب العراقي خطورة الموقف إذا ما استمرت الحكومة في سياستها وفسادها الذي لا يمكن ردعه إلا بمثل هذه التظاهرات التي لم يكن أمام الشعب سبيل سواها، فضلاً عن مطلب المرجعية في خطابها وتشخيص آفة الفساد الملتفة على أذرع ومفاصل الحكومة من عام ٢٠٠٣ وحتى وقتنا الحالي، لذا جاءت المطالب عن دراية ووعي وهي مطالب مشروعة في كفالة العيش الكريم لأي مواطن عراقي يعي أنه يعيش في أغنى دولة في العالم من حيث الثروات التي لم ينل منها شيئا.  وفي ذات الوقت يتردد بعض من تلقى عليهم المسؤولية من المثقفين والكُتاب والمدونيين في تشخيص مدى خطورة الموقف وإبداء آرائهم كمحاولة لتشخيص الأخطاء والإرشاد إلى الحلول، لكن الكتابة الناقدة لأي نظام سياسي تعني الكتابة ونظرات الرقيب تحدق من وراء ظهرك”.

نظام المحاصصة الطائفية..

ويقول الشاعر ” رحيم الربيعي”: “نعم كنت أتوقع ذلك، فهي نتاج لتراكمات عديدة من المطالب والحقوق المشروعة أهمها تفشي البطالة وانعدام الخدمات.. حاليا الشارع العراقي بصورة عامة في حالة خيبة وصدمة من نظام يدعي الديمقراطية وحق التظاهر السلمي وهو على خلاف ذلك، فالخوف من أجهزة الأمن الحكومية عاد من جديد وبقوة كما لو كنا في زمن النظام السابق قبل ٢٠٠٣، لذلك قتل من قتل من المتظاهرين وجرح من جرح والباقين ترك التظاهر بسبب انتشار القناصين المتواجدين على أسطح البنايات العالية، ولا أحد يعلم إلى أي جهة ينتمون”.

ويؤكد: “المظاهرات الأخيرة هي وطنية بحتة قادها وسعى لتنظيمها شباب حر ووطني لا ينتمي إلى أي جهة أو حزب، سيكتب التاريخ وقفتهم البطولية ونضالهم المشرف ضد نظام فاسد وفاشل من جميع النواحي.

توقعاتي لهذا الحراك هو النجاح فإذا لم يغير شيء فهو مهد لذلك، والدليل البيانات والقرارات  الحكومية الأخيرة والتي تحاول امتصاص غضب الشارع، والتي تحمل حلولا ووعودا نتمنى أن تكون صادقة فيها”.

وعن المطالب يقول: “أنا مع كل مطلب من مطالب المتظاهرين، لأنهم خرجوا ضد منظومة فاسدة ولا يستهدفون حزب أو اسم شخصية معينة. النظام البرلماني ثبت فشله في العراق لذلك أتمنى أن يكون ضمن المطالب استقالة الحكومة، وإعادة كتابة الدستور، والذهاب لحكومة أممية تحت إشراف الأمم المتحدة.. حتى تنتهي أزمة الثقة فالأمر معقد في العراق بسبب نظام المحاصصة الطائفية والمناطقية التي بنيت عليها الدولة بنيانها الركيك”.

انتفاضة  الشريحة المتعلمة..

وتقول الكاتبة “سمية على رهيف”: “هناك توقعات مسبقة لهذا الحراك لكن كان بطريقة سلمية من قبل حملة الشهادات العليا الذين طالبوا بحقوق تعيينهم، ولما تم الرد عليهم بالعنف انتفض الشارع العراقي بصورة عامة. هذا الحراك حق مشروع ورغم أن توقعات رضوخ الحكومة وتلبيتها لهذه المطالب ضعيفة، لكن الشارع العراقي لن يتوقف عن المطالبة بحقوقه حتى لو تطلب منه الأمر استعمال القوة.. من أهم مطالب الناس هي الحصول على الوظائف، فخلال السنين الخمس الماضية حرمت شريحة كبيرة من الخريجين من الوظائف الحكومية، وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى هذه الانتفاضة من قبل الشريحة المتعلمة خصوصا من أبناء الشعب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة