تزامنًا مع إنطلاق العملية العسكرية .. أميركا تسلم الأكراد لـ”تركيا” بدم بارد !

تزامنًا مع إنطلاق العملية العسكرية .. أميركا تسلم الأكراد لـ”تركيا” بدم بارد !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في مفاجأة من العيار الثقيل؛ والتي تكشف ما هو مختبيء خلف الكواليس من اتفاقات، أعلن “البيت الأبيض” أن القوات الأميركية سوف تنسحب من شمال “سوريا” تزامنًا مع إعلان “تركيا” شن عملية عسكرية هناك، وذلك بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ونظيره التركي، “رجب طيب إردوغان”.

وبدأت “أميركا”، أمس، سحب قواتها من نقاطها العسكرية المؤقتة بمدينتي “تل أبيض”؛ بـ”ريف الرقة”، و”رأس العين”؛ بـ”ريف الحسكة”، المتاخمتين للحدود التركية.

وذكر بيان لـ”البيت الأبيض” أن: “ترامب تحدث مع إردوغان عبر الهاتف، وتركيا سوف تنفذ قريبًا عمليتها التي خططت لها منذ مدة طويلة في شمال سوريا”، وأضاف البيان أن: “القوات الأميركية لن تدعم أو تشارك في تلك العملية، ولن تتواجد في تلك المنطقة التي هزمت (داعش) فيها”.

وأفاد بيان “البيت الأبيض” بأن: “الولايات المتحدة ضغطت على فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، والتي جاء منها العديد من مقاتلي (داعش) الذين تم أسرهم، لاستعادتهم، لكنهم لم يريدوهم ورفضوا. لن تحتجزهم الولايات المتحدة لما قد يكون سنوات عديدة وتكلفة باهظة لدافعي الضرائب الأميركيين”.

وأضاف أن: “تركيا ستكون مسؤولة عن جميع مقاتلي (داعش) في المنطقة التي تم السيطرة عليها خلال العامين الماضيين مع هزيمة (داعش)”.

خروج تركيا من ترتيب المهام الجوية..

من جهتها؛ قالت “كارلا غليسون”، المتحدثة باسم “وزارة الدفاع” الأميركية، إن مركز العمليات الجوية المشتركة، أخرج “تركيا” من “ترتيب المهام الجوية” في “سوريا”.

وأكدت “غليسون”، في تصريحات صحافية أدلت بها لوكالة الأنباء التركية، (الأناضول)، على أن المركز أوقف تزويد “تركيا” بمعلومات مراقبة واستكشاف.

وأشارت “غليسون” إلى أنه: “من الناحية التقنية لا يمكننا القول بأن المجال الجوي أُغلق في وجه الطيران التركي، ولكن عندما يتم إخراج آلية جوية من ترتيب المهام الجوية، فإن تحليقها في مجال جوي دون تنسيق أشبه بالمستحيل”، جاء ذلك ردًا على سؤال عما إذا كانت هذه الخطوة بمثابة إغلاق المجال الجوي بوجه سلاح الجو التركي.

ونقلت الوكالة، عن أحد مسؤولي (البنتاغون) قوله أن: “القوات الأميركية لن تقف في وجه القوات التركية في عمليتها المرتقبة شمال سوريا”، مضيفًا أن: “الخطوة التركية ستسفر عن نتائج أخرى”.

تهديد بتدمير الاقتصاد..

فيما قال “ترامب” إنه لم ينحاز لأي شخص في قراره بسحب القوات الأميركية من شمالي “سوريا”، مضيفًا: “أبلغت إردوغان بألا يسمح بإصابة أي جندي أميركي؛ وأنه ستكون هناك مشكلة كبيرة إذا حدث ذلك”؛ حسب (رويترز).

وقال “ترامب”، عبر تغريدات على (تويتر): “إذا فعلت تركيا أي شيء نعتبره، (مجاوزًا للحدود)، فسندمر اقتصادها تمامًا”.

الطائرات التركية تشن غارات على مواقع القوات الكُردية..

وشن سلاح الجو التركي غارة استهدفت مواقع “قوات حماية الشعب” الكُردية في محافظة “الحسكة” السورية.

وبحسب مراسل (سبوتنيك) في “سوريا”، فإن: “الطائرات التركية شنت غارة استهدفت فيها مقر القوات الكُردية في تل طويل بمحيط مدينة المالكية في ريف الحسكة الشمال الشرقي”.

وتابع: هناك خسائر بشرية ومادية كبيرة ضمن تنظيم “قوات سوريا الديمقراطية”.

وأشار المراسل إلى أن الغارات التركية على معبر “سماليكا” استهدفت على وجه التحديد قرية “خانيكا”، المتاخمة للمعبر، وأسفر القصف عن تدمير 80% من الجسرين اللذين يرتكز إليهما المعبر بين “سوريا” و”إقليم كُردستان العراق” في “ريف الحسكة” الشمال الشرقي.

وقالت مصادر محلية لـ (سبوتنيك) إن: “رتل آليات ومدرعات للجيش التركي دخل من بوابة جرابلس بإتجاه ريف منبج في ريف حلب الشرقي، تزامنًا مع استنفار في صفوف قوات ما يعرف بـ (الجيش الوطني)، المدعوم من قِبل تركيا”.

وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد أعلن، السبت الماضي، أنه أصدر توجيهات بإطلاق عملية عسكرية ضد من وصفهم، بـ”الإرهابيين”، في “شرق الفرات” شمالي “سوريا”، في إشارة إلى المسلحين الأكراد الذين تصنفهم بلاده كـ”إرهابيين”، بينما كانت “الولايات المتحدة” تدعمهم وتتعاون معهم في محاربة تنظيم (داعش).

تضارب رغبات “ترامب” مع كبار مسؤولي البيت الأبيض..

قرار “ترامب” بالسماح لـ”إردوغان” بتنفيذ هذه العملية وسحب القوات الأميركية من تلك المنطقة؛ جاء مخالفًا لجهود مسؤولين أميركيين كبار حاولوا ثني “تركيا” عن تلك العملية.

وقال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، بعد إعلان “إردوغان” عن العملية: “لقد أوضحنا جيدًا أن هذا الصراع لا يجب عسكرته”.

كما أكد “شين روبرتسون”، المتحدث باسم “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)، أن: “أي عملية عسكرية من قِبل تركيا، دون تنسيق، ستكون مصدر قلق كبير وستقوض مصالحنا المشتركة في تأمين شمال شرق سوريا وهزيمة تنظيم (داعش)”.

وقال وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”، إنه أكد، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، “خلوصي أكار”، الخميس الماضي، على أهمية العمل على آلية أمنية فعالة في شمال “سوريا”، مضيفًا: “لقد أكدت له على الحاجة لإنجاح هذه الآلية ووافق على ذلك”.

ويعود ذلك الخلاف بين “ترامب” وكبار مسؤوليه إلى مدة طويلة، إذ استقال وزير الدفاع الأميركي السابق، “غيمس ماتيس”، في كانون أول/ديسمبر الماضي، متهمًا “ترامب” بأنه: “يتخلى عن الحلفاء الأكراد الذين كانوا عنصرًا أساسيًا في المعركة التي قادتها الولايات المتحدة ضد (داعش)”.

إثبات لعدم إعتمادها على “ترامب”..

وفوجئت “إسرائيل” من قرار “واشنطن” سحب قواتها من شمال “سوريا”، وأعلنت أنها لم تتلق بلاغًا مسبقًا من “الولايات المتحدة” بذلك.

ونقلت (القناة 13) الإسرائيلية عن مسؤولين كبار قولهم؛ إن: “المستوى السياسي والجهاز الأمني فوجيء، صباح اليوم الإثنين، بقرار ترامب التخلي عن القوات الكُردية، وتشجيع العمليات التركية والإيرانية في سوريا”.

وبحسب (القناة 13)؛ فإن: “إعلان ترامب جاء بعد ساعات من جلسة المجلس الوزاري المصغر الذي ناقش، يوم أمس الأول الأحد، ضمن جملة مواضيع بينها رغبة ترامب مع إقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020، في تجنب أية مواجهة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران”.

وأضافت القناة الإسرائيلية بأن: “إسرائيل ترى في التطورات الأخيرة إثباتًا على أنها لا تستطيع الإعتماد أكثر على ترامب بشأن سوريا، باستثناء الدعم السياسي للهجمات الإسرائيلية”.

وأشارت القناة إلى: “صمت رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، الذي لم يعقب بعد على قرار ترامب الذي اعتبر الحليف الأقرب له خلال السنوات الثلاث الأخيرة” مضيفًا: “الآن إسرائيل تدفع الثمن، دون أن تستطيع أن تنتقد، لتبقى وحيدة أمام التهديد المتصاعد في سوريا”.

كما حذرت “فرنسا”، “تركيا”، من أي أفعال قد تتعارض مع مصالح التحالف المناهض لتنظيم (داعش)..

ضوء أخضر.. وخيانة واضحة للأكراد..

قرار “أميركا” بإخلاء قواتها من المواقع يعتبر بمثابة ضوء أخضر لتنفيذ العملية التركية في خيانة واضحة للأكراد.

وردًا على ذلك؛ أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية”، (قسد)، في بيان أمس، أن القوات الأميركية لم تف بإلتزاماتها وقد انسحبت من المناطق الحدودية مع “تركيا”، معتبرة أن: “هذه العملية العسكرية التركية في شمال وشرق سوريا سيكون لها الأثر السلبي الكبير على حربنا ضد تنظيم (داعش)، وستدمر كل ما تم تحقيقه من حالة الاستقرار خلال السنوات الماضية”.

ودعت (قسد)، “الشعب بجميع أطيافه من عرب وكُرد وسريان آشوريين لرص صفوفه والوقوف مع قواته المشروعة للدفاع عن وطننا تجاه هذا العدوان التركي”.

كما قال “كينو غبريل”، المتحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية”، في مقابلة مع تليفزيون (الحدث): “كانت هناك تطمينات من قِبل الولايات المتحدة الأميركية بعدم السماح بالقيام بأي عمليات عسكرية تركية ضد المنطقة”.

وأضاف أن “قوات سوريا الديمقراطية” إلتزمت إلتزامًا “كاملًا” باتفاق على “آلية أمنية” للمنطقة الحدودية كانت “الولايات المتحدة” ضامنة له.

وتابع: “لكن التصريح الأميركي الذي صدر اليوم؛ كان مفاجئًا ويمكننا القول إنه طعننا بالظهر لقوات سوريا الديمقراطية”.

وأشارت (قسد) إلى أن “إردوغان” يهدف إلى تشريد سكان الشمال السوري وتغيير المنطقة المستقرة إلى منطقة نزاع وحرب دائمة.

وأضافت أن أي هجوم تركي سيؤدي إلى تراجع الجهود الدولية لمحاربة (داعش)، لافتًة إلى أنها قدمت تضحيات تمثلت بـ 11 ألف قتيل من قواتها على مدار الأعوام الخمس الماضية.

ترامب” يبرر موقفه من التخلي عن الأكراد..

وحاول الرئيس الأميركي بعد ذلك أن يبرر التخلي المفاجيء عن حلفاء “الولايات المتحدة” من الأكراد في “سوريا”، بعد قرار رحيل القوات الأميركية من الحدود مع “تركيا”، قائلًا: “إن الأكراد قاتلوا مع الولايات المتحدة، لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل مقابل ذلك، وأنهم يقاتلون تركيا منذ عقود مضت”، مؤكدًا أنه ينبغي على الأتراك والأكراد أن يحلوا الوضع بعد الانسحاب الأميركي من الحدود السورية.

وأضاف الرئيس الأميركي أنه سيتعين الآن على “تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد” تسوية الوضع، لأنه حان الوقت لـ”الولايات المتحدة” للخروج من هذه الحرب التي لا نهاية لها.

العملية ستنطلق في أي وقت..

في الوقت ذاته؛ علق الرئيس التركي على انسحاب “الولايات المتحدة” من شمال “سوريا”، مؤكدًا على أن هذا القرار جاء في أعقاب اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي.

وقال “إردوغان” إن الهجوم الذي تخطط له “أنقرة”، في شمال “سوريا” ضد الأكراد، قد ينطلق في أي وقت.

وقال الرئيس التركي، في مؤتمر صحافي: “هناك عبارة نكررها دائمًا: يمكننا الدخول (إلى سوريا) في أي ليلة دون سابق إنذار. من غير الوارد على الإطلاق بالنسبة لنا التغاضي لفترة أطول عن التهديدات الصادرة عن هذه المجموعات الإرهابية”.

وقال مسؤول تركي كبير لـ (رويترز)، أمس، إن بلاده ستنتظر على الأرجح انسحاب القوات الأميركية من منطقة في شمال “سوريا” تخطط “تركيا” للقيام بعملية عسكرية فيها قبل أن تبدأ الهجوم.

وأضاف أن الانسحاب الأميركي من منطقة العمليات المزمعة قد يستغرق أسبوعًا وأن “أنقرة” ستنتظر ذلك على الأرجح لتجنب “أي حوادث”.

واشنطن لن تدخل في حرب ولن تؤازر القوات الكُردية..

تعليقًا على ذلك، قال الخبير العسكري الإستراتيجي، الدكتور “محمد كمال جفا”: “نحن وصلنا إلى قمة الاشتباك السياسي فيما يتعلق بالصراع الدولي الذي يجري على سوريا، بعد أن أعطى إردوغان القرار النهائي بإصراره على إجتياح شمال شرق سوريا، هناك معطيات أو تدخلات دولية كبرى ناتجة عن أطراف جميعها مشاركة بالحرب على سوريا”.

وأشار “جفا” إلى أن هناك مصالح إستراتيجية كبرى بين “روسيا” و”تركيا” ومصالح مع “إيران”، كما أننا لا ننسى الطرف الأساس الذي تجري هذه الحرب على أرضه وهو الطرف السوري، أعتقد أننا سننتج توافقًا ما تمليه ضرورة المرحلة، الولايات المتحدة لن تدخل في حرب بأي شكل من الأشكال مع أي طرف، ولن تؤازر القوات الكُردية”.

وأضاف “جفا” أن: “صاحب القرار الميداني والعسكري في شمال شرق سوريا، هي قوات (قسد)، هم من الأكراد الإيرانيين المعارضين للدولة الإيرانية وللقيادة الإيرانية، هناك علاقات وثيقة بين المخابرات التركية وهؤلاء، لا يجب تصديق كل ما يقوله القادة الأكراد، هناك بعض الأكراد يعملون لمصلحة الإستخبارات ولمصلحة المشاريع التركية التي تعمل عليها من خلال أربع أو خمس سنوات من التصريحات التي يصرّ إردوغان عليها، أنه سيقيم منطقة عازلة في الشمال، لا زالت تصريحات القادة الأتراك تقول أنهم سيقيمون منطقة آمنة لمصلحة الأمن القومي التركي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة