خاص : كتبت – نشوى الحفني :
من أجل تنفيذ مخططه، آخذًا التلكؤ الأميركي بعدم تنفيذه إنشاء “منطقة آمنة” حجته، أعلن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن العملية العسكرية التركية في “شرق الفرات”، بشمال “سوريا”، قد تنطلق خلال يومين.
وقال “إردوغان”، في كلمة خلال اجتماع لحزبه “العدالة والتنمية”، صباح أمس الأول السبت: “أستكملنا خططنا وتحضيراتنا وسنقوم بتنفيذ العملية شرقي الفرات جوًا وبرًا”، متابعًا: “أقتربت العملية العسكرية في شرق الفرات وقد تنطلق غدًا أو بعد غد”، وذلك حسب وكالة (الأناضول) التركية.
وأضاف: “أعطينا التعليمات اللازمة للإنطلاق بتنفيذ العملية العسكرية شرقي الفرات”، متابعًا: “هدفنا هو سقي شرق الفرات بينابيع السلام ونخطط لإسكان مليوني لاجيء في هذه المنطقة”.
وعبر “إردوغان”، أمس، مجددًا عن عدم رضاه من الإجراءات الأميركية بشأن “المنطقة الآمنة”” المزمعة شرقي “نهر الفرات” في “سوريا”.
وقالت الرئاسة التركية إن “إردوغان” بحث هاتفيًا مع نظيره الأميركي، “دونالد ترامب”، أمس الأحد، مسألة “المنطقة الآمنة” في “سوريا”.
في الوقت ذاته؛ أعلنت “وزارة الدفاع” التركية عن بدء تسيير دورية برية (تركية-أميركية) مشتركة جديدة في إطار الاتفاق بين البلدين على إنشاء منطقة عازلة شرقي “الفرات” وبإسناد جوي من طائرات بدون طيار. وفي حديث بينهما أكد وزير الدفاع التركي لنظيره الأميركي، “مارك إسبر”، أن “أنقرة” مصممة على إنهاء العمل مع “الولايات المتحدة” فيما يتعلق بإقامة “المنطقة العازلة” في شمال شرق “سوريا”، إذا تلكأت “واشنطن” في هذا الأمر.
اتفاق مسبق حول إنشاء “منطقة آمنة”..
وكانت “أنقرة” و”واشنطن” قد توصلتا، في مطلع آب/أغسطس الماضي، إلى اتفاق حول إنشاء “منطقة آمنة” في شمال “سوريا”.
وتهدد “تركيا” بشكل متكرر بشن عملية في “شرق الفرات”، وكذلك في “منبج” السورية، ضد “وحدات حماية الشعب” الكُردية السورية، إحدى فصائل “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تصنفها “أنقرة” ككيان إرهابي، إذا لم تسحبها “الولايات المتحدة” من هناك. وتعارض “دمشق” هذا الاتفاق بشكل قاطع، وتعتبره إنتهاكًا صارخًا لسيادة “الجمهورية العربية السورية” ووحدة أراضيها وخرقًا صارخًا لمباديء القانون الدولي وميثاق “الأمم المتحدة”.
ستحول لحرب شاملة على الحدود..
من جهتها؛ أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية”، (قسد)، أنها لن تتردد في تحويل أي هجوم تركي غير مبرر لحرب شاملة على الحدود بأكملها.
وقال الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية، “مصطفى بالي”، في تغريدة عبر (تويتر)، أمس الأول: “(قسد) ملتزمة بالآلية الإطارية الأمنية التي تتخذ خطوات لازمة لإرساء الاستقرار في المنطقة”.
وأضاف “بالي”، بعد ساعات من إعلان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عزمه شن عملية عسكرية في “شرق الفرات”: “لن نتردد في تحويل أي هجوم تركي غير مبرر لحرب شاملة على الحدود بأكملها للدفاع عن أنفسنا وشعبنا”.
الحل يكمن في توجه “مجلس سوريا الديمقراطية” لدمشق..
تعليقًا على الإعلان التركي، رأى السياسي الكُردي السوري، “ريزان حدو”، أن الوضع يتلخص على النحو الآتي: “التدخل التركي، إن حصل، فهو عدوان موصوف على دولة جارة إستنادًا إلى كافة القوانين الدولية، وتوطئة لإرتكاب جرائم إبادة وتغيير ديمغرافي وإقتطاع أراض سورية، والحل الجذري هو توجه مجلس سوريا الديمقراطية إلى دمشق، فتركيا دولة والمنطق السياسي والعسكري يفرض أن تواجهها دولة، أي جيش الدولة السورية في مواجهة جيش دولة الإحتلال التركي، الجهاز الدبلوماسي للدولة السورية في مواجهة الجهاز الدبلوماسي للدولة التركية، عندها تصبح المعادلة متكافئة”.
إن اتفقا سيتحد الموقف الروسي والإيراني ضد “إردوغان”..
وحول إمكانية عقد إتفاق بين الحكومة السورية وقوات (قسد)، قال “حدو”: “في حال حصل اتفاق بين مجلس سوريا الديمقراطية والحكومة السورية؛ لا أعتقد أن روسيا وإيران ستقفان على الحياد إن أصر إردوغان على تنفيذ عدوانه، كما أن تصريحات الرئيس التركي، إردوغان، عن قرب تنفيذه لعملية عسكرية شرق الفرات جاءت بعد اتصال هاتفي بين مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، والمتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، وأتمنى على الحكومة السورية أن تكون هي من يبادر هذه المرة إلى دعوة أبناء الوطن السوري للقاء والحوار ومواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية”.
تركيا تساعد أميركا في تحقيق أهدافها..
من جانبه؛ قال الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور “عوني الحمصي”، أنه في معظم النقاط التي أتى عليها بما يقطع الطريق على الأميركي والتركي معًا لمنعهما من تحقيق مخططاتهما على الأرض السورية ودعوة قوات (قسد)، المتحالفة مع الأميركي، إلى التوجه نحو الحوار مع “دمشق” لأنها الحل الأمثل والصحيح لحماية وصيانة وحدة واستقلال الأراضي السورية ومنع أي محتل من التمدد عليها.
وأشار “الحمصي” إلى أن: “التركي في الوقت الذي هو فيه طرف ضامن نراه حليفًا إستراتيجيًا للأميركي، ودور التركي في الإستراتيجية الأميركية، منذ خمسينيات القرن الماضي، كان دورًا وظيفيًا، ودوره الوظيفي الجديد هو مساعدة الولايات المتحدة في التحكم والسيطرة على المنطقة من خلال إبقاء حالة عدم الاستقرار وزيادة التوتر فيها، وهنا يكمن دور التركي في تحريك مسألة المنطقة العازلة أو الآمنة، والولايالت المتحدة لا يهمها سوى تحقيق مصالحها سواء مع دول كتركيا أو مع أطراف أخرى كقوات سوريا الديمقراطية”.
مضيفًا أن: “من يعول ويراهن على مشروع أميركي سيخسر، ومن لم يقرأ التاريج والحقائق والوقائع حتى هذه اللحظة، بعد تسع سنوات، ويفهم بأنه هو حامل لأجندات حقيقية ويشكل أدوات رخيصة في يد المشروع الأميركي هو الخاسر الأكبر، وهنا أقصد قوات سوريا الديمقراطية، والولايات المتحدة في الحقيقة لا تريدهم إلا لتحقيق أهداف محددة، حتى أنها لم تدافع عن موقفهم بخصوص اللجنة الدستورية، وهي تنظر إليهم على أنهم أدات توظفها لتحقق مأربها ولتعطيل مسار الحل السياسي”.
وتابع: “في الحقيقة كل ما يجري تجاه سوريا وفي المنطقة الآن، سواء في العراق واليمن وغيرها، مرتبط ببعضه وبالمشروع الأميركي إذ تحاول الولايات المتحدة تحقيق إستراتيجيتها لضرب الكل بالكل”.
ضمن إطار الاتفاقات المشتركة..
فيما قال المحلل السياسي التركي، “يوسف كاتب أوغلو”، إن تفعيل الدورية الثالثة يدخل في إطار الاتفاقات المشتركة بين “تركيا” و”الولايات المتحدة الأميركية”، ورغم ذلك ترى “أنقرة” أن هذه الخطوات غير كافية، ولابد من وجود نية أميركية حقيقية؛ لتنفيذ “المنطقة الأمنة”، والتي أصبحت ضرورة قصوى.
وأوضح أنه: “لا يمكن الحديث عن استقرار الشمال السوري وضمان الأمن القومي التركي؛ إلا من خلال تفهم المطالب التركية، وعلى رأسها منطقة أمنة على طول 460 كم شرق الفرات، وعمق 30 ميل تشمل بؤر الجماعات التي تصنفها تركيا إرهابية من الأكراد”.