22 ديسمبر، 2024 2:06 م

في انتظار قمة محتملة بينهما في بغداد .. العلاقات “السعودية-الإيرانية” تتجه نحو التحسن التدريجي !

في انتظار قمة محتملة بينهما في بغداد .. العلاقات “السعودية-الإيرانية” تتجه نحو التحسن التدريجي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن العلاقات بين “السعودية” و”إيران” بدأت تأخذ منظور آخر بعدما كانت الأمور مشتعلة بينهما وكانت تتصاعد المؤشرات إلى احتمالية حرب بينهما، خاصة بعدما اتهمت “إيران”، بشكل رسمي، بضرب “أرامكو” السعودية بالصواريخ.

الأمور الآن تسير بإتجاه التهدئة؛ بل وطلب المفاوضات بينهما، ووضح ذلك عندما قال ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، إن الحرب مع “إيران” ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي؛ وإنه يفضل حلًا غير عسكري للتوترات بين المملكة و”طهران”، وذلك خلال مقابلة صحافية على قناة (سي. بي. إس) الأميركية، تناولت أيضًا الهجوم الذي استهدف منشأتي “نفط” سعوديتين، في 14 أيلول/سبتمبر 2019، واتهمت “إيران” بالوقوف وراءه.

اعتبر ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، أن الحرب مع “إيران” ستدمر اقتصاد العالم؛ وأنه يفضل حلًا غير عسكري للتوترات معها.

وصرح الأمير الشاب، الذي يقود سلسلة إصلاحات غير مسبوقة في المملكة، لبرنامج (60 دقيقة)، الذي بثته قناة (سي. بي. إس) الأميركية: “إذا لم يتخذ العالم إجراءً قويًا وحازمًا لردع إيران، فسنشهد مزيدًا من التصعيد الذي سيهدد المصالح العالمية”.

كما قال ولي العهد السعودي: “ستتعطل إمدادات النفط، وسترتفع أسعار النفط بشكل لا يمكن تصوره” لتبلغ “أرقامًا عالية لم نشهدها في حياتنا”.

كارثة على الاقتصاد العالمي..

واعتبر “بن سلمان” أن الحرب بين “السعودية” و”إيران” ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي. قائلًا: “إن المنطقة تمثل نحو 30 بالمئة من إمدادات الطاقة في العالم، وحوالي 20 بالمئة من الممرات التجارية العالمية، ونحو أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. تصوروا أن تتوقف هذه الأمور الثلاثة”.

وتابع الأمير السعودي: “هذا يعني إنهيارًا كليًا للاقتصاد العالمي، وليس للمملكة العربية السعودية أو دول الشرق الأوسط فحسب”. مشيرًا إلى أن الهجوم الذي استهدف منشأتي “نفط” سعوديتين تابعتين لشركة “أرامكو”، في 14 أيلول/سبتمبر 2019، وحملت بلاده و”واشنطن”، “إيران”، مسؤوليته، لا معنى له.

كما قال “بن سلمان” عن هجوم “أرامكو” إنه: “لا يوجد هدف إستراتيجي. الأحمق فقط قد يقدم على مهاجمة خمسة بالمئة من الإمدادات العالمية. الهدف الإستراتيجي الوحيد هو إثبات أنهم أغبياء، وهذا هو ما فعلوه”.

رسائل.. وشروط مسبقة..

في الوقت ذاته، أعلن “علي ربيعي”، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، أن الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، تلقى رسائل من “المملكة العربية السعودية”، من خلال أحد قادة الدول، فيما لم يحدد مسؤول الحكومة الإيرانية الدولة الوسيطة أو طبيعة تلك الرسائل.

وقال “ربيعي”، في مؤتمر صحافي، الإثنين الماضي، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية: “لقد أرسلوا رسائل إلى السيد، روحاني، من خلال قائد دولة”، مشيرًا إلى أن بلاده لديها شروط مسبقة للدخول في محادثات مع “السعودية”.

وأوضح متحدث الحكومة الإيرانية، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية، أنه: “يجب أن نرى علامات على (حسن النية السعودية)؛ دون أي غموض، وأول علامة على ذلك هي وقف العدوان على اليمن ووضع حد للمذبحة اليمنية”، على حد وصفه.

وكان رئيس الوزراء الباكستاني، “عمران خان”، قد قال في مؤتمر صحافي، على هامش اجتماعات “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، في “نيويورك”، إن ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، والرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، طالباه بالتوسط للحوار مع “إيران”.

استعداد إيراني للحرب أو الحوار..

من جهته؛ أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، “علي لاريغاني”، أمس، أن بلاده مستعدة لكل الاحتمالات في الخليج، ومن بينها الحرب، مرحبًا بدعوة ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، للحوار.

واعتبر “لاريغاني”، في مقابلة مع قناة (الجزيرة) القطرية، تم بثها مساء الخميس، أن إمكانية إندلاع حرب في منطقة الخليج ضعيفة جدًا، لكنه شدد على أن “إيران” جاهزة تمامًا لهذا الاحتمال، فيما أشار إلى أنها مفتوحة دائمًا للحوار مع “السعودية”.

وأعرب “لاريغاني” عن ترحيب “إيران” بدعوة ولي العهد السعودي للحوار، واصفًا إياها بالأمر السعيد؛ “لأن السعوديين أنتبهوا إلى أن القضايا في المنطقة يجب أن تحل عبر الحوار”.

يسهم في إيجاد الحلول بدلًا من الإعتماد على أميركا..

ولفت المسؤول الإيراني، حسب القناة، إلى أن: “الإلتفات السعودي إلى الحوار سيسهم في إيجاد الحلول بدلًا من الإعتماد على أميركا”، لكنه اعتبر مع ذلك أن على “بن سلمان” توضيح نوعية الحل السياسي الذي قال إنه يفضله على الحرب مع “إيران”.

وشدد “لاريغاني” على أن كل دول المنطقة تؤمن بأن الخيار العسكري لا يحل المشاكل بل يوسع نار الحروب، وأن “إيران” تعتقد دائمًا أن عليها إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع الدول الإسلامية، وأبوابها “مشرعة بكل رحابة صدر للتعاون” مع أي دولة إسلامية، لافتًا إلى أن “طهران” لا تضع شروطًا لأي حوار يسهم في حلحلة قضايا المنطقة.

توقعات بقمة “إيرانية-سعودية”..

في إطار ذلك، قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية: “إن العلاقة بين السعودية وإيران، تسير نحو تخفيف التوتر على غير المتوقع”، مشيرًة إلى أنه قد تتوج نهاية الأمر، بقمة (إيرانية-سعودية).

وذكرت الصحيفة: “أنه بعد سنوات من العداء، تتخذان خطوات نحو إطلاق مفاوضات بينهما غير مباشرة”.

ووفق مصادرها، عراقيين وباكستانيين الذين نقلت عنه، فإن ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، طلب من قيادة البلدين التوسط وبحث تخفيف التوتر مع “إيران”.

الصحيفة الأميركية، ذكرت أيضًا، عن مصدر باكستاني رفيع المستوى؛ أن ولي العهد السعودي، أبلغ رئيس الوزراء الباكستاني، “عمران خان”: “عن رغبته في تفادي الحرب ضد إيران، وطلب من خان بذل جهود الوساطة”.

فيما كشف المسؤول العراقي للصحيفة: “أن ولي العهد السعودي وجه طلبًا إلى رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، أثناء زيارته إلى المملكة، وعرض الجانب العراقي بغداد كمكان لتنظيم قمة (سعودية-إيرانية) محتملة”.

وفي مناسباتٍ عدة، أبدت “إيران” موقفًا إيجابيًا من التفاهم مع “السعودية”، وفي تصريحٍ سابق، قال وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”: “إيران ستسقبل السعودية بالأحضان، إذا راجعت سياستها”.

دليل على فشل سياساته..

فيما اعتبرت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية أن اضطرار ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، للخيار الدبلوماسي لوضع حد للصراع مع “إيران” يدل على الفشل الذي إنتهت إليه السياسات التي أعتمدها منذ توليه منصبه.

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته أمس السبت، إن الدبلوماسية باتت الخيار الوحيد المتاح أمام “السعودية” لمواجهة التحديات التي تمثلها “إيران”، مشدّدة على أن “بن سلمان” أدرك أن ضعف بلاده وعدم مقدرتها على مواجهة “طهران” عسكريًا يقلصان من هامش المناورة أمامها.

ونوهت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن “بن سلمان” توجه بالفعل إلى عدد من الجهات، طالبًا منها التوسط لدى “إيران” بهدف التوصل لتفاهمات تضع حدًا للصراع القائم بين الدولتين؛ إذ أقر رئيس الوزراء الباكستاني، “عمران خان” بأنّه كان أحد الذين توجهت إليهم “الرياض”.

وأضافت الصحيفة أن مسؤولًا في ديوان رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، أكد على أن الزيارة الأخيرة له لـ”الرياض” جاءت في إطار محاولة التوسط بين “السعودية” و”إيران”.

شعورها بالعزلة ألجأها للحلول الدبلوماسية..

وحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن حماسة “السعودية” للحلول الدبلوماسية؛ تأتي في أعقاب شعورها بالعزلة في أعقاب تأكيد وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، بعد لقائه الأخير مع، “بن سلمان”، بأن أي قرار بالردّ عسكريًا على مهاجمة المنشآت النفطية السعودية سيكون قرارًا سعوديًا وليس أميركيًا؛ إذ أنّ دور “واشنطن” سينحصر في تقديم المساعدات؛ وليس القتال نيابة عن السعوديين.

وأشارت إلى أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تعمد إحراج، “بن سلمان”، مجددًا، عندما شدّد على أن “السعودية” ستكون مطالبة بدفع مقابل مالي، حال قدّمت “واشنطن” مساعدات لها في أي تحرك ضدّ “إيران”.

وأضافت أنه؛ حتى عندما تحدث وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، “عادل الجبير”، عن مطالب “الرياض” من “طهران”، أمتنع عن القول إنها تمثل شروطًا مسبقة للحوار. كما أن “الجبير” حرص على عدم توجيه اتهام مباشر لـ”إيران” بالمسؤولية عن الهجمات على المنشآت النفطية.

واعتبرت (هاآرتس) أن العجز عن مواجهة “إيران” ينضم إلى الإخفاق في مواجهة جماعة “أنصارالله”، (الحوثيين)، وفشل حصار “قطر” والفضيحة التي أنطوى عليها التعامل السعودي مع الشأن اللبناني، عندما حاول “بن سلمان” إجبار رئيس الحكومة اللبناني، “سعد الحريري”، على الاستقالة.

تحولت إلى دولة مارقة..

ورأت أن حادثة اغتيال الصحافي، “جمال خاشقجي”، حولت “السعودية”، تحت قيادة “بن سلمان”، إلى “دولة مارقة” في نظر الدول الأوروبية، لافتًة إلى أن الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية في شرق “السعودية” مثلت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وأظهرت ولي العهد في أعقابها “زعيمًا فاشلًا غير قادر على الدفاع عن المصالح الحيوية لبلاده”.

وشددت على أن “بن سلمان” بات مضطرًا لإحداث تحول في سياساته تجاه “إيران” كي لا تظهر “السعودية”، في عهده، خارج دائرة التأثير على الأحداث في المنطقة.

وتشهد منطقة الخليج، في الأشهر الأخيرة، توترًا متزايدًا، تصاعد بعد أن تعرضت “السعودية”، يوم 14 أيلول/سبتمبر الماضي، لهجوم واسع استهدف منشأتين نفطيتين لشركة “أرامكو” العملاقة، شرق البلاد، وهما مصفاة “بقيق” لتكرير “النفط”، وحقل “هجرة خريص”، تبنته قوات جماعة “أنصار الله” الحوثية اليمنية، التي قالت إن العملية نفذت بـ 10 طائرات مُسيرة.

وأعلن وزير الطاقة السعودي، “عبدالعزيز بن سلمان”، أن الهجوم أسفر عن وقف “السعودية” إنتاج 5.7 مليون برميل نفط يوميًا، ما يتجاوز نسبة 50% من معدل إنتاج البلاد، واتهمت المملكة و”الولايات المتحدة”، اللتان أنضمت إليهما لاحقًا “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”، “إيران”، بالوقوف وراء العملية، الأمر الذي تنفيه “طهران” قطعًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة