خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يمكن لحزب “أزرق-أبيض” بقيادة، “بيني غانتس”، أن يتجاوز كل الصعاب السياسية؛ إذا طرح عرضًا مبتكرًا وبسيطًا. كما يمكن لحزب “الليكود” بقيادة، “بنيامين نتانياهو”، أن ينهض من كبوته؛ لو أن من أعداء الحزب تحلَّى بالشجاعة.
لكن قادة الحزبين الكبيرين مشغولة بالإجراءات الشكلية ولا تبحث القضايا الجوهرية.
استحالة تشكيل الحكومة..
يقول المحلل الإسرائيلي، “عوفيد يحزقال”، إن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ واضحة للعيان. وعلى ما يبدو فإن كل من، “نتانياهو” و”غانتس”، لا يمكنهما تشكيل حكومة تقوم على ائتلاف ضيق، كما أنه لا أحد منهما يريد تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ولهذا السبب؛ فإنهما يضيعان الوقت – كما هو متبع في المباريات الرياضية – أما في حدوث معجزة ما. لكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل كان يمكن التصرف على نحو مختلف ؟.
“نتانياهو” يريد مصلحته الشخصية !
بالإجابة على ذلك السؤال؛ يرى “يحزقال” أنه من الواضح لحزب “أزرق- أبيض”؛ أن رئيس الوزراء، “نتانياهو”، يتفاوض فقط من أجل تحقيق مصلحته الشخصية. وأن النتيجة التي يبتغيها هي خوض جولة أخرى من الانتخابات مهما كانت النتائج.
وهو الآن يحقق إنجازات من خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، إذ لديه كتلة برلمانية مستقرة قوامها 55 مقعدًا؛ وما من أحد في حزب “الليكود” يمكنه أن ينطق ببنت شفه، كما أن أحدًا لا يمتلك الشجاعة الكافية للإطاحة به من قيادة الحزب.
أما رئيس الدولة، “رؤوفين ريفلين”، فقد أعاد “نتانياهو” بحسن نية، إلى مكانته الرسمية كرئيس للوزراء، والأهم من ذلك – أن “نتانياهو” نفسه يجيد التلاعب بحزب “أبيض-أزرق” عبر إجراء مفاوضات شكلية وغير موضوعية. وبدلًا من بحث القضايا الجوهرية إذا بقادة الأحزاب ينشغلون بالاجتماعات والتكتلات البرلمانية والشروط المسبقة وضمان مصلحة “نتانياهو” على وجه الخصوص، وهذا بالضبط ما يريد.
إمكانية تغيير الأوضاع..
وحول ما يمكن فعله للخروج من ذلك المأذق؛ يقول المحلل الإسرائيلي إنه ينبغي إجراء مفاوضات أولية لتغيير الأوضاع.
ولكم أن تتخيلوا، على سبيل المثال، أنه بإمكان مسؤولي حزب “أزرق-أبيض” إبلاغ “نتانياهو” بأنهم موافقون على شرطه المُسبق وأنهم مستعدون للتفاوض معه ممثلا لكتلة اليمين والمتدينين المتشددين. ولكنهم أيضًا، لديهم شروطهم المسبقة؛ ألا وهي: إتخاذ سلسلة من الإجراءات الحكومية في غضون عام، بما في ذلك من سن دستور لـ”إسرائيل” وصياغة قانون لتحديد مدة منصب رئيس الحكومة، إضافة إلى سن قانون يُلزم رئيس الحكومة بالاستقالة إذا وجهت إليه تُهم، وغير ذلك من إجراءات.
يشير “يحزقال” إلى أنه إذا فعل مسؤولو حزب “أزرق-أبيض” ذلك، فإنهم سيجعلون التفاوض أكثر جدية وجوهرية؛ بدلًا من الإقتصار على عقد جلسات إجرائية. كما أنهم بصنيعهم ذلك؛ سيؤكدون الفجوة القائمة بينهم وبين “نتانياهو” باعتبارهم يهتمون بشؤون الدولة، في حين يهتم هو بمصلحته الشخصية.
وحينئذ سيكون من الصعب على كتلة “نتانياهو” الحفاظ على تماسكها. إذ أن “الحريديم”، (اليهود المتشددين)، يعارضون صياغة الدستور، بينما يعارض الآخرون تحديد مدة رئيس الحكومة، فيما يعارض “نتانياهو” فكرة الاستقالة في حالة تقديم لائحة اتهام ضده.
لم يُعد سبب النجاح !
وبالحديث عن حزب “الليكود”، يرى “يحزقال” إن الحزب كأنما أصبح ملكًا لـ”نتانياهو”، وإن كل الأعضاء صاروا في خدمة رجل واحد. صحيح أن “نتانياهو” كان هو صاحب الانتصارات في الحملات الانتخابية السابقة، لكن الواقع قد تغير تمامًا بعد الحملتين الانتخابيتين الأخيرتين. بعدما أخفق في تشكيل الحكومة في أعقاب انتخابات نيسان/إبريل من هذا العام، وهو الآن عاجز أيضًا عن تشكيل الحكومة بعد انتخابات الشهر الماضي.
الحل في البديل..
إن نظام الحكم البرلماني هو النظام المُتَّبع في الدولة العبرية؛ فالإسرائيليون لا يختارون شخصًا ما لرئاسة الحكومة، وإنما من يختار ذلك هو الحزب الذي يتبنى توجهات وأفكارًا معينة.
وبالتالي فإن انتخاب حزب “الليكود”، لا يعني انتخاب “نتانياهو”. والدليل على ذلك أن “مناحم بيغن”، العظيم، قد حل محله رئيس وزراء آخر أقل منه كفاءة؛ ورغم ذلك فقد فاز فيما بعد بحملتين انتخابيتين. فإذا كان هناك بديل لشخصية عظيمة مثل، “بيغن”، فهل يظن أحد أنه لا يوجد بديل لـ”نتانياهو” ؟!
هل من رجل شجاع ؟
صحيح أن أول من سيخرج ضد “نتانياهو” سيجد نفسه معرضًا للهجوم والسب والتجريح، وسرعان ما سيدفع الثمن على المدى القصير. لكن ذلك البطل المغوار قد يفوز هو بكل شيء على المدى البعيد، وهذا يتطلب الشجاعة.
في كتابها (لا تقتل عصفورًا بريئًا)، كتبت المؤلفة، “هاربر لي”: “لقد أردت منك أن تعلم ما هي الشجاعة الحقيقية، حتى لا تظن أن الشجاعة تعني رجلاً يحمل البندقية. بل إن الشُّجاع هو الشخص الذي يدرك أنه سينهزم في المعركة قبل إندلاعها، ولكنه مع ذلك يخوض غمارها ويصبر على أذاها، مهما كلفه الأمر”.