20 نوفمبر، 2024 8:30 م
Search
Close this search box.

ثورة العراق(1): صوت الوجع القادم من تفاصيل الجسد العراقي

ثورة العراق(1): صوت الوجع القادم من تفاصيل الجسد العراقي

خاص: إعداد- سماح عادل

اندلعت التظاهرات في العراق منذ الثلاثاء الماضي، وتحديدا في العاصمة بغداد، ومع رد الفعل القوي من السلطات استمرت التظاهرات وضمت إليها مدن أخرى، حيث انضمت مدن “بعقوبة” و”المثنى” و”الديوانية” و”النجف” و”البصرة” للتظاهرات يوم الأربعاء، وقد سقط عدد من القتلى مع أعداد كبيرة من المصابين، وبحسب الشهود فإن هذه التظاهرات عفوية لم تدعو إليها أية أحزاب أو كيانات سياسية وإنما هي رفض شعبي عفوي لظاهر كثيرة يعاني منها المجتمع العراقي.

وتراوحت مطالب المتظاهرين بين إسقاط النظام وإسقاط الحكومة وإيجاد فرص عمل، وقد فاجأت حجم التظاهرات الجميع، سواء من داخل العراق أو خارجه، من حيث حجم المشاركة والإصرار من قبل المشاركين على المواصلة وانضمام مدن جديدة، مما ينبئ بأنه حراك شعبي قوي.

وقد سعينا لجمع آراء كتاب، ومثقفين عراقيين يعيشون في العراق أو خارجه حول هذا الحراك الشعبي، في محاولة للإجابة على التساؤلات الملحة وهي: هل حدوث حراك شعبي في الشارع في الوقت الحالي كان أمرا متوقعا؟ وما هي التوقعات بشأنه؟ وما هي المطالب التي من المفترض أن يتضمنها هذا الحراك الشعبي؟.

عراق موحد ديمقراطي..

يقول “الدكتور عادل الثامري” لكتابات: “إن الحراك الشعبي الجاري الآن في العراق يقوده شباب بعيدون كل البعد عن التحزب والطائفة، وهم يتطلعون إلى عراق موحد ديمقراطي، يعيش فيه المواطن بكرامة. وكلما ابتعدت التيارات السياسية عن المشهد الحراكي كلما ازدادت حركيته وتأثيره، لأن بعض التيارات عادة ما تدخل على الخط لجني الثمار، واستغلال جهد الشباب. حان الوقت لكي يبني حاضر العراق ومستقبله الشباب العاشق لوطنه، لأن القمع الذي يتعرض له شبابنا هو الطريق لتغيير المشهد السياسي، والصحيح المسار. كنت جزء من حراكات سابقا وآخرها  انتفاضة البصرة العام الماضي، وكل من لديه حصافة رأي لابد أن يتبلور مثل هذا المشهد أمامه. من الأنسب المطالبة بتصحيح مسار العملية السياسية والتخلص من الفاسدين، إن هدم الدولة ومؤسساتها ليس بالأمر المناسب ومثل هذا سيؤدي إلى فوضى لا يمكن استيعابها”.

بوادر انتفاضة شعبية..

ويقول الكاتب “علي اليساري السامرائي”: “نعم كنت أتوقع ذلك، خصوصا بعد الإدارة والقرارات البالغة السوء التي اتخذتها الحكومة، خصوصا وأن ثروات البلد تذهب إلى شريحة ضيقه جدا، وهذا ما أصبح واضحا لدي جميع أبناء الشعب العراقي، والجميع كان يرى بوادر انتفاضة شعبية، ولكن التوقيت قد يكون مفاجئ”.

ويضيف: “بالتأكيد نحن مع المطالب العادلة، خصوصا وأن مطالب المحتجين المتظاهرين بسيطة جدا بالنسبة لبلد نفطي وغني مثل العراق، وهي مطالب بالغة البساطة تتمحور خول الخدمات الأساسية من كهرباء ووظائف للشباب، والاهتمام بالبنى التحتية، وإيقاف الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة. أما توقعاتي بشأن الحراك اعتقد أنه إنذار شديد للطبقة السياسية، واستبعد سقوط الطبقة السياسية لأننا نحتاج إلى مظاهرات أكبر لأن هناك محافظات لم تشترك، خصوصا المحافظات الكردية والمحافظات السنية المتخوفة مما جرى في اعتصامات عام ٢٠١١ ودخول “داعش”.. مطالب الشعب العراقي واضحة وهي نفس المطالب التي يكررها منذ عقد من الزمن، وهي أن تتحول الميزانيات الضخمة إلى واقع ملموس، وتنعكس على الصحة والتعليم والكهرباء وإيجاد فرص عمل للشباب”.

نريد وطنا محترما..

ويقول الكاتب “ناهض الرمضاني”: “توقعت فشل الحكومة وإسقاطها منذ تم إقرار نتائج الانتخابات التي شابها تزوير كبير ومعلن، وكانت فضيحة وقام القضاء بلفلفة الموضوع تحت ذريعة إنقاذ العملية السياسية.. وأنا واثق أن استمرار هذه العملية السياسية المشوهة، والتي سلبت حقوق المواطن ولم تقدم له أبسط الخدمات.. استمرار حكومة كهذه مستحيل، واستمرار هذا النظام السياسي والقضائي يعني احتمالية نشوب الاحتجاجات والتظاهرات في أية لحظة، وإذا ما تم قمع وإخماد هذه المظاهرات فستبقى النيران تحت الرماد”.

ويواصل: “هو رد فعل طبيعي لاستلاب أبسط حقوق المواطن.. ورد فعل مضاد لقضاء ورقابة وإدعاء عام لم ينجح يوما في إدانة أي سارق، أو مزور، أو معتدي على الحق العام، بل وإطلاق عفو عام شمل مختلسي الثروة الهاربين إلى خارج العراق بمليارات الدولارات، كوزير التجارة الأسبق المدان غيابيا، والذي تم تهريبه إلى الخارج بمساعدة شخصيات نافذة في الدولة.. المطالب واضحة وبسيطة، إصلاح العملية السياسية وضمان حق المواطن. اختصر المتظاهرون مطالبهم بعبارة جامعة مانعة رفعها البعض على لافتاتهم. عبارة قصيرة تقول “نريد وطنا محترما”.

الحكومة لا تسمع..

وكان رأي الكاتب “آريان صابر الداودي”: “الشعب العراقي وليد (ثورة العشرين) شعب طامح ورافض للظلم، كنت أتوقع سماع أول صرخة باسم العراق في أي لحظة، وخروج الناس إلى الشوارع. أنا أتضامن مع كل روح خرجت للشارع ولم تؤمن رجوعها إلى البيت، ولكن هنالك أمور على الحراك الشعبي معالجتها، فكل تظاهرة تحتاج إلى قائد، تخطيط، تنسيق، توقيت، لجان… الخ. خوفي أن تتدخل الأيادي الخفية القادمة من خارج الحدود، وتستغل هذا الفراغ الذي تحدثت عنه.. المطالب كثيرة، كما نسمع عنها منذ سنوات، الفساد، إهدار مال العام، الخدمات، التوظيف…. الخ. من المخجل أن يطلب المواطن العراقي كل هذه المتطلبات، وهو يسكن على بحر من الذهب الأسود. المطالبات قليلة، والحكومة لا تسمع، لا تر، لا تتكلم”.

صوت الوجع..

ويقول الفنان التشكيلي “مؤيد جودة”: “ثورة الشارع العراقي وغضب الشباب لم يكن مفاجئ، خرج العراقيون بأكثر من مناسبة بتظاهرات كبيرة مطالبين بتحسين الواقع الحياتي من سوء خدمات إلى الفساد الكبير بمؤسسات الدولة، إلى البطالة والتدهور بمجال الصحة والتعليم وارتفاع مستوى الفقر، هذه أبسط ما كان يستحقه العراقيين من أساسيات الحياة، بعد سنين من الدكتاتورية والحصار الاقتصادي، لكن واخيبتاه هذه النخب والأحزاب التي استلمت السلطة كان من المفروض بهم الارتقاء بالعراق والعراقيين إلى مصاف الدول المتقدمة. الناس محبطين وهم يدركون أن الوحش أكبر مما هو عليه، هذه الكتل والأحزاب مرتبطة بشكل معقد بدول وصراعات جعلوا من العراق ساحة لها. أغلب التظاهرات التي حدثت من قبل كان يطبعها إما صبغة طائفية أو تنظم من قبل الأحزاب المتورطة أصلا بالسلطة الفاسدة، لذلك كان من السهولة أن تتبخر بعد أيام من التحشد دون تحقيق مطالب تذكر، اليوم الحراك مختلف جيل جديد من الشباب الواعي المتحمس الذي لا يرتبط لا بحزب ولا تحركه عمامة، ولا يهمه تاريخ الشخصيات التي تدعي النضال، إنهم أكبر وأقوى مما يبدون عليه، هؤلاء هم من يصنع المستقبل”.

ويؤكد: “إنه جيل جديد من الدماء العراقية التي تدفقت في شوارع بغداد وباقي المحافظات بكل تلقائية، رغم أن السلطات الفاسدة حاولت التشكيك والإساءة حول إن هؤلاء مندسين أو هناك جهات غامضة تحركهم، أو إنهم يشيعون الفوضى، ليس لديهم مطالب أو قيادات واضحة، إلا أنها ردة فعل طبيعية لقوى مهيمنة على العمود الفقري لقوت الناس، الإنسان أو مفهوم الوطن آخر اهتماماتهم. حسب وجهة نظري المتواضعة جوهر القوة في الحراك الشعبي اليوم هو في تلقائيته وتحرره من تنظيمات الأحزاب، والكتل السياسية والتكتلات الطائفية، إنهم صوت الوجع القادم من تفاصيل الجسد العراقي إنهم قادمون من عمق المعانات الطويلة، لكن لننتبه للوعي والشجاعة التي يمتلكها الشباب. ما أتمناه أن يكون هناك حضور للمرأة وخروج كل العراقيين الشرفاء، من شرائح مختلفة من نقابات وموظفين وشخصيات مؤثرة بالمجتمع، ليتحول إلى عصيان مدني يصعب على السلطات الاستفراد بهم، كما يحدث الآن. للأسف السلطة تقطع خدمات النت وتفرض حظر تجوال، وتواجه المتظاهرين بالرصاص الحي. أنا متفائل رغم أن الأمور ليست بالسهولة التي قد نتصورها، لكن هذه البداية وهذا حجرنا الأساس، اعتقد بعد الدماء التي سالت لا رجوع إلى الوراء، إنها رياح الخريف، سيتهاوى معها اللصوص وسيسقط الزيف.. فقط مسألة وقت”.

ويضيف: “إذا تعطبت ترانسسترات التلفاز واحترقت شاشته سيقول المصلح اشمرو بالزبالة، أي ارموه بكيس النفايات. ماذا يطلبون؟ جدا واضحة أن نرمي بهم جميعا إلى مزبلة التاريخ، القضية خرجت عن نطاق خدمات أو بطالة أو تبديل وزير، شاشتهم احترقت وكل شي معطب، المسألة أعمق من ذلك، دمروا العراق بنخيله بأرضه، استهانوا بالإنسان، سرقونا، أذلونا وبالغو دون حياء. المطلب العملية السياسية وقانونهم الانتخابي ودستورهم المقدس واللحى والعمائم المهيمنة بالزبالة،  من شعارات الثورة التي رفعها الشباب “ارحلوا، نريد وطن، وباسم الدين سرقونا الحرامية”. هذه وجهة نظر متواضعة من مواطن عراقي بعيد عن التنظير السياسي”.

 الحرية والعدل والمساواة..

والكاتب “سنان مفيد” يقول: ” بصراحة نعم، لقد نشرت على صفحتي في “فيس بوك” قبل أسبوع أو أكثر من انطلاق المظاهرات الشعبية, فيديو من يوتيوب للشاعر تميم وهو يتكلم عن حلول الفكرة بدل القائد لدى الثورات الشعبية, وسأتكلم عن المظاهرات في العراق، أو الثورة كما ينعتها بعض الثائرين بنفس النسق، وأقول أن المدية القذرة للفساد وسيف الأحزاب والتناحرات السياسية، والانقسام بين المحاور الخارجية جرحت الشعب العراقي لا بل قتلته في الكثير من المواضع, فكل متظاهر هو جريح الظلم الذي استشرى في البلد, فمازالت السلطة تجرحهم و تقتلهم حتى ثاروا. ليس لهم قائد يُحبطون بقتله فيتراجعون, وليس لهم محور خارجي ينصاعوا له, هم فكرة حرة ناصعة وضمير حي يئن من الضيم.. أنا متفائل, وأرجو من الله كل يوم أن يوفق المتظاهرين ويحميهم, لأنهم قيمة وطنية ثمينة في العراق. ورغم تفشي الفساد والمحاصصة هناك في مفاصل الدولة ضباط وموظفون شرفاء أرجو أن يلبوا النداء. نريد عملية سياسية نزيهة، نريد الحرية, العدل, المساواة”.

الحراك عفوي..

ويقول الكاتب “جيكور صالح”: “الحراك الشعبي كان متوقعاً، فالشعب يغلي منذ سنوات والكل يعرف الوضع، ولكن لم نتوقع أن يكون بهذا الشكل العفوي وهذا الزخم.. أظن بأنه سيكون مختلفاً عن ما سبقه من تحركات ومظاهرات، إن لم تتدخل الأحزاب التي شاركت في إسكات المظاهرات السابقة، وإذا بقي الحراك عفوي غير مؤدلج ومتحزب وتنبثق قيادات آنية واعية ومخلصة، فسيكون هناك أثر كبير في التغيير.. يجب عدم المطالبة بالخدمات أو المطاليب التي سيستغلها الفاسدون لامتصاص الغضب، يجب أن يكون المطلب الأساسي هو تغيير النظام بأكمله، وإلغاء الدستور وإعلان حالة الطوارئ، وتشكيل حكومة مؤقتة ولتكن عسكرية حتى تستتب الأمور ثم يُكتب دستور جديد، ربما أكون متسرعاً وعاطفياً بآرائي هذه، لكن الوضع ضبابي ومن المحتمل حدوث أشياء خارج التوقعات”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة