خاص : كتبت – نشوى الحفني :
خطوة وصفت بالمتأخرة؛ حيث تجاوزت الشهر لإعلانها.. وللمرة الأولى؛ اتهم رئيس الحكومة العراقية، “عادل عبدالمهدي”، “إسرائيل”، باستهداف مواقع لـ (الحشد الشعبي) بعد الكشف عن التحقيقات.
وقال “عبدالمهدي”، في تصريحات صحافية، أمس الأول، ونقلها الموقع الرسمي للحكومة العراقية: إن “إسرائيل” هي فقط من تريد إندلاع الحرب في المنطقة، وأن الذهاب إلى الحرب قد يحصل في أي لحظة وبقرار منفرد، لكن الخروج منها سيكون صعبًا وقاسيًا، مؤكدًا على أن “بغداد” يمكن أن تكون ضمن ساحات الحلول والمفاوضات للأزمة في المنطقة.
ولفت أيضًا إلى أنه: “سمع كلامًا من الأميركيين”؛ أن “إسرائيل” متورطة، لكن حكومته “لا تمتلك أدلة ملموسة”.
مخاوف من التصرفات المنفردة..
السياسيون يعتقدون أن التأخير في إعلان ذلك الموقف، هو لانتظار اللجان التحقيقية التي شُكلت في تلك الحوادث، والخشية من تصرف منفرد لبعض الفصائل ضد المصالح الأجنبية في “العراق” ودول الجوار.
وكان “عبدالمهدي” قد نفى وقوف “تل أبيب” وراء تلك الهجمات، قبل مدة، واعتبرها، في لقاء مع عدد من الصحافيين؛ بأنه: “أمر مستحيل الحصول”.
لكن رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “فالح الفياض”، كان قد كشف، الشهر الماضي، لمجموعة من أعضاء لجنة الأمن في البرلمان تلك الحقيقة.
وقال “الفياض”، خلال جلسة غير علنية داخل اللجنة في البرلمان: “إن 4 من الهجمات تقف وراءها إسرائيل”.
وتتحدث فصائل في (الحشد الشعبي) عن استهداف بين 11 إلى 15 مرة لمواقعها، منذ عام 2014. واتهمت تلك الفصائل مرارًا، “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”، بالمسؤولية عن الهجمات.
الحصول على تعويضات..
حول تأخير “عبدالمهدي” عن إعلان الحقيقة، قال “محمد البلداوي”، النائب عن (عصائب أهل الحق)، المنضوية في تحالف (الفتح)، أن تقارير (الحشد) وعمليات الرصد كشفت، منذ أسابيع، حقيقة “وقوف إسرائيل” خلف تلك الهجمات.
مضيفًا أن: “رئيس الوزراء أحتاج إلى وقت أكثر للحصول على دلائل من اللجان التحقيقية لا تقبل الشك”.
وأشار “محمد البلداوي”؛ إلى أن أمام “العراق” عدة طرق للرد، من بينها الحصول على تعويضات من “إسرائيل”.
وكشف “البلداوي” أن: “أطراف في البرلمان، منها تحالف (الفتح)، تُعد لمشروع يمكن العراق من الحصول على تعويضات لمفاعل تموز النووي، الذي ضربته إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي”.
اتهام مبطن لأميركا..
وقال النائب في البرلمان العراقي عن كتلة (صادقون)، “أحمد الكناني”، إن التأخير في إعلان الجهة التي قامت باستهداف مقرات (الحشد الشعبي) يرجع إلى الضغوطات الكثيرة التي تُمارس على حكومة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، مضيفًا أن اتهام رئيس الوزراء لـ”إسرائيل” بالقيام بالهجمات يعتبر شجاعة منه، حتى لو اتهم البعض تصريحاته بالخجولة.
وأوضح “الكناني” أن توجيه الاتهام إلى “إسرائيل” يُعتبر اتهامًا مبطنًا إلى “أميركا”؛ لأنها هي من تسيطر على الأجواء العراقية، لاسيما من خلال “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب”، متوقعًا أن تكشف التحقيقات عن جهات داخلية متورطة في الهجوم من خلال التعاون مع الجانب الإسرائيلي وإمداده بالمعلومات.
وبيَن، النائب عن كتلة (صادقون)، أنه إذا إنتهت التحقيقات وثبت بالكامل مسؤولية “إسرائيل” عن الهجمات؛ فسيلجأ “العراق” إلى المجتمع الدولي وسيحتفظ لنفسه بحق الرد.
الإتجاه للمحافل الدولية..
من جهته؛ قال الأمين العام لـ (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، أمس الأول، أنه: “بعد إعلان رئيس مجلس الوزراء، عادل عبدالمهدي، مسؤولية الكيان الإسرائيلي عن استهداف مخازن الحشد الشعبي، يجب على كل العراقيين وحدة الموقف أمام هذا العدو الأزلي للعراق”.
وطالب “الخزعلي”، في تغريدة على (تويتر): “الحكومة؛ بأن تقوم بإجراءاتها في المحافل الدولية مع إحتفاظنا بحق الرد الكامل على هذا الإعتداء”.
ضوء أخضر لأخذ الثأر !
في المقابل؛ اعتبر الأمين العام لـ (كتائب سيد الشهداء)، “أبوآلاء الولائي”، أمس، إعلان “عبدالمهدي” وقوف “إسرائيل” خلف قصف مقرات (الحشد)، بأنه “ضوء أخضر لأخذ الثأر”، وفق تغريدة كتبها “الولائي” على (توتير).
وسبق وأن هدد “الولائي”، أكثر من مرة الشهر الماضي، بأنه قد يستهدف المصالح الأميركية في “العراق” ردًا على تلك الهجمات، واعتبر أن كل القوات الأميركية الموجودة في العراق، “رهائن”، لدى (الحشد).
العراق قادر على الرد العسكري..
كما دعا “ظافر العاني”، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، “بغداد”، للإسراع في الرد على تلك الهجمات قبل أن ترد جهات أخرى “وتعقد المشهد”، قائلًا إنه: “على الحكومة أن تسيطر على الجماعات التي تقول بأنها خارج إطار الدولة وتمنعهم من الرد على إسرائيل”.
وأشار “ظافر العاني”، وهو عضو في تحالف (القوى العراقية)، إلى أن: “العراق قادر على الرد العسكري”، مبينًا أن العراق “ليس أقل شأنًا من (حزب الله)، الذي ضرب إسرائيل”، مضيفًا أن: “الحلول الدبلوماسية يجب أن تأتي بعد الضربة العسكرية؛ وليس قبلها”.
يُذكر أن وزير الخارجية، “محمد علي الحكيم”، قد قال الشهر الماضي، إن “بغداد” تحتفظ بحق الرد حال تبين ضلوع دولة في التفجيرات الأخيرة في “العراق”. كما ألمح لتقديم شكوى لـ”الأمم المتحدة”.
نفي أميركي..
وبعد اتهام “واشنطن” في الضلوع أو مساعدة “إسرائيل” بضرب مقرات (الحشد الشعبي)، نفت “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، المشاركة في هذه الضربات.
ورفض التحالف بقيادة “الولايات المتحدة” الذي يقاتل تنظيم (داعش) في “العراق”؛ هذا البيان.
وبعدها، أمر رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، بنقل جميع مخازن الذخيرة التابعة للقوات المسلحة أو الفصائل المسلحة خارج المدن.
وألغى كذلك جميع التصاريح للرحلات الخاصة للطائرات العراقية أو الأجنبية، وهو ما يعني ضرورة موافقة رئيس الوزراء مسبقًا على الطلعات الجوية؛ بما فيها التي ينفذها “التحالف” الذي تقوده “الولايات المتحدة” لقتال (داعش)، وهدد بأن وسائل الدفاع الجوي التابعة للبلاد ستقوم بإسقاط أية طائرة حربية تخترق الأجواء العراقية.
التقدم بشكوى يتيح الحصول على تعويضات قديمة..
ورأى المختص في القانون الدولي، الدكتور “علي التميمي”: “إن قصف المقرات العراقية من قِبل إسرائيل؛ سبق وأن أكدته صحف أميركية وفرنسية وروسية، حيث تمت الضربات بواسطة طائرات مُسيرة إسرائيلية من طراز (إف-53)، وهذا يذكرنا بعام 1981؛ عندما قام سرب من الطائرات الإسرائيلية بضرب مفاعل (تموز) النووي، قام على إثرها العراق بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة، حيث أصدر مجلس الأمن قراره رقم (487)، الذي يقضي بإدانة إسرائيل بالإجماع، وأعطى العراق الحق في المطالبة بالتعويضات”.
وتابع “التميمي”: “الضربات الإسرائيلية، في العراق، جاءت مع سبق الإصرار والترصد، وتتيح للعراق المطالبة بالتعويضات وفق القرار 487 لعام 1981، لأن المواد الأولى والثانية والثالثة من ميثاق الأمم المتحدة تؤكد على سيادة الدول واحترامها”.
وأضاف “التميمي”: “الأدلة واضحة على قيام إسرائيل بالضربات داخل الأراضي العراقية، من خلال التصريحات، حتى جاء ذلك التأكيد في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، فإذا ما قدم العراق الشكوى، فإنه لن يخرج خالي الوفاض، فهو حتى وإن لم يحصل على هذه التعويضات، فيمكنه الحصول على تعويضات قديمة، فالحقوق الدولية لا تسقط بالتقادم أو بتغيير الأنظمة، وبالنتيجة سوف يحصل العراق على الأقل التعويض عن ضرب مفاعل (تموز) السلمي”.