18 ديسمبر، 2024 10:52 م

الولاء بين الشخصنة والموضوعية

الولاء بين الشخصنة والموضوعية

يمثل الولاء حالة انسانية فطرية, فلا يكاد يوجد فرد في هذه الحياة لا يحمل ولاء لشيء ما أو لشخص معين, فهناك من يوالي القائد وهاك من يوالي قيم العائلة أو العشيرة, وهناك من يوالي الارض والوطن وهكذا.
الولاء بمفهومه العام هو التبعية والالتزام بما تستلزمه حالة الولاء من فروض وواجبات.
على المستوى الديني فإن الولاء أمر شرعي وفيه تفاصيل فقهية كثيرة.
الولاء ليس أمرا محمودا دائما ولا هو أمر مذموم دائما.
الولاء للوطن وللعقيدة الحقة من أهم وأعلى مراتب الولاء, وهي صفة حميدة تستلزم الدفاع عنهما, والتضحية في سبيلها, ويبذل العقائديون والوطنيون جهدهم وكل ما يملكون من أجل أن يحافظوا عليهما.
المشكلة في الولاء هو الولاء للأشخاص, ولأسباب مختلفة, نعم قد يكون الولاء الشخصي نابع من أمر عقلاني كالولاء للأنبياء والأئمة عليهم السلام ووكلائهم من رجال الدين, أما الولاء للأشخاص وباعتبارات عشائرية او عائلية أو سياسية حزبية فهو قد يسبب كارثة مجتمعية كبرى قد تصل حد الاحتراب.
الولاء لأشخاص بعينهم وللاعتبارات العائلية او العشائرية او المناطقية الحزبية او السياسية يعطي للموالي حق –هو يفترضه- في تسقيط الاخرين واعلان الحرب على كل من لم يوالي وليه.
الولاء الشخصي يعد افة اجتماعية كبرى, وتغييب للمفاهيم, حيث يؤدي هذا الولاء لتصديق الكاذب, وتأمين الخائن, والتبرير للفاسد, واتباع الطالح, ويؤدي إلى اتهام الصادقين, وتخوين الامينين, ومحاربة النزيهين وإبعاد الصالحين.
الشخصنة في الولاء وترك الموضوعية هي باب من أبواب انقسام المجتمعات, وتحويلها إلى فئات تدعي أنها على حق, وإن الامعان في الولاء وتحويله الى طاعة عمياء سيجعل من الاتباع قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أي لحظة, وسيتمكن الولي من اللعب بعقول مريديه وأتباعه كيفما يشاء ومتى ما يشاء.
لا يستقيم المجتمع إلا بالانحياز للحق, وقول الصدق, ولو على النفس او الاقربين, والابتعاد عن الولاء الاعمى, والاتباع الاهوج, والجهل, وقد صرح القران الكريم بذلك حيث قال “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ” وقال أيضا “وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَ” وجاء في الأثر ايضا “قل الحق ولو على نفسك”.