عندما تبنى الامال السياسية على مقومات ورکائز قوية وثابتة في الواقع، فإنها تصبح ممکنة التعويل والاعتماد عليها، لکن لو کانت الرکائز والمقومات رخوة ومتحرکة وغير مستقرة، فإن التعويل عليها ضرب من الجنون. عندما يذکر مکتب الرئيس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في بيان، أن ماكرون قال لنظيره الإيراني حسن روحاني إن الطريق نحو تقليل التوتر في المنطقة يزداد صعوبة وأن الوقت حان لإيران كي تساعد في نزع فتيل الأزمة. فإن هذا الکلام وعندما نسحبه على الواقع، يبدو وکأنه في واد والواقع الملموس في واد آخر.
في ذروة المساعي والاتصالات السلمية الجارية من جانب فرنسا من أجل وقف التصعيد في الازمة القائمة بين واشنطن وطهران، حدث الهجوم على المنشآت النفطية السعودية والتي تم توجيه أصابع الاتهام لطهران بل وإن الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والمستشارة الالمانية قد وجهوا الاتهام رسميا لإيران بالضلوع في الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين يوم 14 سبتمبر الماضي. وهذا مايدل على إنه من الصعب جدا ضمان نوايا القادة والمسٶولين الايرانيين والثقة بوعودهم وتعهداتهم، إذ ثبت إنهم يقولون ويزعمون شيئا لکنهم يعملون خلافه وعکسه تماما.
ليست المرة الاولى وقطعا لن تکون الاخيرة بخصوص المواقف المتناقضة للقادة والمسٶولين في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية إذ أن لهم تأريخ وباع طويل بهذا المضمار وهم يجيدون التمثيل الى أبعد حد من أجل تحقيق أهدافهم ومآربهم، ومن الواضح جدا إن المساعي الحالية مع روحاني لن تختلف عن نظيراتها سابقا خصوصا وإن لروحاني نفسه خبرة وتأريخا بهذا المجال، والذي فات ويفوت المجتمع الدولي عموما والبلدان الاوربية خصوصا إنها تتناسى حقيقة عدم قدرة تخلي هذا النظام عن تصديره للتطرف والارهاب وتدخلاته في بلدان المنطقة، فهذا الامر واحد من الرکائز الثلاثة التي بني النظام على أساسها الى جانب رکيزتي قمع الشعب الايراني والسعي من أجل الحصول على الاسلحة الذرية، وقد أثبتت الاحداث والتطورات بأن هذا النظام يناور ويراوغ دائما من أجل ضمان إستمرار وبقاء هذه الرکائز الثلاثة لأنها تشکل أساس وجوده وبقائه وإستمراره.
الالاف من المتظاهرين الايرانيين الذين هتفوا ضد تواجد روحاني نيويورك والتأکيد على رفض الشعب الايراني له ولخامنئي وأکدوا بأنه مخادع وقاتل وکذاب لايجب الوثوق به خصوصا وإنه له تأريخ أسود ليس بالامکان تجاهله والتغاضي عنه فهو؛ أول شخص فرض الحجاب الاجباري، وأول شخص طلب الاعدام العلني وأول شخص سمى الخميني بالامام وشارك في إغتيالات مطعم ميکونوس في برلين وفي حقيبته الوزارية أکبر عدد من الوزراء الامنيين خلال العقود الثالثة الماضية وطلب قمع إنتفاضة الطلاب عام 1999 بصفته مستشار للأمن القومي، هذا الى جانب الدور المريب الذي لعبه في المفاوضات مع الوفد الترويکا الاوربية عام 2004، حيث تفاخر في وقتها بتمکنه من خداع الاوربيين والتنصل من کافة التعهدات التي وقع عليها مع الاوربيين ولذلك فإن التعويل على روحاني وعلى النظام الايراني من أجل نزع فتيل التوتر ليس إلا مجرد وهم سيصحون منه کما صحوا من الامور الاخرى سابقا!