خاص : كتبت – هانم التمساح :
اكتسبت حقول “النفط” العراقية، في منطقة “كركوك”، المتنازع عليها؛ أهمية جديدة بعد أن أعادت “الولايات المتحدة” فرض عقوبات على “إيران” المجاورة. ويسعى الأكراد لفرض سيطرتهم على حقول “النفط” في تلك المنطقة التي تتبع الحكومة المركزية في “بغداد”، على الورق، لكن في حقيقة الأمر يدير أمورها ويسيطر عليها “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”.
جماعات مسلحة كُردية تسيطر على 40 حقل نفط..
وكشف عضو مجلس النواب عن كتلة (المستقبل)، “سركوت شمس الدين”، أمس السبت، سيطرة جماعات مسلحة مقربة من “الحزب الديمقراطي الكُردستاني” على 40 حقلاً نفطيًا في منطقة “سهل نينوى”.
وقال “شمس الدين”، في بيان صحافي، إن: “مشكلة أخرى برزت، قبل مدة، في منطقة سهل نينوى؛ وهي سيطرة جماعات مسلحة مقربة من الحزب الديمقراطي الكُردستاني على 40 حقلاً نفطيًا في قريتي وردك وزنكة، خارج سيطرة الإقليم والحكومة المركزية، وتهريب النفط من خلالها إلى الخارج والاستفادة من أموالها لتمويل تلك الجماعات وغيرها”.
وأضاف أن: “أهالي المنطقة قد تظاهروا ضد التصرفات الاستفزازية لتلك الجماعات في المنطقة وتوفير الخدمات الأساسية لهم، إلا أنهم جوبهوا برد فعل عنيف تجاههم أدى إلى إصابة بعض المواطنين واعتقال البعض الآخر”، مطالبًا الحكومة ومجلس النواب بـ”تفعيل لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها الأخير، بشأن التجاوز على الحقول النفطية، وإعادة سيطرة الحكومة عليها”.
وتابع “شمس الدين” أن: “تلك الجماعة المسلحة عملت على تدمير حياة القرويين في سهل نينوى؛ بالتعاون مع الشركة النفطية التي تعمل على استخراج النفط الخام من تلك الحقول وتخريب الطريق البري الوحيد الذي يمكن من خلاله الوصول إلى مركز المدينة والمحافظة”، مؤكدًا على أن: “الحكومة يجب أن يكون لها موقف حازم وصارم تجاه تمرد تلك الجماعات وإعادة سيطرتها على الحقول النفطية والعمل على إستتباب الاوضاع الأمنية وإعادة الخدمات الأساسية هناك؛ مما يعطي فرصة كبيرة للأهالي للعودة إلى منازلهم”.
من يسيطر على تدفقات “نفط كركوك” ؟
على الورق، “بغداد”.. لكن إذا قرر “العراق” استخدام خط الأنابيب الكُردي لتصدير “النفط”، فسيحتاج إلى التفاوض. ومن المرجح أن يسعى الأكراد في المقابل لنيل حصة أكبر من إيرادات الحكومة العراقية من “النفط”. وقد يتعين على “بغداد” أيضًا أن تتفاهم مع “روسنفت” الروسية، التي أشترت الجزء الكُردي من خط الأنابيب، العام الماضي.
وتوقفت صادرات “النفط” من “كركوك”، منذ تشرين أول/أكتوبر 2017؛ عندما إنتزعت قوات الحكومة العراقية السيطرة على “كركوك” من السلطات الكُردية شبه المستقلة، في شمال “العراق”، ردًا على تنظيم استفتاء على استقلال “إقليم كُردستان”.
وسيطر الأكراد على “كركوك” وحقولها النفطية؛ بعد أن طرد مقاتلو “تنظيم الدولة الإسلامية”، الجيش العراقي، من المنطقة، في 2014، ومن ثم طردت القوات الكُردية مقاتلي التنظيم لاحقًا.
يتوقف استئناف الصادرات من “كركوك” على المفاوضات بين “بغداد” والأكراد.
لماذا حقول “نفط كركوك” بهذه الأهمية ؟
يستهدف “العراق” زيادة طاقته التصديرية إلى 8.5 مليون برميل يوميًا، في الأعوام القادمة، من أقل من خمسة ملايين برميل يوميًا، في الوقت الحالي، منها مليون قد تأتي من “كركوك”. لكن ذلك الاستئناف أعقد من مجرد إعادة فتح الصمامات.
كما أن وقف الصادرات من “كركوك” عطل تدفق نحو 300 ألف برميل يوميًا من “العراق” صوب “تركيا” والأسواق العالمية – مما تسبب في صافي فاقد إيرادات بنحو ثمانية مليارات دولار منذ التوقف، العام الماضي.
معظم صادرات “العراق” تأتي من الحقول الجنوبية، لكن “كركوك” من أكبر وأقدم حقول “النفط” في الشرق الأوسط، إذ يُقدر “النفط” القابل للإستخراج فيها بحوالي تسعة مليارات برميل.
وتنظر “الولايات المتحدة” أيضًا إلى “كركوك” كخيار للمساعدة في تعويض نقص المعروض النفطي العالمي الناجم عن عقوباتها على “إيران”، والتي تحظر استيراد “النفط الإيراني”.
وتضغط “الولايات المتحدة” على “بغداد” لتعليق جميع شحنات “النفط” من “إيران”؛ واستئناف الضخ من “كركوك” إلى “تركيا”، حسبما تقول مصادر بالقطاع.
وكان “تنظيم الدولة الإسلامية” قد أعطب خط الأنابيب، الذي كانت “بغداد” تستخدمه من قبل للتصدير عبر “تركيا” – ليتبقى خط أنابيب عامل واحد فقط؛ هو الذي بناه ويشغله الأكراد. ويتعين على الحكومة العراقية استخدام ذلك الخط أو بناء خط أنابيب جديد، وهي تدرس كلا الخيارين.
فور توصل “بغداد” والأكراد إلى اتفاق – تبدأ صادرات “النفط” للعودة من جديد، لذا نجد الجانب الأميركي يضغط في إتجاه إتمام هذا الاتفاق. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق، سيتعين على “العراق” بناء خط أنابيب جديد، وهو ما قد يستغرق نحو عامين.
وقد زيدت سعة خط أنابيب “روسنفت” إلى مليون برميل يوميًا؛ وهو ما قد يستوعب 400 ألف برميل يوميًا تأتي حاليًا من حقول النفط الأخرى في “كُردستان”؛ إضافة إلى الثلاثمئة ألف برميل يوميًا التي ستأتي من “كركوك”، حسبما تقول السلطات الكُردية.
لكن السلطات الكُردية تقول إنها ما زالت بحاجة لتغذية مصافي التكرير المحلية – التي تحول لها إنتاج “كركوك” حاليًا – لذا حتى إذا أستؤنفت الصادرات من “كركوك”، فإنها لن تزيد على 100 ألف برميل يوميًا باديء الأمر، مما يعني أن إجمالي الصادرات عبر “كُردستان” لن يتجاوز 500 ألف برميل يوميًا.
سيقل ذلك عن مستوى ذروة الصادرات الكُردية، البالغ 700 ألف برميل يوميًا، قبل الاستفتاء الفاشل، وهو ما لن يكفي للمساعدة في الحد من إعتماد “تركيا” على “النفط الإيراني”.
العقوبات الأميركية وقطاع النفط العراقي..
كان “العراق” و”إيران” يتبادلان كميات ضئيلة فحسب من “النفط” قبيل العقوبات الجديدة – حوالي 30 ألف برميل يوميًا في كل من الإتجاهين، بما في ذلك من “كركوك” – لكن اقتصاد “العراق” ككل شديد الإعتماد على التجارة مع “إيران”.
فعلى سبيل المثال، تغذي إمدادات “الغاز الإيراني” محطات الكهرباء العراقية. وفي حالة قطعها سيعاني “العراق” من أزمة حقيقية في الكهرباء.
لذا منحت “واشنطن”، “العراق”، استثناء لـ”الغاز الإيراني” والمواد الغذائية، لكنها تقول إنه استثناء مؤقت فحسب؛ مما يثير حالة من الضبابية فى “بغداد”.