الملف الامني ، القتل بدم بارد ، التفجير والتفخيخ ، استهداف كل شيء متحرك ، كل هذا يحدث وما من حلول ، تسائلنا وتحدثنا وتوسلنا حتى ان تجد حكومتنا الموقرة حلولا جذرية لحفظ دمائنا وما من مجيب ، وقف الايتام وصاحوا بصوت واحد ” نطالب بدماء ابائنا ” وما من مجيب ! لذا سنفترض ان هناك قاض عادل لنرفع له شكوانا ، وآلامنا وصيحاتنا ، ليحكم بيننا ، الطرف الاول : نحن المواطنين الابرياء الذين خرجنا بقضنا وقضيضنا للاقتراع يوم كانت الحكومة امس الحاجة لاصواتنا كي ينتصب المنتصب على كرسي المنصب ، شيوخنا واشبابنا وحتى الاطفال الذين لا يحق لهم التصويت ، خرجوا معنا يهللون لهذا العرس الديمقراطي
الطرف الثاني : الحكومة ، مناصب ، سيارات فارهه ومدرعة ، تبريدها يجعل المسؤول يرتجف رغم ارتدائه بدلة ايطالية كلفته خمسة الاف دولار ، من ” النثرية” الخاصة به ، لا يقفون في طوابير التفتيش كما نفعل ، لا ينتظرون تحت شمس تموز المحرقة في مكان للانتظار فامورهم تسير رغما عن انوف الجميع ، وفوق كل هذا لديهم حصانتان اثنتان ، الاولى الحصانة الدبلوماسية التي منحها لهم البرلمان ، والثانية ان كل واحد فيهم لديه جنسيتان ، الاولى غير عراقية وهي الاقرب الى نفوسهم والثانية عراقية يتسلمون فيها امتيازاتهم ومخصصاتهم من ميزانية الدولة .
الطرف الاول : لا يمتلك أي حصانة تذكر سوى رحمة الله والستر والعافية ، واحيانا يفتقد احد هذين الميزتين لسبب ما فلا يجد من يعينه ، في هذا الطرف يقبع اليتيم والارملة والمعوز وذوي الدخل المحدود ومن ليس لديه دخل ايضا ، بينما يشمخ في الطرف الاخر الوزراء والمدراء والبرلمانيين والقادة العسكريين ، وجميع هؤلاء غير مشمولين بـ ( طباخات الرطب ) ولا بـ ( شمس الباكلا ) ولا بقيض تموز ولا حرّه اللاهب ، فبيوتهم مكيفة بسبلتات (كنتورية) تجعل درجات الحرارة في البيت مقاربة لدرجة الحرارة في سيبيريا ، فضلا عن المسابح الالمانية والمطابخ الفرنسية والسيارات الامريكية ، والملابس التركية ، والاحذية الاسبانية .. بيوتهم مصداق حقيقي للعولمة ..
اما نحن يا سيادة القاضي ، فتؤلمنا البقّة ، وتقتلنا الشهقة ، كما يقول سيد البلغاء ، نتوسل اليك ان تنصفنا ولو بكلمة ، الى الله المشتكى ولكن احكم بيننا وبينهم .. فالعولمة لدينا موجودة فقط في الادوية التي تساعدنا على العيش في هذا البلد ، حبوب السكّر سويسرية ، وكبسولات القرحة ، انكليزية ، وحبات تحت اللسان فرنسية ، والكابوتين للضغط ,هذه هي عولمتنا وتلك عولمتهم فاحكم بيننا لئلا نموت كمدا.