20 نوفمبر، 2024 10:29 ص
Search
Close this search box.

رواية بعد سبع سنوات.. عودة لحب قوي بعد خفوت جذوته

رواية بعد سبع سنوات.. عودة لحب قوي بعد خفوت جذوته

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “بعد سبع سنوات” للكاتب الفرنسي “غيوم ميسو” رواية بوليسية رومانسية، تحكي عن قصة حب في قالب مغامرات وتشويق يحبس الأنفاس.

الشخصيات..

سبستيان: رجل أمريكي في منتصف الأربعينيات من عمره، ينتمي لعائلة من الأغنياء ويعيش في حي راق في نيويورك، يعمل خبير في الآلات الموسيقية وصانع لها، وهو مشهور في مهنته ويكسب أموالا كثيرة، أحب فتاة ليست من طبقته وتختلف طباعها عن طباعه كثيرا، وبعد حب عاصف انتهى زواجه منها بانفصال قاس، بعد أن أنجب منها طفلان توأم.

نيكي: زوجة |سبستيان|، أمريكية مهاجرة من بولونيا، كانت تعمل عارضة أزياء في شبابها ثم رسامة، وهي تختلف في طباعها كلية عن زوجها، فهي مرحة ودوده، تؤمن بالحرية الشخصية، وتتوازن نفسيا عندما تشعر أنها أنثى جذابة للرجال، تمتلك في شخصيتها تناقضات كثيرة، على عكس زوجها المحافظ التقليدي واسع الثقافة والاطلاع.

كامي: ابنة الزوجان، فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، على قدر كبير من الجمال، اعتنى والدها بتربيتها كثيرا واهتم بتثقيفها، وإلحاقها بأعرق المدارس  في نيويورك.

جيريمي: ابن الزوجان الآخر، عاش مع والدته وعاني من إهمال والده له، فقط لأنه يشبه أمه في الشكل والطباع، كما عاني نفسيا من آثار انفصال والديه، وسعى إلى جمعهما معا مرة أخرى من خلال مغامرة ملفقة.

سانتوس: ضابط شرطة ترتبط به “نيكي” ويحبها، تطلب مساعدته في حل لغز اختفاء ابنها، وينقذها هي وأسرتها في اللحظة الأخيرة.

كونستونس: محققة فرنسية تكتشف أنها تعاني من ورم في المخ، وأنها في مراحل حياتها الأخيرة، يكلفها مديرها بمطاردة البطلان بعد تورطهما في جريمة قتل، وبعد ملاحقتهما تنقلب الأحداث، وتساعدهما في البحث عن ابنهما وأخته التي اشتركت معه في خطته. ترضى”كونستونس” بموتها وتشعر بالسكينة.

الراوي..

الراوي عليم، يحرك الأحداث بمهارة ودقة وبراعة، ولا يشعر القارئ بوجوده حتى، وهو يحكي عن ماضي الشخصيات، حيث يستعين بمشاهد تجري أمام القارئ.

السرد..

يعتمد السرد على درجة عالية من التشويق والإثارة، وهو يدور في قالب بوليسي، لكن يتخلل جريان الأحداث قصة حب رومانسية، يحكي عنها الراوي ويستعيد بعض مشاهدها وذكرياتها من الماضي، كما يحكي عن شخصيات أخرى بعمق مثل شخصية المحققة الفرنسية.

عودة لحب قوي بعد خفوت جذوته..

تحكي الرواية عن قصة حب بين البطل “سبستيان” والبطلة “نيكي”، وكيف أن اختلاف طباعهما ونشأتهما كانت سببا في تجاذبهما في البداية، وكيف سعى البطل إلى اجتذاب البطلة والتي كانت ترفض الاقتراب خوفا من اختلافهما في البداية، ولكن ومع الزواج ومتاعب الحياة اليومية وظهور أمور أخرى كثيرة تحتاج اتفاق وتوافق، مثل تربية الأطفال أصبحت علاقة الحب بينهما شائكة، وكثرت الشجارات، فقد كانت “نيكي” خائفة من تفوق زوجها الهائل عليها في الثقافة والمعرفة وفي نواحي كثيرة، وكانت دوما تخشى من تركه لها، فعجلت بالمشاكل وبدأت في خيانته واجتذاب الرجال حتى تفشل ولا تعود تنتظر نهاية حبهما من طرفه، وهو في المقابل تعامل بقسوة مع تصرفاتها وطلب الطلاق، ولم يكتف بذلك بل سعى لأخذ الطفلين منها، وكلف المحامين بأموال كثيرة لأجل ذلك الهدف.

ولم يبق إلا أن يتوصلا لاتفاق أن يحتفظ كل واحد منهما بطفل، وكان لذلك الانفصال القاسي والاتفاق آثاره السلبية على الأطفال، وحتى على البطلين، فقد عاش البطل سبع سنوات حزينا ووحيدا رغم اقتناعه بهدوء حياته واستقرارها، كما عانت البطلة من التخبط، وأصبحت تتعرف على أحباء وتتركهم سريعا، وأصبح “جيرمي” تعيسا لانفصال والديه وأثر ذلك عليه نفسيا، حتى أنه قبض عليه بتهمة السرقة، ونصحته المحكمة بمراجعة طبيب نفسي، وقد اعترف للطبيبة التي ذهب إليها أن انفصال والديه قد أحدث خللا فيه، خاصة أن والده بعيد عنه وجدانيا، ولا يعامله بحميمية وود. كما ابتعدت “كامي” عن والدتها بتدخل مباشر من والدها، مما جعل العلاقة بين الأم والابنة تسوء وتعاني من فجوة كبيرة.

ترصد الرواية آثار الطلاق على الأولاد في المجتمع الأمريكي، وكيف أنه أحد الأسباب الرئيسية في معاناة الأطفال ومن ثم المراهقين، وهو السبب في مشاكل قد تغير مصائرهم الحياتية.

 

سعى “جيرمي” بمشاركة أخته وصديق لديه إلى أن يجمع شمل والديه، واختلق قصة اختفاء رسمها بدقة، لكن تدخلت في الأحداث فتاة برازيلية أغوت “جيرمي” ليكتشف القارئ أنها ابنة زعيم عصابة كبيرة في البرازيل، تدير تجارة الكوكايين على نطاق واسع بين الدول. وقد نجحت مساعي “جيرمي” وعادت والدته لوالده، فقد قربتهما التجربة، حين ظنا أنهما فقدا ابنهما جراء عملية اختطاف، ثم عرفا باختفاء الابنة أيضا، ومع تطور الأحداث استعادا إحساسهما القديم بالحب، واستطاعا أن يتفقا على أرضية في ظل تجربة صعبة،وتعلما أن الاتفاق أسهل وأقرب الحلول.

تجارة المخدرات وضخامتها..

تحكي الرواية أثناء المغامرة البوليسية عن تجارة كوكايين واسعة النطاق، تديرها عصابة كبيرة في البرازيل، وسوق تجارتها يشمل الدول المجاورة امريكا ودول أخرى، وهذه العصابة لها نفوذ كبير، حتى أنها تشتري أفراد من الشرطة و من الإعلام، ولها أعوان يساندونها، مما يعكس الكيفية التي  وصلت لها الحال في تجارة المخدرات والسلع غير المشروعة في بلدان الرأسمالية الكبرى، وكيف أن نمط المجتمع الطبقي يسمح وبشده بتضخم التجارات غير المشروعة وتوسعها.

تتميز الرواية أيضا بقدرة رائعة على الوصف، فهي تتنقل ما بين نيويورك وباريس وريو دي جانيرو عاصمة البرازيل ومنطقة الأمازون، والراوي يصف الأماكن بدقة تجعل القارئ يشعر وكأنه يذهب إلى تلك الأماكن بنفسه، أو يشاهدها أثناء السرد، كما يحكي الراوي عن بعض الشخصيات بعمق.

كما ترصد الرواية كيف أن مدن العالم الغربي الشهيرة، على غناها وفخامتها، لا تخلو من مشردين ولاجئين يفترشون الشوارع، مثل نيويورك وباريس، وكيف أن الرفاهية الشديدة في الأبنية والشوارع لا تمنع تواجد مشردين يفردون خيامهم ويعيشون متحايلين على الشرطة وترصد تجارة السلع المهربة التي يروجها الهاربون من البلدان العربية وبلدان العلم الثالث في فرنسا، وتديرها عصابات كبيرة. كما ترصد البرازيل وكيف تنتشر بها تجارة المخدرات وتجارة البشر، حتى أنها تعاني من معدل جريمة يفوق بأضعاف ما يحدث في فرنسا.

الرواية ممتعة تشد القارئ من البداية إلى النهاية، كما تمنحه علاقات إنسانية سامية، وترصد مؤشرات مهمة حتى وإن لم تقصد ذلك بشكل مباشر.

الكاتب..

“غيوم ميسو” يعد من أكثر الكتّاب الروائيين في فرنسا مبيعاً للكتب،  فقد باع عام 2012 مليوناً و700 مئة نسخة من رواياته حول العالم. ولد في السادس من يونيو عام 1974 في فرنسا، دأب منذ طفولته على قراءة الكتب والمسرحيات، حتى تأكد أنه سوف يصبح روائيا وأديبا يوما ما.

غادر “ميسو” فرنسا متجها إلى أمريكا في سن التاسعة عشر وفي عقله البحث عن الكثير من الأفكار لبدأ كتابة أولى رواياته، وبالفعل عاد إلى فرنسا وعقله مليء بأفكار عديدة للروايات، وقد تفرغ “غيوم ميسو” للكتابة بعد أن كان يعمل أستاذ اقتصاد بالتعليم الثانوي، وكان أول عمل قام به وهو في السادسة عشرة من عمره حارس مرآب للسيارات.

يعترف “غيوم ميسو” أن سر نجاحه في الكتابة والتأليف هو أنه ذو طابع مرهف الحس، مؤكدا بأن الحياة هشة وقد شارف ذات يوم على الموت إثر حادث سير مريع، وكان وقتها في الرابعة والعشرين من عمره، وقد توفيت في الحادث زوجته، حيث يحاول دائما عيش حلمه. بعد نجاته بأعجوبة من حادث سيارة مريع فإنه قرر أن لكل أبطال رواياته الحق في الحصول على فرصة أخري للحياة وحظا آخر للعيش.

فعندما قام من تلك الحادثة ألف رواية بإسم (وبعد ؟) روى فيها قصة طفل في الثامنة من عمره شارف على الموت بعد أن سكت قلبه، ثم نجا وعاد إلى الحياة حتى يصبح محامياً في مدينة نيويورك، وينسج المؤلف حول الشخصية قصة حب جميلة ومشوقة من خلال أحداث تتسارع ولا تتشابه مع قصته الحقيقة، ومن الجدير بالذكر أنه قد باع من هذه الرواية أكثر من مليوني نسخة.‏

صدرت أولى رواياته في 2001 ولم تحقق النجاح المطلوب، ثم توالت أعماله بالناجحات حتى صار من أشهر مؤلفي فرنسا والحقيقة هناك بعض النقاد الذين يصفوه بأمير الكتابة معترفين بفضله في إدخال  ثورة جديدة فيما يسمّى (الكتابة الشعبية) أو الأدب الشعبي، مما بوأه المرتبة الأولى في فرنسا، تخصص في كتابة الروايات البوليسية التي تلاقي رواجا كبيرا لدى الفرنسيين.

ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من عشرين لغة، صدرت روايته (كيف سأكون بدونك أنت؟) بيع منها 420 ألف نسخة خلال الشهر الأول فقط من صدورها.‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة