خاص : ترجمة – محمد بناية :
طُرح احتمال المواجهات العسكرية أو الحرب الشاملة بين “إيران” و”الولايات المتحدة” على الساحة السياسية في “إيران” والعالم، منذ العام 2001، وقد طوى هذا الاحتمال مراحل من التذبذب على مدى 18 عامًا الماضية.
لكن ورغم هذه الفترة الزمنية الطويلة نسبيًا، لم تنتهي عوامل النقاش المتعددة والصراعات المثيرة للدهشة إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين، وهما يتبادلان التوصيفات مثل “الشيطان الأكبر” و”محور الشر”. ويعود هذه الموضوع إلى ارتفاع تكلفة الحرب ومخاطرها على فوائدها المحتملة. بحسب موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
الحرب كأداة فقط..
وأدى إحجام المسؤولين الأميركيين وكذلك مناورات السيد “على خامنئي”؛ إلى عدم الضغط على زناد المواجهات العسكرية. وفي أغلب الأحيان كانت تتهيأ أجواء الحرب ثم تنعكس في شكل دعم المفاوضات على نحو ما يقول، “كارل فون كلاسويتس”، منظر الحرب المشهور: “الحرب ليست عملاً سياسيًا بحت؛ وإنما هي أداة سياسية واقعية، واستمرار عملية التجاذبات السياسية هو تطبيق للهدف ذاته لكن بوسائل مختلفة”.
وفي إطار هذه النظرية استفادت حكومة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من حرية التهديد بالحرب، في تطبيق سياسة “الضغط القصوى” على “الجمهورية الإيرانية”. وهذا لم يمنع “الولايات المتحدة” من التصعيد وإعلان الهجوم على عدد من المراكز العسكرية والمنشآت الإيرانية كرد فعل على إسقاط “الحرس الثوري” طائرة أميركية مُسيرة، قبل أن يتراجع “ترامب” في اللحظات الأخيرة ويصدر قرار وقف الحرب.
الآن يبدو أن “ترامب” رفض في إطار تعاطيه مع تقييم الاستخبارات الأميركية، بشأن هجوم “أرامكو” في “المملكة العربية السعودية”، تفعيل التهديد العسكري مجددًا. وإمتناعه للوهلة الأولى هو نتاج رؤيته الشخصية المعارضة للحرب؛ والتي يناور عليها في حملته الانتخابية، وأتضح أن إداراته لا ترى في الحرب والمواجهات العسكرية استراتيجية تقود السياسة، وإنما تريد استخدامها كأداة فقط.
بدائل الحرب أمام أميركا..
ومؤكد حال اُضطر “ترامب”؛ فلن يتورع عن الاستفادة من الأداة العسكرية، مثل الهجوم الصاروخي على “سوريا”. كذلك هو يريد تقليص المشاركة الأميركية في معادلات الشرق الأوسط الميدانية.
إن الصراع العسكري المحدود مع “الجمهورية الإيرانية” قد يؤدي إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي وفتح جبهات صراع جديدة. وأحد أسباب معارضة “ترامب” للخيار العسكري، وتفضيل إجراءات أخرى على شاكلة “تكثيف العقوبات” و”هجوم سيبراني محتمل” و”تقوية القدرة الدفاعية السعودية عبر إيفاد قوات عسكرية والمدمرة (USS) وكذلك مليء فراغ الدفاعات الجوية السعودية”، عدم التعويل على قدرة مفاوضات الوساطة الفرنسية لإيجاد حل يستهدف بدء مفاوضات مجموعة الست.
والحقيقة أن الحكومات الإيرانية والأميركية تعتبر نفسها في مرحلة ما قبل المفاوضات وتسعى إلى تعديل أجواء المفاوضات لصالحها ورفع مستوى قدراتها على المساومة من خلال الاستفادة من الأدوات المختلفة.
والأداة الأساسية للحكومة الأميركية هي “العقوبات” وفرض العزلة الاقتصادية والسياسية على “إيران”. بدورها تسعى “الجمهورية الإيرانية”، عن طريق القوى الموالية لها، لإيجاد خلل في مسار نقل الطاقة عبر الخليج. ومؤكد الأولوية وخيار “الجمهورية الإيرانية” الرئيس هو الإمتناع عن المفاوضات، لكن قدراتها على المقاومة إزاء العقوبات، وبخاصة فيما يتعلق بآثارها المتراكمة بمرور الوقت، مسار تساؤل.
لذا فإن رؤية الحكومة الإيرانية، للمفاوضات المحتملة، هو خفض المطالب الأميركية وفرض قبول بنود الاتفاق الجديد باعتباره “شر لابد منه”. ومما لا شك فيه أن الصراعات الأخيرة أوجدت وقفة في مسار التوتر وإزدادت مجددًا الأجواء الحربية بشكل نسبي. ومن المستبعد فعلاً جلوس الطرفين إلى طاولة المفاوضات قريبًا.
للحرب حسابات أخرى..
لكن مشكلة “ترامب” الأساسية، والتيار الحاكم في المؤسسات الأمنية والعسكرية الأميركية، هو التورط في حرب بالشرق الأوسط ذات أبعاد وآفاق غير واضحة قد تؤدي إلى تكثيف المواجهات العسكرية في “أفغانستان” و”العراق” ناهيك عن “سوريا”.
والاستراتيجية الأميركية الراهنة هي خفض عدد القوات الأميركية في الشرق الأوسط. لذلك فالركيزة الأساسية لمساعي المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين الإيرانيين؛ في إيجاد رداع إزاء الهجمة الأميركية المحتملة هي توجيه رسالة: “إن أي حرب محدودة سوف تنتهي إلى حرب شاملة”.
لكن يمكن تصور سيناريو اندلاع حرب على النحو التالي: سوف تستهدف “الولايات المتحدة” في الهجمة الأولى المراكز الإيرانية، وبشكل رئيس في القوات الجوية والصاروخية بشكل متسلسل. في المقابل سوف تستهدف، “الجمهورية الإيرانية”، القواعد والأساطيل الأميركية واستخدام القوارب السريعة في الهجوم على الغواصات الأميركية. مع تصور هجوم “حزب الله” اللبناني على “إسرائيل”، واستهداف قوات “الحشد الشعبي” للقواعد الأميركية في “العراق”، وتكثيف هجمات “الحوثيون” على “المملكة العربية السعودية”، وسوف تنضم “السعودية” و”الإمارات” و”البحرين” و”إسرائيل” إلى “أمريكا”.
ومن المستبعد أن تتورط “روسيا” في هذه الحرب، وسوف تسعى فقط للحيلولة لقطع الطريق على التحركات الأميركية في “مجلس الأمن”. لكن اتساع نطاق الحرب قد يزيد من مداخلات الجيش الأميركي، وفي المقابل سوف تخسر “الجمهورية الإيرانية” في المواجهة المباشرة على المدى المتوسط، وإذا تريد الاستمرار في المقاومة فسوف يتم تدمير البنية التحتية الاقتصادية والدفاعية للدولة.