الحديث عن الدور السلبي لنفوذ النظام الايراني في العراق والمنطقة والآثار والتداعيات السلبية لها، حديث طويل ومتشعب ولاسيما بعد أن صار هذا الدور يشکل عقبة بوجه الاوضاع المختلفة في بلدان المنطقة ويقف حائلا دون إستتباب الامن والاستقرار وسيادة القوانين فيها، والمثير للسخرية إنه وبعد أن تزايدت خلال فترات سابقة مطالب بخصوص حل الميليشيات المسلحة التابعة للنظام الايراني لدورها وتأثيراتها السلبية فإن الذي حدث وجرى إنه قد تم قوننتها وإضفاء صفة الشرعية عليها لتصبح تشکل جزءا من النظام السياسي في هذه الدول، وهو مايمکن وصفه بجعل نفوذ ودور النظام الايراني في بلدان المنطقة معترف بها بصورة رسمية وقانونية.
تصور وإعتقد البعض من إنه ومن خلال إضفاء صفة الشرعية على أذرع النظام الايراني في العراق، فإن ذلك سيهدأ من دور ونشاط وتحرکات هذه الاذرع وسيجعلها مکبلة بالقوانين التي تحد من دورها الکبير وتحجمه وبالتالي فإنه يمکن السيطرة على النفوذ النظام الايراني على العراق لکن الذي حدث کان مغايرا ومعاکسا بالتمام والکمال، إذ أن هذه الاذرع بعد أن إمتلکت الصفة الشرعية صارت تسعى من أجل فرض هيمتها وإرادتها على جميع القوى السياسية الاخرى وصارت تنظر وتتعامل مع القوانين وفق أهوائها ومصلحتها وکما تقتضي ظروف مصلحتها، وبالطبع فإن کل ذلك يتم في ضوء إملاءات من طهران أو على الاقل في ضوء مصالح النظام الايراني في العراق.
التصورات ووجهات النظر التي کانت تعتقد بأنه من الممکن السيطرة على نفوذ النظام الايراني أو تحجيمه من خلال قوننته أو من خلال التنسيق مع النظام الايراني نفسه، أمر قد صار واضحا إنه لافائدة من ورائه أبدا لأن الذي فات على هذا البعض إن هذا النفوذ هو في الحقيقة إمتداد لمشروع خميني في العراق والمنطقة في سبيل إخضاع بلدان المنطقة للنظام الديني الحاکم في إيران، وهو ماقد حذرت منه زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي وأکدت بأن دور ونفوذ هذا النظام من خلال أذرعه يشکل خطرا کبيرا على هذه البلدان ولايمکن الخلاص منه إلا في حالتين وهما حل هذه الميليشيات أو سقوط النظام الايراني، ولئن کان هذا التصريح في عام 2004، ولکن صار واضحا إنه يمثل الحقيقة بعينها إذ ومن دون تحقيق هذين الخيارين فإن الحديث عن إنهاء نفوذ النظام الايراني أو سطوة أذرعه إنما مجرد کلام لايمکن أبدا تحقيقه في الواقع.