22 نوفمبر، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

بين رياء وتصنع.. زيف

بين رياء وتصنع.. زيف

يقينا أن كل فرد فينا يروم رضا جميع الناس عنه، وقد يسمو الرضا أحيانا فيكون غاية، لاينقطع السعي فيها عند حد، وعادة ما يعود جدوى الرضا الى الأطراف جميعا، في حال اتمامه على أحسن وجه، فرضا المعلم عن الطالب سبيل نجاح الإثنين معا، ورضا الزوج عن الزوجة طريق سعادتهما، ورضا رب العمل عن عماله يقود الى جدوى كحصيلة مثمرة لجهودهم، وعلى العكس من ذلك حين ينعدم الرضا بينهم وتكثر شكوى كل جانب من آخر. وبتحصيل حاصل فان الرضا عن اي فرد يعود بالنفع للجميع، والسخط على اي فرد يعود بالضرر عليه وحده.
ولتعم الفائدة وتتسع رقعة الخير، يتوجب ان ينأى هذا الرضا عن الأنانية وحب الذات وضيق أفق المنفعة، وحصرها بالأنا فقط، كما هو حال الشاعر حين قال:
فليتـك تحلـو والحيـاة مريـرة
وليتـك ترضـى والأنـام غضـاب
وليـت الذي بيني وبينك عامــر
وبــنـي وبيـن العالمـين خـراب
وياليت شربي من ودادك صافيا
وشـربي من ماء الفرات سـراب
فصاحبنا في هذه الأبيات قد أخذ الوله والتيه منه مأخذا، فقد كان يروم إرضاء شخص واحد، وهو بذلك له مأرب دنيوي حصري. أما الانسان السوي فهو الذي يسعى الى رضا الناس مع علمه ان “رضا الناس غاية لاتدرك”. وقد تعودنا في حياتنا ان نتحلى بعبارة (أرجو أن أكون عند حسن ظنك) ولطالما رددناها في حياتنا العملية وفي علاقاتنا الإجتماعية، كونها مفتاحا للنجاح لاسيما حين تقال لشخص له مكانة في قلوبنا وعقولنا، ولرضاه عنا وقع جميل في نفوسنا، ولسخطه علينا مردود سيئ على حياتنا.
وتزداد الحالة خصوصية عندما يكون هذا الشخص ذا شأن عظيم، شخص كان رضا الله عنه وعن والديه محفوظا من قبل، شخص حارب الجور والبغي والاستبداد، وسعى من أجل تحريرنا وعتقنا من قيود التيه والظلم والضلال، بدءًا من ضلال نفوسنا ان زاغت وراغت عن جادة الحق والصواب، وانتهاءً بضلال حكامنا ان فسدوا وأفسدوا بحقنا وحق بلدنا.
هذه الأيام يسعى الجميع -إن صح الشمول- الى نيل رضا شخص اختط لنا -وأولاده- منذ قرون مضت طريقا من دمائهم، للخوض فيه في لج بحر تتصارع فيه أمواج الزيف والمكر والخذلان، طريق ان سرنا على نهجه ولم نحد عنه، وصلنا بر الأمان في الدنيا والآخرة. شخص لم يكتفِ برضا الله عنه فحسب، بل سعى ان ننعم نحن ايضا برضاه تعالى، فدلنا على سبل مرضاته بجعل أنفسنا نظيفة وخلائقنا شفافة وأخلاقنا حميدة ونوايانا خالصة للخير، باذرين بذور الحب والوئام والصدق مع بعضنا، فان حققنا هذا كله نكون قد حزنا رضاه وفزنا برضا الله، ذاك هو (الحسين بن علي بن أبي طالب) عليهما السلام.
ومن المؤكد ان سياسيي بلدنا ومسؤوليه في أول قائمة المحاسبين، ورضا الله ونبيه وآل بيته عنهم مقرون بإخلاصهم وصدقهم بما موكل اليهم من مسؤوليات تجاه رعيتهم، فهل هم حقا يعملون جاهدين بما يرضي الرعية، كما هم يجهدون أنفسهم في صلاتهم وصيامهم، ودوامهم على إقامة المواكب الحسينية.. أم أن هذا كله زيف وتصنع ورياء!.

أحدث المقالات