خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن العلاقات (العراقية-الأميركية) في طريقها للدخول إلى مرحلة جديدة أكثر حدة ومواجهة، حيث كشفت صحيفة (عكاظ) السعودية، أمس، عن تهديدات أميركية للسلطات العراقية باستخدام سياسة “الأرض المحروقة” عقب استهداف سفارتها، في “بغداد”، بالصواريخ.
ونقلت (عكاظ)، عن مصادر عراقية موثوقة؛ قولها إن هذه التهديدات نقلها وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”، لرئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، في اتصال هاتفي بعد ساعات من الهجوم على سفارة “واشنطن”.
ولفتت المصادر إلى أن: “إسبر اعتبر أن الهجوم على السفارة يدفع بإعادة خلط الأوراق وإعادة النظر في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الفصائل العراقية الموالية لإيران”، محذرًا من أن “صمت الحكومة العراقية من دون إتخاذ أي إجراءات سيدفع واشنطن لاستخدام سياسية (الأرض المحروقة) ضد الميليشيات الموالية لطهران في العراق”.
نفي رسمي..
فيما نفى مصدر في مكتب رئيس الحكومة العراقية، “عادل عبدالمهدي”، الأنباء التي تحدثت عن وجود تهديد من قِبل “الولايات المتحدة” باستخدام “سياسة الأرض المحروقة” عقب استهداف سفارتها في “بغداد”.
وقال المصدر لـ (RT)، أمس، تعليقًا على معلومات نشرتها وسائل إعلام عربية، إن: “تلك المعلومات من الوهم وليست حقيقة، ولم يتم التطرق والحديث مع رئيس الحكومة بطريقة التهديد من قِبل أي مسؤول أميركي، ولا يمكن القبول بها إذا ما حدثت، لذا على وسائل الإعلام تلك، الإنتباه لما تنشر والتأكد من مصادرها”.
وأضاف أن: “رئيس الحكومة حريص على بقاء العراق بعيدًا عن الصراع في المنطقة والعمل على الحد منه، وتواصله مع القادة الأميركيين أو الإيرانيين، يأتي من أجل المساعدة في تخفيف التوتر”.
يأتي ذلك، بعدما أعلنت أجهزة الأمن العراقية، الإثنين الماضي، عن سقوط قذيفتين على “المنطقة الخضراء” وسط العاصمة، “بغداد”، مشيرًة إلى أن: “قذيفتي (هاون) سقطتا، الأولى في ساحة ترابية فارغة في محيط المنطقة الخضراء والأخرى في نهر دجلة ببغداد”.
قوات التحالف تعلن دفاعها عن نفسها..
وذكر بيان لتحالف “واشنطن” ضد (داعش)؛ أن: “أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم الأخير في بغداد، ولم يتم قصف أي مرفق أو منشأ مستخدم من قِبل قوات التحالف أو الولايات المتحدة، لكننا نأخذ هذا الحادث على محمل الجد كما يفعل شركاؤنا في قوات الأمن العراقية. وتحتفظ قوات التحالف بالحق في الدفاع عن نفسها”.
وقال التحالف في بيان: “لن يتم التسامح بخصوص أي هجوم على الأفراد والمنشآت الأميركية”.
وكانت أجهزة الأمن العراقية قد أعلنت، مساء الإثنين الماضي، عن سقوط قذيفتين على “المنطقة الخضراء” وسط العاصمة، “بغداد”.
سقوط قذيفتي “هاون” قرب السفارة الأميركية..
وقالت خلية الإعلام الأمني، في بيان، إن: “قذيفتي (هاون) سقطتا، الأولى في ساحة ترابية فارغة في محيط المنطقة الخضراء والأخرى في نهر دجلة ببغداد”.
وسابقها أفادة مصدر أمني، بأن قذيفتي (هاون) سقطتا قرب السفارة الأميركية وسط “بغداد”، دون وقوع أي خسائر.
كما نقل موقع (السومرية نيوز)، عن أحد المصادر الأمنية قوله؛ إن: “انفجارًا وقع داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، دون معرفة طبيعته”، وإن: “صافرات الإنذار أطلقت في المنطقة تحسبًا لأي طاريء”.
يُذكر أن العاصمة، “بغداد”، تشهد بين الحين والآخر تفجيرات بسيارات ملغومة وعبوات وأحزمة ناسفة، إضافة إلى هجمات متفرقة تستهدف المدنيين وعناصر الأجهزة الأمنية في مناطق متفرقة منها، ما يسفر عن سقوط العشرات من الأشخاص بين قتيل وجريح.
وتضم “المنطقة الخضراء”، المحمية جيدًا، سفارات أجنبية ومباني حكومية عراقية.
أميركا تخسر نفوذها في العراق..
في مقال تحليلي بموقع (24) الإماراتي؛ تحت عنوان: “هكذا تخسر أميركا نفوذها في العراق”، اعتبر “زياد الأشقر”، أن السفارة الأميركية في “بغداد”، الأكثر كلفة والأوسع في العالم، وتزيد مساحتها عشر مرات مساحة السفارة الأميركية في “بكين”. وبلغت كلفة المجمع الذي يضم محطة توليد للكهرباء ومحطة لمعالجة المياه خاصتين به، وبركة سباحة من الحجم الأولمبي – مليار دولار.
وأوضح أن هناك ثمة معركة على النفوذ في “العراق” اليوم، ولكن “إيران” تربح هذه المعركة ونظريًا يعمل هناك أكثر من ألف دبلوماسي ومسؤول من وكالات أخرى، مع زيادة عدد المسؤولين الأمنيين إلى ثلاثة أضعاف.
ومع ذلك؛ وبعد مرور عقدٍ على انتقال الدبلوماسيين الأميركيين إلى هناك، كتب الباحث، “مايكل روبن”، في موقع مجلة (ناشيونال إنترست)، أن النفوذ الأميركي في “العراق” يتراجع إلى مستوى قياسي. صحيح أن ثمة وجودًا عسكريًا في البلاد، لكن هذا لا يبرر تراجع النفوذ على الإطلاق. وأشتكت أجيال من الدبلوماسيين من الموارد، بحجة أن الاستثمار الدبلوماسي المحدود يجنب على المدى الطويل ضرورة القيام بتدخلات عسكرية في المستقبل.
إنحسار العنف..
ولكن الكاتب يرى أن الوجود الدبلوماسي الأميركي في “العراق”، اليوم، يفعل كل ما في وسعه لتقويض هذه المقولة. وأصبحت السفارة الأميركية في “بغداد” كيانًا موجودًا لتلبية احتياجاتها الخاصة، غافلة عن المدينة المحيطة بها. وقبل عقدٍ من الزمن كان الوضع في “العراق” خطيرًا. وهو لا يزال كذلك في بعض النواحي. وقبل عامين إنحسر العنف بشكل كبير.
وفي آواخر العام الماضي، انخفض عدد المدنيون الذين قتلوا أو جرحوا في حوادث إرهابية أو عنف سياسي؛ إلى درجة أن “الأمم المتحدة” توقفت عن نشر التقارير الشهرية التي كانت تتحدث عن هذه الأمر.
ولم يكتفِ رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، بهدم العديد من الجدران الإسمنتية والحواجز التي كانت تخنق حركة المرور في أنحاء مختلفة من شوارع “بغداد” فحسب، بل رفع القيود على السفر إلى المطار؛ سامحًا لسيارات الأجرة بنقل الركاب إليه وجلب الواصلين منه مثل أي مطار في الشرق الأوسط.
وقد أدت عودة الحياة الطبيعية إلى إزدهار الحياة الليلية في مختلف أنحاء العاصمة، وعاد الكحول إلى السوق الحرة في “بغداد” على رغم من كل الحديث عن تنامي التيارات الإسلامية.
إيران تريد تهجير القنصلية بالكامل..
وخلص إلى أن ثمة معركة على النفوذ في “العراق”، اليوم، ولكن “إيران” تربح هذه المعركة. وتستغل الميليشيات المدعومة من “إيران” هاجس الخوف لدى “وزارة الخارجية الأميركية”، إذ يكفي إطلاق قذيفة (هاون) في إتجاه قنصلية أميركية كي تهجر الوزارة هذه القنصلية بالكامل.
وبينما كان المسؤولون العراقيون يقولون، في السابق، إنهم يسعون إلى استثمارات أميركية لا مساعدات، فإن السفارة كانت تبالغ بتحذيرات السفر وأبقت التأمين مرتفعًا لثني رجال الأعمال عن الذهاب إلى “العراق”.
وإذا خسرت “أميركا” النفوذ في “العراق” لمصلحة “إيران”، فإن ذلك سيكون بسبب سياسات “وزارة الخارجية الأميركية” التي مارست سياسة هزيمة الذات، وبسبب عدم قدرة الحكومة الأميركية على استخدام قوتها الكبيرة – رجال الأعمال – من أجل ترسيخ النفوذ، ولم يعر الرؤساء الأميركيون أي عناية لهذا الأمر.