خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تزامنًا مع إعلان “العراق” توقيعه 8 اتفاقيات اقتصادية جديدة مع “الصين” أثناء الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، ووفد من وزرائه ومحافظيه، أعلنت اللجنة المالية النيابية في “البرلمان العراقي”، أن ديون “العراق” الخارجية بلغت حاجز الـ 125 مليار دولار، واصفةً هذا الرقم بـ”الخطر والمخيف على المستقبل الاقتصادي”.
وقال عضو اللجنة، “أحمد مظهر الجبوري”، إنه: “سبق للجنة أن أوقفت الديون، وخاصة الخارجية في موازنة 2019، في وقت يوجد فيه إلزام بضرورة استمرار الديون باعتبارها كانت موجودة أبان الحرب على عصابات (داعش) في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين”.
وأشار إلى أن: “الديون وخصوصًا الخارجية بلغت 125 مليار دولار”.
وحذر من أن: “بقاءها يُنذر بوجود خطر على المستقبل الاقتصادي للعراق”.
ولفت إلى: “وجود 20 فقرة للديون ستكون في موازنة 2020، بعد أن عقدت اللجنة مع وزارة المالية 5 اجتماعات خلال الشهر الماضي، إذ أن قسمًا من هذه الديون كانت قروضًا فرضت على العراق من قِبل البنك الدولي”.
وأوضح أن: “البحث لا يزال مستمرًا عن الحلول لسد العجز في موازنة العام المقبل”.
تحيط حالة من التشاؤم بالاقتصاد العراقي..
وبحسب “صندوق النقد الدولي” فإن ديون “العراق” تفاقمت، خلال السنوات الماضية، حيث كانت قبل 6 سنوات؛ 73.1 مليار دولار، وارتفعت في العام 2014 إلى 75.2 مليار دولار، وفي العام 2015 أصبحت 98.0 مليار دولار، فيما كانت قبل عامين، 114.6 مليار دولار، لترتفع في العام 2017 إلى 122.9 مليار دولار.
وجاءت آخر تقديرات “صندوق النقد الدولي” للوضع المالي العراقي، في تموز/يوليو الماضي، لتكرس حالة التشاؤم التي تحيط بالاقتصاد المحلي بالرغم من تحسن أسعار “النفط”؛ بما يتجاوز الحد الأدنى الذي توقعته الحكومة العراقية للبرميل الواحد.
وقال “صندوق النقد الدولي” إن: “إعادة الإعمار وتعافي الاقتصاد، بعد الحرب على تنظيم (داعش)، سارا بمعدل بطيء”.
وأقتصر ارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي على نسبة أقل 1 بالمئة على أساس سنوي، خلال العام الماضي؛ “نظرًا لضعف تنفيذ عمليات إعادة الإعمار وغيرها من الاستثمارات العامة. وأنكمش إجمالي الناتج المحلي الكلي بنحو 0.6 بالمئة مع خفض الإنتاج النفطي إعمالًا لاتفاق (أوبك)”.
وبحسب هذا التقدير، فإن الآمال تتلاشى بشأن قدرة “العراق” على سداد جزء من ديونه الخارجية، فضلًا عن الداخلية. وتضمنت موازنة العام الجاري نحو 15 مليار دولار لسداد الديون، لكن من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة العراقية قد أنفقت المبلغ في هذا الباب فعلًا في ظل إنعدام الشفافية في ما يتعلق بالبيانات المالية الرسمية.
توقيع 8 اتفاقيات مع الصين..
في الوقت ذاته؛ أعلنت الحكومة العراقية التوقيع على ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين “العراق” و”الصين”، في حضور رئيس الوزراءالعراقي، “عادل عبدالمهدي”، ورئيس مجلس الدولة الصيني، “لي كه تشيانغ”.
وأوضح بيان للحكومة العراقية أن الاتفاقات ومذكرات التفاهم، التي وقعت في ختام زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى “الصين”، شملت المجالات المالية والتجارية والأمنية والإعمار والاتصالات والثقافة والتعليم والتعاون بين وزارتي “الخارجية” في البلدين.
وأشار البيان إلى اتفاق الطرفين على تنفيذ آليات الاتفاقية الإطارية بين “وزارة المالية” العراقية و”الوكالة الصينية لضمان الإئتمان” واتفاق التعاون الاقتصادي والفني.
كما شملت الاتفاقات التوقيع على مذكرة تفاهم بين “وزارة المالية” العراقية و”وزارة التجارة” الصينية بشأن التعاون لإعادة الاعمار بعد الحرب في “العراق”، بحسب البيان.
وذكر البيان أن: “المذكرات والاتفاقيات الأخرى هي مذكرة تفاهم بين وزارة الاتصالات والمكتب الصيني للملاحة الجوية في الأقمار الصناعية، ومذكرة تفاهم أمني بين وزارة الداخلية العراقية والأمن العام في الصين، ومذكرة تفاهم بين وزارتي الخارجية العراقية والصينية بشأن الأراضي المخصصة للبعثتين الدبلوماسيتين”.
ونوه البيان إلى توقيع مذكرة تفاهم بين “وزارة التعليم العالي” و”مكتب الإعلام في مجلس الدولة” لإنشاء “المكتبة الصينية” في جامعة “بغداد”، ومذكرة تفاهم البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي.
العراق يدخل مرحلة جديدة..
ونقل البيان، عن “عبدالمهدي” قوله، إن: “العلاقات (العراقية-الصينية) تمر بأفضل حالاتها، ونتطلع إلى تقدمها مستقبلاً، وأن الاقتصاد الصيني مفخرة للشرق والشعوب النامية”، مستعرضًا: “التطورات التي يشهدها العراق في مجال الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية التي تشهدها بغداد والمحافظات بعد رفع الحواجز وفتح الطرقات”.
وأوضح “عبدالمهدي”: “إننا دخلنا مرحلة جديدة؛ وهي تقديم الخدمات والإعمار ومحاربة الفساد والبيروقراطية بعد الانتصار على (داعش) والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب العراقي، الذي عانى ويلات الحروب والدكتاتورية وحرمانه من مقومات الحياة الكريمة في حصار مزدوج خارجيًا وداخليًا، مرورًا بالإرهاب والدمار الذي رافقه، ونتطلع اليوم لتحويل التعاون إلى فرص استثمار يقطف شعبنا ثمارها”.
سيتجاوز التبادل التجارة الـ 500 مليار دولار..
وتعول الأوساط الحكومية والاقتصادية كثيرًا على الشراكة (العراقية-الصينية) في مختلف مجالات الاقتصاد والبناء والاستثمار على المديين المتوسط والبعيد، نظرًا لحجم الأموال التي يتوقع أن تُنفق في هذا الإتجاه، حيث كشف مستشار رئيس الوزراء، الموجود في “الصين” رفقة الوفد العراقي، “عبدالحسين الهنين”، عن أن: “حجم الأعمال بين العراق والصين سيتجاوز الـ 500 مليار دولار، خلال الـ 10 سنوات المقبلة”.
ويؤكد مصدر مقرب من الحكومة العراقية ذلك؛ إن: “الاتفاق الإطاري للإنفاق عبر الصندوق الائتماني المالي من بين أهم الاتفاقيات التي أبرمت مع الجانب الصيني، والاتفاق طويل الأمد بين البلدين سيشجع الشركات الصينية المعروفة على المزيد من الاستثمارات في العراق”.
ويرى المصدر أن: “الصين استنادًا للاتفاقيات الأخيرة ستكون من أكبر البلدان المستوردة للنفط العراقي، وهي اليوم تستورد بحدود 800 برميل من النفط يوميًا من العراق، وأتوقع ارتفاعها إلى المليون في السنة المقبلة”.
زيارة سياسية ترد على منتقدي الحكومة !
ويرى الخبير الاقتصادي، “يحيى السلطاني”، أن: “الصين دولة عظمى ومتمكنة من ناحية الصناعات وقطاع الإعمار والخدمات والتجارة، وجميع دول العالم تتجه نحوها ومن ضمنها العراق، الذي من المتوقع أن تصل صادراته من النفط ما يقارب الخمسة ملايين برميل يوميًا في حلول العام 2020، مما يجعل منه دولة غنية بموارد تستطيع الصين مبادلتها بما لديها من صناعات وخدمات”.
وأضاف أن: “الزيارة التي أجراها الوفد العراقي برئاسة السيد رئيس الوزراء إلى الصين؛ تم خلالها توقيع ثلاثين مذكرة تفاهم بين البلدين، ومن ضمنها ثماني مذكرات ضخمة تخص المناطق المحررة والمدمرة، والتي تتضمن قطاعات الإعمار والبناء والتجارة، وجاءت تلك الزيارة نتيجة ضغوط سياسية على الحكومة في بغداد، على أساس أن السيد، عادل عبدالمهدي، غير كفوء في إدارة البرنامج الحكومي، لذا فإن هذه الزيارة جاءت بمثابة رد على منتقدي رئيس الحكومة، على اعتبار أنه قادر على توقيع اتفاقيات ضخمة، مع العلم أن زيارة، عبدالمهدي، إلى بكين كان من المفترض أن تجري منذ ثمانية أشهر مضت”.
وتابع “السلطاني”: “التساؤلات التي تطرح هي عن قيمة هذه الاتفاقيات ومبالغ الفوائد التي يتوجب على العراق دفعها مستقبلًا، والتي قد تؤدي إلى استنزاف النقد في البنك المركزي، وفي حال أن تلك الاتفاقيات تؤدي إلى مثل تلك الصعوبات، فإنها ستجابه بالرفض، كما يجب الإشارة إلى دور الولايات المتحدة في هذا الموضوع، من ناحية قبولها أو عدم قبولها، تلك الاتفاقيات، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين العراق والصين يبلغ ثلاثين مليار دولار سنويًا”.
الفساد تسبب في تفاقم عجز الموازنة..
حول عجز الموازنة، قال الخبير الاقتصادي العراقي، “باسم جميل أنطوان”، إن عجز الموازنة سابقًا كان يُعتبر عجزًا غير حقيقي، إلا أنه مع توالي السنوات وانخفاض أسعار “النفط” وزيادة النفقات وانتشار الفساد بشكل كبير وأعتماد الاقتصاد العراقي على “النفط” و”الغاز”، بات عجز الموازنة حقيقيًا.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه: “لتغطية هذا العجز، لجأت الحكومة للإستدانة من منظمات دولية وشركات، وهذا يشكل عبئًا على الاقتصاد العراقي”.
وأوضح “أنطوان” أن عجز الموازنة قسم منه عبارة عن ديون خارجية للنظام السابق لدول الخليج، بالإضافة إلى الديون الداخلية.
وشدد “أنطوان” على ضرورة إعادة هيكلة الموازنة والإعتماد على القطاع الخاص وتفعيل القطاعات الإنتاجية لتقليل الاستيراد وخلق فرص عمل لحل مشكلة عجز الموازنة.
وحول دور اللجنة المالية البرلمانية، أضاف “أنطوان”: “يجب أن تجتمع مع ذوي الإختصاص والكفاءات من وزارة المالية والمكلفين بإعداد الموازنة لإجراء عملية تشذيب وتخليص من النفقات الزائدة”.
وثمن الخبير الاقتصادي العراقي الخطوات التي يقوم بها رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، مثل توقيع العديد من الاتفاقيات المهمة مع “الصين”؛ والتي تخص القطاعات الصناعية والزراعية والتي من شأنها النهوض بالاقتصاد وعدم الإعتماد فقط على إيرادات “النفط”.
اللجان الاقتصادية سبب انتشار الفساد..
وبحسب موقع (العرب)، يفضل معظم النواب تحميل الحكومة مسؤولية العجز المالي في خزينة البلاد متجاهلين حقيقة أن اللجان الاقتصادية غير الشرعية، التي تشكلها الأحزاب لتمثيلها في مؤسسات الدولة الرسمية هي السبب في تسرب أموال البلاد إلى شبكات الفساد.
ولم يعد سرًا أن الأحزاب الكبيرة تُشكل لجانًا تُعرف بـ”الاقتصادية”؛ مهمتها جباية حصصها من أموال الدولة عن طريق مراقبة إحالة المشاريع للحصول على عمولات مالية، ما يعني أن نواب البرلمان القادمين أساسًا من الأحزاب، هم جزء من المشكلة، وربما أساسها.
وكثيرًا ما يكون النواب أعضاء في لجان أحزابهم الاقتصادية، وهم يستغلون وجودهم في البرلمان للضغط على المسؤولين التنفيذيين بهدف الحصول على المقاولات، فيما يكون الإستجواب مصير المسؤولين الذين يرفضون.
ويتوقع خبراء الاقتصاد في “العراق” أن يستمر العجز في موازنة البلاد ما دامت صيغ الفساد والمحاصصة الحزبية قائمة، فيما يشير آخرون إلى إمكانية حدوث إنهيار اقتصادي وشيك في حال هبطت أسعار “النفط” العالمية عن معدلاتها الحالية.
وبهدف البحث عن شركات تنفذ مشاريع بصيغة الدفع بالآجال؛ نظرًا لعجز الخزينة العامة عن التمويل المباشر، لجأ رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، إلى “الصين” مؤخرًا طلبًا للمساعدة وسط تحذيرات من توريط البلاد بديون خارجية جديدة.