23 ديسمبر، 2024 7:32 ص

غلق المواقع ( اللا اخلاقية )

غلق المواقع ( اللا اخلاقية )

استوقفتني العبارة قبل كل شيء.. قبل ان افهم تفاصيل هذا الخبر الناري والمجهود الذهبي الذي تبذله وزارة الاتصالات وسط الكم الهائل من المصائب والشدائد والمشكلات والمعوقات التي تقف أمامها بل وأمام الحكومة برمتها.. فحقيقة اجد في هذا الخبر او هذا الموقف شخصية وثقافة الحكومة الحالية والى اي مستوى غير اخلاقي وغير مدني قد وصلنا اليه.
انا لست في في خطاب او دعوة لعقد سلام مع الاباحية ولست كذلك في حرب معها لأننا ولدنا ونولد وسنولد من تلك الاباحية التي يخاف المجتمع الشرقي ان يقترب من الكلام عنها، ولست اشجع وجود تلك المواقع (اللااخلاقية) مثل ماوصفها السيد المحرر الذي كتب التصريح ،وانما نحن نقف اليوم امام حرية مجتمع نعده مدنيا وندعو ان يكون مدنيا بالفعل قلبا وقالبا ونظن انه مجتمعا مدنيا حسبما يقولون ويرددون ولكن اين المدنية اذا كان المجتمع غير حر ولم يتحرر من الامراض المجتمعية والقيود السياسية الديكتاتورية .
نحن مازلنا نتعامل مع الفرد مثلما نتعامل مع الحصان نضربه بالسوط لكي يسرع وهذه للاسف ثقافة مجتمعية وبيئية شائعة لدينا في المجتمع والمنازل وتربينا عليها وتأقلمنا معها لدرجة اننا اصبحنا نطبقها في قوانيننا السياسية وسط مجتمع مدني يفترض ان تكون قوانينه اسمى قيمة واكثر حرية فما فرق الانسان عن الحيوان اذا كان الاسلوب الذي يستخدم لكلاهما ذاته ؟
واذا كنا نغلق المواقع الاباحية لكي نحافظ على قيم المجتمع اين نحن من المجتمع؟ اين نحن من حقوق المجتمع؟ لماذا لانغلق ايضا الافواه التي تتلاعب وتتجادل ليلا مع نهار على شاشات التلفاز واجهزة المذياع لتثبت انها على حق وان كل من هو مسؤول عن حياة المجتمع نزيه وطاهر من الضياع الذي نغرق فيه، اين الحكومة من ملفات الفساد وسوء الخدمات ومعضلة الكهرباء وهبوط الاقتصاد؟ اين وزارة الاتصالات من الابتزاز الالكتروني والاختراقات الالكترونية والمشكلات التي باتت تهدد حياة الافراد وتسلبهم امانهم وخصوصياتهم.
اليس من الافضل ان تبذل الوزارة جهودها من اجل حرية الفرد ام من اجل فرض القوانين عليه دون اسباب مقنعة ومفيدة.
قد يعترض البعض بحجة ان القرار يحمي الناس من الرذيلة والاثم ولكن هل تاب الناس منذ اول خليقة الى الان من الرذيلة؟ وهل غلقنا للمواقع سيقتل الرذيلة الى الابد؟ وقد يتساءل احدهم الم نكن سابقا وقبل دخول الموجة الالكترونية وسلطنة الانترنت في ظل نظام استبدادي ولم نعرف حينها طريقا الى هذه المواقع الاباحية ؟ نعم قد نكون تحت سيطرة الاستبداد حينها ولكن اليس اليوم النظام ديمقراطي وينتقد النظام السابق فأين الديمقراطية التي يدعوها اذا كانت السياسة المتبعة ذاتها.
واذا لم تكن المواقع الاباحية انذاك في متناول ايدي الشاب هل كان يصوم عن الاباحيات؟ كلا ان الشاب المراهق وقتها كان يشتري المجلات الاباحية والصور العارية.
لذلك مااود قوله ان غلق المواقع لا يكبح الفساد بل علينا ان نوجه الافراد ونطور من الوعي والثقافة لدى الاطفال والشباب وهذه هي الطريقة المثلى لكبح الفساد والقضاء عليه تماما فإذا اردنا ان نكبح شيئا علينا ان نعالج ونساعد لا ان نفرض و مايحدث الان هو عملية فرض وليس قطع لجذورالمشكلة وان اي مشكلة يفترض ان تحل بالاحتواء نفهم ماهي الاسباب و النتائج ولو نظرنا الى حال الشاب نجده يتصفح هذه المواقع بسبب عدم وجود هدف في حياته أو فراغه وعدم انشغاله بعمل او نشاط معين يسعفه عن التعلق بالافلام الاباحية او الانجراف نحو المواد القاتلة ( المخدرات) التي يتعاطاها شبابنا واقول اليس الاجدر بالسادة المسؤولين ان يعالجوا مشكلة دخول المخدرات ومنع تسريبها الى ايدي الشباب ، وعلينا ان لاننسى ان عدم وجود الاستقرار النفسي والعاطفي لدى الشباب وعدم توفر فرص جيدة للزواج يعزز التوجه الى تصفح هذه المواقع، لذلك ان غلق المواقع ليس كبح للفساد الاخلاقي هو كبح اجباري وان الناس لن يتوقفوا عن الفرجة الاباحية والممارسات الجنسية غير الشرعية ابدا وكلما كانت السياسة اجبارية زادت الرغبة في ممارسة الممنوع وكل ممنوع مرغوب.
ايها السادة ان كبحتم المواقع اللااخلاقية هل ستكبحون بذلك الرغبة الانسانية او الجنسية وهل ستكبحون الخيال المجوني ايضا في عقول الناس ام ان للمواطن العراقي قانون خاص عاصره خلال كل الحكومات ويجب ان يعيش تحت ظله دون ان يعترض.
ايها الرجال.. ايها المسؤولون الاعضاء الذين سعيتم وطالبتم بغلق المواقع الاباحية كونها تؤثر سلبا على اخلاقيات وقواعد المجتمع العراقي ارجو ان تسعوا وتلتفتوا الى الكم الكبير من المعاناة التي تفقد المجتمع كرم العيش وكرامة الانسان كأي وطن وكأي بلاد لاتسودها المشكلات والسرقات والانتهاكات والفوضى والفساد المستشري.
ان غلق المواقع الاباحية ليس غلق لباب الفساد والانحطاط هو غلق ملف غير هام ضمن ملفات اهم مازالت عالقة ومهملة في احد الادراج، خطوة يعدها البعض جيدة وجديدة لحماية الشباب لكنها خطوة (ساذجة) غير فعالة او منسجمة مع الطبع البشري كون هؤلاءالشباب سيبحثون ويجدون منفذ للخروج وستكون هذه الخطوة غير ذات اهمية ومنفعة.
بل هي قرار رنان لجذب الناس الى جهود بالغة وادء المسؤولين لدورهم على اتم وافضل وحال، وفي الحقيقة هو حال الاستخفاف بعقول الناس ودعوتهم الى تصديق حقيقة وهمية هي وجود انجازات عظيمة على ارض الواقع واحدة منها غلق المواقع الاباحية (اللااخلاقية).