خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يرى كثير من المحللون والمراقبون أن “الولايات المتحدة” لديها العديد من الخيارات للرد بشكل فعَّال على استهداف المنشآت النفطية السعودية، لكن “واشنطن” تُفضِّل عدم القيام بشيء.
فعلى الرغم من ضرب أهداف حيوية لدولة حليفة لـ”الولايات المتحدة”، وهي “السعودية”، إلَّا أن الرئيس، “دونالد ترامب”، لا يريد المواجهة، وهذا الموقف من جانبه يثير قلق “إسرائيل” فيما يخص التحالف الدفاعي، الذي قال إنه سيتباحث بشأنه مع “بنيامين نتانياهو” بعد الانتخابات.
من يقف وراء الهجوم ؟
يقول المحلل الإسرائيلي، “أورن نهري”، إن هناك كثيرًا من الأمور المُبهمة والغامضة حول مهاجمة منشآت النفط السعودية، الأسبوع الماضي. إذ من غير المعروف تحديدًا ما هي الجهة المسؤولة عن الهجوم.
وحتى لو افترضنا أن تلك الجهة هي “إيران”؛ فهل هي مَن شنت الهجوم بذاتها، أم أنها استعانت بالميليشيات الشيعية التابعة لها، أم أن “الحوثيون”، في “اليمن”، هم من نفذوا الهجوم، وهنا يكمن الفَّارق الكبير. فاذا كان “الحوثيون” على سبيل المثال، هم من فعلوا ذلك، فإن استهدافهم للمنشآت النفطية السعودية هو بالتأكيد ضمن أجندتهم. أما إذا كان الهجوم قد إنطلق من الأراضي الإيرانية، أي بموافقة القيادة في “طهران”، فهو إذاً يُعدُّ عملًا حربيًا من جانب دولة ضد أخرى. وهذا بالطبع يستدعي الرد على “إيران”، وتلك قصة أخرى تمامًا.
إن “الولايات المتحدة” هي الدولة القادرة على تحديد مصدر الهجوم، لأن لها أقمارًا صناعية تجوب سماء المنطقة.
ومع ذلك، فقد أصدرت “واشنطن” بعد الهجوم سلسلة من التصريحات المتضاربة، مفادها أن “إيران” تقف بالفعل وراء الهجوم، لكن ليس واضحًا إن كانت هي مَنْ نفذته أم لا. أضف إلى ذلك، أن هناك تساؤلات أخرى حول وسائل تنفيذ ذلك الهجوم، فهل كان بطائرات من دون طيار أو بصواريخ (كروز) أو بمشاركة بعض تلك الوسائل.
جميع المناطق السعودية باتت مُهَدَّدة..
بحسب “نهري”؛ فإن الطائرات المُسيرة المتفجرة، التي يمكنها بضربة واحدة، أن تشُلَّ قرابة 5% من إنتاج “النفط” العالمي، تعني أن أي مكان في العالم لم يَعُد آمنًا، وأن أية منشأة للبنية التحتية يمكن تدميرها. وصحيح أن “الحوثيين” لديهم قدرات على تطوير طائراتهم المُسيرة، لكن في الهجوم الأخير، تَطلَّب الأمر أن تقطع الطائرات مسافة 1500 ميل – أي أن كل أراضي “المملكة العربية السعودية”، وجميع مناطق شبه الجزيرة العربية باتت تحت تهديد تلك الطائرات.
أمَّا إذا كان الهجوم قد تم باستخدام صواريخ (كروز)، فهذا يعني أن “إيران” هي من أطلقت الصواريخ على جارتها وغريمتها، “السعودية”.
لماذا شنت طهران الهجوم ؟
يتساءل المحلل الإسرائيلي: “إذا كانت إيران هي مَنْ شن الهجوم ضد السعودية، فلماذا أقدمت على ذلك عشية إنعقاد جلسات الأمم المتحدة، واستمرار مساعيها لإظهار موقفها المعتدل أمام الاتحاد الأوروبي، وكأنها ضحية للسياسة العدائية من جانب واشنطن. وهذا بالفعل أمر مُثير للحيرة الشديدة”.
لكن في جميع الأحوال؛ فإن “الولايات المتحدة” قادرة على كشف كثير من الغموض حول ذلك الهجوم، إلَّا أنها تفضل عدم الإفصاح.
واشنطن تُفَضِّل السكوت !
على الأرجح أن الهجوم لم ينطلق من “إيران”، لأنه يُعُدُّ مُخاطرة كُبرى على “نظام الملالي”. وهذا القول أقرب إلى الحقيقة، إذ ما الفائدة من رفع قدرات جميع الميليشيات والتنظيمات الموالية لـ”طهران” – بدءًا من “العراق” وحتى “اليمن” – إن لم تكن لاستخدامها لتحقيق هذا الغرض تحديدًا، حتى لا يمكن اتهام “إيران” بشكل مباشر ؟
ويمكن لـ”الولايات المتحدة” أن توضح ذلك، لكنها تُفضل السكوت، إمَّا حتى لا تكشف عن قدرات التصوير بأقمارها الصناعية، وإمَّا – وهذا هو الشيء المُقلق – لأنها تختار عدم إلقاء اللوم على “إيران”، كي تتفادي القيام برد فعل ضدها، حتى لو عَلِمَت أن الهجوم إيراني بالفعل أي أنه إنطلق من الأراضي الإيرانية وبصواريخ إيرانية.
إذ أن الرئيس “ترامب” لا يريد، بأي حال من الأحوال، أن يتورط في الشرق الأوسط، ولا حتى في أية منطقة أخرى من العالم.
الرياض تشتري أسلحة بلا فائدة..
يعجب المحلل الإسرائيلي من موقف “واشنطن” لأنها من ناحية، تتهم “إيران”، لكنها في الوقت نفسه توضح أن “الولايات المتحدة” لن تهاجم “إيران” !
وإذا كانت “الولايات المتحدة” ستدعم “المملكة العربية السعودية”، الحليف القديم والمخلص، فإن الأخيرة ستدفع ثمن ذلك الدعم – بالطبع، إضافة إلى صفقة الأسلحة الأميركية التي أشترتها بمئآت المليارات من الدولارات، وهي بلا أية فائدة الآن.
وهذه نقطة تبعث على التأمُّل والتفكير بشأن التحالف الدفاعي؛ الذي يقول “ترامب” إنه سيبحث إقامته مع “نتانياهو”، بعد الانتخابات الإسرائيلية. علمًا بأن أي تحاف دفاعي دون موافقة “مجلس الشيوخ”، ليس له أية أهمية.
أسبوع الإنجازات لإيران !
يشير “نهري” إلى أن “إيران” قد خرجت منتصرة في تلك الجولة الأخيرة، أو بالأحرى فإن “المملكة العربية السعودية” هي الخاسر الأكبر، ليس فقط بسبب الخسائر النفطية التي لا تقل عن نصف مليار دولار، ولكن بسبب إنكسار هيبتها ونفوذها وريادتها للعالم العربي.
ورغم أن “إسرائيل” قد أحبطت الكثير من المؤامرات التي يدبرها نظام “طهران” في المنطقة، إلا أن الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي، أثبت مرة أخرى أن “الجمهورية الإسلامية” بعيدة كل البُعد عن أن تنهار، وأنها غير عاجزة ولا تتوسل إلى الغرب. بل إنها لا تزال دولة إقليمية قوية، وبإمكانها توجيه ضربات قوية ومدمِّرة ضد كثير من الأهداف في المنطقة.