خاص : ترجمة – محمد بناية :
طرُحت، قبل عشرة أشهر، مسألة السلام مع “طالبان” ومشاركة هذا التيار الإرهابي على الساحة السياسية الأفغانية، وهي مسألة استدعت، حتى الآن، إجراء مفاوضات بين الحكومة الأفغانية و”طالبان”، وكذلك بين “طالبان” مع طرف ثالث كـ”الولايات المتحدة” و”روسيا” و”إيران”.
والمفاوضات التي قطعها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، مؤخرًا، وقال: “لقد طهرنا أعمال طالبان”.
مع هذا؛ يبدو أن قيادات “طالبان” لا تعتزم، حتى الآن، قطع المفاوضات بدليل زيارة وفد الجماعة الإرهابية مؤخرًا إلى “روسيا”، بالتوازي مع زيارة وفد آخر بقيادة، “عبدالسلام حنفي”، إلى “إيران”.
ويعتقد الدكتور “پيرملا محمد زهي”، محلل الشأن الأفغاني، في حوار إلى “سيد علي كرماني”، مراسل صحيفة (ستاره صبح) الإيرانية؛ أن المسار الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لحل المشكلة الأفغانية.
فـ”طالبان” تحظى بالمكانة الاجتماعية داخل “أفغانستان”؛ وهو ما يعكس المستوى الثقافي والفكري لقطاعات الشعب الأفغاني ويزيد من قوة هذا التنظيم الإرهابي.
زيارة إلى إيران..
أعلن “سهيل شاهين”، المتحدث باسم المكتب السياسي لـ”طالبان” في “قطر”، توجه وفد التنظيم بقيادة، “عبدالسلام حنفي”، إلى “إيران”، للقاء المسؤولين الإيرانيين وتبادل الحوار بشأن عملية السلام في “أفغانستان”.
وألتقى أعضاء المكتب السياسي لـ”طالبان”، في “طهران”، مع عدد من المسؤولين في “الخارجية الإيرانية”، ودارت المباحثات حول مسار السلام، والمفاوضات (الأفغانية-الأفغانية)، وإلغاء المباحثات بين “طالبان” و”الولايات المتحدة الأميركية”.
وتعليقًا على الزيارة؛ غرد “سهيل شاهين”، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر): “ناقش وفد طالبان في طهران آخر تطورات مسار السلام ومدى التقدم في الملفات الاقتصادية الإيرانية في أفغانستان”.
تأييد الخارجية الإيرانية..
أكد “سيد عباس موسوي”، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في مؤتمر صحافي؛ أنباء زيارة وفد “طالبان” الأفغانية إلى “طهران”، وقال: “أخيرًا؛ وفي ضوء مشاورات الجمهورية الإيرانية الشاملة مع جميع الأطراف الأفغانية، زار وفد حركة طالبان مؤخرًا بلادنا لتبادل وجهات النظر مع المسؤولين المعنيين بشأن أحد التطورات الراهنة في أفغانستان”.
طالبان.. الإرهاب والمفاوضات..
كانت ميليشيا “طالبان” الإرهابية قد بدأت نشاطها، في العام 1995، ونفذت حتى اللحظة عدد لا يُحصى من العمليات الإرهابية؛ والتي لم تتوقف حتى الآن، حتى في فترات التفاوض مع الجماعة الإرهابية.
وقد فرضت عقيدة هذا التيار السلفية عدم التطبيع حتى مع التيارات الدينية الأخرى، وإن كانت إسلامية. ويمتلك التنظيم قائمة طويلة من الاغتيالات العامة والجرائم في “أفغانستان”. مع هذا تمكنت الحركة من الوصول إلى السلطة، في الفترة 1996 – 2001، حيث خيم الرعب على المجتمع الأفغاني، خلال هذه السنوات، وبالنهاية هاجمت الإدارة الأميركية، برئاسة “جورج بوش” الابن، دولة “أفغانستان”، بعد حادث 11 أيلول/سبتمبر 2001، وحررت الشعب الأفغاني من شر “طالبان”.
ورغم أن استمرار وجود القوات الأميركية في هذا البلد يسبب المشاكل بحد ذاته، لكنها قوضت حكم “طالبان”، تلك الفترة الأصعب في تاريخ الشعب الأفغاني.
الآن؛ وبعد كل هذه السنوات والجرائم الطالبانية، أستيقظنا على مفاوضات بين الحكومة الأفغانية و”طالبان” من جهة، و”طالبان” وطرف ثالث من جهة أخرى؛ تهدف لاستعادة “أفغانستان” السلام مجددًا والعمل على نزع سلاح “طالبان” واستبداله بصناديق الإقتراع.
وهي مفاوضات لم تكن موفقة نسبيًا بسبب العمليات الإرهابية الطالبانية ضد الشعب الأفغاني، بالتزامن مع المباحثات. وهو ما أثار الشبهات بشأن إمكانية الثقة في تيار يقتل فلوله ويثير الرعب في نفوس الأفغان. ألا يسيء الطالبانيون، (حتى وإن تظاهروا بإلقاء السلاح والمنافسة في الانتخابات)، استغلال الأوضاع وإقامة حكم “طالبان” مجددًا ؟.. وما هي مهمة دول الجوار في هذا الصدد ؟
طالبان ليست إرهابية !
يقول الدكتور “پيرملا محمد زهي”: “طالبان ليست تنظيمًا إرهابيًا من وجهة النظر الإيرانية، وإنما هي حركة مسلحة تقاتل ضد الحكومة المركزية في أفغانستان، لكنها لا تمتلك سمات التيارات الإرهابية مثل (داعش)، وإنما تعتبر تيارًا محليًا”.
وأضاف: “طالبان جماعة مسلحة تحظى بمكانة اجتماعية داخل أفغانستان. والسر في مناقشات دول الجوار مع الحركة واضح وهو أن جزء من الأمن القومي لتلكم الدول يتأثر بالتطورات الأفغانية. من جهة أخرى فإن بعض هذه الدول يرتبط من المنظور الإيديولوجي والسياسي بحركة طالبان، ولذلك يجب النظر إلى المفاوضات مع طالبان من هذا المنطلق.. لكن بعض الدول الغربية تدعي أن التعاون بين طالبان وإيران يقتصر على المستويات العسكرية، ولذلك يستاؤون من المباحثات الإيرانية مع طالبان. في المقابل نفى المسؤولون الإيرانيون هذه الإدعاءات ولا يمكن النظر في مثل هذه الاتهامات دون وثائق ومستندات”.