22 ديسمبر، 2024 8:08 ص

بعد إقالة “بولتون” .. لماذا يجب أن تبدأ محادثات أميركا وإيران ؟

بعد إقالة “بولتون” .. لماذا يجب أن تبدأ محادثات أميركا وإيران ؟

خاص : ترجمة – لميس السيد :

بعد إقالة مستشار الأمن القومي، “جون بولتون”، ارتفعت التكهنات بأن “ترامب” سيلتقي بنظيره الإيراني، “حسن روحاني”، على هامش الدورة المقبلة لـ”الجمعية العامة للأمم المتحدة”، التي تبدأ الأسبوع المقبل.

عُرف “بولتون”، الذي أُطلق عليه “أحد صقور” الإدارة الأميركية؛ بحسب آرائه المتشددة بشأن “إيران”، بأنه كان يفضل العمل العسكري كخيار أولي في التعامل مع “الجمهورية الإسلامية”، وأن الدفع قدمًا بأجندة تغيير النظام في “إيران” هو “الحل طويل الأجل الوحيد” للتهديدات التي تشكله.

إخلاء الطريق أمام دبلوماسية “ترامب”..

مع إقالته المفاجئة، يشير البعض إلى أن احتمالات عقد اجتماع ثنائي بين “ترامب” و”روحاني” قد ارتفعت بشكل كبير. يؤكد تقرير لـ”معهد أبحاث السياسة الخارجية”، بمقره في “واشنطن”، أن معارضة “بولتون” لاقتراح “ترامب” بتخفيف العقوبات على “إيران”؛ لتسهيل مثل هذا الاجتماع، كانت الشرارة التي أدت إلى إقالته.

ويقول التقرير؛ أنه منذ رحيل “بولتون”، سارع المسؤولون الرئيسيون في إدارة “ترامب”، ومن بينهم وزير الخارجية، “مايك بومبو”؛ ووزير الخزانة، “ستيف منوشين”، إلى التأكيد على استعداد “ترامب” للقاء مسؤولين إيرانيين “دون أي شروط مسبقة”.

وتشير لقاءات “ترامب” المتعددة رفيعة المستوى مع الزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”، واستعداد رئيس “الولايات المتحدة” لإستضافة قادة حركة “طالبان” في “كامب ديفيد”؛ تشير إلى أن “ترامب” قد يكون غير ممتنع عن لقاءه مع النظير الإيراني.

من وجهة نظر “إيران”، هناك أيضًا أسباب وجيهة تجعلها توافق على إتمام مثل هذا اللقاء الرفيع المستوى. وعَدد التقرير الأسباب التي يجب أن تأخذها “إيران” بعين الاعتبار، خاصة بعدما أدت حملة “الضغط الأقصى” الأميركية إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإيراني، حيث انخفضت صادرات “النفط الإيراني” بأكثر من 80%؛ مع اقتراب إدارة “ترامب” من تحقيق هدفها المتمثل في خفض صادرات “النفط” الإيرانية إلى الصفر. وأنكمش الاقتصاد الإيراني بنحو 4%، في عام 2018، وقد يتقلص بنسبة 6% أو أكثر، هذا العام، وفقًا لـ”صندوق النقد الدولي”؛ بسبب مزيج من تشديد “العقوبات الأميركية” وسوء الإدارة الاقتصادية الداخلية والفساد. وفي الوقت نفسه، يتفشى التضخم مع فقدان “الريال” الإيراني 60% من قيمته؛ بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 50 و100%.

وتُعد أسرع طريقة لتخفيف هذه الضغوط الاقتصادية؛ هي الوصول إلى تسوية مع الرئيس “ترامب”. وتظهر علامات على أن بعض النخبة السياسية الإيرانية على الأقل في “طهران” ترى أن الوقت الحالي يستلزم عقد اجتماع مع “ترامب” لتخفيف هذه الآلام الاقتصادية. وقد كرر “روحاني”، في عدة مرات، انفتاحه على عقد اجتماع، على الرغم من أن “الولايات المتحدة” تستمر في رفع سقف العقوبات.

أسباب عدم الاستجابة الإيرانية..

وفي سبيل ذلك، قام وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، برحلات دولية متعددة إلى العواصم الأوروبية؛ في محاولة للحفاظ على آفاق الحل الدبلوماسي. على الرغم من معارضة بعض كبار المسؤولين الأميركيين، فإن “ترامب” يفكر الآن في دعم اقتراح فرنسي بتخصيص حد ائتمان بقيمة 15 مليار دولار لـ”إيران” كوسيلة لتحفيز عودة “إيران” إلى المفاوضات.

على الرغم من هذه الأسباب الموضوعية لإعادة الحوار مع “واشنطن”، إلا أن العديد من العوامل في السياسة الإيرانية المحلية قد تعيق موافقة “روحاني” على مقابلة “ترامب”..

أولاً: على عكس “ترامب”، الذي يرأس قمة جهاز السياسة الخارجية الأميركية، سيحتاج “روحاني” إلى موافقة الزعيم الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، وغيره من المتشددين في جهاز صنع القرار الإيراني. وفقًا للرئيس الإيراني السابق المنفي، “بني الصدر”، إن الانسحاب الأميركي من خطة العمل المشتركة سبب أساس في إستقواء المتشددين مجددًا في “طهران”، الذين عارضوا لفترة طويلة التعامل مع الغرب من الأساس. وبالتالي، لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أن “خامنئي” قد رفض، بشكل متكرر، المقترحات الأميركية الأخيرة بتجديد المفاوضات؛ وكرر رفضه “للتفاوض على القدرات العسكرية”.

علاوة على ذلك، فرض “العقوبات الأميركية” على كل من “خامنئي” وميليشيات (الحرس الثوري) الإسلامية، في وقت سابق من هذا العام، أثار غضب المسؤولين الإيرانيين بأن الأميركيون يمارسون “أعمال شنيعة وغبية” تهدف إلى إغلاق “أبواب الدبلوماسية”.

ثانيًاً: يبدو المثال الأخير للمفاوضات الأميركية مع “كوريا الشمالية”؛ بمثابة إشارة تحذيرية للقادة في “طهران”، حيث فشلت ثلاثة لقاءات رئاسية رفيعة المستوى لتخفيف العقوبات ضد “بيونغ يانغ”.

ويخشى “روحاني”، وغيره من الزعماء الإيرانيين في المعسكر المعتدل، من أن يواجه المتشددون انتقادات حادة لعقد اجتماع مع “ترامب” لا يؤدي إلى رفع فوري للعقوبات.

في عام 2013، رفض “روحاني” عرضًا مشابهًا للاجتماع مباشرة مع الرئيس، “أوباما”، على هامش اجتماع “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، الذي حل محله مكالمة هاتفية أقل إثارة للجدل. في ظل معاناة الإيرانيين في ظل “العقوبات الأميركية” المتجددة، ربما يكون “روحاني” مترددًا في تعريض نفسه لمزيد من الانتقادات من المتشددين.

الإغراء الأميركي..

على الجانب الأميركي؛ يجب على “ترامب” أن يفهم الحاجة إلى إغراء “روحاني” لحضور اجتماع “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، من خلال طمأنة القادة الإيرانيين علنًا أن سياساته لا تهدف إلى تغيير النظام؛ والتأكيد على خيار تخفيف العقوبات على “إيران”، الذي سبق أن ناقشه مع فريق الأمن القومي التابع له من أجل تسهيل الاجتماع.

بالنظر إلى العزلة النسبية للزعماء الإيرانيين الذين يدعمون التواصل مع الغرب، فإن مجرد التلميحات إلى إمكانية رفع العقوبات لن يكون كافياً لإقناع “روحاني” – أو الأهم من ذلك “خامنئي” – أن يتحمل مخاطرة التفاوض مع “ترامب”.

ووجه التقرير بأنه إذا كان “ترامب” جادًا بشأن إعادة الإنخراط مع الزعماء الإيرانيين لتأمين اتفاق أكثر شمولاً وإستدامة، فسوف يحتاج أولاً إلى تقديم عرض أكثر واقعية للتخفيف الفوري من العقوبات.

اقترح المحلل الاقتصادي والتجاري المتخصص في إيران، “أسفنديار باتمانغ ليدغ”، أن تتخذ “الولايات المتحدة” خطوات صغيرة للسماح للصادرات الإيرانية المحدودة من “النفط” مقابل مراجعة “إيران” للإجراءات الأخيرة التي تتجاوز حدود تخصيب (اليورانيوم).

هذه الخطوات المحدودة نسبيًا يمكن أن تولد زخمًا كافيًا لاستئناف المفاوضات وتخفيف الضغوط على ما يخشاه الكثيرون في كل من، “واشنطن” و”طهران”، إلى استمرار الصراع.

على الرغم من أن نخبة “واشنطن” تناقش الآثار المترتبة على إقالة “جون بولتون”؛ والتكهن بخلفائه المحتملين، ينبغي على الرئيس، “ترامب”، الاستفادة من أفضل فرصة للعودة إلى المحادثات قبل الانتخابات الوطنية القادمة، في كلا البلدين مما قد يعيق المفاوضات المأمولة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة