19 نوفمبر، 2024 7:35 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. نور الدريدي: الذي يعزف ويغني لن يكون متطرفا أبدا

مع كتابات.. نور الدريدي: الذي يعزف ويغني لن يكون متطرفا أبدا

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“نور الدريدي” أستاذ موسيقى وشاعر تونسي، وصاحب مشروع ثقافي موجه للطفل.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالموسيقى وكيف تطور؟

  • عشقت الموسيقى منذ نعومة أظافري، عندما كنت في العاشرة حين كنت مار ذات يوم من أمام دار الثقافة التي كانت قريبة من محل سكني، فاستهوتني موسيقى تنبعث منها اقتربت فوجت ناد به عازفين مع أستاذهم  الذي انتبه لوجودي أمام الباب وأمرني بالدخول بإشارة الرأس، فدخلت وعند انتهاء الحصة اقترب مني الأستاذ ليسألني عما إذا كنت أود الانضمام للمجموعة قبلت بكل خجل.

لاقيت رفضا  من والدي في البداية لكنني التجأت لمعلمتي طالبا منها مساعدتي على إقناع والدي، فكان الأمر كذلك  ليعود أبي بعد لقاء المعلمة فيسألني بكم الكمان التي كان سعرها يساوي مرتبه تقريبا آنذاك، وفي اليوم الموالي عاد والدي للبيت ومعه الكمان.

(كتابات) لما اخترت الكمان ليكون آلتك التي تعزف عليها وكيف تعلمت استخدامها؟

  • إن صوت الكمان لطالما سحرني برقته العالية وعذوبته فالكمان توضع عند العزف على الجانب الأيسر أي قريبة جدا من القلب، فهي تعبرعن فرحي وحزني وتجيبني إذا سألت وتعطيني الإحساس الذي أكون في حاجة له.

(كتابات) هل عزفت على آلات أخرى وكيف كان عملك في المجال الموسيقى منذ البداية وحتى الآن؟

  • تعلمت العزف على العود كذلك، وكان مثلي الأعلى الفنان العظيم مخمد عبد الوهاب الذي تأثرت به أيما تأثر فكنت أقلده في حركاته وسكناته وارتدي نفس نوع نظاراته.

عملت ببعض الفرق الموسيقية المحلية والوطنية كعازف كمان وعازف عود في مرات عدة، ثم توجهت للتنشيط بالمدارس الابتدائية والإعدادية ورياض الأطفال، إضافة إلى التعليم بدار الثقافة التي بدأت منها أول مرة.

إلى أن حصلت لي تراكمات وخبرة كبيرة في مجال تنشيط الأطفال، فرأيت أن أنشودة الطفل الهادفة تكاد تكون منعدمة، إلا من بعض التجارب والمحاولات، أو بعض الأغاني والأناشيد من قنوات تلفزيونية أجنبية موجهة، عقدت العزم على المحاولة فأنتجت في البداية مجموعات من أناشيد تتغني (بالأم، الأب، الجدة، والجد، الأشكال، الألوان، الأكل الصحي، التربية المرورية، الشجرة، الأعياد الدينية والوطنية، حقوق الطفل، اللعب)،  معتمدا في ذلك على خبرتي مع الأطفال وعلى ألحان خفيفة تبعث الفرح وتنشد من طرف الطفل بسهولة ويسر.

(كتابات) تقوم بعمل مشروع ثقافي مع الأطفال حدثنا عنه؟

  • إلى أن جاء توجه وزارة الثقافة التي قامت ببرنامجا وطنيا للمصالحة مع الكتاب، قمت بإنتاج مجموعة أغاني تتغنى ب(القصة، الكتاب، المكتبة، المطالعة، العلم)، مع مسرحيتين قصيرتين (القصة العجيبة والمكتبة الأميرة)، مع لوحات تنشيطية للدمى، وعزف بهلواني بالكمان يبعث الفرح والسرور بين الحضور، كل هذا العمل يدوم ساعتين من الزمن، أقوم بتأديته بطريقة “وان مان شو”، الشيء الذي يتطلب مجهودا بدنيا في الغناء، التمثيل، والرقص، والعزف مع الحركة، مستعينا بعنصرين لارتداء الدمى.

في مساحات زمنية قصيرة  قمت بتقديم هذا العمل مكتوبا ومصورا بالفيديو، مع كتيبا يجمع كل الكلمات والأهداف المرجوة من ذلك،  فحظي ملفي بالإعجاب والثناء والقبول، لأحصل على دعم مادي محترم مكنني من تحسين إمكانيات العرض، واقتناء المعدات اللازمة، ثم قمت بالترويج لعملي الذي نال الإعجاب من الجميع، فقمت بنشر الفرح والإمتاع والإفادة في كامل ربوع وطني العزيز.

(كتابات) هل تعلم الأطفال الموسيقى ولما وكيف يكون تفاعلهم معك؟

  • أقوم بتعليم العزف على الكمان والعود وبعض الآلات الغربية، مثل الجيتار في نواد بالمدارس الابتدائية الحكومية والحرة، وبدار الثقافة التي كانت بدايتي منها أول مرة.

إن تعلقي بالأطفال وحبي لهم جعلني أسخر كل وقتي لإسعادهم، وتلبية كل رغباتهم في مجال العزف والغناء والإحاطة بهم، مما جعلهم يبادلونني الحب والاحترام، ويتعلمون بسرعة فائقة فترى علامات الفرح والرضا بادية على وجوههم وتلك غايتي.

(كتابات) حدثنا عن كتابة الشعر؟

  • إن الحاجة الماسة لأناشيد هادفة تعالج واقعنا، وافتقار الساحة لمثل  تلك الأناشيد والأغاني، جعلني أحاول الكتابة ونجحت في ذلك واكتسبت خبرة وملكة.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في تونس؟

  • تشهد الثقافة في تونس طفرة نوعية واهتماما كبير بالأخص مع تولي وزير الثقافة الحالي، الدكتور الموسيقى “محمد زين العابدين”، لكن رغم كل ذلك الدعم إلا أنها ما تزال في حاجة ماسة لأن توجد سياسات وتوجهات للبلاد، ذات أولوية قصوى لدعم الثقافة،من حيث البرمجة وتحديد الميزانيات اللازمة للنهوض بالثقافة إلى المرتبة التي تستحقها.

(كتابات) هل تجد الموسيقى الاحتفاء المناسب في تونس والبلدان الشرقية في رأيك؟

  • إن حال الموسيقى بتونس والوطن العربي يشكو ركودا وقلة دعم وتطوير، فالموسيقى العربية جزء لا يتجزأ، لكنها جزأت وقسمت وكل يغني على موسيقاه، لابد من تلاقح التجارب والموسيقات، ولابد من جعل الموسيقى في مقدمة أولوياتنا بأن تعمم بكل المؤسسات التربوية، خدمة لنشر قيم الحب والسلام، ولنقاوم التطرف والإرهاب من خلال الموسيقى وشتى الفنون، إن الذي يعزف ويغني لن يكون متطرفا أبدا.

(كتابات) من هم الفنانون الذين تأثرت بهم أو تفضلهم؟

  • لقد تأثرت وما أزال بالدكتور محمد عبد الوهاب والسنباطي ومكاوي وما أزال استمع لهم وأعشقهم إلى يومنا هذا.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات كموسيقي وما هو جديدك؟

  • لقد واجهت صعوبات في بداية المشروع، متمثلة في لوازم العرض من نقل ومعدات ودمى وترويج، يعني دعاية لأن الإمكانيات الذاتية تعجز عن ذلك، لكن مشروع الوزارة الجديد والمتمثل في دعم المبادرات الثقافية الخاصة أزاح حملا ثقيلا عن كثير من المبدعين والحمد لله.

أن تنقش على الحجر فإن النقوش تدوم، وأن تعلم الأطفال الموسيقى فإنك تزيل المآسي والهموم، لابد من الاستثمار في الثقافة لاسيما الموجهة للطفل  ودعمها خدمة لمستقبل يعمه السلم والحب والرفاه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة