23 ديسمبر، 2024 10:24 م

تفكك المعسكر الاشتراكي ونهاية الحرب الباردة,والصعود الصاروخي للراسمالية والامبريالية الامريكية -الاوربية,البرجوازية البيضاء المهندسة للنظام الديمقراطي
(المادي) المعاصر,اصبح الحديث عن ثقافة او ادب مجتمعي حر يتحرك بلا صعوبات,امر مستبعد يظهر جليا بموسيقى الشارع(عزف الاستجداء في الاماكن العامة),
بعد دخول المؤسسات الحكومية الرسمية على خط صناعة ثقافة الاجيال,سواء كان في المؤسسات التربوية للدول الراسمالية,او حتى تلك التي تتناغم مع توجهات الاحزاب الكبيرة المسيطرة على المشهد السياسي العام لاي دولة,وعبر البرامج الثقافية الاجتماعية الشبه رسمية,فمسالة الامتناع عن دفع الضريبة تعد ثقافيا جريمة اخلاقية حتى وان كانت الموانع سببها حاجات انسانية ضرورية.
المفكرون في امريكا نفسها يعانون من قلة وقت المواطن المستهلك تجاريا لمتابعة نتاجاتهم الفكرية,ويعدون هذا الامر متعمد من قبل المؤسسات الاعلامية التي يقول عنها نعوم جومسكي تتعامل من المشاهد بعقلية الطفل لتغييب الوعي,عصر الالكترون او عصر السرعة التقنية لم يترك فسحة مجال حتى للعلاقات الاجتماعية العادية,فكيف بفترات التامل الثقافي والفني والادبي,متى واين ولاي حد سيكون للانسان العادي هذا الزمن المستقطع من زحمة الحياة ومتطلباتها ومشاكلها ليرطب اجوائه الروحية بالرومانسية الهادئة.
مع او ضد حقيقة الاستسلام لعصرنة الحياة اليومية وبرمجتها الكترونيا ,ليست تلك هي المشكلة,الازمة هل فعلا يصارع الادباء والمثقفين حول العالم مع او من مرض اجتماعي خطير اسمه تصلب او جمود الطبيعة الانسانية التاملية,وتحولها الى نتاج استهلاكي يتنافس مع الالة والتقنيات الحديثة ,الاغرب ان الغرب لايشعر بحجم واهمية النتاجات الادبية ,لان الصيغ او الصور الاجتماعية النمطية المتكررة يوميا, تبدو انها تقترب بشكل متذبذب احيانا من مجتمع الرفاهية,مع تحول مهنة قتل الفراغ عندهم الى لعبة تسويقية تعرف قيمتها فقط دور النشر الربحية,اما عندنا في الجزء الاخر من البحر الابيض المتوسط,لازال الطريق طويل حتى يمكن ان نقول ان الادب سيغلق ابوابه بوجه العامة ,ويبقى فقط ترف المكتبات الادبية لادباء وكتاب لايعرفهم مجتمعهم ,
عندنا ازمات في كل شيء,في التراث الاسلامي ,والاجتماعي ,والتربوي ,والفني وحتى الادبي والفكري,كل تلك الجوانب او المجالات المهمة لاتزال بعيدة عن اطر التاءسيس والانظمام ضمن هيئات ومؤسسات مدنية, تاءخذ على عاتقها بناء نهضة اجتماعية وتربوية شاملة,لكن المعضلة التي يواجهها رجال الادب والفكر في الدول العربية تحديدا هي انتقال مجتمعاتنا العربية الى مجتمعات استهلاكية بشكل متسارع,مع دخول احدث الاجهزة الالكترونية المتنافسة مع الصيغ التقليدية لاستقبال الخبر والمعلومة وحتى الثقافة العامة,
اي بمعنى ان مجتمعاتنا عبرت الضفة دون ان تمر بمرحلة الاستعداد والتهيؤ والنضوج الاجتماعي,نحن نرى ان التكنولوجيا في الغرب تخضع لمراقبة شديدة,بل اصبحت شبه وسيلة رسمية لانجاز المعاملات واتمام الصفقات التجارية وغيرها, وفتحت ابواب التعامل الرسمي او الشخصي داخل ولايات الدول نفسها  او حتى في العلاقات الجارية مع الدول الاخرى,بينما نجد اننا نسمح بدخول الحضارة وادواتها دون ضوابط قانونية او اخلاقية.
مساءلة نهاية الادب من وجهة نظري تحتاج الى اعادة دراسة مساءلة الانتاج والتلقي,والعمل قدر الامكان على تجاوز التكرار السردي الروتيني او التقليدي للنتاجات الادبية,وممارسة عملية التفاعل المباشر مع الاحداث اليومية التي تمر به مجتمعاتنا, والتدرج في تفكيك العقد الاجتماعية,والدخول في حوار مفتوح جدي وجريء مع التراث الديني والاسرامي تحديدا,ومحاولة عبور خطوط التقديس الفوقي او الطائفي لمعالجة بعض الاخفاقات الثقافية المتصادمة مع التراث الديني المصطنع,ولكن ليست على غرار الثقافة الالحادية التي دخلت في سجالات عقيمة حول الخالق وحقيقة الرسالات السماوية والنبوات ,
فنحن نرى جميعا سيطرة الجماعات التكفيرية السلفية على ثقافة وعقلية الشارع العربي,وهي اخطر وباء يتعرض له المجتمع العربي,تتجسد صورها في الاحزمة الناسفة الدموية في بغداد ,وصور الذبح والتخريب الشامل في سوريا ,وسحل الجثث في شوارع مصر,دليل على فراغ ثقافي وادبي تاخر كثيرا في ممارسة دوره التوعوي,
قد ينتهي الادب في الغرب ليوضع على الرفوف ويصبح وسيلة او ملهاة مفضلة لكبار السن,لكننا يجب ان لانسمح بان نتجرد من شاعرية وعذوبة الحان الشرق وتاملات مثقفيها,ولن نجعل من المادة وجنود الراءسمالية الامبريالية ان تحطم اخر السواتر الروحية لحضارة الشرق,علينا ان نتصارع مع قوى الشر الداخلي والخارجي,حتى وان كان على حساب تقديم بعض التنازلات لبعض جوانب القيم الفنية والادبية المعتادة.
(الادب يبداء عندنا في بلاد الشرق متسلسلا حسب الترتيب التاريخي يبداء بالشعر ولاينتهي الا بصوت خرير الماء ورقص سعفات النخيل)