خاص: حاورتها- سماح عادل
“شيماء نجم عبد الله” كاتبة عراقية، من مواليد بغداد 1981، خريجة علوم مالية ومصرفية، ساهمت في قصص قصيرة مشتركة
- بوح النواعير، بقصة (مطبخها والحرب, شجرة الميلاد, جميل).
- نون النسوة، بقصة (فتيات) في مصر.
- ثلاثون وجها للحب، بقصة (صوت قلبي).
- ضفاف الرافدين، بقصة (زاجل).
- ضفاف النيل، فازت بمسابقة دار السكرية بقصة (سر الخلية).
- أحفاد إبليس، فازت بمبادرة غرد في السرب ضد الإرهاب بقصة (بزيبز).
- روائع القصص، القصص الفائزة بمسابقة القصة القصيرة جدا في العراق.
- ترانيم الحرف، بأربع قصص قصيرة جدا.
- الجنائن المعلقة، بأربع قصص قصيرة جدا (اسطوانة, فراق, غربة, تكميم).
- لن أموت مرة أخرى، بمبادرة شبابية قام بها محمد الصائغ في كتاب لجمع النصوص النثرية.
وصدر لها مجموعتين في القصة القصيرة كان بعنوان: (لأجلك فعلت-اشتياق الأرواح). وفازت بمسابقة لمجلة أمارجي الأدبية بقصة (عكازة خشبية).
إلى الحوار:
(كتابات) متى بدأ شغفك في الكتابة وكيف تطور؟
- عند أول كتاب أعطاني إياه أخي, كان يثير في حب القصص, وازداد شغفي لها في المرحلة المتوسطة من الدراسة حين طلبت منا مدرسة اللغة العربية التعبير في درس الإنشاء حينها كتبت قصة قصيرة ضمن موضوع الإنشاء وقد لاقت استحسان مدرسة المادة ومن وقتها كانت نقطة انطلاقي وحبي للكتابة.
بعدها أصبحت كتاباتي لا تتعدى الخواطر وكنت احتفظ بها في دفتري الخاص, وقد تطورت أكثر في الكتابة عندما أصبحت لدي صفحة على “الفيس بوك”, هناك تعرفت على جروبات الخاصة بالقصص القصيرة والرواية وعلى الكُتاب وتعلمت منهم فن الكتابة بما يخص القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا, وبدأ مشواري في المشاركات في الكتب وتجاربي في الطباعة.
(كتابات) من أين تنتقين أحداث وشخوص قصصك القصيرة؟
- من الواقع فكثير من الأحداث والشخصيات لو نركز بها سنجدها على أرض الواقع ولكني أضيف عليها بعضا من خيالي.
(كتابات) لما اتجهت لكتابة القصة القصيرة جدا وماذا تحقق لكِ؟
- يمكننا في القصة القصيرة جدا أن نجعل الحدث رغم وسعه وتشعبه إلى حدث مكثف ومختزل واللجوء إلى تركيب مستويات زمنية مضغوطة في المساحة, وفي القيمة القصصية, وهي نوع صعب إن تمكنت منها سأتمكن من باقي أنواع الكتابة القصصية.
(كتابات) ما سبب انتشار ظاهرة النشر الجماعي والتي اشتركتِ بها؟
- ظاهرة الكتب المشتركة ساعدت الكثير من الكتاب على تجاوز غلاء أو ارتفاع أسعار الطباعة, حيث نتمكن من نشر كتابتنا بشكل مشترك ولكن دون أن يكون هناك ضغوطات مالية كبيرة, بالإضافة إنها ساعدت الكتاب المبتدئين على إظهار مواهبهم وقدراتهم, وخلق جو من العمل المشترك, وروح التعاون في إنتاج كتاب قصصي مشترك والذي ساعد القارئ على تذوق مختلف القصص وبمختلف الأعمار.
(كتابات) في رأيك هل تختلف كتابات النساء عن كتابات الرجال وكيف؟
- ليس هناك اختلاف كبير فكل منهم يكتب حسب عاطفته, فأدب النساء يتخلله الكثير من العواطف إضافة إلى ترجيح العقل على الجسد, فمثلا أجاثا كرستي كانت تكتب عن القصص البوليسية, فهي استخدمت عقلها في جذب القراء نحو كتاباتها, وهناك الكثير من الكاتبات العراقيات أيضا يتحدثن في روايتهن و قصصهن عن الواقع وما يتخلله من تأثير على المجتمع، ومن اللاتي قرأت لهن “ميسلون هادي” في “نبؤة فرعون” و”هدى الغراوي” في”تشوهات” و”إيمان محمد” في “مذكرات امرأة شريرة”, و”سمية علي” في “البلبل الفتان” وغيرهن من الكاتبات التي لا تحضرني أسماؤهن.
(كتابات) فزت في أكثر من مسابقة للقصة القصيرة ما شعورك حيال ذلك؟
- مشاركتي في المسابقات أنا اعتبرها كاختبار لقدراتي في الكتابة, رغم إنها ليست مقياس لكني أحب الخوض فيها لأني أشعر أني في تحدي مع لجان التحكيم, وبالتأكيد سأشعر بالفرح إن لاقت قصصي علامات جيدة.
(كتابات) في مجموعة “اشتياق الأرواح” القصة الرئيسية تخاف البطلة من ضجيج الناس وآلامهم وسواد قلوبهم حدثينا عن ذلك؟
- تكلمت في هذه القصة عن مشاعر ذوي الاحتياجات الخاصة ومدى معاناتهم من نظرة المجتمع لهم, فهو لابد سيتعرض لحالة نفسية عند مواجهة العالم الخارجي والكم الهائل من الوجوه المتسائلة عن حالته, وهو غير قادر على التفسير أو غير راغب بذلك, فقمت بإضافة بعض من الخيال حين بدأت البطلة بالتحدث مع الأرواح رغم إن لا أحد يراهم سواها, كتخفيف من وطأت الحزن والخروج من القالب المعتاد للكتابة عن المشاعر التي تتخلل دواخل أي إنسان.
(كتابات) في مجموعة “اشتياق الأرواح” لما لا تخلو القصص من الحزن والألم حتى في قصص الحب؟
- الحزن والألم موجود في كل وقت حتى قصص الحب لا تخلو من خيبات الأمل ولا يمكننا تغاضيها, فالحديث عنها قد يعلم من يقرؤها كيف يمكن تفاديها أو تغاضيها.
(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق وهل يمكن الحديث عن نهضة ثقافية؟.
- الثقافة في العراق في طريقها نحو الأفضل حيث إن أغلب الشباب والشابات أصبح اتجاههم نحو التثقيف الذاتي عن طريق شراء الكتب والتواصل في المنتديات الثقافية وانتشار النوادي والجلسات التي تحث على القراءة والخروج من الإطار المغلق الذي يعيشه المجتمع, فالكثير من المحاضرات الثقافية والأدبية تقام في شارع المتنبي في بغداد وشارع الفراهيدي في البصرة والشارع الثقافي في محافظة ذي قار وشارع دعبل الخزاعي الثقافي في محافظة النجف الأشرف, بالإضافة إلى معارض الكتب التي تقام سنويا, ومن هذا المنطلق أقول نعم هناك نهضة ثقافية.
(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟
- نعم واجهتني صعوبات منها أسرية حيث لاقيت منهم بعض الاعتراض ولكني تمكنت من تجاوزها, وصعوبات من ناحية دور النشر التي تغالي في أسعار طباعة الكتب وبالتالي اللجوء إلى الطباعة في خارج البلد أو البحث عن دار نشر تطبع بعدد قليل وسعر تجاري ولكنه بكل الأحوال يقل عن سعر باقي الدور المعروفة.
أما جديدي فهو رواية مشتركة مع مجموعة من الكتاب يمكن هذه أول مرة تكتب مثل هذه الرواية كعمل مشترك, وكتاب بالقصة القصيرة جدا مترجم إلى اللغة الانكليزية بعنوان Arabian Very Short Stories وهو أيضا كتاب مشترك مع مجموعة من الكتاب.
قصتين لشيماء نجم عبد الله
اشتياق الأرواح..
بين لحظة الهروب وقرار البقاء دارت بالمفتاح مرتين، حاولت أن لا تصدر أي صوت، فتحت الباب وكلها حذر من أن يراها احد، تسللت إلى السلم وجدت الأرواح تتجمع أمامها، تمنعها من الصعود، منها من يمسك بيدها ومنها من يجر بطرف ثوبها، يتوسلون أليها البقاء. حاولت إبعادهم لكن بلا جدوى، أغلقت الأبواب واصطكت النوافذ.
– اشش ألم اقل لكم أن لا تصدروا صوتا من قبل؟ الأحياء يغطون بنوم عميق، لا أريد أن يستيقظ احد أفهموني رجاءا.
– ماذا تفعلين؟
– أريد أن أجد حلا، سأرحل.
– إلى أين؟
– أي مكان يخلوا منكم ومنهم.
– منا ومنهم!
– قولوا ماذا افعل؟ الحياة أصبحت مستحيلة لا انتم ترغبون بوجودهم ولا هم يرغبون وجودكم، ها ماذا افعل؟
كأن وقوفها أزعجهم، خطواتها بدت غريبة عنهم، رفعتها الأرواح من على السلم وأعادتها إلى كرسيها بعد إن تخطت نصف درجات السلم، صرخت بقوة لكنهم أغلقوا فمها وأجلسوها فوق سجنها المتحرك.
– ما بكِ يا أبنتي؟ إلى من تتحدثين؟
أحست بضياع فلم تكن تعلم في إي عالم هي.
– لاشيء يا أمي عودي إلى نومك، مجرد جملة عابرة قرأتها بصوت عالً.
– هيا إلى فراشك وكفاكِ جنون، هذا الكتاب لن يعيد إليكِ من رحلوا.
رمقت الأرواح بغضب ورمت الكتاب عليهم:
– ألم أقل لكم دعوني أرحل، استيقظت أمي ولن أستطيع أن استمر في غايتي.
تمتمت أحدى الأرواح:
– يا صغيرتي لا تحاولي الهرب من واقعك، فلسنا بأفضل حال منكِ، نحن نجول في الفضاء علنا نجد من نطمئن له، لكننا لا نجد غير من يقرؤون الطلاسم ويحركون أرواحنا ضد بعضهم البعض، هربنا من واقعنا لكننا تشوقنا الآن لدفئ منازلنا، وعندما عدنا نحوم حولها، وجدناك نائمة حالمة كالفراشة حين تحط فوق الزهور وتغفوا وهي ترتشف رحيقها، فقط أنت من وجدنا معك السلام، أرجوك أبقي معنا لن نصدر الأصوات بعد ألان.
– أنا لا تزعجني أصواتكم بل أصوات الناس، فضجيجها يؤرقني ويحيرني ليس لدي ما يسكتهم، فدعوني أغادر لعلي أجد الخلاص في ذلك.
أمسكت الروح بيدها وقالت:
– حتى لو رميتي بجسدك وحرقت أوراق اسمك من أعلى جبل في العالم، فلن تكف الناس عن ضجيجها، دعيهم وشأنهم ودعينا نحن نسكن عندك، ولن نجعلك تسمعين ضجيجا بعد ألان.
– وكيف ستفعل ذلك؟
– سأجلس أنا في أذنك ولن تسمعي بعدها صوت لأحد.
– وأمي؟
– لا تهتمي سأجعلك تسمعين صوتها هي فقط.
– لا لا أرغب أنت تجلس في أذني! سأشعر بالجنون لمجرد الفكرة.
– لا تقلقي استعيني بي وسترين.
خرجت بكرسيها المدولب، تدور في الأزقة لا تسمع أي صوت لاشيء سوى السكون، شعرت بالراحة بعض الشيء، لكنها بعد لحظات ضجرت وامتعضت وبدأت بضرب أذنها بقوة وهي تصرخ:
– أخرج لا فائدة من وجودك في أذني فوجوه الناس المشفقة، وشفاههم التي لا تكف عن الحركة تعبر، حتى لو لم أسمع ما يقولون.
سقط أرضا متألما من ضرباتها:
– ماذا تريدين أن افعل كي أرضيك، قلت لك سابقا إن لا فائدة مما نفعل، أن صممتُ أذنك فبصرك سيراهم وان كففتُ بصرك فظلام قلوبهم سيصل أليكِ. فدعيهم وشأنهم ولتكوني أنت وشأنك.
– إذا أتركني افعل ما أشاء.
حركت كرسيها المدولب كالمجنونة، تسابق الأرواح نحو مقصدها، الأحجار المترامية هنا وهناك تعيق حركته، نفرت منه فدفعته إلى الوراء وسقطت أرضا، أجهشت بالبكاء زحفت متحدية خوفها، اقتربت جدا من حافة الجرف، اتكأت على ركبتيها تجر نفسها، وفجأة وجدت إنها قد قامت واستقامت على قدميها، وقفت والأرواح تحيطها:
– أترون أني واقفة، أني اضغط على قدمي، لقد مشيت ها أنا أقف قرب نهايتي لكني بدأت لتوي.
– وألان ستأتين معنا كروح آم ستعودين كجسد.
– لا سأعود وأنا امشي على قدمي، لم أعد ارغب بالهرب فها أنا مشيت، أين الروح التي كانت في أذني؟
– حاولت منعك لكنك كنت مصرة بأن تتحولي إلى روح، فأمسكت بقدمك وأعانتك على الوقوف.
تقرفصت تحتضن قدميها وتقبلها:
– هل ستعينني روحك على المسير قدما يا أبي؟
– أنا معك حتى النهاية يا صغيرتي.
على ضوء الشموع..
بابتسامة شفقة سارت مودعة المشفى، تركت خلفها ذكرى أيام، حلمت حينها بحب حياتها، لكن كعادته القدر مر بين ثنايا أحلامها وحطم جزء كبير منها، وها هي تعود لمنزل والدها كما كانت قبل أن تلقاه، التحفت غطاءها محاولة نسيان مشهد وداعها، حينها رن هاتفها النقال بصوت واضح كاسرا الصمت الذي كان يملأ حجرتها، تقلبت فوق سريرها بملل، سحبت الهاتف من تحت الوسادة، ألقت نظرة لم تجد أي رسالة، استغربت! رمتهُ مرة أخرى مشككة بما سمعتهُ، قد يكون حنينها من جعلها تتوهم، عادت تحتضن المجلة التي كانت تقلب فيها ذكرياتها، فجأة هبت رياح عاتية فتحت النافذة على مصراعيها، تجمدت حين سمعت صوت يناديها:
– أنا هنا تشوقت لرؤيتك.
اقتربت من النافذة بحذر، غير مصدقة لما سمعت أذناها، ألقت بنظرها، رجل يقف تحت نافذتها ويلوح لها، سقطت أرضا لم تستطع الوقوف حين رأته، تمالكت قواها وعادت ترمقه بنظرات ملؤها الخوف:
– يا الهي كيف استطاع الهروب؟
– أين أنت؟ لما تختفين كلما بحثت عنك؟
غلقت النافذة كالمجنونة وأسدلت الستائر، لعلها تتخلص منه، لكن لا فائدة، الباب يطرق بقوة، جن جنونها أمسكت الهاتف محاولة الاتصال بأبيها، سمعت صوت الرنين بالقرب من الباب، تأكدت انه والدها، فتحت فوجدت الرجل من يمسك بهاتف والدها، صرخت بكل قوة محاولة غلق الباب ولكنه كان أقوى منها، أسقطها أرضا غالقً الباب خلفه.
– ماذا تريد مني؟
رمقها بنظرة ملؤها الحنين للماضي، مدَ يده كي يساعدها على النهوض.
– اتركني لا أريد منك شيئا فقط ارحل.
تركها على الأرض دون أن يستجيب لطلبها واخذ يتجول في البيت قاصدا حجرتها، دخل يتفحص بنظره سريرها، امسك بالمجلة واستلقى عليه:
– كانت أيام جميلة، لم ترغبي حينها بفراقي.
– كما قلت كانت، وألان لم تعد.
استدار نحوها:
– لكني سأعيدها كما كانت.
– كيف؟ لن تجبرني على حبك.
– وقتها لم أجبرك أنت من اخترتني.
– أخطأت.
– سنصلح الخطأ.
صرخت بكل قواها:
– اخرج من منزلي.
قام والغضب يملأ قلبه ملتفتا نحوها بصبر:
– هذا ليس منزلك، هذا بقايا حبي.
– أنت مجنون عن أي حب تتكلم، حبنا لم يتعدى اليومين وكشفت جنونك حينها، اغرب عن وجهي.
جن جنونه، صفعها على خدها الأيمن، ورماها على سريرها، كاتما فمها الذي ملأ المكان صراخا، ربطها بالسرير دون أن يترك لها سبيلاً للهرب.
– الآن اصرخي كما تشائين.
جلس يقلب في قنوات التلفاز، صورته كانت تملأ القنوات، لم يجد بدا من التخلص من شكله الذي يلاحقه حتى في الشاشة، جلب مطرقة وبدأ بتكسيره، ازداد أنينها وابتلت الوسادة بدموعها، فأي حظ عاثر الذي أوقعها بهكذا حب، ولوهلة تحركت بقوة كأنها تذكرت شيء مخاطبة ذاتها:
– والدي ماذا حل به وكيف تمكن من الوصول إلى هاتفه.
عاد ليدخل الحجرة وجدها تتحرك مثيرة حولها زوبعة من الشراشف المقلوبة، لم يبالِ لها فقد شد وثاقها ولن تستطيع الهرب، رمى عليها هاتف والدها ليخبرها انه ليس بخير فقط الهاتف من بخير حيث استطاع سرقته منه عندما كان في المشفى يعاني من كدمات سيارة قد دعسته أثناء عبوره الشارع، اضطر حينها لإسعافه لأجل حبه الوحيد.
ازداد هلعها، اخذ يقهقه محاولاً تهدئتها:
– اطمئني لن يتعذب طويلا، خلال أيام ستجديه أمامك في صندوق خشبي.
تمالكت نفسها محاولة الهدوء، لعلها تستطيع أن تتخلص منه، أوحت له أن يرفع الكمامة عن فمها، جلس بقربها يقبل جبينها:
– سأرفعها، لكن أن صرختي ستندمين.
رفع الكمامة، بادلته بابتسامة، لم يصدق ما يراه، أراني سأنجح باستعادة حبي:
– نعم ستستعيده، فمن كان سبب فراقنا ها أنت قد أبعدته.
– حقا وكيف.
– في الحقيقة والدي هو من منعني من لقيآك.
نظرة إليها مستغربا قولها، لكنك لم تقولي ذلك في البداية.
– كنت خائفة منه، كان سيزوجني رغما عني.
– حقا، سألقنه درسا لن ينساه.
– لا لا كفى، ما فعلته به يكفي، ألان نحن وحدنا وليس هناك من يفرقنا.
غلفت كلماتها عقله وقلبه، قام من جنبها يعدها بليلة لن ترى مثلها في حياتها، وضعت رأسها على الوسادة متخوفة من الذي سيحصل في الليل، كان لابد لهذا الوثاق أن يرفع وإلا لن تستطيع الهرب ولكن كيف ومن سيفكها، اقتربت ساعات الليل، وأصوات الخوف تزداد، الشموع المعلقة تعلن عن صخب وجنون، الستائر المرفوعة والحبال المتدلية، صنعها كما في مخيلته، وهي في السرير تتقلب ألما وجزعا، لكن الحفل لم يكتمل والخطة التي تكتك لها لم تنجح، فقد خلعت باب مهجع الحب المجنون، وتمكن الجيران من كسر حاجز الخوف حين لاحظوا اختفاء ابنة جارهم بعد الحادث الذي تعرض له والدها؛ الذي تمكن من إخبارهم عن المجنون الذي يلاحقها وكان السبب في دخوله المشفى، تعالى الصراخ وازدادت الطلاقات النارية وحين تمكنوا من إرداءه قتيلا، بعد صراع طويل وجدوا حبلين معلقين في السقف وتحتهم شموع كثيرة مضاءة كان يعد نفسه بالانتحار معها على ضوء الشموع.