(( لم تُختم الرسالات السماوية بالرسالة المحمدية إلا من بعد ما وصل النضج الفكري والرقي الاجتماعي والفهم العقلي في زمن الرسول محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه فجاءت الرسالة المحمدية خاتمة لكل الرسالات البسيطة الملبية لحياة مجتمعاتها الآنية في حينها متطورة عن قبلها مع متغيرات الوضع الاجتماعي . لهذا جاء الرسول محمد بن عبد الله بالكتاب المقدس للمسلمين وهو ( القرآن ) فيه تبيان وبيان وهدى لكل شيء للعالم اجمع عامة والعرب خاصة ينظم عمل ويوحد فكرهم ويلبي مسيرة حياتهم من شرائع ومعاملات وشعائر وتعاليم وإبعادهم عن المحرمات وبيان الحلال ومن قبلها التوحيد بالإله الواحد الأحد وهو الله سبحانه وتعالى ووصل به إلى أقصى بقاع العالم من شرقه وغربه خارج حدود الجزيرة العربية منبع الرسالة المحمدية برجالات ساهموا في ديمومة وإكمال الرسالة لرفع المجتمعات البشرية إلى مستوى الرقي العقلي والمجتمعي والأخلاقي حيث ازدهرت شعوبا كثيرا بمنهجه الجديد في حينه .لكن الخطأ الذي وقع فيه المسلمين هو الإبقاء على ذات النهج في تفسير التعاليم والشعائر والنظرية السماوية المرسلة من السماء لخالق الكون والبشرية وعقلياتهم والعالِم بهذا التطور الذي سيحصل في العقلية البشرية على وجه الأرض فقد أوجد الله سبحانه وتعالى لحدوده وتعاليمه وشرائعه حدودا بين البسيط والمتشدد على أن لا يتجاوز الإنسان على تلك الحدود أو إلغائها فبهذا بقيت تطبيق هذه الحدود وتفسيرها حكرا على أفكار رجالا عاشوا عصورهم المتقدمة وببساطة أزمنتهم ومجتمعاتهم والتي أصبحت الآن شروحاتهم وفهمهم للإسلام وشروح الآيات القرآنية بعيدة عن الواقع الإنساني العالمي الشمولي وبعيدا عن عقلية المواطن الغربي وتطور العلم والبحوث الكونية واكتشافاته الهائلة والتي وجدت نصوصها في القرآن الكريم مفسرة حسب تطور مراحل العالم إنا نرى العالم الغربي قد أستوعب وفهم نصوص القرآن الكريم العلمية والفكرية والقيم التي تنظم مجتمعات العالم والأسرة وأخلاقياتها واحترام العقل الإنساني والرقي به نحو القمة الإبداعية ونهل من الآيات القرآنية وتطويعها لصالحه وصالح البشرية جميعا وتصديرها لنا بالذات ونحن كمسلمين جعلنها كلمات تقرأ على اللسان ومدفونة بين دفتي القرآن ومع الأسف ما زال المسلمون يفسرون الآيات القرآنية بنفس وتيرة العقل في القرن الثاني والثالث والرابع وبعده للرسالة المحمدية العظيمة وحرّموا التعديل وتطوير كثيرا من المفاهيم التي استجدت الآن وجعلوا من المفسرين وكتبهم وآرائهم في تلك القرون خطا أحمرا ومقدسا لا يجوز التجاوز عليه ولا يمكن المساس بها على العكس نحن بحاجة إلى تهذيب وإعادة صياغة الكثير من النصوص المفسرة للسنة النبوية والنهج الإسلامي وتعاليمه كدين سماوي خاتم الديانات التي سبقته حتى قيام الساعة وفناء الكون . والمؤسف أن الغرب تطور إنسانيا ومجتمعيا وأكثر نضجا مع أفراد مجتمعاته على ضوء ما ذًكر في القران الكريم ومطابقا لتعاليمه ونحن غيبناه وزورنا نصوصه وأبعدناه عن الواقع وشوهنا صورته أمام العالم المتحضر الذين أصبحوا يخافون من أسمه . فليس من المعقول أنك تريد أن تصل بالإسلام إلى أبعد نقطة في العالم وأن يؤمنوا به وبفكره وعقيدته ومنهجه وتعاليمه وتطبيقها ونحن غير متفقين على تأريخ ولادة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ولا وفاته ولا على الصلاة ومواقيتها وكثير من العقائد والإصرار على الغموض لشخصية النبي الكريم وحياته قبل البعثة وبعدها ولا تستطيع أن تُفهم اليهود ولا النصارى ولا الصابئة ولا المجوس والديانات الأخرى أن هذا الدين الحنيف المحمدي وهذا القرآن الكريم ومنهجه هو الأساس جاءت أكثر آياته لإعادة ما طمسوه من حقيقة أديانهم السماوية لأنهم يعرفون كما يعرفون أبنائهم أن الإسلام جاء لهم ومكملا لرسالاتهم الإلهية وغيرهم إما بتشرذمنا عن الدين الإسلامي الحقيقي وإبقاء على هذا الوضع البعيد كل البعد عن الحقيقة ومختلف عن ما جاء به النبي والصحابة المقربون منه في زمنه وبعده القريب وخاصة علمائهم المنصفين وأصحاب الفكر المتفتح الواعي المتجرد من العصبية الدينية فعلينا إعادة مسيرة الدين الإسلامي وعقيدته وسيرة نبيه الشريفة والاتفاق على الدين المحمدي الناصع ومنهج القران لنُظهر للعالم بأننا أمة مسلمة واحدة متماسة المنهج والسيرة والتطبيق وأهلا لقيادة العالم نحو مفهوم دين سماوي واحد وعقيدة موحدة بعيدة عن الانحراف الأخلاقي والاجتماعي والإنساني بقيادة الإسلام المحمدي الموحد وهذا الجهد الذي قد يصطدم بعراقيل جسيمة من الأعداء فعلى علمائنا أن يضعوا حدا لهذه المتاهة والحيرة التي يتخبط بها الجيل الجديد من المسلمين والغير مسلمين من هذا الكم الهائل من التراث الإسلامي السلفي الذي يُنظر إليه من قبل الآخرين على أنه متخلف العقلية والعقيدة والتطور فنحن في دوامة بين ثلاثة أجيال من المفكرين والمفسرين للسنة النبوية الشريفة وشرح الرسالة المحمدية أولها ضياع أكثر السنة النبوية للرعيل الأول من المسلمين والصحابة الميامين وثانيا المدونون للسنة الشريفة في عصر متأخر من عمرها التي شابها كثير من التزوير والإشكالات العقائدية واللغط والتشكيك بها وتفسيرها حسب عقلياتهم البسيطة ببساطة مجتمعهم وواقعهم السياسي المضطرب الذي عاشوه وتأثيره على أفكار الكثير منهم ونفوسهم وهذا ما نصبوا إليه من علمائنا الأفاضل وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من حياتنا وتكالب الأعداء علينا ) ……….