9 أكتوبر، 2024 12:16 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. أسماء بوزيد: علينا الانفتاح على ثقافات أخرى مع المحافظة على جزائريّتنا

مع كتابات.. أسماء بوزيد: علينا الانفتاح على ثقافات أخرى مع المحافظة على جزائريّتنا

خاص: حاورتها- سماح عادل

“أسماء بوزيد” كاتبة ومدونة جزائرية، تقيم في فرنسا، تدرس اللغات والأدب الانجليزي بجامعة ” تولوزجان جوريس 2″، صدر لها مجموعة قصصية بعنوان “حلم بعيد”.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة و كيف تطور؟

  • نشأت في بيت الكتاب فيه جزء من الديكور، كانت كتب أبي رحمه الله في كل مكان وأمي عوّدتنا أن تقرأ لنا قصّة جديدة كل مساء قبل النوم. رافقني حب القراءة خلال فترة طفولتي وكبر معي بمرور الزمن. أوّل محاولاتي في الكتابة كانت في سنّ الثامنة تقريبا. كتبت أول نص لأمي في عيد ميلادها، بعدها أصبحت أكتب خواطر وأحاول أن يكون كل نص أفضل من سابقه. لكن كان يلزمني الكثير من الشجاعة كي أنشر ويتخطى قرائي دائرة الأصدقاء والمعارف. بدأت بالنشر على المنصات الإلكترونية، ثم قررت نشر أول مجموعة قصصية لي تحت عنوان (حلم بعيد)، التي صدرت عن دار الحسناء.

(كتابات) في كتابك (حلم بعيد) تناولت الثّوار الذين لم يأخذوا حقّهم من الشهرة و المكاسب و لم يتفاخروا بثوريتهم… حدّثينا عن ذلك؟

  • بعد استقلال الجزائر سنة 1962، تسابق الكثيرون لتقاسم ما خلّفته “الأقدام السوداء” (المعمرون الفرنسيون) من أملاك وبيوت. وفي نفس السنة تمّ تأسيس وزارة المجاهدين التي ما تزال قائمة لحدّ الساعة. وأصبح كلّ من هب ودب يدّعي بأنّه مجاهد أو ابن شهيد للحصول على منحة مالية حتى وإن لم يكن ذلك صحيحا! وفي الجهة المقابلة هناك من قاموا فعلا بالتضحية والمخاطرة بحياتهم وما يملكون من غال ونفيس فداء للوطن، ومع ذلك رفضوا أخذ أي تعويض مادي في المقابل لإيمانهم بأنّ ما قدموه ليس خدمة يؤجرون عليها، وإنّما واجب وأمر طبيعي.

ما قادهم إلى حمل السلاح والنضال بمختلف مظاهره كان حب الحرية وحب الجزائر كما قال “الحاج الهاشمي”، والذي رسمت ملامح شخصيته على أساس شخص حقيقي قابلته على أرض الواقع. هناك الكثيرون مثله والذين رفضوا التقدم بطلب لنيل منحة مالية أو منصب وزاري أو عسكري.

(كتابات) في كتابك (حلم بعيد) استطاعت البطلة التخلي عن حبيبها في لحظة قوّة.. احكي لنا عن ذلك؟

  • أردت أن تكون البطلة “صفية” امرأة ناعمة وقوية في نفس الوقت. أردتها أن تكون مثال المرأة التي تحب بكلّ قوّتها. وأردتها قويّة شامخة رغم ضعفها. أن تتحكّم هي في مصيرها وألا تكتفي بالانتظار والخضوع. كان يجب أن تقرّر هي الرحيل قبل أن تفقد نفسها بعد أن منحت حبيبها العديد من الفرص، وبعد أن قدّمت الكثير من التنازلات رفضت التنازل عن كرامتها، وأرادت الاحتفاظ بصورة جميلة للحب الذي جمع بينهما. القرار الذي قامت باتخاذه ليس سهلا لكنّه كان ضروريا. هكذا أرى المرأة، حازمة صارمة وحاسمة لأمرها مهما بلغت رقّتها و تسامحها.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثّقافة في الجزائر؟

  • حرص النّظام الذي تمسّك بالحكم منذ الاستقلال على تدمير الثقافة في الجزائر ليسهل عليه السيطرة على العقول. وجاءت العشريّة السوداء لتقضي على ما تبقى من أحلام. في نظري، تقوم وزارة الثقافة بشنّ هجمة على الثقافة ومن يريد النهوض بها! صالات السينما مغلقة والكتاب لا يلقون الدعم الكافي. كما أن ثمن الكتاب باهظ جدا وليس في متناول الجميع. كلّ ذلك أدى إلى أزمة ثقافية محزنة في الجزائر. لكنني لا أنكر المجهود الذي يبذله الكثيرون من أجل الخروج من هذه الأزمة، ومعظمهم شباب.

(كتابات) في رأيك هل الثقافة الفرنسية تخدم وتدعم الثقافة الجزائرية؟

  • في رأيي إن التبادل الثقافي مهمّ جدا للتقدم، لأن ذلك ما يصنع الإنسان ويجعله أكثر تسامحا. لكن لا يجب أن يقتصر ذلك على الثقافة الفرنسية فحسب. طبعا هي حاضرة في الجزائر بحكم التاريخ و 132 سنة من الاستعمار، التي حاولت أثناءها الحكومة الفرنسية ترسيخ ثقافتها والقضاء على الجانب الجزائري، تطبيقا للأجندة الاستعمارية. لكن علينا الخروج من هذا الحيز المغلق والانفتاح على ثقافات أخرى مع المحافظة على جزائريّتنا، ففي النهاية هي ما يشكّل هويتنا الأساسية.

(كتابات) ما رأيك في من يعادون الثقافة الفرنسية ومن يهاجمون الكتاب الجزائريين الذين يكتبون باللغة الفرنسية؟

  • مرّة أخرى هذه المعاداة مصدرها الأحزاب السياسية التي اتخذت من “نوفمبرية- باديسية” شعارا لها لاحتكار الشرعية التاريخية والبقاء في الحكم. مع أن ابن باديس كان من دعاة الإدماج. الرّفض لكل ما هو فرنسي شمل اللغة أيضا، وهذا هو الخطأ الذي وجب تفاديه.

الدفعة الأولى من الكتاب الجزائريين الذين برزوا في الساحة الثقافية كانوا فرونكوفونيين، وقد كانت الجزائر قضيتهم الأولى! اللغة الفرنسية تظلّ لغة كغيرها وليس من الطبيعي مهاجمة من يكتب أو يتكلّم بها. يدخل ذلك ضمن الحرية الفردية، فالكاتب ليس مقيّدا أو محصورا بلغة واحدة. له أن يكتب بأي لغة يشاء، طالما أنه لا يسيء لأحد ولا يعتدي على أحد.

(كتابات) هل انتشار الأدب الجزائري محدود في بلدان الشرق.. و لما؟

  • قد يكون عدد الكتاب الجزائريين المعروفين في الشرق الأوسط محدودا، وذلك يرجع إلى كون الدفعة الأولى من الكتاب الجزائريين كانت تكتب باللغة الفرنسية. لكنّ ذلك لا ينفي بروز كتاب كأمثال السيدة “أحلام مستغانمي” التي انطلق مشوارها الأدبي من لبنان وحقّقت نجاحا عالميّا باهرا. و قد يقع اللوم على دور النشر الجزائرية التي لا تقوم بدورها كاملا.

(كتابات) لماذا نشرت في مصر و لم تنشري في الجزائر؟

  • مصر من البلدان المحببة لديّ منذ الصغر بثقافتها وناسها. لهذا السبب فرحت كثيرا عندما أتيحت لي الفرصة للنشر في مصر. قد كانت تلك فرصة لفتح نافذة على الجزائر وكسر المسافات. و كما ذكرت سابقا، إن التبادل الثقافي مهم جدا بالنسبة لي، وقد كان هذا الكتاب شكلا من أشكاله. لكنني بالطبع أطمح أيضا للنشر في الجزائر مستقبلا.

(كتابات) هل هناك مشكل في النشر في الجزائر؟

  • دور النشر في الجزائر ليست كثيرة العدد، وهذا هو المشكل الأساسي. إلى جانب ذلك فهي تعاني بالأخصّ ماديا، وذلك يشكّل عائقا أمام المبدعين وخاصّة الشباب منهم. هناك كثيرون ممن لم تتح لهم فرص النشر مع أن أقلامهم مبدعة وخلاقة. وفي المقابل قد نجد الكثير من الأعمال الرديئة تجتاح المكتبات، وتغطّي على الأعمال ذات الجودة.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟

  • على عكس الكثيرين، حالفني الحظ فلم أواجه الكثير من العقبات في نشر عملي الأول. كان من الضروري العثور على دار نشر موثوقة، وذلك ليس دائما سهل. لكنّ الأصعب هو الوصول إلى القارئ عن طريق قصص قصيرة، والخوف من أن لا يكون العمل الأول في المستوى. أعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة على ديوان شعر باللغتين العربية والفرنسية، إلى جانب مشروع رواية قد أنشرها فيما بعد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة