من هو الاقوى ، من يمتلك العقل والمباديء والوطنية ولايملك السلاح أم من يمتلك السلاح متجردا من العقل والمباديء والوطنية ؟! في دول عديدة القت السلاح وتسلحت بالعقل والمباديء والوطنية كان النجاح حليف الحكومات والشعب على السواء وازدهرت تلك الدول واصبحت ماركة مسجلة في عالم التقدم والرخاء مثل اليابان وماليزيا وسنغافورة وغيرها أما الدول التي اعتنقت مذهب السلاح لتعاقب به شعبها مشرعة الابواب للفساد والفوضى بهدف القضاء على المباديء وتغييب العقل وطمس الوطنية فقد انهارت او كادت وعاشت فيها الحكومات بينما يعاني فيها الشعب حالة احتضار دائمة ..
من المؤلم ان نسمع بعد كل هذه السنوات التي ضحى فيها العراقيون بارواحهم وامانهم واستقرارهم مقابل بناء دولة قانون ان هنالك في العراق من هو اقوى من القانون وان من يمنحه القوة هو السلاح فقط لأن من يصبح اقوى من القانون هو اما فريق معارض لاخطاء الحكومة ولابد لهذا ولاشك ان يمتلك العقل والمباديء والوطنية لتحقيق اهدافه في تصحيح المسار الخاطيء ، أو فريق لايعترف بالحكومة ولاالقانون ولايهمه بناء الدولة وتقدمها فهويمتلك قوانينه الخاصة ولغته التي تفتقد سمة الوطنية وحلاوة المباديء واهمية العقل وكل مايهمه هو بسط قوته بالسلاح للحصول على مكاسب خاصة ، لكن الفريق الثاني هو السائد حاليا في الساحة منذ ان اصبح السلاح اداة متوفرة ويسهل الحصول عليها بلا عقاب او حساب ومنذ أن تقاسمت الاحزاب السلطة وصار على كل حزب ان يحمي نفسه باغداق الاسلحة على افراده ومنحهم صلاحيات استخدامه ، وهكذا صار يمكن ان نسمع عن نشوب نزاعات عشائرية متعددة تستخدم فيها اسلحة ثقيلة ومتوسطة ويقع فيها قتلى وجرحى وتكون الاسباب هي الثأر او الخلافات بسبب نساء او حصص اراض ، ومؤخرا شاع سبب جديد وهو الصراع بين العشائر التي تمتهن تجارة المخدرات ، وفي كل الاحوال فهذه العشائر تتجاهل وجود القانون ولاتخشى عقاب الحكومة حتى وان جرى اعتقال بعض من افرادها لأن نفوذها يجبر الحكومة غالبا على اطلاق سراحهم مايشير ربما الى وجود علاقات بين تلك العشائر وبعض الفصائل المسلحة المتنفذة في الدولة والتي لاتعترف ايضا بالحكومة او بالقانون ..
كيف سيمكن لنا اذن ان نحلم ببناء الدولة وفي ابسط الاحوال بقدرة الحكومة على حماية المواطن من سطوة من هم اقوى من القانون ؟…وكيف يمكن ان نعيد العقل والمباديء والوطنية الى من تربى على مرافقة السلاح والاحتماء به وتحقيق اهدافه بواسطته ؟..سيكون على الحكومة ان تستنفر كل مالديها من قوة لمحاصرة هذه العشائر ومداهمتها وارغامها على تسليم السلاح او القائه، وقبل ذلك ، ان تفرض سيطرتها على الاحزاب المتنفذة وترغمها على ممارسة العمل السياسي فقط وليس مهام رجال العصابات ليستعيد البلد استقراره ويحظى ابناؤه بالامان ، لكنها مهمة ليست سهلة أبدا ويحتاج تنفيذها الى الكثير من القوة والايمان بأن المستقبل لن يكون لنا اذا ماتفوقت قوة السلاح على سلطة القانون ..نحتاج الى حكومة قوية تقطع رؤوس الافاعي والى شعب يحب وطنه ويسعى لبنائه ..ويبدوان الحاجة ستظل قائمة طويلا مادامت قوة السلاح متفوقة على العقل والمباديء والوطنية ..