23 ديسمبر، 2024 10:57 م

عندما اكلنا “وحلا” بـ “الوسائل الضرورية”

عندما اكلنا “وحلا” بـ “الوسائل الضرورية”

كلاهما مولعان بالالقاب.. اميركا التي اطلقت على حربها علينا عام 1991 “عاصفة الصحراء”  وصدام حسين الذي اطلق عليها “ام المعارك”. والحرب التي هي “مشتقة المعنى من الحرب” بفتح الحاء والراء كما يقول ابوتمام شنت علينا طبقا لتفسير مجلس الامن لتدميرنا  بـ “الوسائل الضرورية”. فقد اختلف وزيرا خارجية الولايات المتحدة انذاك جيمس بيكر والاتحادالسوفيتي ادوارد شيفاردنادزة بشان  الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة فتم استبدالها   بـ “الوسائل الضرورية”. وحيث ان هذه العبارة بدت وكانها البديل المؤدب لاستخدام القوة فان ما خرجنا به من محصلة دمار وخراب جعلتنا نحن للقوة لربما كانت ارحم.
لست اريد هنا مصادرة شعورنا بالفرح ونحن نستعد للخروج من تحت طائلة الفصل السابع. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو .. مالذي بقي لدينا لم ندفعه ثمنا باهظا لهذا الخروج المتاخر جدا؟ وبصرف النظر عن احقية الكويت ام عدم احقيتها في ما عرف بالقضايا العالقة بيننا وبينها فان النتيجة واحدة وهي انها لم تخبر مجلس الامن بايفاء العراق بالتزاماته الدولية حيالها الا مؤخرا وبعد تطبيق القرار 833. تطبيق هذا القرار المختلف عليه داخل العراق لاسباب عديدة كان كفيلا بتقدمنا درجة في العلاقة مع الكويت وذلك بنقل ملف العلاقة من الفصل السابع الى السادس. وهذا يعني لم نعد نتوقع “وسائل ضرورية” اخرى كتلك التي استخدمت لتاديبنا بسبب ما قيل عدم التزامنا بالقرارات الدولية.
المجتمع الدولي  ينطبق عليه الى حد كبير المثل القائل “حب واحكي واكره واحكي” والا ما عدا مما بدا؟ فالعراق الذي كان عدوا للولايات المتحدة استخدمت ضده حتى عام 2003 كل “الوسائل الضرورية” التي اكل بموجبها “وحلا” قوامه حصار لمدة 13 عاما بكل ما ترتب عليه بما في ذلك تجريب كل انواع  الاسلحة المحرمة دوليا برؤوسناوما تركته من مخلفات وامراض وعاهات سيبقى مجتمعنا العراقي يئن منها  الاف السنين. اما الفصل السادس فهو الاخر “جنجلوتية” اممية يتعين علينا بموجبه البحث عن المفقودين الكويتيين سواء من تحول منهم الى رفات اوما زال مفقودا طليقا يرزق. واعادة اخر قصاصة ورق من ارشيف الكويت الوطني حتى لو كانت معاملة سفر عامل هندي . والخلاصة اننا سوف نبقى تحت طائلة الفصل السادس الى الابد ولكن بدون “وسائل ضرورية” هذه المرة.    
 
 ولكن حتى عندما اراد بوش الابن الاقدام على شن حرب على العراق بقي متمسكا بعبارة “الوسائل الضرورية” التي كانت من وجهة نظره كفيلة باثبات امتلاك العراق اسلحة دمار شامل. وبالفعل شن حربه .. “حرب السيد بوش” مثلما اطلق عليها الكاتب الاميركي بوب ودورد  عام 2003 حيث قدمت قواته من الكويت المحررة  بـ “الوسائل الضرورية” قبل ثلاثة عشر عاما. ومن جديد تبارى بوش وصدام في اطلاق التسميات. بوش اطلق على اخر حروبه  “حرية العراق” وصدام اسماها “ام الحواسم”  التي  “حوسمت” بالفعل كل شئ بمن في ذلك “الوسائل الضرورية” لابقائنا على قيد الحياة.