خاص : ترجمة – محمد بناية :
التناقضات الشديدة في سلوكيات الدول الأوروبية السياسية، مع “الجمهورية الإيرانية”، ملموسة ومحسوسة. إذ يسعى الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، للحصول على لقب شخصية العالم للسلام في مجلس جنرالات الرئيس الفرنسي الفقيد، “شارل ديغول”، وإدراج نفسه كأحد أنصار السلام في العالم، إذ به يتبنى سياسات متناقضة.
وهو يسعى من جهة إلى مد جسور العلاقات بين “إيران” و”الولايات المتحدة الأميركية”، في حين ما يزال إطار هذه العلاقات وتلكم المفاوضات مجهولاً. بحسب “حسن هاني زاده”؛ محلل الشؤون الدولية الإيراني، في أحدث تحليلاته المنشورة في صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.
جهود “ماكرون” وشروط إيران..
لقد جاهد الرئيس الفرنسي لإقناع، الدكتور “محمد جواد ظريف”، بالمشاركة في اجتماع الدول السبع الصناعية وهو ما حدث بالفعل، لكن يلف الغموض نتائج هذه الجلسة ومباحثات وزير الخارجية الإيراني مع بعض وزراء خارجية الدول السبع الصناعية.
وعلى مدى الأسابيع الماضية؛ تواصل “إيمانويل ماكرون” تلفونيًا مع نظيره الإيراني، “حسن روحاني”، مرارًا، وحاول إجبار الرئيس الإيراني، نوعًا ما، على التراجع عن مواقفه حيال “الولايات المتحدة الأميركية”، ولكن ما تزال “إيران” ترد بإجابات منطقية تمامًا على كل دعوات الرئيس الفرنسي، وهو إذا تقرر مستقبلاً إجراء مفاوضات بين “إيران” وإدارة “دونالد ترامب”؛ يجب أولاً أن تعترف “الولايات المتحدة” بـ”الاتفاق النووي” والإحجام عن تهديد “إيران” وإلغاء جميع العقوبات المفروضة على “الجمهورية الإيرانية”.
وهذه الشروط منطقية بالكامل وتراعي مصالح الشعب الإيراني. ويعتقد رئيس الجمهورية الإيرانية؛ وكذلك جميع المسؤولين، أن المفاوضات مع الرئيس الأميركي، الذي انسحب من “الاتفاق النووي” وفرض عقوبات شديدة على “إيران”، لن يحقق نتائج مقبولة. وأن الرئيس الأميركي يريد فقط الاستفادة من “طهران” باعتبارها أداة للفوز، في انتخابات 2020م، وأن يبين للناخب الأميركي، وجماعات البيض الأميركية العنصرية المتشددة، نجاحه في إخضاع “الجمهورية الإيرانية”.
لكن مقام المرشد الإيراني يدرك جيدًا، وكذلك حكومة الرئيس “روحاني”، أن أي مفاوضات مع الإدارة الأميركية، في ظل أجواء العقوبات، سوف يعتبر في الحقيقة إستسلام إزاء الضغوط الأميركية، وهذا الأمر مرفوض في أدبيات السياسة الإيرانية.
ضعف إحتمالية تراجع إيران..
ورغم ما يبدو من تناقض في أدبيات خطاب المسؤولين الإيرانيين، لكن بالنهاية تتفق رؤية مرشد الثورة مع الرئيس الإيراني بشأن حقيقة أن أي مفاوضات مع “الولايات المتحدة”، في ظل رفضها “الاتفاق النووي” وإعادة العمل بالعقوبات، سوف تكون محكومة بالفشل؛ لأن التفاوض بخصوص قدرات “إيران” الدفاعية وقوة صواريخ الردع الإيرانية، وكذلك نفوذ “طهران” في المنطقة، إنما يعتبر إستسلامًا وإعترافًا بالهزيمة.
بالتالي؛ ومع استمرار مساعي الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الرامية إلى تهيئة المجال للقاء الرئيس، “حسن روحاني”، مع نظيره الأميركي، “دونالد ترامب”، على هامش اجتماع “الجمعية العامة للأمم المتحدة” المقبل في “نيويورك”، إلا أن “إيران” لن تتراجع عن شروطها المعلنة.
من جهة أخرى، كشفت “فيديريكا موغريني”، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي”، عن وجهها الحقيقي للشعب الإيراني والمجتمع الدولي، بحديثها عن حاجة مشروع (إينستكس) للمزيد من الوقت؛ على عكس توقعات المجتمع الدولي ووعود الدول الأوروبية بشأن إقرار آلية تبادل مالي بين “إيران” و”الاتحاد الأوروبي”.
لقد سعت السيدة “موغريني”، خلال السنوات الماضية، إلى إثارة تفاؤل “الجمهورية الإيرانية” بخصوص مستقبل التعامل البناء مع “أوروبا” باستخدامها لهجة مناسبة في الحوار إلى المسؤولين الإيرانيين، لكنها الآن تتراجع عن هذا الموقف تحت وطأة الضغوط الأميركية.
والحقيقة أن مشروع (إينستكس) كان بمثابة مصيدة خادعة تستهدف جذب “إيران” إلى طاولة مفاوضات مطولة مع “الاتحاد الأوروبي”، كان من نتائجها استمرار “إيران” حتى الآن في الإلتزام بتعهداتها المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”، في حين لم تتخذ دول “الاتحاد الأوروبي”، ولو خطوة صغيرة، على مسار الوفاء بوعودها حيال “إيران”.
ولذلك بات مقام المرشد على قناعة؛ وكذلك الشعب الإيراني، بعجز الأوروبيين عن إتخاذ أي قرار يتعلق بـ”الاتفاق النووي”، (مهما كان صغيرًا)، لا يحظى بقبول “البيت الأبيض”، من ثم فإن مساعي الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، لإيجاد آلية تفاوض مطولة بين “إيران” و”الولايات المتحدة” سوف تكون محكومة بالفشل.