لو لم نبالغ في تقديرنا للاسباب الموجبة في امر ايجابية او سلبية وجود الاحزاب الكوردستانية و في مقدمتها الاسلامية منها، فلابد ان نشير الى الظروف السياسية التي اوجدت هذه الاحزاب و انتشارها و تمددها او توسع نطاق عملها على حساب مستقبل هذه الامة و مصلحته المستقبلية ايت يمكن العمل عليها قبل اي شيء اخر. قد يسال البعض مع ذاته حول وجوب الاحزاب او النطيمات قبل اي شيء، لماذا الاحزاب الاسلامية السياسية موجودة اصلا في كوردستان بينما الارضية التي مُهدت و بُنيت لتاسيسها مبني على المستوردات الفكرية و الفلسفية غير المرعية لاسس الحياة العامة للمجتمع الكوردستاني و تاريخه. او لماذا تاخر تاسيس الاحزاب الاسلامية الكوردستانية مقارنة بالقومية و اليسارية العلمانية و ما هي اسباب عدم ترافق نشوء الاسلام السياسي مع ما برز في العالم العربي من مثل هذه الاحزاب التي تعتبر رحما لولادتهم و تاسيسهم في كوردستان، او يمكن ان يكون المؤسس لهذه الاحزاب خفيا غير كوردستاني، و يمكن ان ان يوكل الى كوردي شبيه فكريا و عقليا وهو يؤتمر بامر المؤسس الحقيقي لحزبه.
لا ندخل في الجانب الفلسفي و الاختلافات البائنة بين هذه الاحزاب في تفسير كل ما يمت صلة بهذا الامر اي فلسفة عملهم منهجهم من جهة و ما يلائم الواقع الكوردستاني و الموروثات الاصيلة الاتية من التاريخ الغابر لشعبه منة جهة اخرى. و انما نريد ان نتحدث عن الحاضر و الموجود من هذه الاحزاب التي تمارس عملها دون اي فرق مع الاخر غير الاسلامي و بتركيبة الى حدما مختلفة او يمكن القول بانها شاذة على الاصالة الكوردية في شكلها و جوهرها.
انتابني شعور و امر بانني ربما ادخل في امر لا يعنيني كفرد يحترم حرية الاخر فيما يفعله و من هذا المنطلق يمكن ان يكون الكوردي حرا في انتماءه الى هذه الاحزاب وفق ما تغير مجتمعه منذ الغزوات و الاحتلال و ما جرى فيه من التغييرات الثقافية و الاجتماعية و حتى الفكرية نتيجة الضغوطات العسكرية و الاقتصادية التي كانت سببها ما نتج من تلك الغزوات الاسلامية العنيفة المسلك و المسيرة و الذي لم تشهد كوردستان مثيلا له من قبل الا ما مر بقرب منها ابان غزو هولاكو لها او قريبا منها على الرغم من وجود اراء متناقضة حول ما ذا كان قد مرت تلكة الغزوات الشرقية بكوردستان غازيا هالكا لشعبها ام ممرا لمسيرته نحو المناطق الاخرى.
عندما لم يولد شيء ما في رحمه الحقيقي الصحيح فانه اما يولد مشوها او يكون عمره قصيرا و يواجه عوائق تبرز امامه جراء الموجود غير الملائم لتلك الولادة. فان اول حزب اسلامي كوردستاني كان الحركة الاسلامية في كوردستان العراق في وقت كانت الحركة الثورية التحررية الكوردستانية قد مضت عليها عقودا طويلة دون ان تشهد ظهور مثل هذه الاحزاب الاسلامية العقيدية بشكل جلي. لقد ولدت هذه الحركة بعد توسع شان الحركات الاسلامية في المنطقة و العالم الاسلامي و العربي بشكل خاص سواء نتيجة الصراعات الكبيرة بين الشرق و الغرب و تاسيس احزاب كبيرة شتى من اجل اتخاذها كوسيلة لمحاربة الاخر غير الاسلامي و كانت الكثير منها لمصلحة عالم غير اسلامي ايضا دون ان يعلموا، او كانت المصلحة الضيقة لمجموعة او شخص او من التزم بفكر معين و استغل من قبل المخابرات العالمية لهدف مخابراتي دون ان يعلم او بعلمه ايضا من جهة، او كنتيجة انتهاء فترة الاستعمار و ابقاء المنطقة على فراغ فكري فلسفي من جهة اخرى. هذا قبل اكثر من اربعة عقود في هذه المنطقة التي تواجد فيها الكورد، اما ما برز مابعد الانتفاضة الاذارية في كوردستان من الاحزاب لمابعد الحركة الاسلامية هو شان مختلف سواء ما انشق من حزب الام او من تاسس خارج نطاق الساحة الكوردستانية و استورد على طبق في ظرف ملائم سياسيا كان ام اقتصاديا و توسع و نمى على حساب الشعب والاحزاب العلمانية الكوردستانية الاخرى.
ان اقل ما يمكن ان يُقال عن هؤلاء انهم شوهوا الاصالة الكوردية باستغلالهم لضعفه و ظروفه السياسية الاقتصادية الحياتية الصعبة اما مخدوعين من الاخر او نتيجة ايمانهم بشكل خاطيء بما لا يمكن ان يُعتبر انه يدخل في صحة امر العقيدة و الفكر و السياسة و الحرية التي تتطلب عدم منع اي كان في تنظيمه و اتباع ما يؤمن و يفكر ويعتقد. الا ان الكورد و بعد التشويه المقصود في بنيته الاصيلة تاريخيا، كان لابد من التمعن الاكبر قبل قبول ما يمكن ان يمد من تلك التشويهات المستمرة باسم الحرية و الديموقراطية في عصر لاول مرة يشهدون فيه حرية العمل السياسي بنفسهم و على ارضهم شبه المستقل سياسيا و اقتصاديا. و ما شاهدناه عمّق الامور المشوهة اكثر من علاجها بشكل سليم و اعادة الامور المصيرية الى نصابها الصحيح .
لو انني لم اتعمق فيما مر بشكل ما اكتشف امامي نتيجة التعمق و التمعن فيما تغير من التاريخ بسبب من يعتمد عليه هؤلاء الاحزاب السياسية الاسلامية فكرا و عقيدة و فلسفة و تنظيما ربما لمتُ نفسي على هذا الكلام المسبق قوله، الا انني اعتقد انني لم افي حق ما يمكن ان يُقال عن هذا الشان و بالاخص في ظرف مقلق جدا لكوردستان لكون ما يجري ذو اتجاهات متعددة و للاسلاميين توجهات مغايرة اساسا للناس بشكل عام و يعتبرون و يخضعون للامر العربي التركي الفارسي الاسلامي الخارجي كثيرا جدا.
فان كان العرب لهم الحق في امر البقاء على دينهم لدواعي ما تخص بقائهم عرقيا و ابقائهم بعيدا عن الانقراض الذي انتظرهم لولا الكتاب و الخداع و التوشيهات التي بدات جراء الغزوات و انتعاش اهل البداوة و الصحراء على حساب المدنية و الحضارات التي لم يتمتعوا بها في تاريخهم في الصحراء القاحلة. انهم يحافظون على كيانهم بهذا الدين، كما استغل الاخرون غير العرب عدا الكورد الدين ذاته بشتى الطرق للحفاظ على نفسهم و منها احلال البديل المناسب لهم عن الدين باسم المذهب و طرق اخرى كما هو حال ايران و تركيا و تمسكهما السياسي بالمذهبية باسم العقيدة و هو في اساه فكري قومي قح، اما الكورد فانهم خضعوا لامر دون اين يفكروا بعمق او عقليا لما يؤدي بهم و يحدث لهم وهم من اوائل الشعوب التي سكنت ارضهم و موطنهم، و كلما انتشر ما جُلب الى ارضه من ما هو غريب عنه و عن اصالته و اسس بناء كيانه ازداد فرص ضعفهم هم على ارضهم و حتى انقاراضهم لو لم يجدوا الحل الفكري الفلسفي التنظيمي السياسي و و الفكري الفلسفي البديل المناسب كغيرهم، حتى في هذا العصر من العولمة و الاحتكاك المباشر بين شعوب العالم و ما موجود من التوجه نحو الوحدة الكونية و التواصل.
الاحزاب الاسلامية هي التي تعيق ما يمكن ان يُعمل في اتجاه الحفاظ على الكيان الكوردي التاريخي دون علمهم او نتيجة خداعهم الفكري و الفلسفي الغاشم. و في المقابل فان تاثيرات انعدام الدولة الخاصةبالكورد تقع لصالح هؤلاء الشواذ عن الامة الكوردية و ان تكلموا كورديا.
ز عليه، فان ما يُحسب على الاحزاب الاسلامية المنتشرة على ارض كوردستان من الضرر و التشويه و التحريف اكثر من غيرها من الاحزاب الاخرى على الساحة، و هذا نتيجة الاضرار الكبيرة التي تلحقها في فكر و اصالة و تاريخ المجتمع الكوردستاني الى جانب فشل الاحزاب المحسوب على العلمانية و نشرهم للفساد و الفوضى و عدم اتقانهم لامر الادارة و الفشل الكسيح في السلطة السياسية في اقليم كوردستان و ضعف نظرتهم و بصيرتهم للمستقبل من جانب، وخضوعهم لما يضر الامة الكوردية في المدى البعيد من اجل مصلحة مرحلية مؤقتة شخصية كانت ام حزبية منة جانب اخر. و عليه دون ان يعلم الشعب الكوردستاني فان الاضرار التي تسببها الاحزاب السياسية الاسلامية الكرودستانية اكبر من غيرها، و ان عدوا بانهم يعملون لصالح الكورد سواء لخداع الناس او لعدم معرفتهم لخفايا الامور التي فرضت عليهم، الا ان امرهم خطير و مضر اكثر و الضرر خفي عن الانظار و ما لم يلمسه المواطن البسيط في حياته بل يكون هو مشروع الخداع دون ان يعلم. و عليه فان ما يُحسب على الاحزاب الاسلامية مما يحدث في كوردستان اكثر من غيرها.