خاص : ترجمة – آية حسين علي :
من لا يتقدم يتقادم.. وأمام التطور التكنولوجي الهائل الذي حدث خلال السنوات القليلة الماضية، إمتلأ سجل الشركات بالكثير من الإخفاقات التي نتجت عن عدم قدرة بعض الكيانات على اللحاق بركب التقدم والنمو، لذا لم تستطع بعض الشركات الاستمرار في ظل الواقع الجديد الذي فُرض على العالم نتيجة التطور التكنولوجي الهائل وشديد السرعة، لأنها لم تتمكن من فهم قوانين اللعبة والدخول فيها، حتى أُبعدت عن الصدارة وحلت مكانها شركات أخرى أدركت التغيير الذي يشهده العالم وتمكنت من مواكبته والمشاركة فيه.
كوداك..
كانت شركة “إستمان كوداك”؛ رائدة في مجال أدوات التصوير لفترة طويلة، خلال القرن العشرين، لكنها لم تتمكن من الصمود لأنها لم تدرك أهمية التصوير الرقمي، ولم يستطع مُلاك الشركة إدراك أهمية الكاميرا الرقمية الأولى التي اخترعها “ستيف ساسون”، عام 1975، لذا لم يولوها الاهتمام الذي كانت تستحقه.
وصرح نائب رئيس الشركة سابقًا،” دون سترايكلاند”، بأن (كوداك) “طورت أول كاميرا رقمية تمهيدًا لطرحها، لكننا لم نحصل على موافقة لإطلاقها خوفًا من التأثير الذي من الممكن أن تحدثه على سوق كاميرات الفيديو”، وأمام التطور التكنولوجي السريع والهائل لم تستطع إمبراطورية “كوداك” الصمود وأعلنت إفلاسها، في عام 2012.
“نوكيا” عملاق الهواتف المحمولة..
كانت شركة “نوكيا”؛ هي أول شركة تنتج هاتفًا محمولًا على مستوى العالم، واستطاعت من خلال إصداراتها أن تملك سوق الهواتف، خلال فترة أواخر التسعينيات والسنوات الأولى في الألفية الثالثة، لكن الشركة لم تدرك قدر أهمية الاستثمار في البرمجيات، (software)، واستمرت في التركيز على العتاد، (hardware).
أتسمت الشركة بالثقة المبالغ فيها، وأعتقدت أن لديها وقتًا طويلًا قبل أن تأخذ قرار الإنخراط في تطوير هاتف ذكي، لكن “ستيف غوبس”، أنهى تلك الفترة بإصدار هاتف (آي فون)، أول هاتف بدون لوحة مفاتيح، عام 2007، محدثًا ثورة في عالم صناعة الهواتف، ولم تستطع “نوكيا” مواكبة التطور، ومنعتها الثقة الذائدة من إدراك أن خطوة “غوبس” تُعد جرس إنذار بأنه لم يعد وقتًا طويلًا للتفكير؛ وأن عليها دخول المنافسة فورًا، لذا فإنها تأخرت عامًا كاملًا حاولت بعده منافسة نظام التشغيل “أندرويد”، لكن كان الوقت قد فات.
زيروكس..
كانت شركة “زيروكس” الأميركية أول شركة تنتج حاسوبًا محمولًا، عام 1976، لكنها كانت سابقة لعصرها، وأعتقد الفريق الإداري وقتها أن دخول عالم الأجهزة الرقمية مُكلف للغاية ولن يحقق أرباح جيدة، ورأى المدير التنفيذي حينها، “ديفين كيرنس”، أنه من الأفضل الاستثمار في آلات التصوير الضوئي، فأنصرفت عن تطوير أجهزة (لاب توب) تاركة المجال لشركات أخرى.
بلوك بوستر..
كانت شركة “بلوك بوستر”؛ خلال حقبة التسعينيات، رائدة في مجال تأجير أشرطة الفيديو التي كانت تحوي ألعابًا وأفلامًا، من خلال متاجرها المنتشرة في كل مكان، وهي تُعتبر النسخة القديمة مما تقدمه اليوم شركة “نيتفليكس”، التي باتت توفر للمشتركين في خدماتها الأفلام والمسلسلات، لكن عبر الإنترنت دون متاجر.
من اللافت للإنتباه أن شركة “نيتفليكس”؛ عرضت على إدارة “بلوك بوستر”، عام 2000، اتفاقية تحالف، لتقوم الشركة الوليدة بتزويد العملاء بالأفلام من خلال الإنترنت، لكن إدارة الشركة حينها رفضت العرض لأنها رأت أنه سخيف !.
تعد اليوم “نيتفليكس”، التي أُنشئت عام 1998، أكبر منصات البث الحي للفيديو حسب الطلب، وتتضاعف أرباحها باستمرار، حتى بلغت مليار و211 مليون دولار، خلال العام المالي 2018، بينما أعلنت “بلوك بوستر” إفلاسها، عام 2010.
ياهوو..
بلغت ذروة نجاح برنامج المحادثة، “ياهو”، خلال السنوات الأولى في الألفية الثالثة، لقد طمح مؤسسوه في أن يببقى رائدًا، لكن المعضلة أنهم أغفلوا أهمية العمل من أجل تحسين تجربة المستخدم بإضافة تحديثات باستمرار.
استمرت ريادة “ياهو” لسنوات طويلة وانتشر كبرنامج للمحادثة على مستوى العالم، وكانت له بعض اللحظات التي مر فيها بنجاح كبير، لكن بعض القرارات الخاطئة قضت عليه، لقد كان مطروحًا أمام إدارة البرنامج شراء شركة “غوغل”، عام 2002، لكنها رفضت، كما كان ممكنًا شراء موقع (فيس بوك)، عام 2006، لكنهم قرروا عرض مبلغ للصفقة لم يرضي طموحات مؤسسه، “مارك زوكربيرغ”، إنهم لم يقدروا القيمة الحقيقية للأمور.
لم يعد برنامج “ياهوو” متاحًا؛ إذ قررت الشركة وقف الخدمة اعتبارًا، من تموز/يوليو عام 2018، نظرًا للتغيرات التي طرأت على مجال الاتصالات، التي لم تستطع مواكبتها.
بلاك بيري..
عندما أُطلق أول هاتف “بلاك بيري”؛ كان ذلك مبهرًا للغاية، لم يتوقع أحد أن تتوفر هواتف بلوحة مفاتيح شبيهة بالموجودة في الحواسيب، لكن بعد فترة وجيزة أُصدر أول هاف بلوحة مفاتيح باللمس، التحديث الذي غير مفهوم الهاتف تمامًا، كان مقدروًا لـ”بلاك بيري” تحديث نفسه ومواكبة العصر الجديد الذي فُرض على عالم التكنولوجيا، لكنه لم يفعل ذلك أبدًا.
وفي عام 2017، أعلن المدير التنفيذي لشركة “ريسرش إن موشن” الكندي، المنتجة للهاتف، إنها سوف تتوقف عن إنتاج هواتف محمولة للتركيز على استراتيجية أخرى.
أتاري..
بالنسبة لمن ولدوا خلال الثمانينيات، وأصبحوا شبابًا اليوم، كانت كلمة (أتاري) تعني المتعة والبهجة، كانت هدية مميزة تمنحك القدرة على تحقيق إنجار صعب سهل، والبقاء لساعات طويلة أمام شاشة التلفاز لا ترى لا تسمع لا تتكلم فقط؛ تحاول التغلب على الوحش الموجود في آخر اللعبة، أو قتل كل الأعداء كي تتمكن من البقاء، لقد كانت (أتاري) هو النسخة الأولية من ألعاب الفيديو، لكن الشركة قررت مبكرًا التوقف عن التطوير والتحديث، والتركيز على تحقيق أعلى عائد ممكن.
يقول المطور السابق لـ (أتاري)، “هوارد سكوت”، إن: “وجود راي كاسار رئيسًا تنفيذيًا للشركة، حولها من شركة مبتكرة إلى أخرى تركز على إصدار ألعاب مرخصة، كل ما كان يحتاجه هو أي شيء يمكن وضعه في العلبة وبيعه”.