9 أكتوبر، 2024 4:22 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. رسول بابل: لعمل فيلم عراقي لابد من إعمار البنى التحتية المخربة 

مع كتابات.. رسول بابل: لعمل فيلم عراقي لابد من إعمار البنى التحتية المخربة 

 

خاص: حاورته سماح عادل

“رسول جمال”  مصور ومخرج ومصمم إضاءة عراقي، من مواليد بغداد ١٩٧٤، الاسم الفني “رسول بابل” ، حاصل على دبلوم إخراج سينمائي، وهو مصور فوتوغرافي  منذ عام ١٩٨٨، ومحاضر في قسم الدورات في الجمعية العراقية للتصوير منذ عام ١٩٩٨ ولغاية ٢٠١٦، ورئيس لجنة الفوتوغراف لمهرجان حلم الشباب الأول بغداد، وعضو تحكيم معرض مشاهد من بغداد أقيم في الجمعية العراقية للتصوير. وعضو لجنة تحكيم مسابقة إسلاميات في اتحاد المصورين العرب، وعضو لجنة تحكيم مسابقة فؤاد شاكر لثلاث دورات في منتدى فن الفوتوغراف، وعضو لجنة تحكيم مهرجان السفير الثاني في مسجد الكوفة، وعضو لجنة المعرض السنوي ال٤٤ للجمعية العراقية للتصوير، وعضو ورئيس لجان تحكيم في أكثر من ٣٠ مسابقة الكترونية تمت عبر برامج التواصل الاجتماعي، وعضو تحكيم مسابقة الأفلام السينمائية القصيرة الأول للشباب لصالح وزارة الرياضة والشباب، وعضو الهيئة الإدارية للجمعية العراقية ومسئول لجنة الدورات سابقا. وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين، وعضو إتحاد الإذاعيين والتلفزيونيين العراقيين، و عضو اتحاد التصوير الدولي (FIAP).

حاز على جوائز ودروع  كثيرة أهمها  درع الاستحقاق من جامعة الدول العربية، وميدالية الإبداع من اتحاد المصورين العرب، وهو كاتب لعدة مقالات وبحوث تخص تفكيك النص البصري وفلسفة الصورة منها (التوظيف الجمالي والدرامي للعدسات وأثرها في تكوين عناصر الصورة السينمائية) وعمل مصور فيلم تلفزيونات العالم لقناة (ARTE)، ومصور فيلم أهوار العراق لقناة ال (BBC، ومصور فيلم “بغداد المدينة والنهر”  لصالح قناة الحرة عراق، سيناريو الكاتب “أحمد سعداوي” و”إخراج” “ضياء سالم”، وهو مخرج وكاتب سيناريو فيلم “إصرار” بطولة “سامي قفطان” و”مناضل داوود” و”آسيا كمال”.

إلى الحوار:ٍ

(كتابات) قمت بتصوير عدة أفلام حدثنا عن تلك التجربة ؟

• صورت الكثير من الأفلام الروائية القصيرة والأفلام الوثائقية ذات الطابع الاستقصائي . وكثيرا ما يستهويني الفيلم الوثائقي لما يحويه من معلومات مهمة ومفيدة للمشاهد صحيح أنه متعب وعمله شاق وممكن التنقل لعشرات الكيلو مترات من أجل معلومة أو من أجل لقطة تجعل الفيلم أكثر مصداقية. فتجربة تصوير هذه الأفلام فيها من المتعة الشيء الكثير لكونها تحمل الصدق في ثناياه والمشاهد بصورة عامة يستطيع أن يحكم على العمل بكل سهولة من خلال تجربته البسيطة، أو من خلال معايشته للأحداث المعروضة.

وقد عرضت قناة ال BBC فيلما وثائقيا مهما عن أهوار العراق استغرق العمل به أكثر من عشرون يوما، وعلى مرحلتين مع مخرج فرنسي، كذلك كان لي فيلما عرض على قناة ال ARTE الناطقة باللغتين الفرنسية والألمانية يخص تلفزيونات العالم، وقد نقل تجربة القنوات العراقية ولأكثر من قناة. وأفلام كثيرة عن الأماكن التراثية في بغداد عرضت على قنوات محلية, هذا فيما يخص الأفلام الوثائقية. أما الروائية القصيرة فهي إما لكلية الفنون الجميلة أو لمعهد الفنون الجميلة، وهي تجارب مهمة لطلاب هذه المؤسستين تكللت بالنجاح رغم صعوبة الظروف وقلة الإمكانيات.

(كتابات) لما اخترت الإخراج السينمائي كمجال للتخصص؟

• عملي الأساس هو التصوير بفرعيه السينمائي والفوتوغرافي، أما الإخراج فهو الوعاء الحاوي لكل التخصصات وأقصد التصوير والمونتاج وكتابة السيناريو وحتى إدارة الإنتاج. إذ يعتبر الإخراج هو الركيزة الفعلية لإتمام العمل السينمائي من خلال الغوص في جميع مفاصل هذه الصناعة الممتعة. وهنا المخرج هو القائد الفعلي والمسيطر على كافة المفاصل التي تدير العمل السينمائي. والإخراج يعتبر أوسع أبواب الإبداع والمحقق الحقيقي للأحلام ومن خلاله نستطيع بث الرسائل المهمة وتثقيف المجتمع، إذا ما حسن اختيار الموضوع والإخراج برأيي الخاص هو العصا السحرية لتغيير المفاهيم وفق آليات مدروسة، وضمن تدريس أكاديمي رصين يدخل به علم النفس بشكل مركز وعلم الاجتماع بشكل مباشر لضمان غرس النبتة في ذهن المتقي وانتظار نموها لاحقا.

(كتابات) أنت مخرج وكاتب فيلم “إصرار” احكي لنا عنه ؟

• فيلم “إصرار” هو أول تجربة إخراجية متخصصة، وهو عبارة عن أطروحة تخرجي من معهد الفنون الجميلة, الجميل بالفيلم هو كادر العمل بأكمله من الطلاب وفريق التمثيل بأكمله من المحترفين ومن أعمدة التمثيل في العراق، وافقوا على العمل معنا بكل تواضع وبكل مهنية مما دفع الفريق لأن يكتسب الخبرة الفعلية. ورغم صعوبة الإنتاج وأكاد أجزم أن لا إنتاج ولا ميزانية في هذا الفيلم، رغم الظروف الصعبة أتممت العمل بكل سعادة وبفرح كبير، إني خضت تلك التجربة مع فريقين الأول محترف تماما والثاني لأول مرة يدخل موقع تصوير، وهنا التحدي والإصرار الذي كسبناه لخوض تجارب أخرى مهمة فيها من الخبرة الشيء الكثير.

(كتابات) كتبت عدة مقالات  بحوث عن تفكيك النص البصري وفلسفة الصورة اشرح لنا ذلك؟

• الكتابة في مجال الصورة يحتاج مهارة ودربة، ويحتاج تعلم مستمر ويحتاج إلى مصادر رصينة للأسف قليلة جدا، وتكاد تكون معدومة نهائيا, أغلب كتاباتي هي من خلال كثرة قراءتي لحياة العلامة الكبير الأستاذ (أبو علي الحسن ابن الحسن ابن الهيثم)، المولود في العراق والمتوفى في القاهرة، من خلال كتابه العظيم المسمى بالمناظر هذا الرجل الفذ، هو ملهمي في هذا المجال لما يمتلكه من علم جم ونظريات رصينة ومعرفة تامة بما يكتب، وتجاربه العلمية المهمة التي عاشت لحد هذه اللحظة, وعلى ما يبدو أن تأثري بالعلامة الكبير “الحسن ابن الهيثم” قد قادني لأجرب كما جرب، وأن أكتب ملاحظاتي كما كتب مع فارق التشبيه.

وقد تحصلت عندي معرفة مهمة في مجال رؤية الأشياء وفلسفتها، ومعرفة مصادر نشأتها من بداية تكون الفكرة إلى حين إسقاطها من عالم الخيال والذهن إلى عالم الواقع, ولله الحمد. فالصورة بكل أبعادها هي فلسفة لا تخلو من حكمة، وإذا ما عرضت للمتلقي الكاسب للمعلومة فسيكون التفاعل متميز وتصل رسالة صانع العمل بكل يسر وسهولة, فالثقافة تبادلية هنا بين الصانع والرائي كلاهما يحققان الهدف، فبدون وعي المتلقي لن تصل أي رسالة أبدا. وتكللت تلك الكتابات (بمربع التصوير) وهو عبارة عن رؤيا جديدة ذات مضامين عالية فيها من المعرفة الشيء الكثير، والمربع إذا ما اكتمل، أنا على ثقة بأن يكون مصدر مهم جديد يضاف إلى المصادر، وستكون هناك دورة تعريفية لهذا الغرض و(مربع التصوير) يتعرض لجملة أشياء تحدث للإنسان قد لا يجد لها تفسير، منها كيفية حصول الحلم وقد شرحت كيفية وصول المعلومات في الحلم ومصدرها وكيف تنشأ، كذلك تطرقت لنشأة الفكرة وكيفية المحافظة عليها وتطويرها، وأيضا كيفية البحث عن الأفكار الملهمة الضائعة في متاهات الدماغ، كل هذا تطرقت إليه مع العديد من المفردات المهمة التي سترى النور قريبا إن شاء الله.

(كتابات) كيف هو عملك في مجال التصوير الفوتوغرافي؟

• التصوير الفوتوغرافي هو ليس عمل فقط وإنما أصبح جزء من حياتي وتكوين مهم في شخصيتي. وقد قطعت شوطا طويلا في هذا المجال ما بين باحث ومحاضر ومصور، فالتصوير عندي ليس لقطة فقط وإنما قراءة لأفكار الآخرين وبث رسالة لهم أيضا، فلم تعد تلك النظرة النمطية للصورة تثير الآخرين أبدا، فقد صار الوعي والتفاعل بين المنجز والمتلقي ثنائية مهمة تارة تلقي بظلالها لتغطي حقيقة، وتارة أخرى تشع بضيائها لتكشف زيف وما بين هذا وذاك يكون التفاعل مستمر.

(كتابات) أنت عضو تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة الأول للشباب لصالح وزارة الشباب ما هي هذه المسابقة؟

• هي مسابقة يتنافس فيها مجموعة من الشباب ومن مختلف مناطق بغداد، بعد تأهيلهم من قبل مختصين في مجال السينما، وقد تمت هذه التجربة الأولى بنجاح ولكنها للأسف لم تستمر بسبب الضائقة المالية التي مر بها العراق في الأعوام السابقة، إذ تعتبر هذه التجربة محطة مهمة لبناء جيل من الشباب يتذوق الفن والسينما معا.

(كتابات) ما تقييمك لحال السينما في العراق وهل اختلف؟

• في العراق لا توجد سينما بمعناها المتعارف أو مثل السينما في مصر، وإنما هناك محاولات فردية بجهود ذاتية وبميزانيات متواضعة جدا, مشكلة السينما في العراق أنها ليست ذات مردود مادي، فنحن نعلم أن السينما عبارة عن أموال تجلب أموال بغير هذا يصبح الموضوع أشبه بالتسلية وإثبات للذات لا أكثر, أنت تصرف مثلا ألف دولار يجب أن تحقق على أقل تقدير نصف هذا الرقم أو ضعفه أو أكثر، بدون هذه المعادلة تصبح الخسائر فادحة من غير جدوى.

أغلب المحاولات في العراق، وأقصد من هم داخل العراق، إذ أن الفيلم العراقي يجب أن يكون إنتاجا وتصويرا ومونتاجا وإخراجا عراقيا، حتى يقال له فيلم عراقي وفق هذا التصور، ل ايوجد فيلم ذو مواصفات فنية وتقنية عالية، والسبب هو الإنتاج المقيد بالأموال. كانت لنا في العراق تجربة مهمة مولتها الحكومة العراقية بلا وعي وبلا خطة، صرفت أموال بشكل عشوائي عام 2013 تحت مسمى أفلام بغداد عاصمة الثقافة، راحت في مهب الريح مما يدلل على أن القائمين على تلك التجربة لا علاقة لهم بالسينما والسينمائيين من الأساس.

كان الأجدر بتلك التجربة أن تعيد البنى التحتية لكلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الجميلة، وإعادة تعمير أو بناء دائرة السينما والمسرح، وزج الكوادر العاملة في برامج دورات مكثفة لاكتساب الخبرة لغرض العمل بها لاحقا ولكن للأسف ذهبت الأموال هواء في شبك.

 

(كتابات) هل هناك صعوبات واجهتك في عملك ؟

• لا يوجد عمل بلا صعوبات ولا توجد صعوبات بلا حلول أبدا, فأينما وجدت المصاعب وجدت الحلول. صادفتني صعوبات في بداية عملي وهي كيفية الحصول على المعلومة رغم قلة من يعلم وندرة الحصول على كتاب أو مصدر، ولكن بدأت المشاكل بالاضمحلال بعد اكتسابي للمعلومة والمعرفة في مجال تخصصي, وصرت بعدها لبث ما تعلمته لكل طالب ولكل هاو بلا أدنى تكلف وبرحابة صدر, لكوني قطعت عهدا أن أعلم من يريد المعلومة ولا أبخل عليه أبدا من خلال الدورات وبرامج الدورات التي أقمتها داخل وخارج الجمعية العراقية للتصوير.

(كتابات) أنت عضو لجان تحكيم لعدة مسابقات احكي لنا عن تلك المسابقات؟

• مجمل المسابقات التي حكمتها كانت تضم عدة محاور للتصوير, والمسابقات متباينة في شروطها وثيمة المسابقة الأساسية، فهناك رأي المحكم وهناك شرط المنظم وبين هذا وذاك كان التحكيم يجري وفق مراعاة الشروط أولا، ومن ثم الخوض في إعطاء التقييم الذي يستحقه المنجز بغض النظر عن من صنعه، فدائما ما تعرض الصور على المحكم من دون اسم تجنبا للإحراج، وأيضا ليضع المحكم درجاته بكل أمانة, والمسابقات بصورة عامة هي حالة صحية يتبارى بها المتسابقون لزيادة خبرتهم، وأيضا لكسب المعرفة وإضافة تلك المسابقة لتاريخهم، وأيضا لمعرفة المستوى العام لكل متسابق، حيث أنه سيقدم أجمل ما صوره، بما يتلائم مع ثيمة المعرض وبالتالي هي تجربة مهمة له من خلالها يحدد الخط البياني لجهده .

والمسابقات في العراق كثيرة جدا وروادها كثيرون والمنضمون لها كثر، بدء من الجمعية العراقية للتصوير والتي تعتبر الممثل الحقيقي للمصور العراقي، وانتهاء بالصفحات الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي.

(كتابات) في رأيك هل هناك سبيل لازدهار السينما في العراق؟

• السينما في العراق تحتاج إلى إعادة هيكلة وسن قوانين من الحكومة العراقية، لمواكبة التطور الحاصل في التقنيات الحديثة, نحن في فضاء مفتوح يحتاج إلى مواكبة ما يجري، فلا يمكن عرض فيلم أو صناعة فيلم بأدوات بدائية بلا تكنيك, وعرضه للجمهور الذي تشبعت عينه بتقنيات وخدع وجودة صورة عالية جدا وبإمكانه مشاهدة أفضل الأفلام على مدار اليوم، لنأتي ونعرض عليه فيلم بمواصفات متدنية جدا.

والسبيل الوحيد لرفع قدرة الفيلم العراقي هو أن يصار إلى بناء البنى التحتية المخربة (إنسان وآلة) وزج الكوادر المتخصصة بدورات خارج العراق، أو جلب الخبرات إلى داخل العراق، بغير هذا الحل سوف نبقى نرواح إلى أن نتعب. وهناك حلول مؤقتة أو آنية ممكن من خلالها تطوير عجلة السينما ومنها, تشجيع صناع الأفلام من خلال رفدهم بسلف مالية من الحكومة لإنتاج أفلامهم، على أن يتم استرجاعها بعد تعيين  نسبة تحدد عند وضع الفيلم في طور العرض لمرة أو مرتين، حتى إذا ما تمكن صانع الفيلم من تهيئة الأموال اللازمة لفيلمه استغنى عن تلك السلف.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة