لايعرف المواطن العراقي ، البسيط وعياً والنخبوي فهماً ، من الأصوات التي بحت وهي تدعو للحرب والتهيؤ لها وشد الأحزمة على البطون للخوض في دمائها حتى الركب ، عن أي حرب تتكلم وضد من ولأجل من ؟
فالطائرات التي قصفت مازالت مجهولة المصدر بحسب التقرير الحكومي ؟
والعدو المفترض مازال شبحياً لاوجود له أمامنا ولا خلفنا !
عدو يفترضونه مرّة اسرائيل ومرّة أخرى أميركا ..!
اميركا الحليفة مع سلطة هم في قلبها ويقودونها ..
أميركا الحليفة لإسرائيل والمستعدة لحمايتها على أنقاض كل تحالفاتها الأخرى وحلفائها في المنطقة ..!
أصوات تريد جر وزج وتوريط الشعب العراقي في حرب من دفاتر وحسابات الآخرين ، هي ليست من دفاترنا ولا حساباتنا ..
حرب ، ان خاضها هؤلاء بدماء شبابنا ، ستوّسع جغرافيا المقابر بسببها وأولها مقبرة النجف التي تغص وتبلع الشهداء على إيقاعات الحروب التي لم تتوقف في هذي البلاد المسبيّة بها طولاً وعرضاً وعمقاً !
حرب بين طهران وواشنطن على صفيح ساخن وخليط من الهراوات المكهربة والدبلوماسيات السرّية ، وفي النهاية ستجلس السلطتان على طاولة مفاوضات ليحلّوا ” الإشكالات” بينهما ، بينما يكون الآخرون قد دفعوا فاتورة جدول الأعمال دماً ودماراً !
حرب يراد لها ان تندلع دون علمنا ولافهمنا ولا أخذ رأينا فيما ، فيما اذا كنا مستعدين لفصل جديد من فصولها في سياحة الدم بقداسة هذي البلاد المفترضة ..
لست موهوماً ولاغيري كذلك ، ممن يخشون على هذي البلاد وشعبها ، ان الحرب اذا اندلعت لن يكون وقودها غير شبابنا ، الذين ذهبوا لحرب تحرير الوطن ليجدوا أنفسهم ،على حين غفلة ، انهم سيحاربون من أجل سعادة وراحة بال ترامب وروحاني ، قبل ان يستريحوا من حرب الإرهاب !
فايران ان ارادت حربا مع واشنطن لن تجد افضل من الساحة العراقية ، وسيكون حتى حزب الله في لبنان مكملاً لديكور المسرحية التراجيدية التي ستعرض على مسارحنا ..
وأميركا ان ارادت أن ترد أو تبدأ الحرب على ايران فلن تكون غير الساحة العراقية مجالا حيوياً لها بطرق مختلفة ومبتكرة وليس أولها إفتتاح العرض الجديد للحروب الصغيرة داخل البلاد ، فالاثنان لن يخوضا صداماً مباشراً ، ويعرفان جيداً ان شكل ونوع الحروب التقليدية قد اصبح من ذاكرة الماضي !
فأي عبث يريدوننا ان نخوض في تفاصيله الدامية ؟
الواقعية السياسية غائبة ..
الإجماع الوطني غائب ..
الإمكانات لمواجهات حربية مع اسرائيل أو اميركا في حدودها الدنيا ..
فلمن الحرب اذن ؟
والسؤال الأهم :
نحارب من أجل من ولأجل ماذا ؟
لهؤلاء نقول ، ان التاريخ قال لنا وسيقول ذلك دائماً ، ان ثمن الحروب باهض جداً ، وعلينا ان نتعلم كيفية منع قيام الحروب لا المساهمة في اشعالها أو التورط بها !
ولهؤلاء نقول ، التورط في حرب ليست حربنا ، سنصبح فيها كالاغنام التي تتوزع لحومها على الغيلان ..!
ولهم نقول ونذكرهم بالحكمة العالمية :
“من لا يستطيع أن يكسب الحرب ،لا يستطيع أن يكسب السلام” !