خاص : ترجمة – آية حسين علي :
تشهد العلاقات بين الرئيس الفرنسي الحالي، “إيمانويل ماكرون”، والأسبق، “نيكولاس ساركوزي”، تقاربًا كبيرًا، خلال الفترة الحالية، كما تكررت اللقاءات التي جمعتهما، بعضها كانت اجتماعات خاصة في قصر “الإليزيه”، وفي كثير من الأحيان حضرت زوجاتهما، “بريغيت ماكرون”؛ و”كارلا بروني”، اللقاءات، ويحرص “ماكرون”، منذ وصوله إلى قصر الرئاسة، في آيار/مايو 2017، على طلب المشورة من سابقه، “ساركوزي”، في بعض الأمور التي تخص إدارة البلاد نظرًا لخبرته، إذ ترأس البلاد خلال الفترة من 2007 حتى 2012.
وبرز التقارب، خلال الاحتفال بمرور 75 عامًا على إنزال “بروفانس”، في 15 من آب/أغسطس الجاري؛ إذ تصافح الزعيمان، وتبادلا الابتسامات، بينما لم يحل الرئيس السابق الاشتراكي، “فرانسوا هولاند”، ضيفًا، بعدما رفض الدعوة متحججًا بضيق الوقت.
وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن “بروني” والسيدة “ماكرون” يحتفظان بعلاقات جيدة أيضًا، وأنهما تناولا العشاء معًا عدة مرات في قصر “الإليزيه”، وكانت السيدة الأولى، في أيلول/سبتمبر 2018، قد وجهت دعوة لعارضة الأزياء والمطربة سابقًا، “كارلا بروني”، وإبنتها، “غوليا ساركوزي”، (7 أعوام)، للتجول داخل حجرات القصر الرئاسي، الذي قضت فيه الطفلة الأشهر الأولى من حياتها، لقد كانت زيارة خاصة.
علاقة غريبة..
طالما كانت العلاقة الغريبة بين “ماكرون” و”ساركوزي”؛ محل تفكير وتحليل في الأوساط الفرنسية؛ إذ لم يجتمعا أبدًا في حكومة واحدة، وكل منهما ينتمي إلى حزب مختلف، وتتسائل الصحافة الفرنسية والمحللون السياسيزن حول ما إذا كان هذا التقارب يُنم عن صداقة حقيقية أم أنها تتبع للحسابات السياسية.
ويرى الباحث السياسي والكاتب، “بيير أندريه تاغييف”، أن “ساركوزي” معجب حقيقة بـ”ماكرون”، وهو ما عبر عنه صراحة عندما قال: “ماكرون يشبهني، في حالة أفضل”، وأن “ساركوزي”، الذي يوصف بأنه نرجسي، عندما يفصح عن إعجابه بـ”ماكرون” فإنه في الحقيقة يكون معجبًا بنفسه.
حسابات سياسية..
بينما يرى بعض المحللون أن خلف هذه الصداقة هناك حسابات سياسية، وقد يكون هدف “ماكرون” من التقارب مع “ساركوزي”، حصد أصوات اليمين، في الوقت الذي يمر فيه الجمهوريون بأزمة، وعليهم اختيار قائد جديد بحلول، تشرين أول/أكتوبر المقبل.
وكان الحزب المحافظ الفرنسي قد حصد 8.4% من الأصوات في الانتخابات الأوروبية، التي أجريت في آيار/مايو الماضي، وجاء في المركز الرابع في ترتيب الأحزاب الأكثر انتخابًا.
ومن جانبه؛ يعشق “ساركوزي”، الذي غادر قصر “الإليزيه” منذ 7 أعوام، أن يبقى محط الأنظار، خاصة في حقل السياسة، ويرى 59% من الجمهوريين أن “ساركوزي” هو أفضل زعيم يميني، ويطمح كثيرون في عودة “ساركوزي” إلى صدارة السياسة، وهو الحلم الذي يبدو أنه بعيد المنال، وحقق كتاب مذكراته الأول، (شغف)، مبيعات هائلة وصلت إلى ما يزيد عن 200 ألف نسخة.
ويقول “تاغييف” أن الزعيمين لهما مصالح من وراء إظهار هذا التقارب أمام وسائل الإعلام، لإبراز أنه لم يُعد هناك مكانًا للانقسام على أساس طائفي، وأنهما يتصرفان بصفتهما رجلان يتمتعان بحرية كاملة وانفتاح كبير بعيدًا عن إنتماءاتهما الحزبية.
علاقة طبيعية في ظل الديموقراطية..
على العكس؛ يرى السيناتور عن حزب الجمهوريون، (حزب ساركوزي)، “فيليب باس”، أن الاحترام والأدب المتبادل بين الزعيمان أمورًا طبيعية للغاية في ظل الديموقراطية التي تتمتع بها البلاد، ولا تمثل تقاربًا أو تعايش؛ وإنما فقط شعورًا بالمسؤولية تجاه الدولة.
ويعتبر وزير الدولة والحسابات العامة، “غيرالد دارمانان”، أن “ماكرون” وجد من خلال “ساركوزي” فرصة التحدث مع شخص شغل نفس منصبه، مشيرًا إلى أنهما يتبادلات الاتصالات الهاتفية لمناقشة موضوعات وطنية ودولية، ومثال على ذلك أن الرئيس الحالي استشار سابقه في طريقة التعامل مع أزمة “أصحاب السترات الصفراء”.
وأضاف “تاغييف” أن “ماكرون” قد يستمع إلى نصائح “ساركوزي”، وقد يتظاهر بذلك فقط، وأعرب عن شكوكه حول ما إذا كان يتبعها، لأنه شخصية ذكية ويمكنه الإعتماد على عقله؛ فقط يحتاج إلى القليل من التكنوقراط والحاشية.
برودة العلاقة مع “هولاند”..
يواجه التقارب بين “ماكرون” و”ساركوزي”؛ برودة أصابت العلاقة بين الرئيس الحالي وسابقه، “هولاند”، رغم أنه كان وزيرًا في حكومته، ويرى “تاغييف” أن السبب يرجع إلى شعور الرئيس السابق بأن “ماكرون”، خائن بإمتياز، وأن أسوأ الخونة، لأنه استطاع إزاحته من منصبه.
ويقال أن “ماكرون” لم يحاول توطيد العلاقات معه لأنه من الصعب أن يفعل ذلك مع سابقه، والدليل على ذلك أن “ساركوزي” لم يحتفظ بعلاقات جيدة مع من سبقه إلى “الإليزيه”، “غاك شيراك”، رغم أنهما خرجا من نفس الحزب.