24 ديسمبر، 2024 4:33 ص

في اللقاء مع الصكار ببغداد : الذكريات  النائمة تستيقظ ؟!

في اللقاء مع الصكار ببغداد : الذكريات  النائمة تستيقظ ؟!

حين دخل مبنى المركز الثقافي الفرنسي في بغداد , عـــــــصر يوم 30 / تشــــــرين اول ( اكتوبر ) الماضي ,كان يعتمر عمامة ثلجية , فيما كانت عصا انيقة يتوكأ عليها , اذ يبدو ان قدمي الرجل المولود في المقدادية سنة 1934 , لم تعودان تتحملان جسده , رغم انه كان نحيفا …شخصته على الفور , اذ لم تتغير قسماته العامة . لكنه اخطأ في معرفتي. فحين سألته : من أكون ؟ أجاب : أكيد من أهل البصرة ؟! .
         تلك كانت اللقطة الاولى للفنان والشاعر العراقي محمد سعيد الصكار . عندها استيقظت ذكريات كانت نائمة على وسادة النسيان . ومع حرارة اللقاء , كان الذهن يرحل الى مجريات علاقتي بهذا الفنان الكبير والتي شهدت انقطاعاً منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وهي مجريات أشرت الى جانب منها في العمود الذي نشرتهُ الزمان الطــبعة الدوليــــة يــــوم 25/آب ( اغسطس) /2008 وكان بعنوان الصگار : ألفا ..بيتا.
         ولانهُ لم يعرض في بغداد منذ أكثر من ثلاثين سنة , كان مجيئهُ الى بغداد ( هو الرابع منذ الاحتلال كما يقول ) أولا” ,ومساهمتهُ في فعالية المركز الثقافي الفرنسي ثانياً , كانا حدثين في مسيرته الفنية الغزيرة العطاء . فهذا المركز نظم معرضاً تحت عنوان  : خطاطون عراقيون في باريس , وللفترة (28 تشرين اول -25 تشرين الثاني /2010) , أتاح فيها لاربعة تشكيليين عراقيين ان يعرضو نتاجاتهم والتشكيليون هم : محمد سعيد الصگار – غني العاني – حسن المسعود – محمد صالح . وعن لوحاته التي عرضها يقول  الصگار: هي مجموعة من اللوحات التي أنتخبت من بين مراحل مختلفة من أنتاجي لاعطاء صورة عن حركة التطور الذي ساد في مسألة الخط العربي .
 ولم يكتف الصگار بلوحاته التي عرضها والتي ضمٌت : تكويناً من حروف الخط  البصري والكتابة الحرة , ولوحة بالخط الكوفي الخالص , وسورة الفاتحة بخط النسخ والكوفي مع زخرفة , ولوحتين ضمنٌت تكويناً من حروف الخط البصري نقول لم يكتف بذلك , بل القى محاضرة في المركز الثقافي الفرنسي في بغداد , تحت عنوان ( الخط العربي في فرنسا : تجربة ذاتية ) , مساء يوم 30/10/2010 . وما تطرق لهُ الصگار كان رؤية تقييمية ومن موقع رصد قريب للفن التشكيلي العراقي . حيث تحدث عن تجربتة الذاتية في ميدان الخط العربي. مؤكد انهُ لم يبتعد عن ممارسة فن الخط , موضحاً أن العرب اهتموا , منذ قرون عديدة , بفن الخط مثلما اهتموا بفن الرسم والنقش . ويرى الصگار أن الخط فن مستقل بين الفنون الجميلة الاخرى.
         وفي محاضرته , وأيضا في احاديثه الصحفية والتلفزيونية , أشار الصكار الى ان اهتمامـــــــه انصب , منذ نعومة أضفاره , على فن الخط . لقد تحول هذا ( الشغف ) بالخط العربي الـــــــى  مسيرة وارفة العطاء . فقد شارك في العشرات من المعارض الدولية للخط في فرنسا وفي غيرها من البلدان . وعرضت لوحات الخط التي نفذها في مكتبات الاسكندرية , والمكتبة الملكيــــــــة في كوبنهاكن . واصبح عضوا في العديد من لجان التقييم للخط في المهرجانات الفنيـــــــــــــــة , كالمهرجان الفني الثاني بدولة الامارات العربية المتحدة , وأول مهرجان للخط العربي الذي اقيم بالمغرب .
        وأشار الصكار في محاضرته الى (( أن الخطاطين العراقيين في الغربة في عناء وهناء . فالعناء ناتج عن عدم الحضور الفاعل في الوسط الفرنسي الزاخر بالفن والابداع . وأما الهناء فيعود الى الآفاق الواسعة من الحرية المفتوحة التي يفتقدها الفنانون المغتربون في أوطانهم )) . الصكار يوصف بأنه ( شيخ الخطاطين ) , و ( شاعر القلم الملون ) .ونعتز – كعراقيين –
بأن فن الخط العربي بعث على يد العراقي علي بن هلال ( ابن البواب ) وانتقل الى اسطنبول , وعاد مجددا الى العراق على يد الخطاطين: هاشم البغدادي و محمد سعيد الصكار .  ولعل الصكار يدرك ذلك , وهو يبعث برسالة الى سلفه ( ابن البواب ) , عبر عمود كتبه في جريدة الثورة البغدادية يوم 5 / 3 / 1972 , وهو اليوم الذي استخدمت فيه الجريدة أبجدية الصكار . وكان العمود بعنوان : عزيزي ابن البوّاب .  تحية ” وتقديرا” لشيخ الخطاطين … الفنان والشاعر محمـــد ســـعيد الصكار .