19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

المهدي عطاء وإنسانية وليس خوف ودكتاتورية

المهدي عطاء وإنسانية وليس خوف ودكتاتورية

عندما يتعلق الأمر بالقضاء على الظلم يتصور الكثير أن الوسيلة الوحيدة الفعالة لذلك هي القوة، ولهذا تجد المتبادر للذهن عند تناول موضوع المهدي وظهوره، هو وقوع المجازر باستخدام السلاح، وتوحيد المجتمعات عن طريق القوة والخوف، وإلزامها باحترام الحقوق والنظام بتطبيق قوانين صارمة من خلال دولة فردية يتحكم بها شخص دكتاتوري لا يرحم من يخالفه لكنه يمتاز بالعدالة.
وهذا الأمر ليس صحيحًا، لأن القوة لا تخلق العدالة، فالمتعارف عليه في الروايات التي تتطرق إلى دولة المهدي تصفها بأنها تحقق العدل والقسط بعد شياع الظلم والجور وهذا ما لا يحققه السيف، فالسيف بدون رحمة وفكر وإنسانية يكون جورًا وظلمًا، والذي يحقق العدل والقسط هو المنظومة الفكرية والعقائدية المبنية على الإنسانية والرحمة والحرية والعطاء وتفجير طاقات الإنسان واحترام ذاته باعتباره غاية الخلق الأساسية.
وهذا ما تطرق له الأستاذ المحقق وحاول تأصيله في ذهن المجتمع الإسلامي والمجتمع العراقي بالذات من خلال محاضراته الفكرية والعقائدية ومنها المحاضرة الثامنة من بحث: ( الدولة .. المارقة … في عصر الظهور … منذ عهد الرسول- صلى الله عليه وآله وسلّم-) تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ التي يقول فيها (( نأتي بالبحوث العقائدية حتى يكون كل إنسان على بينة، ونعرف من هو المهديّ وما هي قضيته، فقضية المهديّ ليست عبارة عن مليشيات وقتل وتقتيل وإجرام وأموال ورشا ومناصب وسياسة واحتيال وسرقات وفساد، ليس هذا هو المهديّ- سلام الله على المهديّ-، المهديُّ قدوة حسنة، المهديُّ إنسانية، المهدي عدالة، المهديُّ رسالة، المهديُّ جنة، المهديُّ رحمة، المهديُّ عطاء، المهديُّ تقوى وإيثار وأخلاق)).
ومن هنا يتحتم علينا أن نغير تلك الصورة المشوهة عن الإمام المهدي-عليه السلام- التي تصوره بأنه المقاتل المنتقم الذي يكون خروجه نقمة حيث ينشر الرعب والخوف مع كون الحقيقة خلاف ذلك لأنه الرحمة الإلهية بأسمى صورها، وهو المُعد لرفع الظلم بمختلف مظاهره عن الإنسانية، وهو بعد النهاية السعيدة لمشوار البشرية المليء بالعذاب والمآسي.