16 نوفمبر، 2024 10:49 م
Search
Close this search box.

ايران هي المطالبة بالرد على قصف مواقع الحشد وليس العراق

ايران هي المطالبة بالرد على قصف مواقع الحشد وليس العراق

من سخريات القدر السياسي في العراق , ان يخرج نائب هيئة الحشد الشعبي (ابو مهدي المهندس) ويتهم بشكل مباشر كلا من اسرائيل وامريكا بوقوفهما خلف قصف مواقع الحشد الشعبي , ويكيل اليهما سيلا من التهديدات بالرد عليهما بالمثل, وبعد ساعتين يخرج السيد (فالح الفياض) والذي يفترض انه رئيس هيئة الحشد الشعبي ليخفف من نبرة نائبه التصعيدية . ويتخذ موقفا مغايرا تماما لموقفه , وكاننا في هيئتين , وحكومتين , بل وفي دولتين .

فبعد تعرض مواقع للحشد الشعبي الى قصف من مصادر وصفت من قبل الحكومة العراقية بانها (مجهولة) , ومن قبل مليشيات الحشد بانها (اسرائيلية) , تعالت اصوات معروفة التوجهات داخل العراق , تطالب بالرد على تلك الهجمات بالمثل .

والامر لا يحتاج للكثير من الفراسة لمعرفة من يقف وراء تلك الاصوات العالية وما اهدافها .

فلقد نجحت ايران في ممارسة (التصعيد الناعم) مع امريكا في ازمتها الحالية معها , والتعامل بحذر معها حتى في تصريحاتها التهديدية بان تترك فيها مجالا للمناورة السياسية , اما المواقف التصعيدية فتكون من حصة اذرعها في المنطقة بعيدا عن حدودها , سواء في العراق او لبنان او اليمن او سوريا , وهذا ما يفسر حدة اللهجة التي نسمعها من امراء حرب الفصائل المسلحة في العراق خلال الايام الماضية .

وقد اثبتت ازمة قصف مواقع مليشيات الحشد الشعبي وردود الافعال التي نتجت عنها , ان كل ما يقال عن ان هذه المليشيات تنضوي تحت خيمة المؤسسة العسكرية العراقية ما هي الا محض اكاذيب , فكيف لضابط في الجيش العراقي مثلا ان يهدد دولة ويفتي في طريقة الرد عليها حتى وان كانت معادية ؟ دون اي اعتبار لوجود مؤسسات سياسية حكومية هي من يجب ان تتخذ هذه المواقف السياسية . خاصة وان الدستور العراقي ينص على وجوب ابعاد المؤسسة العسكرية عن كل توجه سياسي .

دعونا ننصب انفسنا مدافعين عن الشيطان ونقيم الامور من وجهة نظر المقابل : –

هل من المنطق ان نعاتب اسرائيل وامريكا على ضربهم لمواقع مليشيات تعلن جهارا نهارا , بمناسبة وبدون مناسبة , في وقوفها ضمن ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة ضد امريكا واسرائيل , ذلك المحور الذي تتبناه وترعاه ايران , ثم ناتي ونعاتب اسرائيل وامريكا ونلومهم ونؤلب الشارع ضدهم اذا ما قصفوا مواقع تلك المليشيات ؟ مع ان الموقف الرسمي العراقي والذي يفترض ان هذه المليشيات تنضوي تحت اشراف مؤسسته العسكرية يتخذ موقف الحياد في سياسة المحاور في المنطقة .

ان كانت هذه المليشيات عراقية بحق فيجب عليها الالتزام بمواقف الحكومة العراقية وسياساتها , اما اذا كانت مصرة على الوقوف ضمن محور المقاومة فالباب مفتوح امامها على مصراعيه لتنفيذ تهديداتها خارج العراق , سواء في سوريا او في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب لبنان , فهي مناطق اقرب لاسرائيل وبامكانها تنفيذ تهديداتها بالشكل الذي تريده هناك ( والله ومحمد وعلي وياهم) , فالعراق ليس حكرا على مكون واحد لكي يتصرف بمصير مكوناته الباقية كما يشاء , فما بالك بشريحة مسلحة من مكون .

ان ما تفعله هذه المليشيات هو نفس ما كان يفعله صدام حسين ايام حكمه لكن من الزاوية المعاكسة , فصدام جعل من العراق البوابة الشرقية للدول العربية في قتاله مع ايران مضحيا بمئات الالاف من العراقيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل , واليوم تحاول هذه المليشيات جعل العراق البوابة الغربية لايران في قتال اسرائيل وامريكا نيابة عن ايران . وكان الشعب العراقي مشاريع قتل جاهزة لهذا وذاك حسب الطلب دون اي اعتبار للدماء التي ستسال وللخسائر التي سيتكبدها كل العراقيين دون استثناء .
كما ذكرنا سابقا .. ان كانت اسرائيل هي من ضربت هذه المواقع , فهي لم تضربها لانها مليشيات عراقية وانما لكونها اذرعا جاهزة لايران , وان كان ينبغي على جهة ان تنبري للدفاع عن تلك المليشيات والرد على القصف الاسرائيلي المفترض لها فهي الحكومة الايرانية وليست العراقية .
والسؤال هنا …هل ايران مستعدة للدفاع عن تلك المليشيات ضد اسرائيل بعد ان قصفت مواقعها ؟
الجواب معروف للجميع ولا يحتاج للكثير من العناء , فمن المستحيل على ايران الدخول في قتال مع اسرائيل دفاعا عن تلك المليشيات , لان الرؤية الاعتبارية الايرانية لتلك المليشيات لا تتوازى ابدا مع مصالحها القومية العليا , فهذه المليشيات في نظر ايران بيادق تحركها وفق مصالحها تلك , ولا يمكن لهذا الدور ان ينعكس , ففي عالم السياسة يبقى البيدق بيدقا , والضحية تبقى ضحية , لا ترتقي الى ان يضحى من اجلها .

لقد تجاوزت الاحداث سياسة مسك العصا من الوسط , وآن للحكومة العراقية ان تحدد موقفها , فاما ان تنجر الى المعسكر الذي يقبع فيه هذه الفصائل وتتخندق مع ما يسمى بمحور المقاومة , او ان تتخلى عن ضعفها امام تلك المليشيات وتفرض عليها الانصياع الحقيقي لاوامرها وتوجهاتها السياسية , فاصرار هذه المليشيات بوضع نفسها وصية على توجهات الشعب العراقي سيدفع بالبلد كله الى اتون حرب الخسارة فيها محسومة سلفا , حينها لن يجدي اللطم شيئا لللطامين , ولا البكاء شيئا للبكائين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات