في زمن الجفاف الفكري والعاطفيّ، وفي عصر ذبول الأحاسيس والمشاعر، وغياب الرفق والمودّة، قُدّم الإسلام على أنه قاسٍ، غليظٌ، صحراوي، بدوي، جافٌ، لا حبّ فيه ولا مودّة، لا قرب، ولا صلة رحمٍ. جُرّد الإسلام من الإنسانية والأنسنة، وجعله البعض عنواناً للحرب، فيما هو عنوان وطريق للحب والمحبة.
قال الله تعالى “وأحسِنوا إن الله يحبّ المُحسِنين”، وقال أيضاً “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله”. ولطالما أوصانا حبيب القلوب صلّى الله عليه وآله وسلّم بالحبّ والمودّة، وكان يُقسِم، والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.
وبعد اشتداد المرض بالسيّدة خديجة رضوان الله تعالى عليها، لم ينصرف عنها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، على الرغم من أنه كان في أولى سنوات الدعوة، كانت تُعَدّ من أصعب سنوات تاريخ الإسلام، وظلّ الرسول يلازم السيّدة خديجة في معظم فترات اليوم، ليهتمّ بها ويلبّي لها احتياجاتها، ويمنحها الكثير من الحب والمودّة.
المحبّة، الهوى، الصبوة، الصبابة، الشغف، الوجد، الكلف، التيتم، العشق، الجوى، الشوق، الشجن، الحنين، اللوعة، الخلّة، الغرام، الهيام، الوَله، كلّ هذه المفردات اتخذها العرب تعريفاً للحبّ ومرادفاته. وتبعهم فقهاء الإسلام وعلماء الدين فألّفوا في الحب والمحبة والغرام والعشق والوَله، وأوردوا لذلك القصص وضربوا الأمثال، وشحنوا كتب اللغة والتفسير وشروحات الحديث النبوي بهذه الحكايات، بل ألّفوا مؤلّفاتٍ مستقلّة في الحبّ والمحبّة بكافة أشكالها.
وقد عدّد المؤرّخ الشهير أبو الحسن المسعودي عدداً من الذين تناولوا أمر الحب في أول 300 عام من تاريخ الإسلام، فحصر أسماء عددٍ كبيرٍ من رجال الفكر في المجتمع المسلم، من كتاب طوق الحمامة في الألفة والإيلاف لإبن حزم الأندلسي، إلى كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين لإبن قيم الجوزية، إلى ديوان الصبابة لإبن أبي حجلة، وكتاب تزيين الأسواق في أخبار العشاق لداوود إبن عمر الأنطاكي، واعتلال القلوب للخرائطي، والأغاني للأصفهاني، والعقد الفريد لإبن عبد ربه.
في هذه الكتب، تزدحم هذه الموسوعات برمّتها بأشعار الجوى والهوى والصبابة، وحتى شعراء الرسول كانوا إذا مدحوا المصطفى الحبيب، استهلّوا أشعارهم بذكر معشوقهم، فهذا كعب إبن زهير مدح الرسول لمّا جاءه مسلماً، وأنشد قدّامه قائلاً، بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ، متيّمٌ إثرها لم يفد مكبول، وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغنّ غضيض الطرف مكحول.
نعم، كان الحبّ يعمر ديارنا، وحياتنا العربية، ولنا من قصص الهيام ما لا يُحصى عدّه، قصة روميو وجولييت تتواضع أمام قصص جميل بثينة وكثير عزة وقيس ليلى وقيس لبنى وليلى الأخيلية وحبها لتوبة وإبن زيدون وولاّدة بنت المستكفي. كان ذلكم ذات يومٍ في حياتنا العربية كتاب “توق الحمامة في الألفة والألاف” للإمام إبن حزم الأندلسي:
مؤلّفه هو الإمام أبو محمّد علي بن حزم الظاهري الأندلسي، وهو إمامٌ كبير في الفقه الظاهري. نشأ في تنعّم ورفاهية ورزق ذكاء مفرطاً، وكان والده من كبار أهل قرطبة.
وأما الكتاب فقد جمع مجموعة من أخبار المُحبين وأشعارهم وقصصهم، وتناول عاطفة الحب بشيءٍ من التحليل النفسي من خلال الحكايات البشريّة التي بلغته، فيعالج إبن حزم بأسلوبٍ قصصي هذه العاطفة من منظور إنساني تحليلي.
والكتاب يُعَدّ عملاً فريداً في بابه، وقد جعل الإمام إبن حزم الكتاب في ثلاثين باباً، وفيه أبواب طريفة مثل باب من أحب من أول نظرة، باب من أحب في المنام، وربما كان هذا الكتاب الكتاب الأول الذي بلغنا كاملاً مستقلاً في المحبة والحب، وقد اكتسب شهرة واسعة في الآفاق.
وحظيَ الكتاب بعناية شديدة في الأدب العربي والغربيّ على حدٍ سواء، ولا سيما في الأدب الإسباني، حتى تُرجِم الكتاب إلى الإنكليزية والروسية والإسبانية والفرنسية والألمانية.كتاب اخر “وهل الدين إلا الحب؟” للشيخ حسين الخشن:
يقول الكاتب في زمن التصحّر الروحي والتردّي الأخلاقي، وفي الزمن الذي تبلّدت فيه الأحاسيس وتخشّبت فيه المشاعر وتوحّش فيه الإنسان، وجفّت ينابيع المودّة والحب، وتقطّعت فيه سبل التراحم والتآخي بين الناس، في زمن هذه حاله، قد تكون بحاجة ماسة إلى حديث الروح والأخلاق وحديث العقل والحكمة وحديث العاطفة الصادقة واللمسة النبيلة.
ويقول في فصلٍ آخر، إنّ عاطفة الحبّ التي أودعها الله فينا هي من أجمل العواطف الإنسانية وأنبلها وأعمقها أثراً، فهي منطلق كل خير، وهي بكل تجلّياتها وامتداداتها الطاقة المُلهمة للإنسان والمُحرّكة له، ولا نبالغ في القول إنّ عاطفة الحبّ هي التي تعطي الإنسان معنى إنسانيّته، لأنّ الإنسان من دون حبٍ هو صخرة صمّاء، ولا يمكن أن نرى في هذه العاطفة من حيث المبدأ شيئاً سلبياً.
ويذكر الشيخ الخشن بدور الحب في الإبداع الإنساني والمعرفة كوجه من وجوه فطرة الإنسان، إذ إن الحب جزء محرّك للفعل والحيوية. فلا يعقل أن تنظَّم العلاقات الإنسانية والاجتماعية من دون الحبّ، لأنّ عدم وجوده يعني فراغها وخواءها من أي مضمون واعتبار، وبوجه خاص ما يتصل بالعلاقات الزوجية، إذ إنّ المودّة والمحبة هما أساس المؤسّسة الزوجية، وأساس العلاقة بين الأولاد والأهل، ويتوسّع الأمر ليطاول الجيران ومن ثم العلاقات البشرية، فهل يعقل أن يخلو المجتمع الإيماني من قيمة الحب؟كتاب “وهل الدين إلا الحب؟” للشيخ حسين الخشن:
يقول الكاتب في زمن التصحّر الروحي والتردّي الأخلاقي، وفي الزمن الذي تبلّدت فيه الأحاسيس وتخشّبت فيه المشاعر وتوحّش فيه الإنسان، وجفّت ينابيع المودّة والحب، وتقطّعت فيه سبل التراحم والتآخي بين الناس، في زمن هذه حاله، قد تكون بحاجة ماسة إلى حديث الروح والأخلاق وحديث العقل والحكمة وحديث العاطفة الصادقة واللمسة النبيلة.
ويقول في فصلٍ آخر، إنّ عاطفة الحبّ التي أودعها الله فينا هي من أجمل العواطف الإنسانية وأنبلها وأعمقها أثراً، فهي منطلق كل خير، وهي بكل تجلّياتها وامتداداتها الطاقة المُلهمة للإنسان والمُحرّكة له، ولا نبالغ في القول إنّ عاطفة الحبّ هي التي تعطي الإنسان معنى إنسانيّته، لأنّ الإنسان من دون حبٍ هو صخرة صمّاء، ولا يمكن أن نرى في هذه العاطفة من حيث المبدأ شيئاً سلبياً.
ويذكر الشيخ الخشن بدور الحب في الإبداع الإنساني والمعرفة كوجه من وجوه فطرة الإنسان، إذ إن الحب جزء محرّك للفعل والحيوية. فلا يعقل أن تنظَّم العلاقات الإنسانية والاجتماعية من دون الحبّ، لأنّ عدم وجوده يعني فراغها وخواءها من أي مضمون واعتبار، وبوجه خاص ما يتصل بالعلاقات الزوجية، إذ إنّ المودّة والمحبة هما أساس المؤسّسة الزوجية، وأساس العلاقة بين الأولاد والأهل، ويتوسّع الأمر ليطاول الجيران ومن ثم العلاقات البشرية، فهل يعقل أن يخلو المجتمع الإيماني من قيمة الحب؟في هذا السياق، العرب عندما أرادوا أن ينعشوا الحب في دنياهم اقتبسوا من الثقافة الأخرى، ولا مانع في اقتباس الحب، لكن بدل فالنتين عندنا آلاف المحبين والعشاق في بلادنا العربية.
نحن أمّة منكوبة، مشلولة، حتى في الحب تقتبس من فالنتين يوماً واحداً في شهر شباط، ما هذا التغييب لثقافة الحبّ التي يزدحم بها الموروث العربي والإسلاميّ؟ ربما لأنّ الدُعاة لا يتكلمون إلا عن البغضاء والجهاد في سبيل الله والسيف والقتل، حتى حور العين التي هي أنيس المؤمن في الجنة جعلوا الذهاب إليها على أسنّة الرماح للأسف الشديد.: ثقافة الحب لا بدّ من أن تعود بدلاً من ثقافة الكراهية والتكفير، لأنّ الحبّ أساسه الخير فهو طاقة متجدّدة ومعين لا ينضب وعطاء متواصل متدفّق لا يعرف الشحّ ولا الحسد، وذلك بالرجوع لثوابتنا
بالحب ننهي كل المشاكل، بالحب نعمر الحياة، بالحب لا بالحرب نبني الحضارة.
تحياتي وكل عام والجميع بخير والحب يعلوا ولايعلي عليه
افشوا السلام وتحاببوا ولايبغض بعضكم الاخر انزعوا من قلوبكم سخام القلوب وبرسالة الحب من قلبي احييكم بعيد الاضحي المبارك