خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في حادث هو الثالث من نوعه في شهر واحد، وقع انفجار بمخزن للأسلحة تابع لميليشيات “الحشد الشعبي”، في منطقة “أبو دشير”، جنوب العاصمة العراقية، “بغداد”، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 29 آخرين.
وأشارت قيادة عمليات “بغداد” إلى أن الانفجار وقع داخل معسكر “صقر”، التابع لـ”الحشد الشعبي”، والذي يضم أسلحة منها قذائف (هاون)، وأخرى ثقيلة تابعة للميليشيات.
وأطلقت “السفارة الأميركية” في “بغداد” صفارات الإنذار بسبب سقوط قذائف في محيطها، وسقطت قذائف في “المنطقة الخضراء” ومحيطها إثر الانفجار.
من جهته؛ كلف رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، بالتحقيق في أسباب الانفجار.
وتفقد “عبدالمهدي” موقع الانفجار برفقة وزير الداخلية وقياديين في “الحشد الشعبي”، وأطلع على واقع الحادث والإجراءات المتخذة بعد الانفجار، وأصدر التوجيهات بوضع ترتيبات متكاملة لكافة المعسكرات ومخازن القوات المسلحة؛ من حيث إجراءات السلامة ومواقعها لمنع تكرار مثل هذه الأحداث المؤسفة.
وتبيّن في التحقيقات الأولية أن أسباب الانفجار ترجع إلى إنتهاك لقواعد تخزين الذخيرة، لكن ظهرت روايات أخرى في وسائل الإعلام ذكرت أن “إسرائيل” تقف وراء هذا الانفجار؛ الذي يعتبر الثالث من نوعه خلال شهر في القواعد العسكرية في “العراق”.
تحميل الحكومة المسؤولية..
وتصدّر تحالف (سائرون)، المدعوم من زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، موجة الانتقادات بشأن وجود معسكرات أمنية داخل المدن، مطالبًا بإجراء تحقيق في الحادث.
رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، النائب عن تحالف (سائرون)، “محمد رضا”، قال في بيان: “تابعنا باهتمام بالغ التفجيرات التي حدثت في أكداس العتاد ضمن المناطق السكنية في محيط بغداد، وتم الاتصال بالقادة لإتخاذ الإجراءات المناسبة لإخماد التفجير وعدم السماح بالتوسع إلى أكداس مجاورة أخرى”.
وحمّل البيان؛ “الحكومة الاتحادية ووزارتي الدفاع والداخلية؛ المسؤولية التامة بإتخاذ الإجراءات الكفيلة بنقل هذه الأكداس خارج مدينة بغداد، وخارج الأحياء السكنية، ليس فقط في بغداد، وإنما في كافة المحافظات”، مؤكدًا ضرورة “حصر السلاح بيد الدولة؛ وإبعاد المعسكرات غير الرسمية الموجودة ضمن المناطق السكنية”.
ودعا “رضا”، “القائد العام للقوات المسلحة، إلى استغلال هذه الحادثة لغلق كافة المعسكرات وسحب ونقل الأكداس إلى معسكرات آمنة تتوفر فيها مستلزمات الحماية الآمنة ومستلزمات الصيانة الفنية لمثل هكذا أكداس خطرة داخل المدينة، ونحن نعلم أن المعركة العسكرية قد إنتهت ولا مبرر لوجود أكداس عسكرية قريبة من المناطق السكنية”.
دعوة لإخلاء المدن من السلاح..
كما دعا نائب رئيس البرلمان العراقي، “حسن كريم الكعبي”، إلى إخلاء المدن من الأسلحة، والبدء بإطلاق حملة تفتيش واسعة لمصادرتها ومحاسبة كل من يعبث بأمن المواطن.
وطالب نائب رئيس البرلمان، في بيان صحافي، رئيس الحكومة العراقية، “عادل عبدالمهدي”؛ “بتنفيذ وتشديد الإجراءات المتبعة بخصوص إخلاء المدن من الأسلحة، والإسراع بإطلاق حملات تفتيش واسعة داخل المدن للتأكد من تطبيق القرارات ذات الصلة ومصادرة مخازن الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر الموجودة خارج نطاق الحكومة ومحاسبة كل من يعبث بأمن المواطن”.
وشدد “الكعبي” على “وجوب تشديد العقوبات المتعلقة بإنشاء المستودعات أو حيازة الأسلحة غير المرخصة وغير القانونية”.
ووفقًا لصحف عربية، صدرت أمس، فإن احتمال تورط “إسرائيل” في هذه العملية بات مطروحًا في ظل إرتباط مخزن السلاح، الذي تم تفجيره، بـ”إيران” وتبعيته لـ”الحشد الشعبي”.
جزء من معركة تكسير العظام..
فقالت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية، في تقرير لها، على زاوية الروايات الرسمية المتعلقة بالانفجار ووجود تضارب في الروايات بشأن تداعياته.
وحددت الصحيفة التضارب بين معسكرين؛ الأول يرى أن الانفجار تم من قِبل طائرات أميركية أو إسرائيلية، والثاني يرى أن الانفجار حصل بسبب سوء تخزين السلاح في المعسكر.
وبادرت الصحيفة بالحديث إلى مصدر أمني مسؤول؛ أكد أن الانفجار يعتبر جزءًا من معركة تكسير للعظام بين طرفين، الأول “الولايات المتحدة” و”إسرائيل”، والثاني “إيران” وحلفاؤها في “العراق”.
وأشار المصدر إلى أن الطرفين اختارا “العراق” أرضًا لمعركتهما غير المعلنة. ويضيف المصدر، الذي تحفظت الصحيفة عن اسمه، أن: “جميع المؤشرات تدل على أن إسرائيل تكمل ما بدأته في سوريا من استهداف لمواقع القوات الإيرانية متعددة الجنسيات”.
وأختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن الانفجار أثار موجة انتقادات شعبية واسعة ضد السلطات العراقية، نظرًا لأنه ليس الحادث الأول، ولن يكون الأخير الذي يقع وسط الأحياء السكانية بنظر كثيرين.
وأشارت، في هذا الإطار، إلى بيانات إحصائية أشارت إلى وقوع “أكثر من 15 انفجارًا، خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2019″، معظمها داخل أو قريبة من الأحياء الشعبية، وتعود إلى أحد فصائل “الحشد الشعبي”.
تم بواسطة طائرات مُسيرة..
بدوره؛ قال الكاتب الصحافي، “مشرق عباس”، في مقال له بصحيفة (الحياة) اللندنية، إنّ الانفجار يشبه انفجار معسكر “الشهداء” في “آمرلي”، شمال “بغداد”، قبل أسابيع. وطرح “عباس” فرضية استخدام طائرات مُسيرة في التفجيرات.
وحاول “عباس” البحث في الجهة التي قصفت المعسكر، قائلاً إنه وعلى الرغم من غياب بيانات رسمية تؤكد القصف الإسرائيلي تحديدًا داخل الأراضي العراقية، فإن عمليات التفجير الغريبة داخل معسكرات لفصائل مسلحة عراقية دعمت بقوة هذا الإحتمال.
وتطرق الكاتب إلى الجدال الحاصل نتيجة لهذه التفجيرات، مشيرًا إلى أنه ولحين إنكشاف حقيقة واضحة حول هذه الأحداث، فإن تعرض “العراق” أو في الأقل معسكرات “الحشد”، داخل أراضيه، إلى قصف إسرائيلي لن يكون تفسيرًا مستبعدًا، خصوصًا في حال استمرت الأدوار الخارجية التي ما زالت بعض فصائل “الحشد الشعبي” تحاول لعبها، والتهديدات التي تستمر في إطلاقها، والتأكيدات المتصاعدة حول نيتها الاشتراك، لصالح “إيران”، في أي تصعيد عسكري في المنطقة. وطالب “عباس” بضرورة إشراف الجيش في النهاية على مخازن الأسلحة العراقية، خصوصًا الثقيلة منها، وخزنها برعاية وحدات الجيش العراقي المدربة على التعامل مع هذه الأسلحة.
مخازن وسط المنازل..
فيما تطرقت صحيفة (الأخبار) العراقية، بدورها؛ إلى قضية دقيقة، وهي وجود عدد من مخازن الأسلحة في قلب المناطق السكنية.
ونقلت الصحيفة العراقية تصريحات عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، “عدنان فيحان”، والذي أشار إلى وجود مخازن أسلحة غير تابعة للقوات الأمنية في المناطق السكنية.
وأشار “فيحان” إلى وجود معسكرات ومخازن تابعة لجهات لم تُجرَد حتى الآن ضمن “الحشد الشعبي”، أو القوات الأمنية، من دون أن يذكر اسم هذه الجهات. ورأى أن: “هذا الأمر يتطلب عملاً دؤوبًا لحصرها تحت إشراف الجهات الأمنية المتخصصة”، مطالبًا بـ”جردها وتحديد مناطقها، وإخراجها من المناطق السكنية، ووضعها تحت إشراف الجهات الأمنية”.
بسبب كثرة الأسلحة وسوء التخزين..
ويقول المحلل السياسي، “نجم القصاب”: “أعتقد أن هذا الانفجار هو العشرون، فمنذ ثلاث سنوات والانفجارات تحدث في معسكرات ومخازن تكديس الأسلحة، لكن كل المعطيات والمؤشرات تشير بإن سوء التخزين والإدارة وارتفاع درجات الحرارة في بغداد، إلى أكثر من خمسين درجة مئوية، هو الذي أدى إلى انفجار تلك الأسلحة”.
وتابع “القصاب”: “هناك بعض الشكوك في أن إسرائيل هي من تقوم بتلك التفجيرات وبمساعدة الولايات المتحدة، إلا أن المعطيات تشير إلى غير ذلك، فهذه التفجيرات ناتجة عن كثرة الأسلحة وسوء الخزن، ورأينا ذلك في (آمرلي) واليوم في منطقة (الدورة)”.
وأضاف “القصاب”: “ومع كل ذلك، فإن إسرائيل لم تترك الساحة العراقية في الوقت الذي تهدد فيه أسماء شخصيات وفصائل قريبة من إيران، من أنها سوف تتعرض إلى ضربات، أما بصورة مباشرة من إسرائيل أو من الولايات المتحدة، وهي رسائل تبين نية إسرائيل في اختراق المجتمع العراقي من أجل تمزيقه”.
تعدد خيارات القصف..
بدوره؛ لم يستبعد الخبير الأمني، “هشام الهاشمي”، تعرض المقر إلى قصف، سواء بصواريخ (الكاتيوشا) أو قنابل (الهاون) أو حتى الطائرات المُسيرة.
وقال “الهاشمي”، في تصريح له، إنه: “من المحتمل أن يكون تفجير معسكر الصقر، جنوب بغداد، وقع باستهداف قذيفة مدفعية أو صاروخ (كاتيوشا) أو قنبلة (هاون) أو حتى طائرة مُسيرة متطورة بإمكانها حمل صاروخ بطول 30 – 50 سم”.
وأضاف “الهاشمي”، أنه: “لا بد من مصدر حراري شديد الانفجار، يسبب إنطلاق هذه المقذوفات والصواريخ خلال 10 – 20 ثانية، حسب شهادات الأهالي، أو وجود وقود صلب أو تخزين سيء لمادة (سي فور-C4)”.
قد تكون أمانة لدى العراق..
بدوره؛ اعتبر نائب رئيس الوزراء العراقي السابق، “بهاء الأعرجي” في تغريدة على (تويتر)، أن الأسلحة التي أُحرقت غير عادية ولا تستعملها القوات العراقية؛ ولا حتى “الحشد الشعبي”، منوّهًا بأنها “قد تكون أمانة لدى العراق من دولة جارة، وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة بناءً على وشاية عراقية خائنة”، حسب تعبيره.
مخططات إسرائيلية..
يذكر أن الخبير الأمني، “فاضل أبورغيف”، كان قد كشف عن وجود معلومات حول تخطيط “إسرائيل” لقصف مخازن أسلحة “الحشد الشعبي” في “العراق”، مضيفًا أن ذلك غير مستبعد بالأساس، وأن ما حدث، الإثنين الماضي، في مخازن السلاح جنوبي “بغداد”؛ قد يكون جزءًا من الخطة التي تعدّ لها “إسرائيل”.
العلاقات تتطور تدريجيًا..
من جانبها؛ قالت الخبيرة في مركز “هرتسليا” المتعدد الإختصاصات وعضو “الكنيست” من “حزب الاتحاد” الصهيوني، “كسينيا سفيتلوفا”، لصحيفة (كوميرسانت) الروسية إن حقيقة أن “إسرائيل” يمكن أن تضرب “العراق” ليست بالأمر الجديد، مذكّرةً بهجوم سلاح الجو الإسرائيلي على مفاعل (أوسيراك) النووي في “العراق”، عام 1981، عندما اعتبرته “إسرائيل” تهديدًا لأمنها.
مضيفة “سفيتلوفا”؛ أن “إسرائيل” لا تؤكد تورطها في الأحداث الأخيرة في “العراق”، لكنها مهتمة حقًا بعدم السماح لـ”إيران” بإنشاء تحالف يمتد من “طهران” عبر “العراق” إلى “لبنان” و”سوريا”.
وأكّدت أن لـ”إسرائيل” مع “العراق” علاقة مختلفة تمامًا عن علاقتها مع “سوريا”؛ الدولة المعادية لـ”إسرائيل”، مؤكّدة أنه على الرغم من غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية، فإن العلاقات بين “إسرائيل” و”العراق” تتطور تدريجيًا، وأنها استقبلت العديد من الوفود من “العراق”؛ بما في ذلك برلمانيون عراقيون، بصفتها عضوًا في “الكنيست”.
إسرائيل لن تتحمل مسؤولية الهجمات..
وكان اللواء المتقاعد ومدير معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، “عاموس يادلين”، قد أكد، في وقتٍ سابق، أن: “إسرائيل تتصرف حقًا في العراق، لكنها لن تتحمل مسؤولية الهجمات، لأن ذلك قد يعقد الوضع بالنسبة للولايات المتحدة؛ التي تتعاون مع القيادة العراقية وتساعدها في القضايا الأمنية”، مشيرًا إلى: “أن العراق شريان لوجيستي لإيران، يسمح لطهران بتسليم الأسلحة والأفراد إلى سوريا ولبنان”.
وجاء ذلك؛ بعد تقارير إعلامية تحدّثت عن أن “إسرائيل” هاجمت أحد المعسكرات في محافظة “صلاح الدين”، شمال غرب “العراق”، باستخدام طائرة (إف-35).
ويعد معسكر “الصقر”، الذي وقع فيه الانفجار الأخير، مركزًا لقوات “الحشد الشعبي”، التي تتكون بشكل أساس من الكتائب الشيعية، التي تم تشكيلها في صيف عام 2014؛ لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، وفي عام 2016؛ تم دمج فصائل “الحشد الشعبي” مع قوات الجيش العراقي.