خاص : ترجمة – آية حسين علي :
لن يتوقف “مارك زوكربيرغ”؛ ولا “ساندر بيتشاي”، عن الطموح أبدًا، سوف يصلون إلى آخر جزء من كعكة التجارة الإلكترونية وأرباح الصفقات، ويتوغلون داخل كل بيت، وحتى بعدما يحققون كل أهدافهم الحالية سوف تتجلى لهم طموحات أخرى، بينما تبقى الشركات الصغرى في مكانها؛ وربما بعدما تفشل محاولات حيتان الإنترنت من أجل إجهاض نجاح التطبيقات والبرامج البارزة يلجأون إلى صفقات شراء بالمليارات.
يكفي أن تعرف أنه خلال العقد الأخير، أبرمت 5 شركات إنترنت كبرى، (مايكروسوفت – غوغل – آمازون – فيس بوك – آبل)، 431 عملية إستحواذ بقيمة 155 مليار دولار، بحسب بيانات نشرتها (بلومبيرغ)، كما ساهمت جهودها الحثيثة من أجل الوصول إلى الأحدث، واحتياطاتها النقدية الضخمة وقدرتها على فتح أسواق جديدة في إتاحة الفرصة للإستحواذ على حصص كبيرة من السوق.
إمبراطوريات الإنترنت في ظل قانون غير مفعل..
تسعى “الولايات المتحدة الأميركية”؛ بجهود مضنية، إلى وضع حدًا لسلطة شركات الإنترنت الكبرى، وفي مقدمتها “غوغل” و”فيس بوك” و”آمازون”، ويبدو أن قانون “شيرمان” الأميركي لمكافحة الإحتكار المطبق منذ عام 1890، لم يدخل حيز التنفيذ بعد، ففي ظله نمت شركات واستطاعت بفضل تطورها الدائم وسعيها الحثيث إلى الحفاظ على الصدارة؛ أن تكون إمبراطوريات الإنترنت، وبحسب بيانات شركة “إيماركتر” للأبحاث، فإن هناك شركتين تسيطران على 60% من أرباح الإعلانات على الهواتف المحمولة، وعلى 51% من الإعلانات الرقمية عمومًا، هما؛ “غوغل” و”فيس بوك”، كما تستحوذ “آمازون” على 47% من مبيعات التجارة الإلكترونية داخل “الولايات المتحدة الأميركية”.
“غوغل” لا ينافسها أحد..
لم يستطع القضاء الأميركي وقف استراتيجيات شركة “غوغل” للإستحواذ، ورغم أن “وزارة العدل” وجهت لها اتهامات بإنتهاك قوانين مكافحة الإحتكار بتقييد المنافسة، في عام 1980، لقيامها ببيع نظام تشغيل (ويندوز) ومتصفح ويب (إنترنت إكسبلورر) بشكل أدى إلى تراجع مبيعات متصفح شركة “نيتسكيب”؛ الذي كان مسيطرًا لفترة طويلة، ووجهت لها تهم الإحتكار وحكم القاضي بضرورة تقسيم الشركة إلى جزئين، لكن هذا الحكم لم يُنفذ أبدًا، ولم تتوقف عملاق التكنولوجيا عن النمو والإستحواذ.
واليوم وبعد مرور أكثر من 20 عامًا، يواجه عملاق خدمات الحاسوب معضلة مماثلة، إذ أعلنت “وزارة العدل” الأميركية، في تموز/يوليو الماضي، أنها سوف تفتح تحقيقًا موسعًا بشأن نشاطات “غوغل” و”آمازون” و”فيس بوك” للتأكد مما إذا كانت سياساتها تضر ببيئة التنافس في مجال التكنولوجيا، رغم أن الإجابة واضحة ومعروفة مسبقًا.
هناك أصوات في “واشنطن” تدعو إلى زيادة الرقابة والسيطرة على تلك الشركات وإجبارها على تقسيم أعمالها والقضاء على محاولات (إنستغرام) و(فيس بوك) للإستحواذ على المحتوى الرقمي، ومن بين أبرز تلك الأصوات عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديموقراطي، “إليزابيث واران”، لكن خلال العقدين الماضيين، وفي ظل تعطل أدوات الردع، تمكنت عدة شركات كبرى من توسيع إمبراطورياتها بخطوات ثابتة، ومع ذلك شهدت دعاوي الإحتكار، المقدمة داخل “الولايات المتحدة”، تراجعًا كبيرًا للغاية، إذ كان المعدل السنوي 15.7، خلال الفترة من 1970 وحتى عام 1999، لكنه وصل إلى 3 حالات فقط بداية من الألفية الثالثة وحتى عام 2014.
الصفقات والإستنساخ أدوات “زوكربيرغ” للإستحواذ..
خلال إحدى جلسات “الكونغرس” الأميركي؛ المنعقدة في نيسان/أبريل الماضي، طرح السيناتور، “ليندسي غراهام”، سؤالًا على مؤسس شركة (فيس بوك)، “مارك زوكربيرغ”: “هل تعتقد أنك تمارس الإحتكار ؟”. وبالطبع جاءت إجابة الأخير بالنفي، فتحداه وطلب منه أن يذكر له اسم شركة واحدة منافسة له، فلم يستطع “زوكربيرغ” تذكر أي شركة.
في الواقع أن الشاب، البالغ من العمر 35 عامًا، الذي استطاع بناء إمبراطوريته بنفسه؛ لا يعاني من فقدان الذاكرة وإنما في الحقيقة لا توجد شركات يمكن اعتبارها منافسة له، إذ أنه أمام العدد الهائل من المستخدمين لموقع “زوكربيرغ”، الذي وصل إلى 2 مليار شخص، لم يعد في مقدور أي أحد منافسة إمبراطوريته، خاصة بعدما ضم تطبيقي (إنستغرام) و(واتس آب)، مقابل 23 مليار دولار، لقد كان رجل الأعمال الشاب حذقًا في تثبيط نشاط منافسيه.
تعتبر صفقات الشراء إحدى سُبل “زوكربيرغ” من أجل السيطرة والإحتكار، إذ حاول أيضًا شراء تطبيق (سناب شات) في أوج انتشاره، بعدما لاحظ أن المقاطع المصورة التي تُنشر عليه تجذب ملايين من الشباب، لكن مؤسس التطبيق، “إيفان شبيغل”، (29 عامًا)، رفض، فقام “مارك” بإستنساخ فكرة التطبيق بإضافة “إنشاء قصة” إلى (فيس بوك)، بحيث يبقى ما يُنشر متاحًا للأصدقاء لمدة 24 ساعة فقط.
ويرى المحلل، “بن تيمبسون”، أنه لا يمكن الإعتماد على أعداد الحسابات لتحديد قوة موقع (فيس بوك) أو أي منصة أخرى، لأن كثير من الأشخاص يمتلكون أكثر من حساب على نفس الشبكة.