خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعدما تولى “بوريس غونسون”، رئاسة الوزراء، تعمل “بريطانيا” حاليًا على “فرضية” الخروج من “الاتحاد الأوروبي” بدون التوصل إلى اتفاق، بحسب وزير بارز في الحكومة البريطانية الجديدة.
وأوضح “مايكل غوف”، وهو المسؤول عن إعداد خطة (بريكست)، أن فريقه لا يزال يسعى إلى اتفاق، لكنه أضاف، في مقال بصحيفة (صنداي تايمز) البريطانية، أن: “عدم التوصل لاتفاق يُعد احتمالًا قائمًا بشدة”.
وبحسب الصحيفة؛ فإن رئيس الوزراء البريطاني الجديد، “بوريس غونسون”، طلب من “غوف” إجراء اجتماعات على مدار الأسبوع حتى تتم عملية الخروج.
وقال “غوف” إن تعديل الاتفاق، الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة، “تيريزا ماي”، مع “الاتحاد الأوروبي” ورفضه البرلمان البريطاني لن يكون أمرًا كافيًا.
وأعرب عن أمله في أن يكون زعماء الاتحاد مستعدون لإبرام صفقة جديدة، لكنه نصح بضرورة “العمل على إفتراض أنهم لن يفعلوا”.
موضحًا أنه: “بينما نحن متفائلون بشأن المستقبل، فنحن واقعيون بشأن الحاجة إلى التخطيط للاحتمالات كافة”.
الانسحاب بأي وسيلة حتى ولو تم تعليق البرلمان..
ونشرت صحيفة (ديلي تليغراف) البريطانية، أمس الأول، استطلاعًا للرأي، أظهر أن غالبية البريطانيون يعتقدون أنه يجب على رئيس الوزراء، “بوريس غونسون”، أن يسحب البلاد من “الاتحاد الأوروبي”، بأي وسيلة ممكنة.
وأوضح الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة “كومريس” البريطانية، أن 54 في المئة ممن شاركوا في الاستطلاع، قالوا إنهم يتفقون مع أن “بوريس غونسون”، يحتاج إلى تنفيذ الانسحاب بأي وسيلة، بما في ذلك تعليق عمل البرلمان – إذا أقتضى الأمر – للحيلولة دون أن يمنع النواب ذلك.
وأظهر الاستطلاع، أن 46 في المئة عارضوا هذا التصريح.
وأستند الاستطلاع، إلى إجابات 1645 مشاركًا، وبعد استبعاد من قالوا إنهم لا يعرفون ماذا سيختارون.
تخزين السلع الغذائية..
ورغم هذا التأييد للخروج، أكدت دراسة بريطانية أن البريطانيون كدسوا بضائع في منازلهم بقيمة تصل إلى نحو 4 مليارات جنيه إسترليني، خوفًا من خروج بلادهم من “الاتحاد الأوروبي” بشكل غير منظم.
وحسب الدراسة، التي أجرتها شركة “بريميوم كريدت” للخدمات المالية، ونشرت نتائجها الإثنين الماضي في “لندن”، فإن واحدًا تقريبًا من بين كل 5 بريطانيين بدأ في تكديس مخزونه من السلع الغذائية والمشروبات والأدوية. وشملت الدراسة 1052 مستهلكًا يعملون في وظيفة ثابتة.
وقال معدو الدراسة إن التكديس تركز بالدرجة الأولى على السلع الغذائية، حيث بلغت نسبة مخزني السلع بين البريطانيين 74 في المئة، يليهم مخزنو الأدوية، (50 في المئة من البريطانيين)، ثم المشروبات، (46 في المئة).
الكثير من الخبراء يتوقعون حدوث أزمات مؤقتة في توفير السلع الأساسية في “بريطانيا” في حالة الخروج بلا اتفاق، وذلك بسبب طول فترة انتظار الشاحنات التي تحمل هذه السلع عند الحدود بسبب التفتيش الجمركي.
“غونسون” هدد بالخروج دون اتفاق..
ويعتزم رئيس الوزراء البريطاني الجديد، “بوريس غونسون”، الخروج ببلاده في الحادي والثلاثين من تشرين أول/أكتوبر المقبل، “وليكن ما يكون”، حسب تعبيره، مهددًا بالخروج من دون اتفاق، في حالة عدم استجابة “بروكسل” لمطالبته بتعديل اتفاقية الخروج التي توصلت إليها سلفته في المنصب، “تيريزا ماي”، مع “الاتحاد الأوروبي”.
وبذلك يتزايد خطر خروج “بريطانيا” من دون اتفاق، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد البريطاني وغيره من مجالات الحياة هناك.
كما تخشى كثير من الشركات التعرض لأزمات توريد، حيث أعلنت سلسلة شركات “دومينو” البريطانية للبيتزا، الأسبوع الماضي، عزمها على زيادة مخزونها من المكونات التي تحتاج إليها في صناعة منتجاتها، حيث تحصل الشركة على نحو ثلث هذه المكونات من الخارج، ومن بينها “الصلصة” و”الأناناس”.
ويعني خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، بدون اتفاق، أن عليها إتباع قواعد “منظمة التجارة العالمية” إذا أرادت عقد صفقات تجارية مع “الاتحاد الأوروبي” ودول أخرى. كما يمكنها التفاوض بشأن اتفاقيات للتجارة الحرة.
دعوة بإجراء استفتاء جديد..
وقال زعيم “حزب العمال” المعارض، “غيريمي كوربين” – في مقابلة مع شبكة (سكاي نيوز) البريطانية – إنه سيعمل بقوة على منع خروج “بريطانيا” من الاتحاد بدون اتفاق.
وكرر “كوربين” دعوته لإجراء استفتاء جديد، مؤكدًا على تمسكه بإجراء الاستفتاء إن وصل حزبه إلى سدة الحكم.
وأوضح أنه في حالة خروج “بريطانيا” بدون اتفاق، فإن “حزب العمال” سيشن حملة للبقاء في “الاتحاد الأوروبي”.
وقال رئيس “حزب العمال” إنه سيدرس فكرة الدعوة إلى تصويت جديد لحجب الثقة عن الحكومة بعد عودة البرلمان، في أيلول/سبتمبر 2019.
تمويل إضافي استعدادًا لسيناريو الخروج..
فيما تعهد وزير المالية الجديد، “ساغيد غاويد”، بتمويل إضافي للمساعدة في الاستعداد لسيناريو الخروج بدون اتفاق.
وقال “غاويد”، في مقال نشرته صحيفة (صنداي تلغراف)؛ إنه سيكون هناك “تمويل إضافي كبير” لتعيين 500 ضابط جديد في قوة حرس الحدود الجديدة؛ وكذلك لأعمال البنية التحتية “المحتمل” تعديلها في الموانيء البريطانية.
وتشير تقارير إلى إزدياد حالة السخط داخل “حزب المحافظين”، حيث يواصل برلمانيون معارضون لخروج “بريطانيا” بدون اتفاق الضغط من أجل تجنب هذا الموقف.
لكن رغم معارضة العديد من نواب “حزب المحافظين”، لرئيس الوزراء الجديد، فقد أشار استطلاع للرأي إلى زيادة في دعم الحزب له مؤخرًا.
تصاعد النزعة القومية يدفع بإتجاه كارثة اقتصادية غير مسبوقة..
من جهته؛ حذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، “غوردون براون”، من أن تصاعد النزعة القومية في البلاد يعمل على تفكيك “بريطانيا” ويدفع بإتجاه كارثة اقتصادية غير مسبوقة، كما يطلق العنان لنشوب أكبر أزمة دستورية منذ القرن الـ 17.
وقال، في مقال نشره بصحيفة (ذا أوبزرفر) البريطانية؛ إنّ “إنكلترا” و”استكتلندا” و”ويلز” و”إيرلندا الشمالية” يفتقرون إلى الإلتفاف حول هدف موحد؛ وسط تهديد مغادرة “الاتحاد الأوروبي”، (بريكست)، دون اتفاق، داعيًا إلى إتخاذ إجراء عاجل للحيلولة دون (بريكست) دون اتفاق.
وتعهد “براون” بتقديم دعمه الكامل لأي جهود مطلوبة لمنع (بريكست) بلا اتفاق، سواء إذا كان سيتم ذلك بواسطة إجراء انتخابات عامة أو حتى عن طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة.
الخروج دون اتفاق يضع بريطانيا تحت رحمة فرنسا !
كما حذر وزير الخزانة البريطاني، “فيليب هاموند”، من أن خروج بلاده من “الاتحاد الأوروبي”، (بريكست)، بدون التوصل لاتفاق قد يضع رئيس وزراء البلاد الجديد تحت رحمة الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الذي قد يستغل ميناء “كاليه”، الرابط بين “فرنسا” و”بريطانيا”، لممارسة الضغط على “لندن”.
وأضاف “هاموند” – في تصريحات نقلتها صحيفة (الإندبندنت) البريطانية، أمس الأول، أنه ستكون هناك قيود على النفوذ الذي تمارسه الحكومة البريطانية حال عدم التوصل لاتفاق؛ رغم إنفاق أكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني على استعدادت الخروج.
وأوضح أن “بريطانيا” بإمكانها أن تتأكد من التدفق الداخلي للبضائع عبر ميناء “دوفر” البريطاني بدون أي خلاف، غير أنها لن تتمكن من السيطرة على التدفقات الخارجية للبضائع في ميناء “كاليه” الفرنسي.
ولفت “هاموند” إلى أن الجانب الفرنسي بإمكانه أن يتحكم في تسريع أو تخفيض وتيرة تدفق السلع مثلما فعلت “إسبانيا” لأعوام عند الحدود مع “جبل طارق”.
اتفاق تجاري مع واشنطن يبدأ من اليوم التالي للخروج..
“واشنطن” من جانبها؛ لم تترك فرصتها ونزلت السباق، فقال مسؤول بارز في إدارة “ترامب”، أمس، إن “بريطانيا” و”الولايات المتحدة” تناقشان اتفاقًا تجاريًا جزئيًا قد يبدأ سريانه، في أول تشرين ثان/نوفمبر 2019، وهو اليوم التالي للموعد المقرر لخروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”.
وأثناء زيارة إلى “لندن”، ناقش مستشار الأمن القومي الأميركي، “جون بولتون”، مع وزيرة التجارة البريطانية، “ليز تراس”، احتمال توقيع زعيمي البلدين على إعلان لخارطة طريق تقود إلى إتفاقية للتجارة.
وقال المسؤول إن هذا قد يحدث على هامش اجتماع “قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى”، في “فرنسا”، هذا الشهر.
وأبلغ المسؤول، الصحافيين، أن “بولتون” ووزير المالية البريطاني، “ساغد غاويد”، قد ناقشا احتمال اتفاق تجاري مؤقت يغطي كل القطاعات. وأضاف أن مثل هذا الاتفاق قد يستمر لنحو ستة أشهر.
وأثناء زيارته، التي استمرت يومين، أبلغ “بولتون”، رئيس الوزراء البريطاني، أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يريد أن يرى خروجًا ناجحًا لـ”بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، في 31 تشرين أول/أكتوبر 2019، وأن “واشنطن” جاهزة للعمل سريعًا على اتفاقية للتجارة الحرة بين “الولايات المتحدة” و”المملكة المتحدة”.
وسعى “بولتون”، الذي غادر “بريطانيا”، إلى تحسين العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”بريطانيا” تحت قيادة “غونسون”؛ بعد روابط متوترة أحيانًا بين “ترامب” ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة، “تيريزا ماي”.
وبينما تستعد “بريطانيا” لمغادرة “الاتحاد الأوروبي”، فيما سيكون أكبر تحول جيوسياسي لها منذ الحرب العالمية الثانية، فإن دبلوماسيون كثيرون يتوقعون أن تصبح “لندن” معتمدة، بشكل متزايد، على “الولايات المتحدة”.