23 ديسمبر، 2024 9:26 م

(عفية ) سوات … رحل محمد عباس …

(عفية ) سوات … رحل محمد عباس …

احيانا اشعر ببعض العزاء لأني امتهنت الكتابة فهي تمنعني من الانفجار حين انزف بها المي….
رحل محمد عباس مدرب نادي كربلاء ، ابن (ولايتنا ) وجارنا الطيب وزميل صبانا ..رحل الرجل المسالم الى حد البراءة وعاشق بلده الى حد الاستشهاد على ارضه على ايدي قوات سوات .. استفزاصابعي هذا النبأ الذي تلقيته من شقيقي – صديقه الاقرب – مع اطلالة صباح يوم الاحد بعد ان قضينا اياما ندعو له بالشفاء فلجأت الى الكتابة لأنزف المي ..
كنا ندرك ونحن ندعو له ونتبادل نزيف الالم والاستنكارعلى صفحات الفيس بوك انه راحل لامحالة فقد كانت ضرباته مميتة وهراوات ابناء سوات ( لاتتفاهم ) ..ثلاثة عشر كسر في الجمجمة ورضوض وتهشيم عظام ثم آثار( بساطيلهم ) على صدره ..هل كان ارهابيا ؟ صداميا ؟ تكفيريا ؟ ..لابد ان ابناء سوات تم تدريبهم بحرص على تاديب او قتل كل من يحمل واحدة من تلك الصفات لكن محمد عباس كان عراقيا مخلصا ، عاد من هولندا بعد سنوات مريرة من الغربة ليخدم بلده ويقدم ولاءه لرياضته فعاش غربة اقسى على ارضه..
حين كان يلعب في نادي الصناعة ، كنا نقفز فرحا حين نشاهد مبارياته لأن ابننا ربما سيصبح احد لاعبي المنتخب لكنه غادركربلاء ليحمي نفسه بعد الانتفاضة الشعبانية التي ابتلعت من ابنائها من حمل البندقية ومن لم يحملها وكان محمد آخر من يفكر في حمل بندقية.. لم تدافع عنه مدينته حين غادرها بريئا ولم يحتضن الوطن اخلاصه حين عاد اليه …عاقبته قوات من بلده بارهاب لايتماشى مع صفتها الامنية فهل صاركل مواطن ارهابيا في نظر سوات حتى لو لم تثبت ادانته ..
وصلتنا معلومات ممن كانوا شهودا على الحادث انه كان مستهدفا وان الشجار بين اللاعبين الذي بدأ بتحرش من قوات سوات كان ذريعة لمعاقبته على العودة الى كربلاء و(احتلال ) منصب مدرب ناديها….
لم يكن محمد محتلا يوما ما ولوكان يدرك ان هناك من هو اجدر منه بتدريب النادي لترك له مكانه بتواضع لكن من يسلك العنف اسلوبا لنيل مآربه لاينظر الى محمد كانسان بل عقبة في طريق هدف اراد احد المتنفذين تحقيقه..ومن يتدرب على القتل يعتاد على اتمام مهمته بنجاح ليحصل على ( عفيه ) فالقتل هو ازالة جذرية لاية عقبة وهواية صار يمارسها من يضع عقله في زناد بندقيته ..اي مجد حققه المالكي بارهاب المواطنين بقوات تضم افرادا جبلوا على العنف ..ربما ضمن عملا لاكبر عدد من ابناء منطقته ( طويريج ) التي يطلق عليها اهل كربلاء اسم ( العوجة ) –على سبيل التهكم – فهو لم يقدم لها اية خدمات تذكر سوى تعيين ابنائها في قواته القذرة لحماية هيبته وضمان انتخابه لولاية ثانية وثالثة والى الابد اذا سمح الدستور ..
رحل محمد عباس تاركا احلامه وذكريات صباه خلف نافذة زرقاء في منزل اهله العتيق حيث كان يتامل القمر وهو يستمع الى صوت ام كلثوم وتحت عمود الكهرباء حيث كان يدرس لضيق منزلهم وعلى ارض الملعب الذي طالما تمنى ان يصبح مشهورا فيه كرياضي فاشتهر كقتيل مغدور على ايدي ابناء وطنه !!
لن اقول لك يامحمد انك ستبقى في القلب فالقلب العراقي لم يعد مركزا للمشاعر والعاطفة بل صار عضوا نخشى عليه من الجلطات والتضخم وتصلب الشرايين ..ستبقى حيا في الذاكرة فهي الوحيدة التي بقيت لدينا وتعجز هراوات الحكومة و(بساطيلها ) عن تهشيمها ..