انتقد السياسي العراقي ، خميس الخنجر، اعتقال منسق الحراك الشعبي في كركوك خالد المفرجي صباح اليوم الجمعة، وحذر من “نتائج خطيرة لهذا الامر”، وفيما وصف رئيس الحكومة نوري المالكي ومتظاهري تركيا بالطائفيين والحاقدين على التاريخ، اتهم المالكي وائتلافه بـ”محاولة القضاء على مكون كامل”.
وقال الخنجر رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية في حديث الى (المدى برس) إن “اعتقال منسق الحراك الشعبي في كركوك خالد المفرجي وهو من الاصوات المعتدلة بالحراك يمثل أمرا خطيرا وقد يؤدي الى ظهور أصوات متطرفة في الحراك”، داعيا الى “اطلاق سراحه فورا”. واوضح ان “ما يزيد الموقف سوءا هو كون المستهدف من اعتقال المفرجي هم المعتصمون ومطالبهم المشروعة وتمثل رسالة خطيرة لهم”، مشيرا الى أننا ” كنا بانتظار تلبية مطالب المتظاهرين بدلا من اعتقال المفرجي”.
وتابع السياسي العراقي الداعم للتظاهرات أن “حامد كرزاي (رئيس افغانستان) بدأ بالتفاوض مع طالبان لكن المالكي وكتلته يشرعون قوانين الانتقام من مكون بأكمله، ويساندون بشار بطائفية مريضة وحلفهم هو حلف الاجرام والقتل”. ولفت الخنجر الى أن “المالكي يستغرب من وصف الاعلام للمتظاهرين في العراق منتفضين ولمتظاهري تركيا بالمخربين”، مستدركا بالقول أن “المالكي ومتظاهري تركيا طائفيون وعابثون وحاقدون على التاريخ”.
ويعد المفرجي من ابرز الناشطين والمنظمين للتظاهرات في محافظة كركوك منذ انطلاقها بالمحافظة في شهر كانون الثاني الماضي للمطالبة بإسقاط الحكومة العراقية وتعديل العملية السياسية، كما كان من الشخصيات الرئيسية المطالبة بإقامة الاقاليم في المحافظة المنتفضة ومحاسبة كل من اشتركوا في حادثة الحويجة في محاكم دولية
وكانت محكمة التحقيقات المركزية في العاصمة بغداد اصدرت في ( 3 نيسان 2013) مذكرات اعتقال بتهمة الارهاب بحق المفرجي واثنين من قادة الحراك الشعبي في كركوك هم أكرم العبيدي والمحامي مؤيد العزي بتهم التحريض، فيما تهمت اللجان الشعبية للتظاهرات في المحافظة كل من نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك ووزير التربية محمد تميم و ورئيس كتلة الحل جمال الكربولي بـ”الوقوف وراء الموضوع.
من جهته، قال رئيس مجلس محافظة كركوك حسن توران “نحن نتمنى الا تكون هناك دوافع سياسية وراء اعتقال منسق الحراك الشعبي بكركوك الشيخ خالد المفرجي”، مستدركا لكن “كان من المفترض أن تتم عملية الاعتقال عن طريق قوات الشرطة بعد اصدار مذكرة من القضاء بهذا الخصوص وليس عن طريق مداهمة منزله من قبل قوات الجيش”.
ودعا توران إلى “اتباع الطرق القانونية والدستورية وان تكون هناك إجراءات شفافة ونزيهة بالتعامل مع المفرجي كونه احد قادة الحراك الشعبي في كركوك”.
وكان عضو اللجان التنسيقية في كركوك اسماعيل الحديدي في حديث الى (المدى برس) إن “قوة خاصة من قيادة عمليات دجلة مكونه من ثلاثة عربات من همر اعتقلت ،فجر اليوم، منسق الحراك الشعبي في كركوك خالد المفرجي خلال مداهمتها لمنزله في قرية البو شهاب (45 كم جنوب غرب كركوك)”، مبينا أن “القوة نقلت المفرجي الى مركز اعتقال امني”.
وكان مجلس الوزراء نوري المالكي اتهم في كلمة له بمناسبة (يوم السجين السياسي) في (17 حزيران 2013) المجتمع الدولي بالازدواجية في التعامل مع المطالب في الدول التي تشهد تظاهرات وانتفاضات، وتابع أن ” المجتمع الدولي يقول ان المظاهرات في العراق مشروعة حتى وان قطعت الطرق حتى وان احرقت وان اختطفت وان رفعت شعارات والذي نراه يوميا على شاشات التلفزيون يتحدثون نحن القاعدة ونحن ..، ولكن منهم اكثر سلمية في دول اخرى يعتبرون لصوص وحرامية واخوان ومخربين”.
ويرى العديد من دول المنطقة مثل العراق والذي توترت علاقاته مع تركيا عقب تأييدها لثورات الربيع العربي وخصوصا الثورة السورية، أن الاحتجاجات التي تشهدها بعض المدن التركية جاءت نتيجة طبيعية لسياسة الحكومة التركية القائمة على التدخل في شؤون الدول الاخرى، في وقت لا يستبعد متابعون أن يكون اندلاع الاحتجاجات في تركيا محاولة من كل من روسيا وايران لشغل انقرة في أزمة داخلية تبعدها عن التدخل في الازمة السورية التي تشهد حاليا تغييرا في موازين القوى لصالح النظام السوري بعد استعادته لبلدة القصير الاستراتيجية القريبة على الحدود اللبنانية.
واظهرت بعض وسائل الاعلام العراقية المملوكة للدولة مثل قناة لعراقية وغيرها من القنوات المملوكة للأحزاب الشيعية نوعا من التشفي والشماتة بما يحدث في تركيا وركزت جل اهتمامها منذ مطلع حزيران الحالي على تغطية هذه التظاهرات ونقل الاخبار العاجلة عنها فضلا عن البث المباشر لها.
وشهدت العلاقات العراقية التركية توتراً متصاعداً على خلفية عدة ملفات عالقة بعضها مزمنة كملف المياه وحزب العمال التركي المعارض لأنقرة، والآخر مستحدث على خلفية ما تعده بغداد تدخلاً تركياً في شؤونها الداخلية، لاسيما على إثر منح الحكومة التركية، في (الـ31 من تموز 2012)، نائب رئيس الجمهورية المدان بالإرهاب طارق الهاشمي، إقامة دائمة في البلاد ورفضها تسليمه للسلطات العراقية، وكذلك التعاون النفطي بين أنقرة وأربيل بالضد من رغبة بغداد، وزيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، في (الثاني من آب 2012)، إلى محافظة كركوك قادماً من مدينة أربيل التي وصلها قبل ذلك بيوم واحد، دون علم بغداد أو موافقتها، والأكثر إزعاجا للحكومة الحالية هو ما تعده “انحيازاً تركياً لفئة من المجتمع العراقي دون أخرى”، وانتقادها “المتصاعد” و”المباشر” لسياسات رئيس الحكومة نوري المالكي.
وتصاعد التراشق بين العراق وتركيا خلال الفترة الماضية خاصة بعدما استضافت مدينة إسطنبول التركية، في (26 كانون الثاني 2013) مؤتمرا لـ”نصرة انتفاضة الشعب العراقي” حيث اعلن معارضون عراقيون فيه عن انبثاق “جبهة تحرير وإنقاذ العراق”، ككيان سياسي يهدف إلى تغيير النظام في البلاد ويخرجها من “الهيمنة الإيرانية” ويوقف مشروع التجزئة.