الحج عند الجاهليين قبل ظهور الاسلام :
ملخص منقول من كتاب “المفصل فى أديان العرب قبل الاسلام ” للدكتور / جواد على المؤرخ العراقى :-
يستعد الجاهليين للحج عند حضورهم موسم ( سوق عكاظ ) ، فإذا انتهت أيام السوق وأراد منهم من أراد الحج ، ذهب الى ( مجنّٓة) ، فأقام فيها الى ( هلال ذى الحجة ) ثم ( ارتحل عنها ) الى ( ذى المجاز ) ومنه الى ( عرفة ) ٠
فإذا كان يوم ( التروية ) تزوَّدوا بالماء وارتفعوا الى ( عرفة ) ٠ هذا بالنسبة الى التجار ٠
أما بالنسبة الى غيرهم ، فقد كانوا يقصدون الحج أى وقت شاءوا ، ثم يذهبون الى ( عرفة ) للوقوف موقف عرفة ، يقصدها ( الحلة ) . أما ( الحمس ) فيقفوا ب ( نمرة ) ثم يلتقون جميعا ( بال مزدلفة ) للإفاضة ٠
معنى الحلة : صنف ممن يطوفون بالبيت عريانا ٠
أما الحمس : : فهم الذين يطوفون بثياب هم ٠
وهناك صنفا ثالث يقال له الطلس : وهم بين الحلة والحمس يصنعون فى احرامهم ما يصنع ( الحلة ) ويصنعون فى ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع ( الحمس ) ٠
ويبدأ حج أهل الجاهلية ( بالإهلال ) ، فكانوا يهلّون عند أصنامهم ، فإذا انتهوا من ذلك قدموا مكة ٠ فكان الأنصار مثلا يهلّون ( لمناة ) فى معبده ٠أى كانوا يغادرون ( يثرب ) الى معبد ( الصنم ) فيكونون فيه لمراقبة ( هلال ذى الحجة ) ، فإذا أهلُّوا ( لبُّوا ) ثم يسير من يسير منهم الى مكة لحج البيت ٠
( ١ ) الطواف :-
والطواف بالبيوت و بالأصنام ركن من أركان الحج ومنسك من مناسكه ، وكانوا يفعلونه كلما دخلوا البيت الحرام ٠
فإذا دخل احدهم الحرم ، وإذا سافر أو عاد من سفر فأول ماكان يفعله ، الطواف بالبيت ٠
ولقد فعل غيرهم فعل قريش ببيوت أصنامهم . اذ كانوا يطوفون حولها كالذي كان يفعله اهل يثرب فى طوافهم ب ( مناة ) ٠
وكانوا أيضاً يطوفون حول ( الرجمات ) . وهى حجارة تُجمع فتكون على شبه بيت مرتفع كالمنارة ويقال لها ( الرجمة ) وكان الجاهليين يطوفون حول الأصنام والأنصاب كذلك ٠
وذكر ” نيلوس ” أن ( الأعراب ) كانوا يطوفون حول ( الذبيحة ) التى يقدمونها قرباناً للآلهة … وكانوا يطوفون حول القبور أيضاً ٠
وقيل انهم كانوا يدورون حول ( حجر ) يُنٓصِّبونه ، طوافهم بالبيت . وسموا تلك الأحجار ( الأنصاب ) . وكانوا يدورون حوله أسابيع كما يطاف بالكعبة وتشبُّها بها ٠
ويلاحظ ان الجاهليون كانوا يقيمون وزنا للحليب فى أمور العبادة ، فقد كانوا يسكبونه على الأصنام خاصة ( حليب الغنم ) ، ولم يُشَر الى حليب الإبل او حليب أية ماشية اخرى ، مما يدل على وجود رابطة بين هذا الحليب وبين ( الدوار ) ، وان له علاقة بالأساطير وذلك فى حالة صدق الخبر بالطبع ٠
والطواف من اهم طرق التعبُّد والتقرُّب الى الآلهة ، يؤدونه كما يؤدون الشعائر الدينية المهمة مثل الصلاة، وليس له وقت معلوم ٠
ولا يختص ذلك بمعبد معين ، ولا بموسم خاص مثل موسم الحج . بل يؤدونه كلما دخلوا معبد فيه صنم او كعبة او ضريح ، فهم يطوفون ( ٧ ) أشواط حوله ، كما يطوفون حول الذبائح المقدَّمة للآلهة ٠
وكانوا يطوفون بالبيت فى نعالهم ٠ ولا يطأؤون ارض المسجد تعظيما له الا ان كان الحاج فقيرا حافيا ٠
ولقد ذكر رسول الله ( صلعم ) قال : من لم يجد نعلين فليلبس خفين ٠
صحيح مسلم ٤/ ٢ وما بعده . كتاب الحج
إرشاد السارى ( ٣/ ٣١٣ وما بعدها ) باب لبس الخفين للمحرم اذا لم يجد نعلين ٠
وكانوا يدخلون جوف الكعبة بنعالهم لايتأثمون من ذلك ٠ وذم ر ان ( الوليد بن المغيرة ) كان اول من خلع نعليه لدخول الكعبة تعظيما لها ، فخلع الناس نعالهم مثله ٠
ومن قبائل الحلة من العرب :-
————————–
تميم بن مرّ كلها غير يربوع ٠٠٠ مازن ٠٠٠ ضبة ٠٠٠ حميد ٠٠٠ ظاعنة ٠٠٠ الغوث بن مرّ ٠٠٠ قيس بن عيلان بأسرها مداخلاتك ثقيف وعدوان ٠٠٠ عامر بن صعصعة ٠٠٠ ربيعة بن نزار كلها ٠٠٠ قضاعة كلها ماخلا علاف و جندب ٠٠٠ الأنصار ٠٠٠ خثعم ٠٠٠ بجيلة ٠٠٠ بكر بن عبد مناة بن كنانة ٠٠٠ هذيل بن مدركة ٠٠٠ أسد ٠٠٠ طيئ ٠٠٠ بارق ٠
وكانوا يقصدون من طرحهم ثيابهم طرحهم ذنوبهم معها ٠ وتخضع النساء لهذه القاعدة أيضاً ، ولا يجوز مخالفتها والا تعرَّض المخالف للعقاب ٠
ولقد ذكر بعض أهل الأخبار ان طواف ( الطائف ) عريانا يكون للمرة الاولى ، فإذا عاد فطاف بعد ذلك ، لبس ملابسه وطاف بملابسه ( كالحمس ) لا يلقيها خارج حدود الحرم ٠
وقيل من ” محمد بن حبيب ” عن ( الحلة ) انهم كانوا اذا دخلوا مكة تصدَٰقوا بكل حذاء وكل ثوب لهم ، ثم استكروا لهم من ثياب الحمس تنزيها للكعبة ان يطوفوا حولها الا فى ثياب جدد ٠ ولا يجعلون بينهم وبين الكعبة حذاء يباشرونها بأقدامهم ٠ فان لم يجدوا ثيابا طافوا عراه ٠
فالذى يطوف بالبيت عريانا هو ضعيف ( الحلة ) ممن لا قِبَلَ له على استكراء ثياب له من الحمس ٠ وممن لا صاحب له من الحمس يعطيه ثياب ليلبسها ٠
اما المتمكن من ( الحلة ) وَمَنْ له صديق من الحمس فلا يطوف عريانا ، وإنما يطوف بثياب الحمس ٠
ومن قبائل الحمس :-
——————
قريش ومن ولدت قريش ٠٠٠ كنانة ٠٠٠ جديلة قيس ٠٠٠ خزاعة ٠٠٠ الأوس ٠٠٠ الخزرج ٠٠٠ جشم ٠٠٠ بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة ٠٠٠ أزد شنوءة ٠٠٠ جذم زبيد ٠٠٠ بنو ذكوان من بنى سليم ٠٠٠ عمرو اللات ٠٠٠ ثقيف ٠٠٠ غطفان ٠٠٠ الغوث ٠٠٠ عدوان ٠٠٠ علاف ٠٠٠ قضاعة ٠٠٠
على رواية للأزرقى ( البلدان – مكة ١٣٨ )
ومن غربلة الروايات عن حمس يتبيّن أنهم أهل مكة الأحرار فى الأصل ، ثم مَن دان بدينهم ، وهم اهل الله وأمته ، تجمعهم عبادة الله والأصنام و المناسك والشعائر التى وضعوها لهم والتجارة التى جعلوها مثل شعائر دينهم ينفقون من أرباحهم منها فى سبيل الله ٠اى بيت الله وأهله المستضعفين حتى جعلوا الصدقة وإطعام المحتاج من أمور الدين ٠
فجمعتهم مجتمع ، جمع بين الدين والتجارة ، وبين الدين والمال ٠ حثَّهم على التعاون بخلط رؤوس أموالهم والاتجار معا بقوافل ٠
والاحماس من العرب الذين أمهاتهم من قريش وصاروا من الحمس بسبب أمهاتهم ٠
ولقد نزل الوحى :-
بتنظيم الحج وفق مبادئ الاسلام :
١) فأباح الحجاج ما كانت الحمس حرمته على نفسها من طعام الحج الا طعام الحمس ٠
٢) كما نزل بوجوب ستر العورة ولبس الإحرام فى الحج ٠
٣) كما نزل الوحى بجواز دخول الحجاج بيوتهم وخيامهم ومايأوون اليه من بيوت ٠
ولقد نزلت الاية ١٨٩ من سورة البقرة ، نزلت فى أمر الحمس ٠ لأن الحمس لا يدخلون تحت سقف ولا يحول بينهم وبين السماء عتبة باب ولا غيرها ، فان إحتاج احدهم الى حاجة فى داره ، تسنَّم البيت من ظهره ولم يدخل من الباب ٠
ولقد جعل ” اليعقوبي ” العرب فى الجاهلية على دينين :
دين الحمس ٠٠٠ ودين الحلَٰة ٠ وذلك بالنسبة للمشركين ٠ وذكر ان منهم مَن دخل فى دين اليهودية و فى النصرانية ، ومنهم مَن دزندق وقال بالوثنية ٠ وبهذا الفرق حصر اليعقوبي أديان أهل الجاهلية ٠
أما قبائل الطلس :-
——————
أما الطلس فقد وصفهم ” محمد بن حبيب ” بقوله انهم بين ( الحلّة ) و( الحمس ) ٠ يصنعون فى احرامهم ما يصنع ( الحلّة ) ، ويصنعون فى ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع ( الحمس ) ٠ وكانوا لا يتعرّون حول الكعبة ولا يستعيرون ثيابا ، ويدخلون البيوت من ابوابها ، وكانوا لا يئدون بناتهم ، وكانوا يقفون مع ( الحلّة ) ويصنعون ما يصنعون .
وهم سائر أهل اليمن ٠٠٠ وأهل حضرموت ٠٠٠ و عك ٠٠٠ و عجيب ٠٠٠ وإياد بن نزار ٠٠٠
وقد ذكر علماء التفسير الآية :” وتزوَّدوا فإن خير الزاد التقوى ” نزلت على طائفة من العرب كانت تجيئ الى الحج بلا زاد ، ويقول بعضهم : كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا ٠٠٠ وكما
روى البخارى عن ابن عباس قال ؛: كان اهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، ويقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ٠
ف ( المتوكلة ):
————–
هم أناس ليسوا ولم يكونوا جميعا من الفقراء المحتاجين ، بل كان منهم قوم أغنياء ، بدليل انهم كانوا اذا حجوا رموا زادهم أو أعطوه للمحتاج اليه ٠ يفعلون ذلك ديانة وتقريبا الى الله ٠كما يفعل المتوكلة من بعدهم فى الاسلام
فهم اذن ٠٠٠ طائفة من طوائف الجاهلية المتدينة ، ترى ان ( التقشف ) فى الحج يزيد من ثوابه ويقرب أصحابه الى رب البيت ٠
ثياب الإحرام :-
————–
وبالنسبة بثياب الإحرام فهو معروف قديم ومعروف عند غير العرب أيضاً ٠ يتكون من قطعتين : من إزار ، ومن وشاح ٠ ويكون ابيض اللون وهو لون يعبّر عن معانٍ دينية .
فقد كان رجال الدين والكهنة يلبسون الثياب البيض ٠ وهو شعار الحزن عند بعض الشعوب ٠٠٠ ويظهر ان اهل مكة وهم ( قريش ) كانوا يلبسون الأرحام ويكرهونها لغيرهم من العرب ، ويعيرونه لهم ان كانوا من حلفائهم .
فيحرمون كاحرام قريش ٠
اما مَن لم يتمكن من الحصول على الإحرام فقد كان يضطر بحكم الضرورة الى الطواف عريانا على نحو ما يقصه علينا اهل الأخبار ٠
( ٢ ) التلبية :-
————
اما بالنسب الى اهل ( العربية الجنوبية ) من ( معينيين ) و ( سبئيين ) و ( قتبانيين ) و ( حضرميين ) فلا توجد اية نصوص عنهم ٠
وذكر ” محمد بن حبيب ” ان طواف اهل الجاهلية بالبيت أسبوعا ٠
وكانوا يمسحون الحجر الأسود
ويسعون بين الصفا والمروة
وكانوا يلبّون