كان للادباء والمثقفين دوراً بارزاً في بلورة مفهوم الصحافة في العالم العربي بالرغم من وقوف البعض منهم موقفاً سلبياً عند نشوءها لا سيما الكاتب الكبير طه حسين عندما وصفها بـ ( مفسدة الادب ) جراء نظرته الى اللغة التي استخدمت فيها وانخراط عدد من الادباء فيها مما اثرت على اللغة العربية في اشاعة اللهجة العامية خاصة في مصر وتحديها للغة الام واستخدام الصحفيون الكلمات البسيطة وتعميمها بين الناس . اما في العراق لم يكن للصحافة رسماً او حيزاً واضحاً وانما كانت تطبع التعليمات والاوامر العثمانية على جدران ديوان الوالي ويطلع عليها ليس عامة الناس وانما اصحاب الذوات والنفوذ . وكانت (عراق جورال ) اول صحيفة عراقية ناطقة اللغة التركية . وبعد مجىء الوالي مدحت باشا امر باصدار جريدة الزوراء العراقية باللغتين العربية والتركية في 15 حزيران 1869م واتخذ الصحفيون هذا اليوم عيداً ورمزاً لهم . في حين يرفض البعض من الصحفيين والمؤرخين اعتبار هذا اليوم عيدا للصحافة العراقية لان الصحيفة لن تصدر الى عامة الناس فحسب وانما كانت تعلق على الدواوين العثمانية في العراق لمعرفة اوامر وتعليمات الولاية في بغداد والخلافة في استانبول . لذا لا يهمنا الجدل المحتدم حول يوم الصحافة لانه طالما كان تاريخاً واضحى عُرفاً يُحتفل به كل عام وبالتالي ينبغي على الصحفيين اعتباره يوماً لمراجعة النفس والضمير وما اسفرت رسالتهم الانسانية من ترسيخ حرية الرأي والتعبير واشاعة مفاهيم الكلمة الحرة المعبرة عن آلام ومعاناة الرأي العام خلال مسيرة مئة واربعة واربعون عاماً ومرورها بمراحل متعددة ومعاصرتها لانظمة سياسية مختلفة . السؤال المطروح ماذا حققت الصحافة بعد هذه المسيرة الطويلة ؟ . نعتقد ان العبرة ليست بمسيرتها الطويلة وانما معرفة الاسباب الحقيقة وراء تراجع مهنية الصحافة بالرغم من وجود قدر من الحرية والتي تُمكن الصحفيين من تصحيح مساراتها ، وباتت المرحلة التي جاءت بعد عام 2003م هي المحك الحقيقي لبلورة فهم جديد للصحافة وممارسة حريتها وتجاوز الفوضى العارمة التي رافقتها جراء عدم وجود تشريعات تتناسب مع مرحلة التغييرمما جعل الصحافة وروادها تحت طائلة القانون . واذا اردنا ان تكون الصحافة سلطة رابعة حقاً ينبغي الايمان بحصانتها ومشاركتها في صنع القرار والا ستبقى مهددة تلوذ بالسلطات الاخرى وتنأى عن نفسها . وهذا المحامي الانكليزي ( شريدان) يهتف في مجلس العموم ( خير لنا ان نكون بلا برلمان من ان نكون بلا صحافة حرة ، لانه بوجود الصحافة الحرة سيكون البرلمان ) .