22 ديسمبر، 2024 4:50 م

فصل جديد من التوترات بين البلدين .. العقوبات الأميركية على “روسيا” لن تؤتي ثمارها !

فصل جديد من التوترات بين البلدين .. العقوبات الأميركية على “روسيا” لن تؤتي ثمارها !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في فصل جديد من فصول التوترات على مستوى العلاقات “الروسية-الأميركية”، وقع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، أمرًا تنفيذيًا يبدو أنه يجيز فرض جولة ثانية من “العقوبات الأميركية” على “روسيا”، عقابًا لها على الهجوم الذي تعرض له عميل المخابرات الروسي السابق، “سيرغي سكريبال”، وابنته، “يوليا”، في “بريطانيا”، العام الماضي.

وقالت وكالة أنباء (بلومبرغ) الأميركية، أمس الأول، إن الأمر التنفيذي الذي صدر عن “البيت الأبيض”، في وقت متأخر من يوم الخميس، يوجه الحكومة الأميركية إلى السعي من أجل وقف مصادر التمويل الدولية، وإلى منع البنوك الأميركية من تقديم قروض لدول تعرضت لـ”عقوبات أميركية” بسبب استخدامها أسلحة كيميائية أو نووية. و”روسيا” إحدى هذه الدول، حيث تواجه جولة أخرى من “العقوبات الأميركية”، رغم أن اسمها لم يرد في القائمة.

وتتضمن “العقوبات الأميركية” الجديدة، التي تستهدف النظام المالي الروسي تفصيليًا، قيودًا على الدين العام الروسي ومطالبة “واشنطن” للمنظمات المالية الدولية، بينها “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي”، بعدم تقديم قروض لـ”موسكو”، ومنع البنوك الأميركية من المشاركة في السوق الأولية للدين السيادي الروسي غير المقوم بـ”الروبل” وإقراض الأموال غير المقومة بـ”الروبل” للحكومة الروسية، وإضافة قيود على ترخيص تصدير السلع والتكنولوجيا التي تسيطر عليها “وزارة التجارة”.

وجاءت تلك الخطوة بعد ساعات من إنتهاء أجل اتفاقية للحد من الأسلحة النووية تعود إلى زمن الحرب الباردة، بعدما انسحبت منها “واشنطن” متهمة “موسكو” بإنتهاكها. وتنفي “روسيا” ذلك.

وكانت “واشنطن” قد فرضت مجموعة أولى من العقوبات على “روسيا”، في العام الماضي، بعدما خلصت إلى أن “موسكو” استخدمت غاز أعصاب ضد الجاسوس المزدوج الروسي السابق، “سيرغي سكريبال”، وابنته، “يوليا”، في “بريطانيا”. وتنفي “موسكو” ذلك.

تتبنى نهجًا أكثر تشددًا..

وقال “البيت الأبيض”: “بعد الجولة الأولى من العقوبات، ردًا على محاولة روسيا اغتيال مواطن في المملكة المتحدة، لم تقدم روسيا الضمانات المطلوبة بموجب القانون الأميركي”.

وأضاف: “لذلك نفرض جولة ثانية من العقوبات. هذا مثال آخر على أننا نتبنى نهجًا أشد من الإدارات السابقة تجاه روسيا”.

وجرى العثور على “سكريبال”، الكولونيل السابق في المخابرات العسكرية الروسية، وابنته، فاقدي الوعي في مدينة “سالزبري”، بجنوب “إنكلترا”، في آذار/مارس من العام الماضي، بعد رش غاز الأعصاب، (نوفيتشوك)، على باب منزله.

وتوفيت لاحقًا امرأة تعيش على مقربة منهما بعدما عثر شريكها على السم في زجاجة عطور مهملة وأحضرها إلى البيت.

نتيجة التعرض لضغوط من حزبي الجمهوري والديمقراطي..

وحسب (نيويورك تايمز)؛ فإن “ترامب” قام بهذه الخطوة نتيجة تعرضه لضغوط متزايدة من قِبل ممثلي الحزبين في “الكونغرس”، حيث بعث عضوان في “مجلس النواب”، هما الديمقراطي، “إليوت إنغل”، والجمهوري، “مايكل ماكول”، برسالة إلى “ترامب”، الإثنين الماضي، طالباه فيها بإتخاذ “إجراءات عاجلة بهدف معاقبة روسيا على استخدامها الوقح للسلاح الكيميائي في أوروبا”، كما حذرا من أن: “فشل الإدارة في التصدي للعدوان الروسي غير مقبول وسيتطلب من الكونغرس القيام بعمل تصحيحي”.

قانون 1991..

ويلزم قانون عام 1991؛ السلطة التنفيذية الأميركية، بفرض العقوبات بعد “التأكد من أن حكومة أجنبية استخدمت أسلحة كيميائية أو بيولوجية ضد مواطنيها أو إنتهكت القانون الدولي”.

ودخلت الحزمة الأولى من العقوبات حيز التنفيذ، في 27 آب/أغسطس 2018، ونصت على فرض حظر على توريد الأجهزة الإلكترونية والمنتجات ذات الاستخدام المزدوج إلى “روسيا”.

وحسب قانون عام 1991؛ كان مفترضًا أن يتم فرض الحزمة الثانية من العقوبات على “روسيا” بعد 90 يومًا، أي في تشرين ثان/نوفمبر 2018، في حال لم يتسن للاستخبارات الأميركية التأكد من أن “موسكو”؛ “كفت عن استخدام الكيميائي”.

غير قانونية وتعتبر إعلان حرب..

وزعمت “واشنطن”، وقتذاك، بأنها مستعدة للتخلي عن الرزمة الثانية من القيود إذا أعطت “روسيا” ضمانة بعدم استخدام الأسلحة الكيميائية وسمحت لمراقبي “الأمم المتحدة” بتفتيش “مواقعها”.

وترفض “روسيا”، بشكل قاطع، أي صلة لها بتسميم “سكريبال”، وتصف “العقوبات الأميركية” على خلفية هذه القضية بأنها غير قانونية، وغير مقبولة على الإطلاق، في حين اعتبرها رئيس الوزراء الروسي، “دميتري مدفيديف”، بمثابة إعلان حرب اقتصادية على “روسيا”.

فرضت عقوبات مماثلة وفشلت..

وبادرت “وزارة الخارجية الروسية” بالرد على “العقوبات الأميركية” الجديدة؛ التي فرضتها “واشنطن” ضد “موسكو”، قائلة بإن كثيرًا حاولوا فرض عقوبات مماثلة وفشلوا.

ووفقًا لما نشرته (سبوتنيك) الروسية، قالت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، أن هناك من بادر وحاول فرض عقوبات على “روسيا”، لكنهم فشلوا.

وأضافت “زاخاروفا”، أن محاولة إجبار “روسيا” على تغيير سياستها الخارجية والداخلية، والتخلي عن مصالحها الخاصة لصالح إرضاء مطالبات “الولايات المتحدة” بالسيطرة على العالم؛ قد فشلت فشلًا ذريعًا.

وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم “الخارجية الروسية” أن “واشنطن” تعرض حالة عجزها أمام العالم.

وقالت المتحدثة باسم “الخارجية الروسية”؛ إن: “الولايات المتحدة تواصل استغلال مسرحية تسميم العميل البريطاني السابق وابنته في بريطانيا، العام الماضي، لتوتير العلاقات مع روسيا”.

وتابعت قائلة، إن: “هذا الاستفزاز السافر أصبح من جديد ذريعة لفرض عقوبات على روسيا”.

وأشارت إلى أن العقوبات الأميركية “توازي الإجراءات المعادية لروسيا، التي إتخذت في السنوات السابقة. وكانت الولايات المتحدة قد منعت مصارفها من منح القروض، (لروسيا)، وتعرقل تعامل روسيا مع المؤسسات المالية الدولية للتنمية، بالإضافة إلى حظر بيع مختلف التكنولوجيات والبضائع. وليس في ذلك أي شيء جديد”.

وأضافت أن: “المبادرين إلى الضغط على روسيا، من خلال العقوبات، قد لجؤوا إلى إجراءات كثيرة خلال السنوات الماضية، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي شيء. وقد لقي نهج إجبار روسيا على تغيير سياساتها الداخلية والخارجية والتخلي عن مصالحها تبعًا لطموحات الولايات المتحدة للهيمنة العالمية فشلًا ذريعًا”.

وأشارت “زاخاروفا” إلى أن “واشنطن” أظهرت “عجزها” مرة أخرى، مؤكدًة على أن “روسيا” ستواصل “التطور وتعزيز الاقتصاد وقدراتها الدفاعية وزيادة نفوذها في الساحة الدولية على الرغم من الإبتزاز من خلال العقوبات”.

قضت على الشراكة “الروسية-الأميركية”..

وفي السياق نفسه؛ أعلن نائب وزارة الخارجية الروسي، “سيرغي ريابكوف”، أن “موسكو” غير مندهشة من فرض “الولايات المتحدة” لحزمة عقوبات جديدة ضد “روسيا”؛ على خلفية قضية “سكريبال”.

وتابع “ريابكوف” قائلًا أن “واشنطن” قضت على بقايا ما يسمى بالشراكة “الروسية-الأميركية”.

تتجاهل المباديء الأساسية للقانون الدولي..

من جهتها؛ ذكرت السفارة الروسية فى واشنطن، أمس، أن “العقوبات الأميركية” الجديدة ضد “موسكو”؛ على خلفية قضية تسمم ضابط الاستخبارات الروسى السابق، “سيرغى سكريبال”، تظهر رفض الجانب الأميركى لإفتراض براءة “روسيا”.

وأشار بيان السفارة، الذي أوردته وكالة أنباء (تاس) الروسية، إلى أن: “الولايات المتحدة تظهر للعالم أجمع مجددًا تجاهلها الصارخ للمباديء الأساسية لدولة القانون، التي تشمل إفتراض البراءة وضرورة أن تتحمل عبء القدوم بأدلة عندما توجه اتهامات”.

وتابع البيان: “أنه حتى الآن لم نرَ أي إثبات على تورط روسيا في تسمم، سكريبال، إلى جانب رفض الجانب البريطاني التعاون مع نظيره الروسي في التحقيقات التي أُجريت بشأن الحادث”، مُضيفًا أن “واشنطن” قررت أيضًا إعطاء نفسها الحق في تحديد الجاني ومعاقبته.

كما أوضح البيان أن الهدف البديهي وراء إتباع تلك السياسة، معاقبة أولئك الذين يرفضون تنفيذ ما تمليه عليهم “واشنطن”، ويعملون على تحقيق مصالحهم الوطنية، مُشددًا على أن “روسيا” لن تطلب الغفران عن تهمة لم تقترفها.

لن تؤثر سلبًا على الاقتصاد..

كما أكد وزير المالية الروسي، “أنطون سيلوانوف”، بأن “العقوبات الأميركية” الإضافية على “روسيا” تضر بالعلاقات الثنائية، غير أنها لن تترك أثرًا سلبيًا ملموسًا على اقتصاد البلاد ونظامها المالي.

وأضاف “سيلوانوف” أن: “الاقتصاد الروسي قد أظهر، في السنوات الماضية، قدرته على المقاومة تحت ضغط التقييدات الخارجية. إن السياسة المالية المتوازنة المتبعة وهيكلية النظام الاقتصادي الكلي التي أنشأناها تتسم بالمرونة، كل ذلك يضمن تأقلم الاقتصاد بسرعة مع الظروف الخارجية غير المواتية”.

وبشأن احتمال فرض عقوبات على الدين العام الروسي وديون الشركات، أكد “سيلوانوف” على أن: “النظام المالي الذي طورته الحكومة يتيح تلبية احتياجات ميزانية الدولة والشركات في الموارد المالية المقترضة”.

مفتعلة ومسيسة..

ووصف نائب رئيس اللجنة الحكومية للدفاع في “مجلس الدوما”، (النواب)، الروسي، “يوري شفيتكين”، أمس، “العقوبات الأميركية” الجديدة ضد بلاده، وكذلك شروط إلغائها بأنها: “مفتعلة ومسيسة ومتحيزة” ضد بلاده.

وقال “شفيتكين” – في تصريح لوكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية – أن: “كل هذه العقوبات ذرائع مفتعلة، تُظهر – مرة أخرى – تسييس تلك الاتهامات وتحيزها فقط لإيجاد سبب لفرض أي عقوبات على بلدنا”.

وشدد البرلماني على أنه لم يُسمح للجانب الروسي بالمشاركة في إجراءات التحقيق، وأن القضية لم تقدم الحجج المناسبة فيما يتعلق بالاتهامات ضد “روسيا”.

سيكون تأثيرها ضئيلًا..

تعليقًا على العقوبات الجديدة، غرد “آندرو وييس”، المشرف على الأبحاث الخاصة بـ”روسيا” ومنطقة “أوراسيا” لدى “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، على موقع (تويتر) للتواصل الاجتماعي، أن الأمر التنفيذي سيمنع تقديم قروض من البنوك الأميركية و”صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي” و”البنك الأوروبي” لإعادة البناء والتنمية.

ولكنه أشار إلى أن هذا التحرك من شأنه أن يحدث تأثيرًا ضئيلًا، حيث إن “روسيا” تمتلك احتياطيًا نقديًا من العُملات الأجنبية يصل إلى 500 مليار دولار، و”لا ترغب، (موسكو)، في دق أبواب أسواق المال في الغرب”.

وعمل “وييس”، في الماضي، مسؤولًا للأمن القومي في الإدارة الأميركية للرئيسين، “بيل كلينتون” و”جورج بوش” الأب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة