الحكيم والصدر ينتزعان مجالس المحافظات من المالكي

الحكيم والصدر ينتزعان مجالس المحافظات من المالكي

نجحت قائمة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة عمار الحكيم وقائمة الأحرار ‏الممثلة للتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر حتى الآن في تقاسم المناصب ‏الرئيسة للحكومات المحلية في المحافظات التي فازت فيها بالاغلبية وهي البصرة والمثنى والكوت ‏والناصرية وبابل وبغداد والديوانية حيث كان منصب أكبر محافظتين هما بغداد والبصرة من نصيب ‏الصدريين والمجلس الاعلى على التوالي.

العاصمة بغداد
وفي بغداد، أشار رياض العضاض القيادي في الحزب الاسلامي العراقي وعضو مجلس محافظة بغداد ‏عن كتلة متحدون بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي اليوم السبت إلى ان تحالف الحزب مع كتلة الاحرار ‏الصدرية والمجلس الاعلى المتمثل في ائتلاف المواطن، قطع الطريق على تشكيل الحكومة المحلية ‏في بغداد وسيشكل الحكومة المحلية التي كان ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري ‏المالكي يحتفظ بمحافظها.‏
وأوضح انه تم توزيع المناصب المحلية بين كتل التحالف حيث منح منصب المحافظ لكتلة الاحرار ‏ونائب المحافظ الاول الاداري لكتلة المواطن ونائب المحافظ الفني للعراقية اما رئيس المجلس لكتلة ‏متحدون ونائب رئيس المجلس لحزب الدعوة تنظيم الداخل.‏
ومن جهته، دعا محافظ بغداد المنتهية ولايته صلاح عبد الرزاق اعضاء مجلس المحافظة الجديد، إلى ‏عقد جلسة للمجلس السبت المقبل.‏
ويبلغ عدد مقاعد مجلس محافظة بغداد 58 مقعدا احرز فيها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ‏المرتبة الاولى بحصوله على 20 مقعداً تلته كتلة متحدون بزعامة النجيفي بالمرتبة الثانية بحصولها ‏على سبعة مقاعد وحل ائتلاف المواطن في المرتبة الثالثة بحصوله على ستة مقاعد وجاء ائتلاف ‏الاحرار بالمرتبة الرابعة بحصوله على خمسة مقاعد وتلاه ائتلاف العراقية الوطني الموحد بحصوله ‏على ثلاثة مقاعد.. فيما بلغ عدد مقاعد الكوتا للاقليات اربعة والمقاعد المخصصة للنساء 15 مقعداً.‏

البصرة الجنوبية ‏
وفي محافظة البصرة الجنوبية، تم امس اختيار ماجد النصراوي محافظا لها والمحافظ المنتهية ولايته ‏خلف عبد الصمد رئيسا لمجلس المحافظة. وتم في التصويت الذي اجراه اعضاء مجلس المحافظة ‏الجديد انتخاب محمد طاهر من كتلة الاحرار نائبا اول للمحافظ وضرغام عارف من الفضيلة نائبا ثانيا ‏كما انتخب وليد كيطان نائبا لرئيس مجلس المحافظة.‏
وجرى التصويت وفق نظام الاقتراع السري بحضور 28 عضوا من اصل 35 عضوا يمثلون مجمل ‏اعضاء الحكومة المحلية في البصرة. و تخلف عن الحضور اعضاء كتلة بدر ولها 4 مقاعد و2 من ‏المستقلين بالإضافة إلى رئيس المجلس المنتهية ولايته صباح البزوني الذي يعد من قيادات دولة ‏القانون بزعامة المالكي.‏
وانتخب ماجد النصراوي عن كتلة المواطن لمنصب المحافظ وخلف عبد الصمد لرئاسة المجلس ‏بالاجماع فيما ذهب منصب نائب رئيس مجلس المحافظة إلى العضو المنشق عن القائمة العراقية وليد ‏كيطان.. بينما تم انتخاب العضو عن كتلة الاحرار محمد طاهر المنصوري لشغل منصب النائب الاول ‏للمحافظ وذهب منصب النائب الثاني للمحافظ إلى عضو كتلة الفضيلة ضرغام عارف الاجودي فيما تم ‏تأجيل توزيع مناصب اللجان إلى جلسة لاحقة.‏
كما أعلنت كتلة المواطن في محافظة ذي قار عن تشكيل الأغلبية عبر تحالف جديد باسم ائتلاف ذي ‏قار الموحد موضحة ان التحالف بات يتكون من أربع كتل رئيسة بعد انضمام كتلة التضامن إلى كتلة ‏المواطن وتيار الأحرار والائتلاف المدني الديمقراطي بما يوفر له 18 مقعدا من مقاعد مجلس ‏المحافظة البالغ 31 مقعدا مؤكدة أن المحافظ سيكون من كتلة المواطن ورئيس المجلس من الأحرار ‏ونائب المحافظ من كتلة التضامن. وتعد ذي قار رابع محافظة عراقية من حيث عدد الناخبين بعد بغداد ‏والبصرة ونينوى التي ستجري انتخاباتها في العشرين من الشهر الحالي.‏

مناكفات بين المالكي والحكيم
ومن جهتها كشفت مصادر سياسية شيعية رفيعة ان رئيس الحكومة نوري المالكي يشعر بغضب شديد ‏بعد نجاح التيار الصدري والمجلس الاعلى في ترتيب صفقة شاملة تضمن حكومتي بغداد والبصرة ‏ومحافظات اخرى ولفتت إلى أن المالكي راسل الحكيم من اجل العودة إليه، مؤكدة ان الأخير رد بدعوة ‏رئيس الحكومة إلى التوقف عن إضعاف السنة.‏
وقالت إن “المالكي لم يستوعب بعد نجاح زعيم المجلس الاعلى عمار الحكيم في إبرام تفاهم يبدو ‏متماسكا مع الصدر ومع كتلة متحدون بزعامة النجيفي والاحزاب المدنية التي رفضت التعامل مع ‏دولة القانون، وأنه بعث رسالة إلى كتلة المواطن مفادها: ارجعوا لنا مادام النهر صغيرا حتى الان”كما ‏نقلت عنها صحيفة “المدى البغدادية اليوم.‏
وأشارت المصادر إلى أنّ الخلاف يتعمق بين الطرفين الشيعيين في تعريف “مصالح الطائفة” فالمالكي ‏يعترض على الحكيم والصدر بالقول “كيف تتفقون على أن تعطوا السنة رئاسة المجلس في بغداد؟” ‏بينما يبشر حلفاء الحكيم بفكرة مفادها ان “وجود السنة في رئاسة مجلس محافظة بغداد هو نصر لرؤية ‏شيعية معتدلة يمكنها حفظ البلاد من التمزق، ودعم للأمن فيها حتى يلمس السني في بغداد انه غير ‏مهمش وانه شريك في اعلى مستويات صناعة القرار”.‏
وذكرت المصادر أن “الحكيم رد على المالكي بدعوته إلى التوقف عن إضعاف النجيفي وكتلته وأن ‏يعود للتعامل مع الشريك السني القوي لدى جمهوره وليس الضعيف الذي لا يمتلك جمهورا”، مبينة أن ‏‏”الحكيم أكد للمالكي أن الشريك الآخر الضعيف سوف يسمح بتدخل الإرادات الإقليمية في عمله ‏السياسي بسبب اضطراره إلى تعويض قوته بعوامل من وراء الحدود”.‏
وترجح المصادر أن المالكي بدأ يدرك أن استراتيجيته السابقة في استهداف الكرد والسنة باتت مخيبة ‏وغير فاعلة، خصوصا وهو يعرف ان ايران قد لا تبقى قادرة على الدفاع عنه إذا ما أحسن الحكيم ‏والصدر واحمد الجلبي الذي يعد احد مهندسي التحالف بين الصدر والحكيم بناء جبهة متماسكة ‏واستندوا لتفاهماتهم الطموحة مع النجيفي والقوى في كردستان، ما سيجبر طهران وواشنطن لاحقا ‏على الاعتراف بهذا الثقل السياسي خصوصا مع قرب الاقتراع البرلماني بعد سبعة أشهر الذي سيشكل ‏الوجه الحقيقي للدولة ليس فقط في الدورة المقبلة بل في الدورات التي تتبعها.
‏ 
قيادة عراقية متوازنة ‏
والليلة الماضية أكد الحكيم ان الحكومات المحلية تمثل الخط الاول من التعامل الحكومي مع الناس ‏لأنها حكومات خدمية لها تماس مباشر مع حياتهم. وقال الحكيم في احتفالية ولادة الائمة ان ايجاد فريق ‏متجانس في مجالس المحافظات يعتبر من المهام الرئيسة في التحالفات وان هذه التحالفات يجب ان ‏تكون ضمن برنامج محدد ورؤية محددة لإحداث نقلة نوعية في الخدمات المقدمة من قبل هذه ‏الحكومات إلى الناس.‏
وأوضح ان التحالفات ليست نهاية المطاف ولن تكون نهاية المطاف”، عادا اياها اتفاقات حول خطة ‏عمل ورؤية وطريقة ادارة من اجل الوصول إلى النجاح ضمن الفرص المتاحة. وقال إن الناخب ‏العراقي في هذه الدورة منح كل طرف قدرا من الثقة فلم يخرج احد وهو مكتسح وأصبح كل طرف ‏بحاجة إلى الاطراف الاخرى كي يعمل عادا اختيارات الناخب العراقي تطورا يشير إلى السير في ‏الاتجاه الصحيح رغم كل المعوقات وان خيارات الناخب مبنية على الواقع اكثر فأكثر.‏
ودعا مجالس المحافظات إلى أن تكون متطورة بتطور الجمهور نفسه الذي فوّضها مشددا على ان ‏الناخب اليوم اكثر ادراكاَ لحقوقه وأكثر قدرة على المحاسبة عبر صندوق الاقتراع.‏
من جهتها، أوضحت عضو حركة الحل النائب عن ائتلاف العراقية سهاد فاضل العبيدي أن تحالفات ‏الكتل السياسية في تشكيل الحكومة او الحكومات المحلية في المحافظات تمثل استراتيجية او خارطة ‏لتحالفات هذه الكتل التي ستخوض انتخابات مجلس النواب.‏
وقالت العبيدي في تصريح صحافي إن استحواذ ائتلاف دولة القانون في بغداد والمحافظات الجنوبية ‏خلال الاربع سنوات الماضية على الحكومات المحلية، كانت تداعياته سلبية عليهم في المرحلة ‏الانتخابية الحالية، بسبب ان غالبية ممثليهم لم يعلموا بشكل صحيح.‏
وأضافت ان هذا شكل مؤشر ناقوس خطر على دولة القانون ولوضعهم السياسي. ولفتت إلى أن، ‏التحالفات التي تجري حاليا لتشكيل الحكومات المحلية  وستكون خارطة طريق او استراتيجية تحالفات ‏الكتل التي ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأوضحت أن كتلة ائتلاف المواطن وكتلة الاحرار ‏حصلتا على نتائج انتخابية جيدة ما يدلل على ان وضعهما الانتخابي في انتخابات مجلس النواب ‏سيكون جيدا.‏
ومن جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي العراقي سرمد الطائي مجالس المحافظات ومفاوضاتها ‏يمكن ان ‏تؤشر إلى نضج في الاداء السياسي لاكثر من طرف ويمكن ان تكون “بروفا” وتمرينا على ‏درس تداول ‏السلطة غداة سقوط نظرية “بناء الرجل القوي” بسبب فساد التعريف الشرقي العتيق للقوة.‏
وأشار الطائي قائلا على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك إلى أنّ الاطراف الاساسية ‏بدأت تدرك أن الامر لم يعد تنافسا بين رجلين على الجلوس خلف مقود العجلة في ‏مناخ اقليمي مصبوغ ‏بالاسود والاحمر بل هناك سائق لم يحسن تجنب المطبات والمنعطفات ويمنحه ‏الجميع كل يوم فرصة ‏جديدة فيصر على تبديدها في الغالب والتمسك بنهج يرعب الجميع حيث ان الاولوية ‏بغض النظر عن ‏قواعد التنافس والخصومة هي لتأمين سائق متعقل للعجلة المخبولة.‏
وأوضح ان بروفا تقاسم السلطة في المحافظات تهيئ ‏خارطة شيعية واعدة لتقاسم المصالح، سيكون من ‏شأنها نقل السلطة وتسهيل المجيء بقيادة متوازنة، ‏واعادة تعريف الشراكة مع كتلة دولة القانون نفسها. 
وقال إن ما يحصل في مجالس المحافظات يحمل ايضا رسالة مهمة إلى الخارج ومراكز القوى ‏الدولية ‏والاقليمية التي ظلت تقول ان هناك “تعسرا في تجهيز البديل الشيعي”.‏
وكان هذا ازدراء من طراز ‏رفيع تتعرض له كل الطبقة السياسية العليا في بلد كبير ومعقد مثل العراق ‏والازدراء هذا لم يأت من ‏فراغ بل أخذ مبرره من ثغرات في منطق وقواعد التفاوض الذي مارسته كل ‏الاطراف اما اليوم فباتت ‏لدينا نتائج انتخابات تميل كفتها لصالح فريق “شيعة ضد الحرب” الذي ‏مارس ضغوطا على المالكي ‏ليركن الدبابات في “الدشم” ويعد صالونات التفاهم.‏
وأكد الطائي في الختام “ان ما يجري ليس بسبب مقود العجلة بل امل بأن نتعلم الدرس ونجهز فلسفة ‏بديلة لحفظ تماسك ‏العراق على اساس حديث.. والامل ان يستوعب المالكي قبل خصومه هذا المعنى ‏الحاسم”.‏
‏ ‏

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة